|
رزمانات كمال الجزولي الاخيرة
ايليا أرومي كوكو
الحوار المتمدن-العدد: 7787 - 2023 / 11 / 6 - 18:45
المحور:
الادب والفن
كمال الجزولي صاحب الرزنامة الاسبوعي الشفيف الانيق وداعاً كمال الجزولي صاحب الرزنامة الاسبوعي الشفيف الانيق وداعاً في وداع كمال الجزولي القانوني الضليع الاديب المبدع الخلاق صاحب الكلمة الجزلة و الاحرف السهلة السلسلة الجريئة الحرة الرزنامة تنساب في الوجدان تسر الخواطر تدهش الافئدة تثلجها كمال الجزولي يرحل تاركاً وطناً أحبه حباً جماً يرزح في اتون وطن الجزولي يمضي الي المصير المجهول و الخرطوم دمرت موت الاوطان حرق الارض و الانسان لا يحتمله البعض فيرحل لا غربة ان يرحل الجزولي في الوقت العصيب و الافق المسدود القانون صنو الادب و الاخلاق في مظهره العام و الادب جوهره ليس في الامر عجب ان تجتمع في كمال الجزولي هتان الخصلتان قرأت زرماناته الاسبوعية مبكراً في صحيفتي الايام و الصحافة و اخر رزمانة قرأته له كانت قراصة للطيب سيخة ! لكمال الجزولي الرحمة و المغفرة ولأهله و ذوية و قرائه و السودان العزاء و السلوان قُرَّاصَةٌ لِلطَّيِّب سِيخَة ! الأحد في أمسية أحد الأيَّام الأولى للنِّظام المباد، وكان منع التَّجوُّل قد أزف موعده، طرق طارق باب بيت المرحوم محجوب شريف، فحسبوه، أوَّل الأمر، صديقاً أو قريباً تعذَّر عليه بلوغ مسكنه قبل ميقات المنع، لكنهم، عندما فتحوا الباب، وجدوا أمامهم الطيِّب سيخة بلحمه وشحمه، بينما الشَّارع خالٍ إلا من مجموعة جنود مدجَّـجـين بالسِّلاح، ملء مجروس على مقربة! خطر بذهن محجوب أنهم جاءوا لاعتقاله، لكنه تعجَّب من كون ذلك يستلزم كتيبة مسلَّحة بقيادة وزير أمني! ردَّ محجوب تحيَّة الطَّيِّب بأحسن منها. ثمَّ، عندما لاحظ أن بعض البيوت، في ذلك الحيِّ الشَّعبيِّ الوادع، أزعجها هدير ماكينة الشَّاحنة العالي، ففتحت أبوابها تستطلع الأمر، طلب من الطَّيِّب إبعادها قليلاً، فاعتقاله لا يحتاج لكلِّ تلك القوَّة! لكن الطَّيِّب فاجأه بأنه ما جاء لاعتقاله، وإنَّما، فقط، لتسجيل زيارة اجتماعيَّة له! فتمسَّك محجوب بإبعاد الشَّاحنة، ثمَّ دعا "ضيف الهُجوع" لـ "التَّفضُّل" بالدُّخول! ما أن توهَّط الطَّيِّب في العنقريب الهبَّابي وسط الحوش، حتَّى التمس من محجوب شيئين، كلاً منهما أغرب من الآخر: "قُُرَّاصة" بلبن وسكَّر، وشريطاً ببعض قصائده، لأنه، كما قال، من أشدِّ المعجبين بشعره! كانت الزِّيارة ثقيلة على نفوس أميرة ومريم ومي، لكنهنَّ، كعادتهنَّ، قدَّرن عالياً أسلوب استقبال محجوب لزائره، فصنعن له القُّرَّاصة، وأحضر محجوب جهاز تسجيل، وشريط قام بتسجيل بعض قصائده عليه، وأهداه إلى الطَّيِّب سيخة، وكانت أوَّل قصيدة فيه: "يَابْ دِقْناً تحت الكاب/ والسِّبْحَة ربَاطْ البُوتْ/ بين السُّنكِي وحَدْ النَّابْ/ فلتَحْكُم بالنَّبُّوت/ ولتَهْنَأ يَا نصَّابْ/ بالصَّايعْ والهَلفُوتْ/ لكِنَّك يَا مُحْتَالْ/ مَا بتدِّي النَّاس القُوتْ/ تِرِرِمْ تِرِرِمْ تِرِرِمْ/ مَا بتدِّي النَّاس القُوتْ"! [email protected]
في وداع كمال الجزولي القانوني الضليع الاديب المبدع الخلاق صاحب الكلمة الجزلة و الاحرف السهلة السلسلة الجريئة الحرة الرزنامة تنساب في الوجدان تسر الخواطر تدهش الافئدة تثلجها كمال الجزولي يرحل تاركاً وطناً أحبه حباً جماً يرزح في اتون وطن الجزولي يمضي الي المصير المجهول و الخرطوم دمرت موت الاوطان حرق الارض و الانسان لا يحتمله البعض فيرحل لا غربة ان يرحل الجزولي في الوقت العصيب و الافق المسدود القانون صنو الادب الاخلاق في مظهره العام و الادب جوهره ليس في الامر عجب ان تجتمع في كمال الجزولي هتان الخصلتان قرأت زرماناته الاسبوعية مبكراً في صحيفتي الايام و الصحافة و اخر رزمانة قرأته له كانت قراصة للطيب سيخة ! لكمال الجزولي الرحمة و المغفرة ولأهله و ذوية و قرائه و السودان العزاء و السلوان قُرَّاصَةٌ لِلطَّيِّب