|
مُشادّة على مائدة الحوار المتمدن
نعيم إيليا
الحوار المتمدن-العدد: 7792 - 2023 / 11 / 11 - 16:11
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الزمان: خريف سنة إحدى عشرة وألفين بالتقويم الميلادي. المكان: استوديو افتراضي مُتخيَّل لصحيفة الحوار المتمدن. غرفة البرامج. برنامج على مائدة الحوار . الشخصيات: مقدِّمةُ البرنامج رويدة غانم. إعلاميةٌ طلقة اللسان، أنيقة الرداء، مشرقة المحيَّا. ضيوف برنامجها، الكتَّاب: فؤاد النمري، عبد القادر أنيس، علاء الصفار، يعقوب أبراهامي، مالوم أبو رغيف، عبد الحسين سلمان، سامر علي، عبد المطلب العلمي، نعيم إيليا. رويدة: ( تختم كلمة الإعداد الموجَّهةَ للمتفرجين مؤكدة على ضرورة معالجة قضية الصراع الذي بات اليوم – في رأي أكثر المراقبين - يهدد أمن واستقرار العالم . تلتفت إلى ضيوفها التسعة بلدانة تمهَّرت فيها. توزع عليهم ابتسامة مضيئة، ثم تشرع في عرض القضية بفصاحة، وبنبر ارتعش قليلاً فزاده الارتعاش عذوبة. وهي بين اللحظة واللحظة تسدل أهدابها الطويلةَ السوداء على لوح ألكتروني خفيف الوزن ضمَّته إلى أصابعها النحيلة الطويلة المموهة أظافرُها بطلاء ورديّ لامع) في مقالته (1) يعارض السيد إيليا ( تلمح إلى ضيفها المذكور بنظرة خفيفة عجلى) رأيَ السيد حسقيل قوجمان في مشكلة الصراع الطبقي معارضة شديدة. يأخذ السيد إيليا على الكاتب حسقيل قوجمان أنّه جعل الصراع الطبقيَّ المحرّكَ الأول لتاريخ المجتمعات البشرية منساقاً بذلك مع ما جاء في البيان الشيوعي لماركس وإنجلز: „ إن تاريخ أي مجتمع حتى الآن، ليس سوى تاريخ الصراعات الطبقيّة”. كما يأخذ عليه أنه إذ يروج لمبدأ الصراع الطبقي على أنه المحركُ الأول في سوق الفلسفة الاجتماعية، لا يتحرَّج من أن يجعله قانوناً صامداً مثل قوانين الطبيعة. ولأنّ السيد حسقيل قوجمان ليس حاضراً بيننا لأسباب لم يذكرها حين اعتذر لنا عن قبول دعوتنا إياه للمشاركة في المناقشة، أودّ التوجه في البداية نحو الأستاذ فؤاد النمري فلعله يزودنا بشرحٍ على محاولة السيد إيليا تفنيدَ رأي الكاتب حسقيل قوجمان أو رأيَ الماركسية بلفظ أدق. فرأيُ السيد قوجمان في الحقيقة ما هو إلا رأي الماركسية بالحرف والحركة، بالنطق والتصوير (يفيض منها شعور طيب نحو النمري وهي تتساءل على معنى النفي المتضمن قدراً من الإعجاب والإكبار) فمن أقدر من النمري على المنافحة عن الماركسية !؟ فؤاد النمري: ( متفكهاً، ولعله يعرّض تعريضاً خفيّاً بما كان بينه وبين إدارة موقع الحوار المتمدن من جفوة كانت سبباً في انقطاعه زمناً عن الكتابة في الموقع، وسبباً في هجرته عنه إلى موقع آخر) عشّمتُ نفسي بمائدة تزخر بأطايبَ مما تشتهيه المِعَدُ، فإذا المائدة لسوء حظي خِوانٌ. لكأني بالرفيق رزكَار عقراوي يضن علينا، وما عهدي بالرفيق أن يكون ضنيناً. رويدة: ( تضحك عن ثنايا أشد ابيضاضاً من العاج مستمرئة فكاهته ) لك الوعد مني بمائدة عامرة ، أبشر، ولكن في نهاية البرنامج. فؤاد النمري: (يواصل التفكّه في جِدٍّ مصطنع) في الأمثال " الكريمُ إذا وعد وفى " وأنت يا بنيّتي كريمةٌ غمرةُ الرداء. وإنما أظهرت استعجابي من الرفيق عقراوي؛ لأنه عراقي. وهل لي إلا أن استعجب من أن يكون رفيق لنا عراقي بخيلاً، وكلنا يعلم أنّ أهل العراق من الكرم بين الشعوب في الذروة ؟! يعقوب أبراهامي: (يخاطب النمري برزانته المعهودة وهدوئه المتأصل فيه) أنا عراقي الأصل، فإذا حكمتَ على أهل العراق بأنهم من الكرم في الذروة، فسيشملني هذا الحكم لا محالة. فؤاد النمري: (مصاعراً خدَّه ومورِّياً) الحكم بحسن الرأي لأعضاء الأممية الثانية لا يشمل المرتدَّ كاوتسكي، وإن كان كاوتسكي واحداً منهم. رويدة غانم: (تتدخل بحزم حائلة دون خروج قطار الحديث عن سكّته) فلننظر أولاً - لو سمحتما - في قانون الصراع الطبقي كما هو في الفلسفة الماركسية وكما عرضه علينا الكاتب حسقيل قوجمان ! أسأل الأستاذ فؤاد النمري عن حقيقة الصراع الطبقي أهو قانون عام حقاً؟ فؤاد النمري: بلا ريب! البيان الشيوعي لماركس وإنجلز ينصّ على هذه الحقيقة الساطعة؛ حقيقةِ أن الصراع الطبقي قانونٌ عام. (بحدة مفاجئة) ينبغي للجاهل بالماركسية نعيم إيليا ومن سايره في آرائه الخنفشارية أن يفهم هذا. يعقوب أبراهامي: (متعجباً) قانون؟! وما القانون؟ إن كان الصراع الطبقي قانوناً ثابتاً كقوانين الطبيعة بنحو ما يتصوره حسقيل قوجمان، فهل هو كذلك في حقيقته؟ نعيم إيليا: كلا، يخطئ من يعتقد أو يتصور بأنه في حقيقته قانون عام. رويدة غانم: فإن لم يكن كذلك، فما عسى أن يكون؟ نعيم إيليا: لو منحتِني وقتاً كافياً لعرض المشكلة! عرضك للمشكلة كان وافياً، ومع ذلك فإني أستأذن في عرضها بلغتي الخاصة. رويدة: لك ذلك شرط أن تستهلك العرض بأقلَّ من دقيقتين. نعيم إيليا: شكراً لك ! سأحاول أن أستهلكه في دقيقة واحدة لا أكثر، وأبدأ: يرى السيد حسقيل قوجمان، ويشاركه في رؤيته هذه الأستاذ فؤاد النمري، أن الصراع الطبقي قانون يحاكي قوانين الطبيعة بالرغم من أنّ الصراع الطبقي لا يتمتع بصفتي الثبات والشمول اللتين تتمتع بهما قوانين الطبيعة؛ فهو إذ يظهر ويفعل فعله في مجتمع العبودية والإقطاع والرأسمالية – وهذه مراحل التاريخ الاجتماعي بحسب تقسيم الماركسية للتاريخ - فإنه لن يظهر ولن يفعل فعله في المشاعية، وكذلك فإنه لن يظهر ولن يفعل فعله في المرحلة الشيوعية التي إنْ هي في حقيقتها المتصوَّرة إلا نسخة متطورة متقدمة مهذبة عن المرحلة المشاعية، وعودة إليها عبر زمن مرتدٍّ متقهقر، ولكنْ بحلة حضارية متمدنة قشيبة.. إن الصراع الطبقي في خيال السيدين قوجمان والنمري سيتوارى، لن يظهر له تأثير أيُّ تأثير في حياة هذا المجتمع الجديد القديم أعني مجتمع الشيوعية. وحجتهما الداعمة لهذا التخيل أن المرحلتين المشاعية والشيوعية لمّا كانتا خاليتين من الطبقات، فإنه من البديهي ألا يظهر فيهما صراع طبقي. وهما إذ يحتجان لرأيهما بهذه الحجة الباهتة يغفلان عمداً أو من غير عمد عما جاء في البيان الشيوعي من أنَّ صانع تاريخ (كلِّ) المجتمعات البشرية – كذا كلّ المجتمعات بلا استثناء - ما هو إلا قانون الصراع الطبقي. مما يستدعي السؤال: أليست المشاعية والشيوعية كلتاهما مجتمعاً بشرياً؟ فلم إذاً، وكل منهما مجتمع بشري بلا جدال، لسنا نجد فيهما أثراً ولا عيناً لصراع طبقي؟ كيف ذلك؟ كيف يختفي قانون يُعتقد بأنه كالقوانين الطبيعية المتسمة بالديمومة والشمول والتكرار الحتمي في مرحلتين من مراحل التاريخ: مرحلة المشاعية ومرحلة الشيوعية؟ أوَتختفي القوانين الطبيعية في زمن ما من الأزمان وتظهر في زمن آخر منها؟ يعقوب أبراهامي: قانون الجاذبية قانون عام لا يفلت من قبضته شيء واحد من الأشياء. كل الأشياء في عالمنا بلا استثناء تخضع لهذا القانون. فإذا قارنا قانون الصراع الطبقي بحسب رؤية قوجمان والنمري بقانون الجاذبية، فهل سنظفر من المقارنة بوجه من وجوه الشبه؟ فؤاد النمري: لم أكن مخطئاً يا عزيزي نعيم حين وصفتك بالجهل، ووصفت آراءك بالخنفشارية. ألا فاعلم أن المرحلة المشاعية كانت خلواً من الطبقات، فكيف يظهر فيها صراع طبقي؟ وكذلك المرحلة الشيوعية فإنها ستكون خلواً من الطبقات، فكيف يكون فيها صراع بين الطبقات؟ نعيم إيليا: إذن فإنكم تخطئون حين تجعلون الصراع الطبقي قانوناً عاماً كقوانين الطبيعة يحرك كلّ المجتمعات. فما دام الصراع الطبقي يختفي في مرحلتين من مراحل التاريخ، فكيف نحسبه قانوناً عاماً مماثلاً لقوانين الطبيعة العامة؟ كيف نتصوره محركاً أول لكل المجتمعات البشرية؟ ولو سألتني الآن: ما هو إن لم يكن هو هو كما نتصوره نحن؟ لأجبتك: إن هو إلا حركة عارضة أو ظاهرة عابرة تقضي بنشوئها ظروفٌ اجتماعية طارئة محددة كما بيّن ذلك بوضوح الأستاذ يعقوب أبراهامي. يعقوب أبراهامي: (بابتسامة التمع فيها شيء من المكر) سؤال واحد يحيرني، كيف استطاع الزميل نعيم إيليا أن ينجو في كل نقاشاته مع فؤاد النمري من تهمة البرجوازية الوضيعة؟ نعيم إيليا: (مازحاً) جواب سؤالك قد يأخذ مني أسبوعاً بطوله من التفكير لشدة عسره. رويد غانم: (تقفز قفزة رشيقة فوق المزاح) فعلى هذا يمكن اعتبار الصراع الطبقي قانوناً خاصاً. نعيم إيليا: أجل هذا هو الرأي عندي. إن الصراع الطبقي على ما تفضلتِ قانون خاص لمرحلة من المراحل الاجتماعية التي تزداد فيها التناقضات حدة بين طبقتين بينهما تفاوت شاسع في المستوى المادي. فؤاد النمري: (باستياء) ماذا عساي أقول لقوم يتحدثون في الماركسية كأساتذة وهم لا يعرفون ألفباءها؟ رويدة غانم: (تقطع على النمري المضي في طريق المناكفة) أستاذنا القدير، فدعني أسألك: كيف ينشأ الصراع الطبقي؟ فؤاد النمري: (يعتدل على كرسيه) سؤال ذكي معتبر! كان بودي أن يطرح عليّ هذا السؤال كي أفضح جهالة نعيم إيليا، ومن يساوقه في آرائه، حيث يزعم أن الصراع الطبقي ينجم عن حب التملك. عن حب التملك !! يا للعبقرية! أما كان عليه أن ينتبه إلى أن الصراع يجري بين الطبقات وليس بين الأفراد. فطبقة البورجوازية الوضيعة مثلاً لا يتصارع أفرادها بل يتضامنون مع أنّ حبهم للتملك يفوق حبّ الجميع له. نعيم إيليا: (مقاطعاً) لا وجه لكلامك، لستَ على شيء فيما قلت أيها الأستاذ. فأما أنا فقد قلتُ: "إنّ مقوّم الصراع بين الإنسان والإنسان، هو غريزة التملك" فلو لم يكن هذا القول صحيحاً، فما الذي يلهب الصراع بين البشر؟ فأما قولك: إنّ الصراع يجري بين الطبقات وليس بين الأفراد، فإنه لا يفسد رأيي. إن الصراع ليجري بين الطبقات كما يجري بين الأفراد. أفلا يتنافس تاجران من الطبقة الوسطى على ترويج بضاعتهما بين الناس؟ ألم يحترب الرأسماليون وهم طبقة واحدة في الغرب فيما بينهم على امتلاك المستعمرات؟ ثم كيف – وأنت الماركسي – تنفي أن يكون الصراع الطبقي ناجماً عن غريزة حبّ التملك، وجوهر الماركسية هو تدمير الملكية الخاصة؟! هلا نظرت إلى العمال وهم يصارعون أرباب العمل من أجل أن يمتلكوا ما بحوزة أرباب العمل من وسائل الإنتاج والثروة والسلطة! فؤاد النمري: (معانداً) الصراع الطبقي يتأتَّى من تعدد وسائل الإنتاج ومنتوجات كل طبقة يجري مبادلتها في السوق وفيه (في السوق) أرضُ المعركة. الماركسية ليست رخيصة يمكن شراؤها من على الرصيف. على المرء أن يكرس كل عمره في البحث ودراسة الماركسية كيلا يضل في شعابها. نعيم إيليا: كلا! الصراع الطبقي لا يتأتى من تعدد وسائل الإنتاج. هذا كلام مرسل على عواهنه، أستغرب كيف يصدر عن رجل يحسب نفسه كما نحسبه قيدوماً من قيادمة الماركسية؟! أفي الماركسية التي تعتنقها أنت بحمية من يعتنق ديناً أنّ (الصراع يتأتى من تعدد وسائل الإنتاج) ؟ كلا، إذن فإنك ههنا لتقوّل الماركسية ما لم تقل. الصراع الطبقي، بحسب الماركسية نفسها، هو صراع طبقتين تمتلك إحداهما وسائل إنتاج وثروة، ولا تمتلك الثانية وسائل إنتاج وثروة. يعقوب أبراهامي: (يستل ورقة من أوراقه ويقرأ) إليكم من البيان الشيوعي لماركس وإنجلز ما يدحض تفسير النمري للصراع الطبقي : "حر و عبد، نبيل و عامي، بارون و قن، معلم و صانع، و بكلمة ظالمون و مظلومون، في تعارض دائم، خاضوا حرباً متواصلة، تارة معلنة و طوراً مستترة، حرباً كانت تنتهي في كل مرة إما بتحول ثوري للمجتمع كله، وإما بهلاك كلتا الطبقتين المتصارعتين " . فؤاد النمري: ( يتجاهل قراءة يعقوب أبراهامي، ينقض على خصمه نعيم إيليا) يبدو لي أنك تنقصك معلومات أساسية عن الاشتراكية وعن الشيوعية. العظيم الخالد لينين عرَّف الاشتراكية على أنها محو الطبقات. في الاتحاد السوفياتي كان هناك ثلاث طبقات: البروليتاريا، الفلاحين، الإنتليجنسيا. وكان لكل طبقة وسيلة إنتاجها الخاصة بها. وظيفة دولة دكتاتورية البروليتاريا كما افترضها ماركس أن تمحو كافة الطبقات وبذلك يسقط قانون القيمة الرأسمالي ويزول الصراع الطبقي. نعيم إيليا: أنت هنا تتحدث عن الاشتراكية ووظيفة دولة ديكتاتورية البروليتاريا، وتعدد الفئات اجتماعية داخل المجتمع الاشتراكي. ولكن أين حديثك هذا من حديث الصراع الطبقي الذي يكون بين طبقتين تمتلك إحداهما وسائل الإنتاج والثروة، والأخرى لا تمتلك شيئاً منهما؟ تزعم أنّ الصراع "يتأتَّى من تعدد وسائل الإنتاج ومنتوجات كل طبقة يجري مبادلتها في السوق وفيه (في السوق) أرض المعركة" وهذا زعم لا بد من أن يفضي إلى نتيجة هي أنّ وسائل إنتاج البروليتاريا - وما تنتجه – تدخل في صراع مع وسائل إنتاج الفلاحين – وما ينتجونه – ومع وسائل إنتاج الإنتليجنسيا _ وما ينتجونه – فهل هذه نتيجة معقولة؟ هل الأمر كذلك كما تزعم؟ أوَيتصارع العمال والفلاحون والمثقفون داخل الدولة الاشتراكية صراعاً طبقياً؟ هذا لعمري من أغرب ما ترامى إلى علمي من أصداء مسألة الصراع الطبقي ! رويدة غانم: شكراً لكما. الأستاذ عبد القادر أنيس يودّ أن يضيف شيئاً، دعونا من فضلكم نصغِ إلى رأيه في المسألة. عبد القادر أنيس: أحب أن أؤكد الرأي القائل إن (الطبقية) ليست دائماً محركة الصراع. هناك عوامل أخرى تدفع الناس إلى التحرك. بعضها – ويا للغرابة – قد يدفع الناس إلى التحرك ضد مصالحهم الطبقية والوطنية والذاتية الخاصة. مستوى الوعي ، في رأيي، يلعب أهمَّ الأدوار في تحديد الاصطفاف، ليس على أساس طبقي فقط، بل على أسس أخرى: جنسية (الصراع بين الرجل والمرأة ) عنصرية، قبلية، دينية، جهوية، قومية… في بلادي (الجزائر) مثلاً، اصطفّ الناس لا طبقياً في الحرب الأهلية الأخيرة. اصطف مؤيدو الدولة الإسلامية من نقابات عمالية، نسائية، فلاحية، طلابية، رأسمالية، أحزاب إسلامية، أحزاب غير إسلامية يسارية ويمينية، في جهة. واصطف في الجانب الآخر تحالف واسع ضد قيام الدولة الإسلامية، ضمّ أكبر نقابة عمالية ونقابات أخرى فرعية، أغلب نقابات أرباب العمل من الخاص ومن القطاع العام، وأحزاب يسارية ويمينية. بل بلغ الفرز حداً انقسمت فيه أغلب الأسر بين مؤيد ومعارض حتى قتل الأخ أخاه. فكيف يفسر الأستاذ النمري هذا الفرز طبقياً؟ بل كيف يفسر لنا أنّ الإسلاميين هم وحدهم القادرون على تعبئة عشرات ومئات الآلاف من النساء في مظاهرات لإقامة الدولة الإسلامية؟ هل يمثل قيام الدولة الإسلامية حلاً لمشاكل النساء في بلداننا؟ بل كيف يفسر لنا أن أغلبية ناخبي الأحزاب اليمينية في أوروبا هم من العمال والفلاحين، ومن شرائح اجتماعية بسيطة؟ يعني، حتى ماركس انتبه مؤخراً وقال باستقلالية نسبية للبنية الفوقية عن التحتية ولكن باحتشام شديد، بحيث انطمرت هذه الفكرة الهامة تحت ركام التفسيرات الطبقية للصراع بين البشر. لهذا لا أرى أن ماركس وحده يمكن أن يساعدنا في فهم ما يجري في بلداننا من صراعات على قاعدة لا طبقية، وقاعدة لا مصلحية أيضاً، وهي القاعدة التي مكّنت القوى المعادية للحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان من تعبئة جماهير واسعة لا تعرف أنها قد عُبّئت ضد مصالحها الحيوية. رويدة غانم: شكراً للأستاذ أنيس على مداخلته الغنية بالمعلومات الواقعية وبالتساؤلات الخطيرة الفطينة. وأنا بدوري أطرح السؤال على الأستاذ النمري: كيف تفسر ما حدث في الجزائر وما يحدث أيضاً في فلسطين من صراع بين المسلمين واليهود - ولا أقول بين العرب والإسرائيليين - على ضوء مبدأ الصراع الطبقي؟ فؤاد النمري: ( بلهجة خطيب ينافح عن تفسيره الخاص للصراع) الأنسنة تنبثق من فعل الإنتاج ولذلك يعرف الإنسان بأنه حيوان منتج. كل أفعال الإنسان تتمحور حول الإنتاج وتحسين الإنتاج. والإنتاج يتحقق بأكثر من وسيلة: الزراعة، الصناعة، الخدمات. في الزراعة طبقتان: ملاك الأراضي والفلاحون. في الصناعة طبقتان: الرأسماليون والعمال. وفي الخدمات طبقة واحدة وهي الانتيلجنسيا. كل طبقة من هذه الطبقات ترسل إنتاجها للسوق للمبادلة بإنتاج الطبقات الأخرى. في المبادلة يتحكم قانون القيمة فيجري صراع الطبقات حول تطبيق قانون القيمة. فيفوز الفائز بالحصة الأكبر من الكعكة الوطنية. أما أنّ المتأسلمين يحشدون جماهير أعرضَ فما ذلك إلا بسبب انسداد آفاق التنمية، فلعلها تأتي من عند الله كما يدعي المتأسلمون. يعقوب أبراهامي: (متلفتاً حوله) هل فهم أحدكم شيئاً مما قاله النمري؟ مالوم أبو رغيف: (كالسحاب المتلبّد مكفهراً) أجل، فهمتُ أنه يبتذل الماركسية. ليس في الماركسية أن الطبقات ترسل منتوجاتها إلى السوق، ولا فيها أن الطبقات تتصارع حول قانون القيمة. في الماركسية أن الطبقات تتصارع حول فائض القيمة وملكية وسائل الإنتاج. فؤاد النمري: المشكلة الكبرى لدى الغبي هي أنه لا يعرف أنه غبي. عبد الحسين سلمان: الصراع الطبقي فرضية لم يبرهن عليها تاريخ المجتمع الإنساني ولا نمط الإنتاج الرأسمالي منذ 1852 إلى يومنا هذا. وهذا الأمر لا يقلل من قيمة فكر ماركس في تحليل نمط الإنتاج الرأسمالي. فأما قول النمري: إن الصراع الطبقي يتأتى من تعدد وسائل الإنتاج، فنكتة طريفة! عبد المطلب العلمي: رأي الرفيق النمري " إن الصراع الطبقي يتأتى من تعدد وسائل الإنتاج" يؤكد صحتَه قولُ لينين إن الاشتراكية هي محو الطبقات المتصارعة. وقوله هذا يعني أن نضع جميع المواطنين في نفس العلاقة بوسائل الإنتاج. إن وضع جميع المواطنين في نفس العلاقة بوسائل الإنتاج، ما هو إلا القضاء على الصراع الدائر بين فئات المجتمع داخل الدولة الإشتراكية، بين العمال والفلاحين والمثقفين الثوريين. سامر علي: أرى النمري في مأزق وإني لأسمعه يهذي بما لا علم له به. حبذا لو ذكر لنا السيد عبد المطلب أين وردت العبارات التي تؤيد في زعمه صحةَ رأي النمري ورأيه؟ الحوار إقناع ومصادر وليس خيالاً خصباً. نعيم إيليا: ( يخاطب عبد المطلب العلمي ) إن كان الصراع بين الطبقات يمكن القضاء عليه، فهذا يعني أن الصراع ليس قانوناً عاماً كقوانين الطبيعة؛ لأن قوانين الطبيعة لا يمكن القضاء عليها. علاء الصفار: (لم يكن موجوداً في البداية، وفجأة ظهر في زي رجل دين شيعي ملتفاً بجبة وعلى رأسه عمامة سوداء، وإذ رأى دهشة الجميع ابتدرهم) لا تعجبوا مني فإني إذ أرتدي لباس رجل دين، أعلن عن تضامني مع شعبي المؤمن. لست مؤمناً بالله ولكني مؤمن بحق شعبي في الإيمان بالله. شعبي بإيمانه بإسلامه يصارع الامبريالية وحليفتها الصهيونية؛ لذا فإن من واجبي أن أسانده وأعبر عن مساندتي له بالزيّ وبالرد الماحق على الملاحدة الذين يسعون اليوم بلا كلل إلى تقويض دعائم عقيدته. يعقوب أبراهامي: (هئ هئ هئ) أهذا أنت يا علاء؟ فقل لنا إذن أي شعب من شعوب العراق هو شعبك؟ رويدة غانم: ( باستياء شديد )أيها السيد مادة كلامنا في هذا البرنامج، هي الصراع الطبقي… علاء الصفار: (وقد طار طائره) ودين شعبي، أليس صراعاً طبقياً مع الامبريالية الغربية والصهيونية؟ لماذا تتجاهلون هذه الحقيقة وتنكرون عليّ أن أدعم شعبي المسلم في صراعه مع الصهيونية والامبريالية؟ نعيم إيليا: ولكنك تدعي أنك ماركسي. والماركسي لا ينبغي أن يدعم خرافات شعبه. ينبغي على الماركسي أن يحرر شعبه من الخرافة والوصايا الهدامة. هذه مهمة الماركسي الحقيقي. إن الصراع الديني صراع عقائد وليس صراعاً طبقياً، فلا تخترع لنا ماركسية تحل نبيّك محل ماركس. لو كنت بيننا منذ البداية، فلعل عقلك تنوّر وأفاد مما عرضه علينا الأستاذ عبد القادر أنيس من تجربة الجزائر. علاء الصفار: اسمع يا هذا، أنا لا أعادي الإله لأنه غير موجود إلا في عقلك وعقل شعبي. لم يحدث يوماً أني لم أنتقد الدين. أنا أعادي وبشدة الهجمة العنصرية على العرب و دين الإسلام التي تتلحف بلبوس اليسارية المزيفة ولي 6 مقالات أخيرة تشهد على أني لا أدافع عن الله بل أدافع عن الشعوب وإيمانهم الشخصي. وأنا ضد الشعوذات سواء أكانت مسيحية أم إسلامية، سواء أكانت صليبية أم فتحاً إسلامياً. لكني لا أرغم أحداً من المؤمنين على أن يتخلى عن الله وعن دينه ما دام إيمانه في حدود الاختيار الشخصي أي ليس مسيساً من حزب أو جامع أو أزهر . وكذلك فأنا لا أعادي المسيحية و الكنائس طالما ظل الإيمان بها إيماناً شخصياً. لكني لا أتورع عن نقد البابا أو الشيخ القرضاوي إذا تدخلا في الحياة السياسية والحروب و حرية البشر. لقد رَكَّعَ الأحرار من أمثال روبسبير و جان جاك روسو الكنيسة. فنحن بحاجة لعقول مبدئية وغير عنصرية من أجل إسقاط سلطة الجامع والأزهر و ليس إلى إمعات عنصرية تجيد الردح في مفاضلة دين على آخر. فالأديان كلها نتاج زمن العبودية اجتثتها الثورة الفرنسية وثورة التنوير الغربية وعلى يد العباقرة من أمثال دارون وكارل ماركس، وحتى على يد رجال الكنيسة العلماء من مثل كوبرنيكس وغاليلو وكل من آمن بالمادية، والفلسفة العلمية قبل أكثر من500 عام ممن خالفوا الكنيسة. فالعب غيرها ! نعيم: كأن الله الذي تنتقده عندما تنتقد دينه ليس الله الذي يؤمن به العرب إيماناً قوياً، ولهذا فأنت في نظرك لا تعادي إيمان العرب!
