|
كلٌّ يأتيهِ يَوْمُهْ
عزالدين أبو ميزر
الحوار المتمدن-العدد: 7566 - 2023 / 3 / 30 - 20:50
المحور:
الادب والفن
كلٌّ يأتيهِ يَوْمُهْ ...
لِلقَصَصِ عَلَى مَرّ التّارِيخِ كَمَا لِلشّعرِ هُناكَ رُوَاةْ
وَخَيَالٌ يَجمَحُ لَا تُعجِزُهُ
السّبعُ أرَاضٍ وَسَمَاواتْ وَمَدائنُ دَالت وَحَضَارَاتْ
بَغدادُ وَهارونٌ إسمَانِ
بِبَعضِهِمَا اقتَرَنا بالذّاتْ
كانَت لَهُمَا الألْفُ لَيَالٍ
دُونًا عَن كُلّ اللّيلَاتْ
قَد قَالَ الرّاوي حِينَ رَوَى
عَن هَارُونٍ يَا سَادَاتْ
أنْ كانَ لَهُ فِي الأرضِ قُصُورْ
وَحَدَائِقُ أطيَارٍ وَزُهُورْ
وَبِيَومٍ مَلِكُ أذرْ بَيْجَانْ
قَد جاءَ إلَى بَغدَادَ كَزائِرْ
وَهَدِيّتُهُ كَانَت طَائِرْ
فِي قَفَصٍ ذَهَبِيٍّ نَادِرْ
وَيُقَالُ لَهُ طَيرُ الوَقوَاقْ
وَبِهِ هَارُونُ قَدِ احتَفَلَا
إذْ قالَ هَلَا
بٍالزّائِرِ ضَيْفًا ألفُ هَلاَ
وَلِحَاجِبِهِ أعطَى الطّائِرَ
وَهُوَ يَقُولْ :
أَسكِنْهٌ وأكرِمْ مَثوَاهُ
وَاجعَل جَنّتَنَا مَأوَاهُ
( وَالطّائِرُ يَأتِيهِ يَوْمُهْ)
وَبِبَغدَادٍ يُوجَدُ تَاجِرْ
قَد كَانَ تَقِيًا وَلِتَقوَاهْ
أغنَاهُ وَفَتَحَ عَلَيهِ اللهْ
أكثَرَ مِن بَاقِي التُجّارْ
وَلُقّبَ قارونَ الثّانِي
لَا مَالٌ يَنقُصُهُ أوْ جَاهْ
وَعَلَى كِبَرٍ رُزِقَ بِبِنْتْ
مَا إنْ كَبِرَتْ حَتّى مَرِضَت
وَبِهَا كُلّ الطِبّ احتَارْ
وَمَلَاكُ المَوتِ عَلَيهَا دَارْ
وَالتّاجِرُ يَضرِبُ كَفّيهِ
وَدُمُوعٌ تَملأُ عَينَيهِ
مَا تَرَك فَقِيرًا مَا أعطَاهْ
فَلَعَلّ اللهَ يُجيبُ دُعَاهْ
وبِبابِ الدّارْ
فِي يَومٍ وَقفَ عَليهِ غَرِيبْ
مَا كَانَ فَقِيرًا بَل سَألَا
عَن حَالِ البَيتِ
وَأهلِ البَيتِ وَمَن يَرعَاهْ
وَبِكُلّ هُدوءٍ تَاجِرُنَا
قَد كَانَ يُجِيبْ
فَابتَسَمَ وَقالَ هُناكَ دَوَاءْ وَدَمُ الوَقوَاقِ لَخَيرُ دَوَاءٍ
فِيهِ شِفَاءْ
إنْ دُهِنَ كَمَرهَمَ فَوقَ الجِسْمْ
لَا تُضِعِ الوَقتَ وَلَا تَتْعَبْ
فَدوَائِي مِن قَبلُ مُجَرّبْ
وَالصَيّادُونَ أتَوْا للتّاجِرِ بَعدَ نِدَاءْ
وَعَلَيهِم عَرَضَ بِكُلّ سَخَاءْ
مَن يَجلِبُ هَذَا الطّيرَ يُجازَى مِنّي خَيرَ جَزَاءْ
فَأجَابَ الكُلّ طَلَبتَ مُحَالْ
لَن يَأتِيَكَ بِهِ إلّا
عِفرِيتٌ مِن مَملَكةِ الجَانْ
أو مَلِكٌ يَحكُمُ ذُو سُلطَانْ
إذ كَيفَ سَنَصِلُ أذرْ بَيجَانْ
