بافي رامان
الحوار المتمدن-العدد: 1724 - 2006 / 11 / 4 - 12:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ان هذا الموضوع اصبح حدث الساعة يتداول في جميع الاروقة السياسية و الاجتماعية بسبب ارتكاب جميع الاعمال الارهابية سواء كانت منظمة او فوضوية باسم الدين الاسلامي ، و يستغل الدين ابشع استغلال من قبل المنظمات الارهابية و الانظمة الاستبدادية الدموية لذلك يتداول هذا الموضوع على جميع المستويات السياسية و كذلك بين علماء الدين من جميع الاديان و الطوائف ، سنحاول تسلط الضوء الى حد ما الى ما جرى في التاريخ الاسلامي و كيفية انحراف الدين بعد وفاة الرسول ( ص ) بايدي المسلمين انفسهم من خلال ممارسة القمع و الارهاب و التعذيب بحق الشعوب الاسلامية من العرب و القوميات الاخرى ، و كل ذلك تحت يافطة انتشار الدين الاسلامي ، على الرغم ان الدين الاسلامي كانت ومازالت رسالة مقدسة جاءت بعد تفشي الفساد و الجهل و عبادة الاصنام و دفن البنات حيا ، و ارتكاب الفحوش و الفسوق في عهد الجاهلية ، فجاءت الاسلام لانقاذ الخلق و البشرية من الفسق و الفسوق و لزرع السلام و الوئام بين الشعوب و لتحقيق العدالة و المساواة بين البشرية جمعاء و كمت جاءت في الاية الكريمة : ( و خلقناكم شعوب و قبائل لتتعارفوا ان احسنكم عند الله اتقاكم ) و لم يخصص هذا الدين على اي شعب بعينه و لم يختار ان يكون العرب كما يدعون انهم خلفاء على الارض و يمثلون الاسلام و ابقاء هذه الخلافة حكرا عليهم كما يدعي ايضا اليهود انهم (( الشعب المختار )) و بهذا المنطق بقي الخلافة حكرا و بيد حفنة و عشيرة معينة و لم يعطي المجال لاي شخصية اسلامية من غير قومهم و عشيرتهم ان تحكم المسلمين و استغلوا الاسلام ابشع استغلال للحفاظ على استمراريتهم في الحكم على الرغم ان الدين الاسلامي كان يدعوا الى المبايعة بمعنى العصري اجراء انتخابات حرة و نزيهة و ديمقراطية لاختيار امير المؤمنين ؟
ولكن الذي جرى تم تعيين الخليفة ابو بكر الصديق ( رضي الله عنه ) بعد وفاة الرسول ( ص) لانه كان اقرب شخصية و صحابة الى الرسول الكريم ، و بعد وفاته كان من وصيته ان يتم تعيين الخليفة عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) و استمر ذلك حتى اعتياله بطريقة ارهابية و تم اجراء المبايعة و تم اختيار السيد عثمان بن عفان و بعده السيد علي بن ابي طالب ، و من خلال سرد للتاريخ الراشدين يظهر جليا ما ألى اليه الوضع من قتل الملايين من الناس فالقسم الاكبر تم قتلهم لاجبارهم على اعتناق الدين الاسلامي و القسم الاخر تم قتلهم بطرق ارهابية لمعارضتهم اسلوب الحكم كما حصل ذلك على يد السيد خالد بن الوليد و غيره من الصحابة ، و كذلك تم محاربة اي اجتهاد او اصحاب الراي الاخر ، في طريقة تفسير القران الكريم و ما اكثر العلماء الذين تعرضوا للظلم و التعذيب و القتل على الرغم ان اول اية قرانية نزلت على الرسول الكريم كانت اية ( أقرأ) ، و هذا يعني ان الدين الاسلامي دعى من اول انطلاقته الى العلم و المعرفة . و لكن هؤلاء الحكام رأوا ان الخطر الاكبر على عرشهم تاتي من العلماء ، و كذلك فان الاسلام لايجبر احد على الاعتقاد بالاسلام نفسه ، و ترك لاصحاب الاديان الاخرى حرية المعتقد ، ايمانا منه بان الحرية اصيلة في عمل الانسان و سلوكه ، و لايمكن اجبار احد على التعبد بالاسلام لوقوع التعارض بين فطرة الانسان و حكمة التعبد التي تقضي القناعة اولا ، فلا اجبار في الاعتقاد و لا تقليد ومن ذلك قوله تعالى (( لا اكراه في الدين ، قد تبين الرشد من الغي )) سورة البقرة 256 ، و قوله تعالى (( لكم دينكم ولي ديني )) سورة الكافرون 6 ، فهذا التفريق اقرار باهمية الاختيار و الاقتناع . و الخطاب الالهي الموجه الى الرسول ( ص) يبين لشكل جلي و لا غبار عليه بانه لا اكراه في الدين (( وان احد المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم ابلغه فأمنه )) ، سورة التوبة 6 , .