سِيخَة ! الأحد في أمسية أحد الأيَّام الأولى للنِّظام المباد، وكان منع التَّجوُّل قد أزف موعده، طرق طارق باب بيت المرحوم محجوب شريف، فحسبوه، أوَّل الأمر، صديقاً أو قريباً تعذَّر عليه بلوغ مسكنه قبل ميقات المنع، لكنهم، عندما فتحوا الباب، وجدوا أمامهم الطيِّب سيخة بلحمه وشحمه، بينما الشَّارع خالٍ إلا من مجموعة جنود مدجَّـجـين بالسِّلاح، ملء مجروس على مقربة! خطر بذهن محجوب أنهم جاءوا لاعتقاله، لكنه تعجَّب من كون ذلك يستلزم كتيبة مسلَّحة بقيادة وزير أمني! ردَّ محجوب تحيَّة الطَّيِّب بأحسن منها. ثمَّ، عندما لاحظ أن بعض البيوت، في ذلك الحيِّ الشَّعبيِّ الوادع، أزعجها هدير ماكينة الشَّاحنة العالي، ففتحت أبوابها تستطلع الأمر، طلب من الطَّيِّب إبعادها قليلاً، فاعتقاله لا يحتاج لكلِّ تلك القوَّة! لكن الطَّيِّب فاجأه بأنه ما جاء لاعتقاله، وإنَّما، فقط، لتسجيل زيارة اجتماعيَّة له! فتمسَّك محجوب بإبعاد الشَّاحنة، ثمَّ دعا "ضيف الهُجوع" لـ "التَّفضُّل" بالدُّخول! ما أن توهَّط الطَّيِّب في العنقريب الهبَّابي وسط الحوش، حتَّى التمس من محجوب شيئين، كلاً منهما أغرب من الآخر: "قُُرَّاصة" بلبن وسكَّر، وشريطاً ببعض قصائده، لأنه، كما قال، من أشدِّ المعجبين بشعره! كانت الزِّيارة ثقيلة على نفوس أميرة ومريم ومي، لكنهنَّ، كعادتهنَّ، قدَّرن عالياً أسلوب استقبال محجوب لزائره، فصنعن له القُّرَّاصة، وأحضر محجوب جهاز تسجيل، وشريط قام بتسجيل بعض قصائده عليه، وأهداه إلى الطَّيِّب سيخة، وكانت أوَّل قصيدة فيه: "يَابْ دِقْناً تحت الكاب/ والسِّبْحَة ربَاطْ البُوتْ/ بين السُّنكِي وحَدْ النَّابْ/ فلتَحْكُم بالنَّبُّوت/ ولتَهْنَأ يَا نصَّابْ/ بالصَّايعْ والهَلفُوتْ/ لكِنَّك يَا مُحْتَالْ/ مَا بتدِّي النَّاس القُوتْ/ تِرِرِمْ تِرِرِمْ تِرِرِمْ/ مَا بتدِّي النَّاس القُوتْ"! [email protected]
#ايليا_أرومي_كوكو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اسماعيل ابراهيم : لا للحرب السودانيون يستحقون السلام
-
منبر جدة لسلام السودان الشامل الدائم
-
البحث جاري عن الجمال في الحرب
-
سلام جوبا وحركات دارفور في ذمة الله والتاريخ !
-
حرب الخرطوم الكبري آخر الحروب السودانية
-
الخرطوم تحترق بالنيران الصديقة !!!
-
الحرب تفقد الانسان قيمة الحياة و الزمن
-
دعوة البرهان الشباب لحمل السلاح باطل
-
تداعيات الحرب السودانية في اربعون نقطة
-
في الحروب الاغتصابات سلاح قديم متجدد !
-
أوقفوا الحرب العبثية في السودان !
-
انشودة الامل لسلام السودان
-
مراثي الاستاذ الشيخ : جلال عنتر كجو كمتور
-
همساتي أحرفي و كلماتي 12
-
سيرة كروية العطرة للرحل كابتن سبت دودو دمور ( عيد )
-
الخرطوم اقذر مدن العالم
-
الديكون الشهير : عباس كوكو انجلو الي الامجاد السماوية
-
محن السودان: في الخريف غرق وفي الصيف عطش !
-
الروح السليم في الجسد السليم
-
همساتي احرفي كلماتي : شر البلية ما يحزن 12
المزيد.....
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 177 مترجمة للعربية معارك نارية وال
...
-
الأزمة المالية في كردستان تؤدي إلى تراجع النشاطات الثقافية و
...
-
جمال سليمان من دمشق: المصلحة الوطنية السورية فوق كل اعتبار (
...
-
جمال سليمان يوجه رسالة بعد عودته لدمشق عن جعل سوريا بلدا عظي
...
-
إبراهيم اليازجي.. الشخصية التي مثّلت اللغة في شكلها الإبداعي
...
-
-ملحمة المطاريد- .. ثلاثية روائية عن خمسمائة عام من ريف مصر
-
تشيلي تروي قصة أكبر تجمع لفلسطينيي الشتات خارج العالم العربي
...
-
حرائق كاليفورنيا تلتهم منازل أعضاء لجنة الأوسكار وتتسبب في ت
...
-
بعد غياب 13 عاما.. وصول جمال سليمان إلى سوريا (فيديو)
-
حفل توزيع جوائز غرامي والأوسكار سيُقامان وسط حرائق لوس أنجلو
...
المزيد.....
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
المزيد.....
|