أحَدُهُمُ بَقِي وَلَم يَذهَبْ
أغرَاهُ المَالْ
وَكَسَامِرِ مُوسَى بَصُرَ بشيْءْ
وَبِعِلِمٍ لَم يَعلَمْهُ سِوَاهْ
إذ قَالَ بِأنّ لَدَى هَارُونَ
جَنَائِن أطيَارٍ غَنّاءْ
وَلَعَلّ الطّيرَ يَكونُ لَدَيْهْ
وَالحَارِسُ قَد يُغرِيهِ المَالُ فَيُعِطينَاهْ
مَا كَذَبَ الحَارِسُ إذْ سُئِلَا
أوْ كَسِوَاهُ لَفّ وَدَارْ
وأجَابَ بَلَى وَلَدينَا الطّيْرْ
كَهَدِيّةِ مَلِكِ أذَرْ بَيْجَانْ
أهَدَاهُ لٍمَولَانَا مِن شَهْرْ
وَسَأطلُب مِن مَولانَا الإذْنْ
هَارونُ أجابَ ألَمْ أُخبِركَ
بِيَومِ أتَانَا كَهَدِيّةْ
فِي أنّ لِهَذَا الطّائِرِ يَوْمْ
وَأرَى الصّائِدَ قَد نَادَاهْ
(والصائِدُ يَأتِيهِ يَوْمُهْ)
رَجَعَ الصّيَادُ وَقَد غَنِمَا
لَكِنْ مَطلَبهُ مَا تَمّا
إذْ نِصفُ الجٍسمِ بِهِ قَد شُفِيَ
وَنِصفٌ هُوَ يَحتَاجُ دَمًا
وَالطّمَعُ كَطَبعٍ فِي الانسَانِ
قَليلٌ مِنهُ قَد سَلِمَا
فَاجَابَ التّاجِرُ خُذ مَالِي
وأكُونُ بِعَهدي مُلتَزِمَا
إنْ أنتَ أتَيتَ لَنَا بِالطّيرِ
وَرّبي يَشهَدُ إنْ لَزِمَا
وَالحَارِسُ رَاوَدَهُ الصّيّادُ
بِ عَلّ لِهَذَا الطّيرِ أخٌ
أوْ أُخْتٌ مِنهُ قَد حُرِمَا
واتّبَعَا الأثَرَ بِلَا كَلَلٍ
مَا أحَدٌ بِهِمَا قَد عَلِمَا
هِيَ عَشرُ دَقَائِقَ تَلزَمُنِي
وَأكُونُ بٍعَهدِي مُلتَزِمَا
قَالَ ادخُلْ جَنّةَ مَولَانَا
وَاجعَلْ مِن عِهدِك إيمَانَا
فَاجَابَ بِعَهدِي سَوفَ أفِى
وَبِصِدقِي تَجِدُ البُرهَانَا
وَالوَقتُ تَوَلّى ضِعفَاهُ وَالصّائدُ أبَدًا مَا بَانَا
وَالحَارِسُ لَعِبَ الشَكُّ بِهِ
وَالقَلبُ قَدَ اصبَحَ حَيرَانَا
فَتَسَلّلَ يَستَرِقُ السّمعَا
وَبِهَولِ الصّدمَةِ قَد فُُجِعَا
إذْ كَانَ الصّيّادُ مُسَجّى
مُصفَرّ الوَجْهِ وَمُمتَقِعَا
فَهُنَالِكَ قَد كَانَت أفعَى
وَبِفِيهَا السُّمّ قَد انتُقِعَا
وَالحَارِسُ أخبَرَ سَيّدَُه
فَأجَابَ كَأنّي بِالأفعَى لِقضَاهًا قَد جَاءَت تَسْعَى
وَبٍلَحظَةِ رَفَعُوا الجُثمَانَا
وَالحَيّةُ بِالثّوبِ المَلِسِ
عَاجَلَهَا أحَدُهُمُ بِالسّيفِ
فَفَصَلَ الجِسمَ عَنِ الرّأسِ
(حَتّى الثّعبَانُ أتَى يَوْمُهْ)
وَالحَارِسُ بَشّرَ سَيّدَهُ بِقَضَاءِ الجُندِ عَلَى الحَيّةْ
وَانتَظَرَ لِبُشرَاهُ هَدِيّةْ
أوْ يَحظَى مِنهُ بِتَرقِيّةْ
لَكِنّ الصّدمَةَ مَا خَطَرَتْ
فِي بَالِ الحَارِسِ أوْ مَرّتْ