ولكن الذي حصل تم فرض الدين الاسلامي بقوة السلاح و بالدم و الذي لم يقبل به كان مصيره القتل الارهابي و التعذيب و بذلك كانت بداية تشكيل حكومات و انظمة استبدادية و ديكتاتورية عل الرغم انهم خالفوا تعاليم القران الكريم و ذلك في بداية تشكل الدولة الاسلامية بعد وفاة الرسول الكريم ( ص ) و تم ذلك تدريجيا و بشكل متتالي و بدون ان يلتف اليه الكثيرين من المسلمين المخلصين ، و ان خطأ الشاطر بألف لانه قدوة لغيره و ما قول مروان بن الحكم لبعض معارضي الخليفة عثمان عندما قال لهم (( تريدون ان تنزعوا ملكنا من ايدينا )) و كذلك قول الخليفة عثمان بن عفان عندما طالبه المسلمون بالتنحي عن السلطة فقال لهم (( لا انزع قميصا البسينه الله )) ، الا استبداد و ديكتاتورية بعينه ، و الانتكاسة الاكبر حين طرح مفهوم وراثة الحكم من الاب الى الابن بعد الانقلاب العسكري الذي قام به الامويين على الخليفة علي بن ابي طالب و حصر الخلافة في عشيرة واحدة هي عشيرة الاموييين و من ثم انقلب عليهم عسكريا العباسيين ، وقد ادت هذه العمليات العسكرية الى حصول خلل مركزي في العلاقة بين السلطة و المجتمع و بالمجموعات السياسية الاخرى ، التي كانت تطمح الى السلطة او التي لها وجهات نظر اخرى تخالف وجهة نظر السلطة ، و قد تعرض الكثيريين من المعارضيين الى التعذيب و القتل و التشريد امثال الامام ابو الحنيفة و ابن الرشد و الشافعي و الكثيرين الاخريين الذين لا حصر لهم على ايدي هؤلاء الحكام الذين جعلوا من الخلافة الاسلامية حكر على ابناء قومهم و عشيرتهم و قد قاد هذا الى نتائج كارثية كبيرة لعل من ابرزها اعتماد السلاح و القوة العسكرية في العمل السياسي و فض الخلافات السياسية و الفكرية فيه ،في ظل شخصنةالدولة و احتكارها . و غياب اي صيغة سلمية لتداول السلطة و المشاركة السياسية الحقيقية الواسعة ، و تنامي دور العسكر في الحياة السياسية للمجتمع ، و كانت هذه ابرز العوامل التي ادت في نهاية المطاف الى تراكم عوامل الانحطاط في المجتمع الاسلامي ، كما حصلت في الغرب ايام حكم الكنيسة للحياة السياسية و راح ضحيتها انذاك في الغرب ملايين من ابناء الشعوب الاوربية و ما اعدام العالم غليلة من قبل الكنيسة الا نتيجة ارهاب الدولة انذاك عندما قال ان الارض كروية و بعد عشرات السنيين تم الاعتذار له من قبل الكنيسة و ما التطور الذي حصل في الغرب و في الحياة السياسية و الاجتماعية الا نتيجة جهود الخيريين و الديمقراطيين عندما تمكنوا من الفصل بين الدولة و الدين و طرحوا شعار ( الدين لله و الوطن للجميع ) .
وبعد هذا السرد التاريخي للاسلام و المسلمين و كيفية استغلال الدين في الامور السياسية و في استمرارية الحكم في ايدي حفنة من الناس ، سنتناول ما يجري الان و على الساحة السياسية في منطقة الشرق الاوسط من قبل الانظمة الاستبدادية و الديكتاتورية الشمولية و كذلك من قبل المنظمات الارهابية الذين يستغلون الدين الاسلامي ابشع استغلال لتحقيق ماربهم الدنيئة و الخبيثة الفئوية و السلطوية ، وكذلك استغلال مثل هذه المنظمات من قبل الشركات العالمية و المافيات السلاح التي تحتكر اقتصاد العالمي و تحاول نشر الفوضى و الارهاب المنظم و الفردي على شعوب المنطقة لترويج بضائعها من السلاح و لان الارضية مهيئة و خصبة بسبب استغلال عواطف الشباب الدينية و كذلك بسبب تعرض غالبية العظمى من شعوب المنطقة الى الظلم و الاضطهاد المزدوج من قبل انظمتهم الاستبدادية الشمولية و من قبل الانظمة العالمية الكبرى ، لذلك يتم استغلال هؤلاء الفئات من خلال الدين الاسلامي و بمناداة بالاسلام ، لان الغالبية العظمى من الشعوب الشرق الاوسطية مؤمنين بالدين و قد يرون ان خلاصهم من الديكتاتورية قد يتم عن طريق الدين و كذلك قد يؤمنون مكان في الجنة ، لذلك يستغلون ابشع استغلال فالقسم منهم ينخرطون في المنظمات الارهابية بسبب جهلهم و تفكريهم الضيق و يعتقدون ان مفتاح الجنة في ايدي زعماء المنظمات الارهابية او في ايدي بعض المرجعيات الدينية و هذا ما نشهده على الساحة الايرانية ، و القسم الاخر يدخلون الى هذه المنظمات بسبب الفقر و البطالة المنتشرة بشكل واسع بين ابناء شعوب المنظقة بسبب سياسات الانظمة الاستبدادية الشمولية . و للموضوع تتمة .
#بافي_رامان (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