الصفار: أنا أحترم دين البشر ولا يعني هذا أني ملزم بالإيمان به. أنت تحاول خلط الحابل بالنابل لتحرف ما أعنيه. الجميع يعرف أن الماركسي لا يؤمن بالدين والآلهة. ولكني أقول وأكرر: أنا أعادي العنصرية، وأعادي التزمت الديني، وصراع الأديان. إني أعاديها؛ لأنها تنتج حروباً صليبية، وحروباً طائفية، وحروباً أهلية. هذا موقفي الذي هو ضد المحاولات الامبريالية بزرع الحروب بين الشعوب العربية ذاتها كما حدث في لبنان وحربه الأهلية والمستفيد كان الأمريكان والصهاينة. وكذلك الحرب العراقية الإيرانية فإنها كانت مدمرة للعراق. نحن نقف على مسافة واحدة من الأديان. وعلينا التصدي لكل محاولات التجييش العنصري والديني! فهل مفهوم ما أطرح؟ ثم إن تجربة الغرب تؤكد أن العلمانية هي احترام إيمان البشر وترك بيوت الدين لمن يرغب في زيارتها. العلمانية تحترم دين البشر . ولا يعني هذا أن العلمانية تفرض الإيمان والالتزام بالدين على جميع البشر. في ظل العلمانية يوجد مؤمن وملحد و يحترم كلٌ منهما حدود الآخر. أما التجريح واستعراض الفروق بالآيات والنصوص ونقض أديان والتمسك بأديان أخرى، فهذا ما لم يفعله الغرب. الغرب ركز على المواطنة وحق الانتخاب السياسي وحق العمل وحق البشر في أن يؤمنوا بأي دين سماوي وحقهم في أن يعبدوا حتى جرادة. العلماني يعمل من أجل شعبه ووطنه ولا يخون قومه. نعيم: تحترم دين البشر ودين شعبك، ولكنك لا تحترم اعتقاد شعبك بوجود الله أسّ عقيدته إذ تنفي وجوده وتسخر به. أن تحترم عقيدة شعبك، يعني ألا تمس عقيدة شعبك بنقد. ولكنك تنتقد عقيدة شعبك. وأن تبرر المسألة بعد ذلك بأن لك أسلوباً خاصاً في نقد عقيدة شعبك يختلف عن أسلوب الآخرين في نقدها؛ لا يمنحك صك براءة وغفران. شعبك سيدينك إن نفيت وجود إلهه بأي أسلوب من الأساليب. ثم إنك لتزعم أنك لا تضاد نقد الدين. ولكنك في الواقع تضاد نقد الدين. تتجلى مضادتك له في حملتك على ناقد الأديان المفكر سامي لبيب بالرغم من أنه ينتقد جميع الأديان من غير تفضيل دين على دين. فكيف تفسر لنا هذا التناقض. وكيف تفسر لنا تناقضك أيضاً حين تنهى نقاد الأديان عن نقد الدين ثم تنغمس في نقد المسيحية؟ الصفار: ههه متى التقيت بشعبي وعرفت بأنه سيدينني ؟ شعبي العراقي يخرج ضد السلطة التي هي من أحزاب دينية! فحتى المعممون يقولون الحزب الشيوعي هو الحزب الوحيد الذي لم يمارس الفساد، رغم أني أختلف كل الاختلاف مع الحزب الشيوعي ووجوده في السلطة! لكن لا تتصور الشعب العراقي شعباً جاهلاً. الشعب العراقي يعرف أن الكهرباء ليست ضد الحرارة في الصيف وحسب، بل يعرف أيضاً أن التطور يحصل في البلد عبر الكهرباء والتصنيع، فهو لم يخرج من أجل الدفاع عن الدين والآلهة، بل خرج يريد الحرية و السلام, أما كتابات السادة في الدين عبر المفاضلة بين الأنبياء والتشهير بالآيات والنصوص، فذلك تدبير مفضوح من الامبريالية والوهابية. هو مؤامرة لا تنطلي على الشعب العراقي العظيم وخاصة اليوم حيث يجري ضرب وقصف على العراق من فصيل بربري وهابي يعمل لحساب ملك السعودية وأمريكا. والشعوب العربية – مع الأسف - تصفق لضرب المشعوذين. أقول لهم لمنتقدي الدين: العبوا غيرها، لا تحاولوا خلط الأوراق العنصرية والدينية. نوري السعيد عميل بريطانيا و صف الشعب العراقي بأنه شعب لا يمكن خداعه واللعب عليه، فقال: "الشعب العراقي امفتح باللبن" أي لا يمكن لغشاوة أن تعميه. أما أنا فأقول: الشعب العراقي امفتح بالتيزاب. وهو يميز بين نقد الدين وبين الشعوذة، وبين العنصرية وبين الأممية. فلا تستهينوا بالشعوب فهي ليست غبية ! نعيم إيليا: ولكن الأستاذ سامي لبيب لا يفاضل بين الأنبياء، ومع ذلك فأنت تهاجمه. فإن كنت صادقاً فلماذا تهاجمه وهو لا يفاضل بين الأنبياء؟ وإن كنت صادقاً أيضاً، فلماذا تنتقد المسيحية وأنت تنهى عن نقد الأديان؟ فأما العلمانية فاعلم أنها ليست ضد نقد الأديان بهذا الأسلوب أو ذاك، وإلا كانت ضد حرية التعبير عن الرأي. رويدة غانم: ( وقد آسفها السجال بين إيليا والصفار) هذه مشادة، هذه ليست حواراً، أرجوكم أيها السادة! أرجوكم… ( تستعد لاختتام الحلقة بانفعال ظاهر) ضيوفَنا الأعزاء، حلقة اليوم من برنامجنا أشرفت على النهاية، ولا يسعني إلا ختامها، شكراً لكم جميعاً وإلى اللقاء في حلقة قادمة. --------------------------- (1) المقالة نشرت في الحوار المتمدن بتاريخ 6. 10. 2015 في صيف سنة إحدى عشرة وألفين، نشر السيد حسقيل قوجمان في الحوار المتمدن مقالته (هل توجد قوانين طبيعية تتحكم في مسار الطبيعة والمجتمع؟1) وكان غرضه من نشرها في ذلك الإبان، دحض رأي من رأى أن الصراع الطبقي ليس قانوناً كقوانين الطبيعة والعلم. وكان آثر أن يقوم منهاجها على المقايسة؛ فعمد إلى رأي لستالين في قوانين الاقتصاد: "إحدى المعالم المميزة للاقتصاد السياسي هي أن قوانينها، بخلاف قوانين الطبيعة الآنفة الذكر، قوانين مؤقتة، اي أنها أو على الأقل أغلبها، تعمل لفترة تاريخية محددة، تتخلى بعدها لقوانين جديدة. ومع ذلك فان هذه القوانين لا تزول بل تفقد مصداقيتها نظراً لظهور ظروف اقتصادية جديدة فتختفي من المسرح لكي تفسح المجال لقوانين جديدة لم تخلق بإرادة الإنسان بل تنشأ عن الظروف الاقتصادية الجديدة“ فقاس عليه (قانون) صراعه الطبقي؛ ليخلص إلى أن الصراع الطبقيَّ قانون طبيعي - وإن خالف قانونُ الصراع الطبقي عنده، قوانينَ الطبيعة في أنه ليس ثابتاً ولا متصفاً مثلها بالديمومة - شأنه في هذا شأن قوانين ستالين الاقتصادية التي هي أيضاً قوانين طبيعية؛ لأنها " لم تخلق بإرادة الإنسان" وإن كانت تتغير، يزول أكثرها، تختفي "لكي تفسح مجالاً لقوانين جديدة". وبدا السيد قوجمان في مرآته مطمئناً إلى نتيجته، واثقاً منها ثقة السيف من أنه الحدُّ بين الجد واللعب. ولكنه لو كان تحرى قياسه، لكان اختلج ذهنه – أغلب ظني - بلذعة الانكسار، وهاجر من نفسه ما كان قرّ فيها من ثقة واطمئنان. فإن قياسه جاء، في غفلة منه، غير مقيد بشروط المنطق الصحيح، مضطرباً أشد الاضطراب، بل خامجاً: فهو إذ عدّ قوانين الاقتصاد موضوعية لم تخلق بإرادة الإنسان متأثراً في ذلك خطى ستالين، حكم عليها بأنها قوانين مثل قوانين الطبيعية؛ إذ أن قوانين الطبيعة وحدها، هي التي تكون موضوعية لم تخلق بإرادة الإنسان. فإذا كانت قوانين الاقتصاد كذلك؛ أي طبيعية، فهي إذن ثابتة غير مؤقتة. بيد أن الصراع الطبقي – في عرفه - مؤقت غير ثابت، الأمر الذي يطعن بصحة قياسه ويسقطه، إذ كيف يجوز أن يقاس ما هو مؤقت غير ثابت، على ما هو ثابت غير مؤقت!؟ وهو إذ جعل قوانين الاقتصاد - أغلبها على الأقل - تنشأ عن ظروف اقتصادية، وتعمل في فترات تاريخية محددة تتخلى بعدها عن عملها لقوانين جديدة؛ فقد دل على أن الفترات التاريخية المذكورة أو الظروف الاقتصادية، هي التي تخلق القوانين الاقتصادية وتتحكم بعملها وهي سبب اختفائها وزوالها؛ فيكون من ذلك نتيجة هي أن الصراع الطبقي، تتحكم به فترات تاريخية محددة، وليس هو الذي يتحكم بهذه الفترات التاريخية. وهذه نتيجة تبطل زعمه بأن الصراع الطبقي، قانون طبيعي. فالحريّ أن يكون القانون، متحكِّماً بالفترات والظروف التاريخية، لا أن يكون متحَكَّماً به من قبلها. ثم إذا استطاع المرء - وإن على مضض - أن يغض الطرف عما في قول ستالين: "ومع ذلك فان هذه القوانين لا تزول بل تفقد مصداقيتها نظرا لظهور ظروف اقتصادية جديدة فتختفي من المسرح لكي تفسح المجال لقوانين جديدة لم تخلق بارادة الانسان بل تنشأ عن الظروف الاقتصادية الجديدة" من لخبطة نشأت عن جمعه بين (لا تزول) و بين (تفقد مصداقيتها... فتختفي) فلا يعلم هنا كيف لقانون اقتصادي لا يزول، ولكنه في الوقت نفسه يفقد مصداقيته (فاعليته) ويختفي من ساحة الاقتصاد..كيف لهذا القانون أن يكون كذلك؟ أليس الذي يختفي، لا بد له من أن يظهر؟ فإن كان الشيء واجب الظهور بعد الاختفاء، فهل يجب أيضاً أن تظهر القوانين الاقتصادية فتعمل في مرحلة جديدة بعد أن كانت اختفت في مرحلة سابقة؟ فإنه لن يستطيع أن يغض عن قوله: إن قوانين الاقتصاد " قوانين مؤقتة أي أنها أو على الأقل أغلبها، تعمل لفترة تاريخية محددة" وسبب ذلك أنه قسم قوانين الاقتصاد إلى قسمين: الأول مؤقت، والثاني غير مؤقت. والمؤقت هو الأغلب؛ مما يستدعي التساؤل: ما هي قوانين الاقتصاد المؤقتة؟ وما هي قوانين الاقتصاد غير المؤقتة؟ أوَيوجد حقاً قوانين اقتصادية ثابتة غير مؤقتة وأخرى مؤقتة غير ثابتة؟ ولأن السيد قوجمان يعتقد مثل ستالين بأنه توجد قوانين اقتصادية مؤقتة وأخرى غير مؤقتة؛ فإنه لن يتردد في اختيار أن يقيس الصراع الطبقي بقوانين الاقتصاد غير المؤقتة. ذلك لأنه لو اختار أن يقيس على القوانين الاقتصادية الثابتة غير المؤقتة - وهو في الحقيقة الاختيار الأولى بالاختيار؛ لأن القوانين غير المؤقتة تمتلك خاصة الثبات والديمومة التي تميز كل قانون ليس مناطه إرادة الإنسان – لعجز، كما عجز غيره من الماركسيين، عن تفسير معضلة لماذا لم يكن للصراع الطبقي وجود في المرحلة المشاعية، وما الذي سيحرك المجتمع في المرحلة الشيوعية المتخيلة في حال اختفاء الصراع الطبقي منها؟ وهكذا لم يظفر السيد قوجمان من مقايسته بطائل يغلّب رأيه القائم على أن الصراع الطبقي، قانون طبيعي علمي؛ مما أغرى به الأستاذ يعقوب أبراهامي، فأزرى على منطقه وعابه دون مواربة في تعليق له على مقالتي (ما جاء على وزن الذهان في مقالة السيد حسقيل قوجمان 2) التي انبريت فيها لنقض ما جاء في مقالته من أفكار قلقة عن مواضعها: "أبدع جملة وجدتها في هذا المقال العلمي الرائع والهادئ هي الجملة التالية: السيد قوجمان سيرغم قوانين الطبيعة على أن تتغير، كما أرغم ستالين شعبه على تغيير عقائده وخلائقه وطباعه. النقص الوحيد في المقال هو أنه لا يؤكد على الحقيقة الأساسية التالية: حسقيل قوجمان لا يدافع في مقالاته – في المقالة موضوعة البحث بصورة خاصة - عن معتقداته بل هو كمن يفسر القرآن فقط. كل ما يقوله قوجمان عن قوانين الطبيعة والمجتمع لا يقوله لأنه مقتنع بصحته - حسقيل قوجمان لا يعرف أبداً ما هو تعريف القانون العلمي - بل لأن هذا هو الذي قاله ستالين في كتابه“. ولم يكن الأبرهامي – في ظني وتقديري – جائراً عليه، حين دثَّه بأنه إذ استعار عقل ستالين وأعمله في موضوعه، أظهر جهله بحقيقة القانون العلمي. فستالين الذي يقول: "هؤلاء الرفاق مخطئون تماماً. واضح أنهم يخلطون بين قوانين العلم التي تعكس عمليات موضوعية في الطبيعة أو المجتمع عمليات تحدث بالاستقلال عن إرادة الإنسان، وبين القوانين التي تصدرها الحكومات التي تصنع بإرادة الإنسان والتي لها مصداقية حقوقية فقط“. يميز هنا بين القانون العلمي الذي " يعكس عمليات موضوعية في الطبيعة" برموز رياضية ومعادلات فيزيائية مثل معادلة آينشتاين المشهورة في تحول الطاقة إلى كتلة والكتلة إلى طاقة، وبين القانون الاجتماعي – الاقتصادي. ولكنه إذ يفرق بين قوانين الاقتصاد والقوانين التي تصدرها الحكومات لا ينتبه إلى أنه يرتكب خطأ جسيماً حين لا يميز بين قوانين العلم وقوانين المجتمع " ... قوانين العلم التي تعكس عمليات موضوعية في الطبيعة أو المجتمع" فإن (العمليات) الاجتماعية لا تعكسها القوانين العلمية. فليس لدينا قانون علمي كقانون آينشتاين آنف الذكر يعكس ما يجري في المجتمعات البشرية. قد يمكن التعبير عن بعض الحالات الاقتصادية بمعادلات ورموز رياضية كما فعل ماركس ومن سبقه من علماء الاقتصاد، ولكن التعبير بالرياضيات عن حالات اقتصادية ليس قانوناً. ولن ينتبه السيد قوجمان لهذا الخطأ وهو يقول متبعاً ستالين: "إن خلاصة هذا المقال هي أن القوانين الاقتصادية في المجتمع الإنساني هي مثل القوانين الطبيعية في الطبيعة، عمليات موضوعية تحدث بالاستقلال عن إرادة الإنسان لا يستطيع الإنسان تغييرها أو إزالتها أو خلق قوانين أخرى بدلا منها. يستطيع الإنسان اكتشافها وتعلمها والاستفادة من ميزاتها الجيدة وتحاشي نتائجها السيئة اذا وجدت" إلا أنه إذا كانت قوانين الاقتصاد مستقلة عن إرادة البشر، فسيلزم من ذلك أنها قوانين طبيعية بحتة؛ لأن القوانين الطبيعية وحدها هي التي تكون مستقلة عن إرادة البشر؛ وسيلزم من ذلك بعد ذلك أن القوانين الاقتصادية لا تتميز في شيء عن القوانين الطبيعية كما ادعى ستالين، وسيلزم من ذلك في نهاية المطاف أنه إذا كانت قوانين الاقتصاد، قوانين طبيعية مستقلة عن إرادة البشر؛ فلن يكون في استطاعة البشر أن يغيروها؛ لأن القوانين المستقلة عن إرادة البشر، ليس يقدر البشر على إزالتها، كما ليسوا يقدرون على إزالة قوانين الطبيعة تلك المستقلة عن إرادة البشر؛ فينتج من ذلك أنه إن لم يكن في مقدور البشر أن يزيلوا قوانين الاقتصاد؛ فهي إذاً قوانين ثابتة قارّة تدوم على حال واحدة؛ ومتى كانت كذلك، كان المجتمع الذي تحكمه هذه القوانين ثابتاً أيضاً فلا يزول عن حاله التي هو عليها إلى حال أخرى غيرها، وهذا من المحال. ناهيك عن أن قوانين الاقتصاد إن جاز أن تكون، على ما يرى، مستقلة عن إرادة البشر؛ فإنها بذلك لن يكون للبشر أي سلطة عليها، وهذا أيضاً باطل. فإن للبشر سلطة على قوانين الاقتصاد. لقد كان للبشر وجود قبل أن يكون لقوانين الاقتصاد وجود، ثم اضطرتهم الحياة إلى الإنتاج، فأنتجوا، ومن إنتاجهم نشأت قوانين الاقتصاد. وعلى هذا يكون وجود قوانين الاقتصاد مرتبطاً بوجود ما ينتجه الإنسان بإرادته الخاضعة لنظام وحكم حاجاته الضرورية. وربما ساور الشكُّ نفس من يعلم بما بين الأبراهامي وقوجمان من لدد ومنافرة – على صعيد العلاقة الفكرية، لا على صعيد العلاقة الشخصية – وخصومةٍ لمّا تبرد نارها، في حسن نية الأبراهامي تجاه صديقه السيد قوجمان، وظن به غلظة لا مسوغ لها إذ يدثّ صديقه، رسيله، بأنه يجهل القانون العلمي ما هو، وأي شيء هو. ولكن من يرتاب في ذلك حين يقف على قول السيد قوجمان التالي: „... هذه القوانين الاقتصادية تختلف عن القوانين الطبيعية في الطبيعة بأنها ليست قوانين تمثل عمليات موضوعية تدوم ملايين السنين بل هي قوانين طبيعية مؤقتة تتحكم بمسيرة المجتمع في مرحلة من مراحل تطوره...