إذْ قَالَ زُبيدَةُ أمسِ العَصرْ
وَجَوَارِي القَصرْ
وَالفَتَياتُ المَحظِيّاتْ
قَد كُنَّ ذَكَرنَ الحَيّةَ أمسْ
صَفرَاء اللّونِ لَهَا قَرنَانْ
سَاعَةَ تَهجِمُ فَلَهَا جَرْسْ
وَلِخَوفِ الكُلّ مِنَ الحَيّةْ
قَد ألغَينَا أمسِ الحَفلَةْ
وَالسّهرَ مَعًا تَلكَ اللّيلَةْ
أمَّا وَالحَيّةُ قَد هَلَكَتْ
وِبِحدسِي يَومُكَ مِنكَ دَنَا
فَاذهَبْ لِتُهَيّىءَ مَجلِسَنَا
لَا تَنسَ جَمِيعَ المُتّكَآتْ
وَعَلَيهَا فُرُشٌ وَطَنَافِسْ
لِتَكُونَ اللّيلةُ لَيلَتنَا
أحلَى اللّيلَاتْ
وَالحَارِسُ فِي الأرضِ تَسَمّرْ
مِمّا قَد قِيلَ وَما سَمِعَا
وَالموتُ تَبَدّى فِي عَينَيهْ
وارتَجَفَ الخوفُ عَلَى شَفَتَيهْ
وَأخيرًا حَسَمَ الأمرَ وَقَرّرْ
إنْ حَقًا مِنِي الأجَلُ دَنَا
فَسَأجعَلُ آخِرَ سَهرَاتِي وأوَاخِرَ لحظَاتِ حَيَاتِي
يتبع ... Izz El-Deen Izz El-Deen Abu-Maizar أنّي مَعَهُم أنَا أسْهَرْ
وأرَى هَارونًا كَيفَ يَعيشْ
وَجَوارِي القَصرِ وَلِبسَ الرّيشْ
إنْ حَقًا مِتُّ أقولُ رَأيْتْ
مَا ذُقتُ وَلكِنّي أبْصَرتْ
وأكُونُ بِفِعلِي قَد حَقّقتْ
أكثرَ مَا الغَيْرُ تَصًوّرْ
وَالعَينُ تَقَرّْ
وَقُبَيلَ المَوعِدِ صَعَدَ لِشَجَرَةْ
يَنتَظِرُ القَوْمْ
هَارُونُ أتَى مِثلَ الطّاوُوسْ
يَختَالُ بِمِشيَتِهِ كَعَرُوسْ
وَبِصَدرِ المَجلِسِ قَد جَلَسَا
وَعُيونُ الكُلّ لَهُ تَنظُرْ وَعَليهِ العِزّ قَدِ انعَكَسَا
وَالأكلُ إذَا مَا لذّ وَطَابَ
يَكُونُ حَدِيثُهُمُ هَمْسَا
استأذَنَ هَارُونُ زبَيْدَةْ
أنْ يَأخذَ إحدَى المَحظِيّاتْ
والرّاوِي لَمّا حَدّثَنَا
قَد قَالَ بِأنّهُمَا اختَارَا
لَهُمَا شَجَرَةْ ذَاتَ الشّجَرَةْ مَن فِيهَا حَارِسُنا خَنَسَا
مِن بَعدِ القُبَلِ وبَعضِ عِنَاقْ
بِدَلَالٍ رَفَعَت عَينَيهَا
وَلِتَشهَقَ مِمّا أبصَرَتَا
هَلْ طَيْرٌ فِي صُورَةِ رَجُلٍ
أمْ رَجُلٌ فِي هَيئَةِ طَيْرْ ؟
وَمِنَ ايْنَ أتَى
وَعَلَيهَا الأمرُ قَدِ التَبَسَا
هَارونُ رَآهْ مَا قَالَ سِوَى سُبحَانَ اللهْ
أعَجِلْتَ لِيَومِكَ يَا إنْسَانْ
فأجَابَ وَيومِي آخرُ يَوْمْ
إنِي واللهِ حَفظتُ الدّرسْ
قَد قُلتَ الطّيْر لَهُ يَومُهْ
وَأتاهُ اليَومْ
مِن بَعدِ الطّيرِ بِلَا مِيعَادْ
رَجَعَ الصَيّادْ
كَي تُفرِغَ فيهِ الأفعَى السّمْ
وِلِتَلقَى الحَتفَ بِنَفسِ اليَومْ
وَاليومُ اليومُ أتى دَورِي