“. وعلى قوله: "كروية الأرض جعلت قانوناً...“. وقوله: "القانون في هذا المجال هو ما يجري في المجتمع، هو العملية الموضوعية الجارية في المجتمع بالاستقلال عن إرادة الإنسان" وقوله: "إن القوانين الجارية في الطبيعة لا تتغير تغيراً محسوسا في فترات قصيرة. حتى التغيرات الطفيفة التي قد تحصل فيها تحصل بعد مرور ملايين السنين أو ملياراتها. بينما العمليات الجارية في المجتمع تتغير في فترات قصيرة.“. سيزايله الشك في سوء نية الأبراهامي – إن لم يكن هوى المرتاب مع السيد قوجمان مطلقاً - وسيتيقن من أنه لم يكن حائفاً عليه: فإن كريّة الأرض التي جعلها السيد قوجمان قانوناً، ليست قانوناً ألبتة! وكذلك فإن (ما يجري) في المجتمع أو الطبيعة، ليس هو القانون حقيقةً. وإنما القانون مبدأ حركة، قوةٌ يجري بتأثيرها ما يجري في الطبيعة من عمليات موضوعية. ومثاله قانون نيوتن: "لكل فعل، رد فعل مساو له في المقدار، ومضاد له في الاتجاه" فإنه لا يجري بذاته في الطبيعة، وإنما الذي يجري في الطبيعة، أحداثٌ وظواهر يكون هذا المبدأ أو القانون سبباً في ظهورها وحدوثها على النحو الذي حدثت وتحدث فيه. ومثاله أيضاً، سقوط تفاحة نيوتن من على الشجرة إلى الأرض، فإنه حدثٌ أحدثته قوة تدعى الجاذبية. وكذلك فإن قوانين الطبيعة لا تتغير إطلاقاً خلافاً لزعمه بتغيرها تغيراً طفيفاً : "إن القوانين الجارية في الطبيعة لا تتغير تغيراً محسوسا في فترات قصيرة. حتى التغيرات الطفيفة التي قد تحصل فيها تحصل بعد مرور ملايين السنين أو ملياراتها". وأذكر أن الأستاذ فؤاد النمري 3 ناوشنا يومذاك بصياصيه عن بعد وعلى عجل، فقال: "شدهتني لغتك الجميلة. أما أفكارك الخنفشارية حول الصراع الطبقي والقانون فليس لدي الوقت الكافي للكتابة فيها. بكلمة لك وللذين لا يفهمون كنه الصراع الطبقي أقول: إن الطبقات المختلفة تنتج بوسائل مختلفة وفي السوق تتصارع منتوجاتها حول حصتها من القيمة الكلية للعمل الاجتماعي وهو ما ينعكس في صراع أو نزاع أو اضطراب...“. وكان قوله ظاهر التشوش، لم أتوقع أن يصدر عن قيدوم ماركسي مثله؛ فإن الصراع الطبقي ليس انعكاساً، كما يزعم، لما يحدث في السوق حين تتصارع فيها منتوجات طبقات مختلفة حول حصتها من القيمة الكلية للعمل الاجتماعي؛ بل هو، بحسب النظرية الماركسية، انعكاس – إن صح اللفظ ودق – للتناقض الحادث بين طبقتين تمتلك الأولى وسائل الإنتاج ومصادر الثروة، ولا تمتلك الثانية إلا قوة عملها. ولقد كان بودي حينها أن أسأله: "ما هي الطبقات المختلفة التي تنتج بوسائل مختلفة وتتصارع منتوجاتها في السوق؟" ولكني - مع الأسف! - لم أسأله .. نكصت عن السؤال، ولو كنت سألته، لتتعتع بلا ريب وقال شيئاً ولكن غير ذي فائدة. وأنى له ألا يتتعتع وقد قدم تعريفاً هزلياً للصراع الطبقي يفترض أن هناك طبقة تنتج منتوجات خاصة بها، وبإزائها طبقة ثانية تنتج منتوجات خاصة بها، ثم تلتقي منتوجات الطبقتين في السوق لتتصارع صراعاً طبقياً!؟ بيد أني ما كان لي أن أتعشَّم بأن يعمد النمري إلى تعريفه ليستر عواره، أو يصلحَ اختلاله، لو أني كنت يومها أبنت له عوار تعريفه واختلاله على هذا النحو! فإن النمري لا يمكن أن يفعل ذلك وإن تتعتع؛ لأنه إن فعله، بان فيه كالمعتذر، وفي النمري أنفة تمنعه عن الاعتذار، واعتداد ستاليني يوهمه بأن كل رأيه حق لا مجمجة فيه. ثم إنه – وهو المشهور بمراسه الصعب في مجادلة خصومه حتى ليغمطهم ويغالطهم ويأخذ أحياناً بتلابيبهم 4 - لن يلبث بعد ذلك أن ينفر إلى مغالبتي ثانية في رسالة جديدة ناصحاً إياي على وجه الاستعلاء أن أقرأ ماركس والتاريخ قراءة متمهلة؛ علني أعي مفهوم الصراع الطبقي على حقيقته. وقد لاحظت أنه حاول في رسالته الثانية أن يقدم تعريفاً جديداً لمفهوم الصراع الطبقي يكون أصحّ من ذاك الذي جاء به في رسالته الأولى؛ لعله يقيله من عثاره. ولكنه عيَّ في الثانية أيضاً عن الإفصاح عنه بمنطق رشيد: ((عليك يا عزيزي أن تقرأ التاريخ وماركس جيداً لتجد الأجوبة على استنطاقاتك الحياة الإنسانية عمادها الوحيد هو الإنتاج. كل إنسان همه الرئيس هو تحسين إنتاجه. ذلك هو البذرة التي تنمو منها شجرة الصراع الطبقي. ينتهي الصراع الطبقي عندما لا يكون هناك إنتاج فردي وكل الإنتاج إنتاج مجتمعيAssociated Production ماركس قال: الصراع الطبقي يكتب التاريخ. في المشاعية لم يكتب التاريخ ولن يكون هناك تاريخ في الشيوعية. وبمعنى آخر الصراع الطبقي يطور المجتعات الطبقية أما المجتمع الشيوعي الخالي من الطبقات فيتطور بفعل التناقض بين الإنسان نفسه وبين أدوات الإنتاج وهو أفعل في التطور“ فنهضت أستقصي محتوى رسالته تلك، وأستعقب مواطن الفساد والخلل فيها: فإن ما يُفسِد رأيه ويبطل قوله: إن "الحياة الإنسانية عمادها الوحيد الإنتاج" استكشافاتُ علماء الاجتماع والأحياء والانترُبولوجيا؛ وهي استكشافات تؤكد أن الحياة الإنسانية لا تقوم على عماد وحيد أوحد، وإنما على عمُد. وأشهر هذه العمد الغرائز والعقل. والغرائز والعقل متقدمة في الترتيب على الإنتاج: فإنما الحاجة إلى ملء الغرائز إذا فرغت، هي المحرض الأول على الإنتاج، حتى إن استخدام الحجر في الصيد والقتال، ما كان له أن يستخدم من قبل الإنسان لهذه الغاية لولا حاجة الإنسان إلى الطعام، وإلى دفع الأخطار المهلكة عنه. فأما العقل، فلولاه، ما كان للإنسان أن يهتدي إلى استخدام هذا الحجر في تلبية حوائجه ودفع الأخطار عن حياته. فإذا كانت الغريزة هي التي تدفع الإنسان إلى الإنتاج، وكان العقل هو الذي يحقق عملية الإنتاج وينفذها بالأدوات التي يبدعها، فكيف يصح بعد ذلك أن يقال إن الإنتاج هو المقوّم أو العماد (الوحيد) للحياة الإنسانية؟ كيف، ولا سيما أننا نعلم أن المجتمعات البدائية الأولى، كانت تعتمد اعتماداً كلياً في حياتها على الصيد، وعلى التقاط حاجاتها من الطبيعة؟ وما كان الصيد والالتقاط إنتاجاً. فأما من يزعم أنهما إنتاج، فلكالذي يزعم أن النمر، ينتج عندما يصطاد ظبياً ليتغذى به. أجل! إن الإنتاج عامل من عوامل تطور الحياة الإنسانية واستمرارها، ولكنه من التهور أن يقال إنه عماد الحياة الإنسانية (الوحيد) كما أنه من التهور أن يقال: "بالخبز وحده يحيا الإنسان". وإن ما يفسد قوله: "كل إنسان همه الرئيس هو تحسين إنتاجه. ذلك هو البذرة التي تنمو منها شجرة الصراع الطبقي" ويبطله هو أن كل إنسان إذا كان همه تحسين إنتاجه؛ فلا بد أن يكون ذلك بسبب منافسة أفراد من نفس حرفته له في إنتاجه. والتنافس بين أفراد الحرفة الواحدة، ليس صراعاً طبقياً. وإنما الصراع الطبقي ما كان بين طبقتين تفاقم التناقض بينهما: تملك إحداهما الثروة ووسائل الإنتاج، ولا تملك الثانية سوى قوة عملها. وإن ما يفسد قوله: "ينتهي الصراع الطبقي عندما لا يكون هناك إنتاج فردي وكل الانتاج انتاج مجتمعي" ويبطله هو أن الإنتاج الفردي ليس هو الملكية الفردية الخاصة لوسائل الإنتاج؛ ولهذا فلن ينتهي الصراع الطبقي بانتهاء الإنتاج الفردي. وإنما ينتهي الصراع الطبقي، نظرياً بحسب الماركسية، بزوال الطبقات التي تستأثر بأدوات الإنتاج لا بزوال الإنتاج الفردي. وإن ما يفسد قوله: "ماركس قال: الصراع الطبقي يكتب التاريخ. في المشاعية لم يكتب التاريخ، ولن يكون هناك تاريخ في الشيوعية" ويبطله رأي له جاء رداً على سؤالي: متى بدأ تاريخ الإنسان؟ وكنت طرحته عليه عقيب نشره (أسانيد المانيفيستو الشيوعي اليوم 3) وهذا نصه: "التاريخ بدأ عندما تناول الإنسان أداة من خارج جسمه كالحجر والعصا كي ينتج حياته وإلا انقرض. العلاقة الديالكتيكية بين أدوات الإنتاج والإنسان هي التي لا تصنع التاريخ فقط بل وتصنع الإنسان نفسه أيضاً“. فإنه إذا كان التاريخ، في تصوره، بدأ منذ أن "تناول الإنسان أداة من خارج جسمه" فقد حق للمعترض أن يسأله: فلماذا لم يشهد التاريخ في بدايته صراعاً طبقياً، ما دام الصراع الطبقي كاتب (كل) تاريخ؟ أليست بداية التاريخ تاريخاً أيضاً، أو مرحلة من التاريخ كله؟ فإن كانت كذلك، فبأي منطق وحق جاز أن تُستثنى مرحلة من التاريخ هي بمنزلة الجزء المستغرق استغراقاً تاماً في كلِّه؟ إن هذا، إن جاز، فقد جاز أيضاً أن يقال: "إن كلّ جدران البيت الأربعة بيضاء، والثالث منها ليس أبيض" رغم أنف المنطق. ولكن المنطق يقتضي درء الخلف والتناقض عنه؛ لهذا كان ينبغي هنا أن يستخدم أسلوب الاستثناء الذي ينتزع جزءاً من الكل بأداة تمنع وقوع حكم الكل عليه كأن يقول: "إن كلَّ تاريخٍ ما عدا تاريخ المجتمع المشاعي، إنما كتبه الصراع الطبقي" فيستقيم لفظه بذلك شكلاً، وإن لم يستقم معنى. وإنما لم يستقم معنىً؛ لأن الصراع الطبقي، ليس الكاتبَ الأصليّ الأوحد للتاريخ، على ما سيأتي. وأما ما يفسد قوله الأخير: "أما المجتمع الشيوعي الخالي من الطبقات فيتطور بفعل التناقض بين الانسان نفسه وبين أدوات الإنتاج وهو أفعل في التطور" ويبطله فهو أن أدوات الإنتاج يصنعها الإنسان ليرضي بها حاجاته المادية والروحية. وهي، وإن كانت المعْلم الأبرز في حضارته، والأفعل حقاً في تطورها، أبعد ما تكون عن أن تدخل في تناقض مع الإنسان؛ فالتناقض نسبة بين أمرين يضاد أحدهما الآخر. ولما لم يكن بين الآلة والإنسان نسبة من تناقض وتضاد، فإن الاعتقاد بوجود هذه النسبة، لكالاعتقاد بوجود بشر يحيا داخل قرص الشمس. فإن أصر المعاند على وجود هذه النسبة، وأبى إلا أن يعتقد بأن الإنسان يضاد الآلة التي يبدعها؛ فهو حينئذ قد أقرّ بأن أدوات الإنتاج، هي التي تستغل جهد الإنسان وتستثمره لخيرها، وبأنها هي التي تسلب حريته، وتتعدى على حقوقه، لا الإنسان الذي يمتلك هذه الآلة. وهذا مما لا يجوز الإقرار به. وبعد، فإن لم يكن الصراع الطبقي، هو القانون الذي تتطور (كل) المجتمعات البشرية بتأثيره، فما هو القانون الذي تتطور بتأثيره كل المجتمعات الإنسانية؟ ألا يجب أن يكون ثمة قانون يتحكم بحركة المجتمع الإنساني؟ إن الجواب عن هذا السؤال، إن لم يكن بالأداة (بلى) فقد مال عن الحق والصواب. إذن، فلا بد من وجود قانون يحرك المجتمعات البشرية، وإلا سكنت وبسكونها يكون فناؤها. ولكن ما هو هذا القانون، إن لم يكن هو قانونَ الصراع الطبقي؟ الجواب: إنه قانون (الصراع) ولكن من غير نسبة أو إضافة إلى الطبقة؛ لأن قانون الصراع هذا مبدأ حركة كلي عام يتسم بالاستقرار وبالديمومة مدة دوام الإنسان على قيد الوجود. وهذا الجواب لا ينكر تأثير الصراع الطبقي في تحريك المجتمعات التي يحكمها نظام الطبقات ولا سيما تأثيره فيها حينما تتفاقم التناقضات فيما بين طبقاتها فتحدث الثورات الاجتماعية، ولكنه لن يرى في الصراع (الطبقي) المبدأ الأولَ المحرك لكل المجتمعات البشرية، كما يرى فيه ذلك مؤسسا الماركسية: "إن ناريخ أي مجتمع حتى الآن ليس سوى تاريخ صراعات طبقية 5"؛ لأن هذه الرؤية قاصرة عن تفسير تطور المجتمع البدائي وانتقاله إلى مجتمع العبودية، وقاصرة عن تفسير أغلب الأحداث الفاصلة وغير الفاصلة التي وقعت عبر جميع المراحل التاريخية، من مثل: انهيار الدولة الآشورية، حملات الاسكندر على المشرق، الحروب الصليبية، اجتياح المغول للعمران، سقوط القسطنطينية، الحرب العالمية الأولى، الحرب الأهلية في لبنان... وقاصرة عن تفسير أخطر الأحداث في حياة الإنسان العاقل تلك التي يرجع إليها الفضل في بقائه وتطوره: استكشاف النار، أدوات الصيد، التصوير، الإبرة، الكتابة، العجلة، المركبة الحربية... وعاجزة عن الإجابة على أسئلة كثيرة، من مثل: لماذا لم تحرر طبقة العبيد نفسها من ربقة الإقطاع بنفسها؟ لماذا لم يكن للصراع الطبقي تأثير إلا في المجتمعات الأوروبية الحديثة؟ لماذا يستطيع الإنسان أن يتحكم بالصراع الطبقي حائلاً دون تفاقمه أو ظهوره بتقليص التناقض ما بين الطبقتين المالكة لوسائل الإنتاج واللامالكة لوسائل الإنتاج؟ أين هي الحدود الفاصلة بين المراحل التاريخية كمرحلة العبودية والإقطاعية؟ وهذا الصراع فإنما هو كلي عام؛ لأنه لا يؤخذ من مبدأ أعلى منه، فلا مبدأ أعلى منه يشتق منه. إنه الأصل ومنه تتفرع أطياف شتى من الصراعات، أظهرها: الصراع مع الحيوان، والصراع (مجازاً) مع الطبيعة. وهو صراع يتجلى في التغيرات المناخية، وفي البراكين، والزلازل، والعواصف المدمرة، والأوبئة... إذ تعد هذه العناصر أو الظواهر الطبيعية من أخطر التحديات الوجودية التي تواجه الإنسان فترغمه على مغالبتها بالنجاة من آثارها المدمرة. ومنه صراع الإنسان مع الإنسان على الممتلكات والموارد والثروات. وكثيراً ما يتجلبب صراع الإنسان مع الإنسان بجلابيب السياسة، والعقيدة، والعرق، والقومية، والطبقة،... وقد تكون هذه الجلابيب بذاتها في غير قليل من الأحيان سبباً في انفجار الصراعات بين البشر. ولا بد هنا من التنويه بأن مقوِّم الصراع بين الإنسان والإنسان، هو غريزة التملك. وتفصيل ذلك أن الإنسان مزوَّد من الطبيعة بهذه الغريزة كي يكون له أن يحفظ نوعه من الاندثار؛ فإن امتلاك ما في الطبيعة من طعام، وشراب، وكساء، ومأوى، ودواء، وأدوات، هو الرد الأول من الإنسان على تحديات الطبيعة. والأمثلة على هذا التحدي كثيرة، نذكر منها: تحدي العصر الجليدي للإنسان وتهديده بالموت برداً، فكان أن رد الإنسان على هذا التحدي باختراع الإبرة التي سيستطيع بفضلها أن يضم ثوبه على جسده بإحكام يمنع الصقيع من أن يتسلل إلى جلده العاري فيحرقه ويستل روحه، ومن ذلك وباء الطاعون الذي اجتاح أوروبا وكاد يفني سكانها؛ مما حرض عقل الأوروبي على اختراع الآلات وبخاصة آلات النسيج التي ستعوضه عن اليد العاملة التي أهلكها الوباء، ومن ذلك العاصفة الرملية التي هبت على ولاية كاليفورنيا فغطت أراضيها الزراعية ودمرت خصوبتها؛ فأرغم ذلك المزارع الأمريكي على التفكير بتخصيب أرضه. ففكر، فاخترع السماد. ويجب العلم بأن من غريزة التملك هذه تأتي نزعة الطمع لدى الإنسان في حيازة ما يملكه غيره من مقتنيات وأموال وأطيان. وتتمثل هذه النزعة، في صراع القوي مع الضعيف، وفي غارات الجماعات والقبائل البدائية بعضها على بعض، وفي الحروب الواسعة بين الممالك والدول قديمها وحديثها... وبالجملة، فإن الصراع