وَأنَا لَا يُرهِبُني المَوتْ
أوْ تُرهِبُني حَتّى أنْتْ
فاقضِ عَلَي بِمَا أحبَبْتْ
لَكِنْ أخبِرنِي عَن يَومِكْ
(أوْ مِثْلُكَ لَا يَأتِي يَوْمُهْ)
أطرَقَ هَارونُ بِعَينيهِ
وَهُدوءٌ قَد نَزَلَ عَلَيْهِ
وَبِصوتٍ مَملُوءٍ إيمَانْ
جَعَلَ يَقُولُ أنَا السّلطانْ
بِيَديّ الأمْرْ
وَالدّنيَا هَذِي غَرّتنِي أنَا لَستُ اللهَ أنَا إنسانْ
واللهُ تَعَالى قَد أرسَلَكَ لِتُنذِرَنِي وَتُذَكّرُنِي
هَا نَحنُ اثنَانْ
لِلدّول نَقولُ وَلِلأفرَادْ
لَا أحَدٌ بِالدّنيَا يَغتَرّْ
(إذْ كُلّ يَأتِيهِ يَوْمُهْ)
د.عزالدّين Izz El-Deen Izz El-Deen Abu-Maizar ❤️
#عزالدين_أبو_ميزر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدّيكُ والكلبُ-قصيدة
-
بِلَا مَوعِدَةِِ يَأتِي الأمر
-
ثُلَاثِيّةُ -قصيدة
-
فِي الجَهَلَةِ قَد كُنّا أشْطَرْ ...
-
وَنَالَ فِيهَا خَسِيسُ القَومِ أوْسِمَةً-قصيدة
-
هي الحقيقة-قصيدة
-
النّفسُ اللّوّامَة-قصيدة
-
الفقير والغني-قصيدة
-
من سواك لنا...
-
سرّ الأسرارِ بذيلِ حِمَارْ
-
وَيَبقَى اللهُ هُوَ الأعلَى ..
-
رواية اليافعين -مايا- ولوعة المغتربين
-
الذئب والغنم-قصيدة
-
اللصّ وفتوى المرحلة
-
إقرأ وتدبّر-قصيدة
-
يَحتَرِقُونَ كَعُودِ ثِقَابْ
-
جمال اللغة الشاعرية في وطن على شراع الذاكرة
-
سَيَأْتِي القَدَرُ بِمَوْعِدِهِ
-
قراءة في كتاب ( رسائل من القدس وإليها)
-
لو أنّ فرعون...
المزيد.....
-
-فلسطين.. شعب لا يريد الموت-.. كتاب جديد لآلان غريش
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 177 مترجمة للعربية معارك نارية وال
...
-
الأزمة المالية في كردستان تؤدي إلى تراجع النشاطات الثقافية و
...
-
جمال سليمان من دمشق: المصلحة الوطنية السورية فوق كل اعتبار (
...
-
جمال سليمان يوجه رسالة بعد عودته لدمشق عن جعل سوريا بلدا عظي
...
-
إبراهيم اليازجي.. الشخصية التي مثّلت اللغة في شكلها الإبداعي
...
-
-ملحمة المطاريد- .. ثلاثية روائية عن خمسمائة عام من ريف مصر
-
تشيلي تروي قصة أكبر تجمع لفلسطينيي الشتات خارج العالم العربي
...
-
حرائق كاليفورنيا تلتهم منازل أعضاء لجنة الأوسكار وتتسبب في ت
...
-
بعد غياب 13 عاما.. وصول جمال سليمان إلى سوريا (فيديو)
المزيد.....
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
المزيد.....
|