بما هو مبدأ كلي عام دائم بدوام وجود الإنسان، سر حركة المجتمعات البشرية، و"كاتب تاريخها الأول"! وبه فقط يمكن تفسير التاريخ في جميع مراحله، وتفسير كل الإنجازات الحضارية التي تحققت للإنسان عبره، وكل المخترعات العلمية التي ابتكرها لنفسه. وليس سرَّها وكاتب تاريخها الأوحد، الصراعُ (الطبقيُّ) كما يتوهم الماركسيون ومنهم السيدان حسقيل قوجمان، وفؤاد النمري. _______________________ (1): http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=272989 اختار السيد قوجمان أن يصب عنوان مقالته في جملة إنشائية استفهامية مصدّرة (بهل) التصديقية وقد دخلت على مضارع هو (توجد) فنقلته إلى المستقبل؛ مما أضر بموضوعه. فإن موضوعه (الصراع الطبقي) ينبغي أن يُعالج في الأزمنة الثلاثة وليس في المستقبل حصراً. (2): http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=273376 (3): ولم يكن الأستاذ فؤاد النمري الكاتب الوحيد الذي حاول أن يعضد رأي الأستاذ حسقيل قوجمان، كان ثمة الأستاذ آدم عربي الذي كتب في تأييده - وأنقل تأييده له دون تنقيح أغلاطه المطبعية - قائلاً: "تفسيير الظاهره يقود الى النظريه ، ومجموعة النظريات تعطي قانون ، سقوط التفاحه هاهره محسوسه او البرق ظاهره محسوسه ، لكن تفسرها على موجب وسالب كوننت شراره وهو البرق وفسرت الرعد ايضا ، حتى وصلنا الى قانون عالم الكهرباء الساكنه وامتحركه وعلاققات رياضيه ، يمكن تطوير هذه القوانين مستقبلا ااذا عجزت عن تفسير ظاهره مستقبليه ،،ويمكن الاطاحه بالقانون نهائيا كما في نظرية الكم ، وهذا موجز سريع يدعم مقالة حسقيل". ولكني لم أجد فيما كتبه ما يؤيد رأي السيد قوجمان، بل وجدت ما ينقض رأيه. فأما قوله: يمكن الإطاحة بالقانون نهائياً كما في نظرية الكم، فغلط مدقع لا يحوج إلى مناقشة. (4) انظر، من فضلك، هجومه على الباحث وليد يوسف عطو: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=484712 و http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=485987 والمغالطة التي استخدمها ضدي – على هامش مقالته الهجومية الأولى – وذلك عندما تصديت لقوله: ((...إن الشيء ليس هو نفسه بنفس اللحظة)) وعندما عجز عن الإجابة عن سؤالي: "هل كتاب رأس المال الذي كتب في القرن التاسع عشر ليس هو كتاب رأس المال الذي في مكتبتك بترجمته العربية وطبعته الجديدة؟" لم يتورع عن المغالطة فأقحم مسيحيتي في جدال لا شأن له البتة بالمسيحية؛ كي يستميل إليه المشاعر. وقد نجح في استمالتها ونال تسعة وعشرين صوتاً على مغالطته وعلى عجزه عن الإجابة على سؤالي. وقد فطن الأستاذ مالوم أبو رغيف لنزعة النمري إلى المغالطة فكتب إليه على هامش (المانيفستو 3) يعيب عليه هذه النزعة، فرد عليه النمري بسخرية وتعريض: "ما لك وللماركسية فهي صعبة حتى على الأعلى منك ثقافة وعلوما.. اكتب في الفكر المخابراتي الأسدي فهو من مقامك كما تعترف“. ولا أشك في أن النمري لو كان حاكماً، لأمر باعتقاله و... وأذكر أن الأستاذ عبد الحسين سلمان (جاسم الزيرجاوي) أكرمني بحضوره وأهداني كتاباً، كما أذكر سيمون جرجي الذي قدح بموقف الحكيم البابلي الأستاذ طلعت ميشو مني، وزاد عني زود فارس عن قبيلته. وكان البابلي يومئذ منفعلاً في رسالته النارية إلي، ولم يكن آنذاك على وفاق معي كما هو اليوم، وكان قرّ في وهمه أنني وسيمون جرجي شخص واحد: "السيد نعيم إيليا لِمَ كل هذا الإصرار والتهافت على أن تكون ناقداً !؟ مع إنك فشلت - لحد اللحظة - في تلهفك هذا ، ولعلمك فالنقد إمكانية وعلم لا يتمكن منه إلا القلائل ، وأول صفاته النزاهة والعدالة والموهبة وعمق المعرفة. ونرى إنك تناولت في محاولاتك النقدية كل من جواد البشيتي ، عبد القادر أنيس ، فاتن واصل سامي لبيب ، نهى عياش ، شامل عبد العزيز ، حسين علوان ، وقد لجأ بعضهم حتى لإهمالك بسبب إسلوبك الإستفزازي وعدم تمكنك من الحجة وميلك للتشويش لمجرد إثبات رأيك الذي تطرحه من أجل النقاش للنقاش وليس من أجل النقاش للمعرفة أما إستفزازاتك اللفظية في نقاشك معي ومع السيد كامل النجار !!، فقد ألجأتني لعدم الرد عليك بعد أكثر من عشرة تعليقات متتالية لكَ ، وألجأت النجار لتنبيهك بلطف إلى تجاوزاتك !!، فلم كل هذا الإلحاح الذي لن تحصد منه غير وجع الرأس !؟ أما في مقالك اليوم فأرى لك ضحية جديدة في شخص السيد قوجمان ، ويكفي ما أنزلت على رأس الرجل في السطور 6 و 7 ، ومديحك المُضحك لشخصك وأناك ( أنا الذي نشأتُ مطبوعاً على حب المنطق ، وعلى الميل للموداعة )!؟ دع مديحك للناس ، وقلل من محاولة التعالم على الآخرين. تحياتي“. لقد تغير وجه الدهر بمضي ما يقرب من خمس سنوات على هذه الرسالة، كما تغيرت – ربما - وجوهنا، وسرائرنا، وبعض آرائنا ومواقفنا. وتغيرت آلاتنا، وثيابنا، وأشياء منازلنا، ولكن كلمات رسالة البابلي لم تتغير. ترى أيقدر النمري أن يفسر على ضوء مبدئه (إن الشيء ليس هو نفسه بنفس اللحظة) لماذا ثبتت كلمات رسالة البابلي على حالها، ولم تصر مع الزمن ليست هي؟ وهل له بعد ذلك أن يفسر كيف - وهو الديالكتيكي - يرى شيئاً ولا يرى ضديده!؟ فإن التغير ضديده اللاتغير.
(5) جرى فيما بعد استثناء المشاعية والشيوعية من (أي مجتمع) في توضيح لفريدريك إنغلز لهذه العبارة كتبه لطبعة جديدة من البيان الشيوعي. https://www.ahewar.org/debat/show.cat.asp?cid=158
#نعيم_إيليا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دوَّامةُ النّهرِ الكبير 10
-
الوعي والحياة بين هيغل وماركس
-
مناظرة السيرافي والقُنَّائي
-
دوَّامةُ النَّهرِ الكبير 9
-
البعد الفلسفي لفرضية الانفجار الأعظم
-
محاورة ملحد الكريتي
-
ثالوث الديالكتيك الماركسي
-
الطعن على رأي الأستاذ منير كريم في الديالكتيك والمادية
-
دَوّامةُ النَّهرِ الكبير 8
-
الزمان بعداً رابعاً
-
سُلَّم الوجود
-
مشكلة النسبية
-
ميزتا التعليق والتصويت في صحيفة الحوار المتمدن
-
دَوّامةُ النَّهرِ الكبير 7
-
الإلحاد والتطرف
-
إفسادُ منطق الإمكان
-
دَوّامةُ النَّهرِ الكبير 6
-
أخطأ الرئيسُ ماكرون
-
دوَّامةُ النَّهرِ الكبير 5
-
دوّامة النهر الكبير 4
المزيد.....
-
استعان بـ ChatGPT أيضا.. خالد سرحان يسخر من فيديو محمد رمضان
...
-
فـرنـسـا: لـمـاذا هـذا الـتـضـخـيـم لـظـاهـرة الـهـجـرة؟
-
علا صوتها فقتلها.. الأمن المصري يكشف خدعة رجل أبلغ عن وفاة ا
...
-
ترامب يهدد بطرد المسؤولين الفيدراليين إذا لم يعودوا إلى مكات
...
-
السلطات السورية تعلن حل الجيش وتعليق العمل بالدستور وتعيين ا
...
-
حريق هائل داخل طائرة بمطار في كوريا الجنوبية ونجاة جميع ركاب
...
-
مئات من مسلمي الروهينغا يصلون إلى إندونيسيا بقارب متهالك فار
...
-
عراقجي يبحث البرنامج النووي الإيراني مع غروسي والوزير البريط
...
-
ليبيا.. حبس متهمين باحتجاز مهاجرين غير نظاميين جنوب شرق البل
...
-
الروبوتات ترقص جنبا إلى جنب مع البشر في احتفالات رأس السنة
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|