أحمد رباص
كاتب
(Ahmed Rabass)
الحوار المتمدن-العدد: 7559 - 2023 / 3 / 23 - 01:32
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
انتقد ديكارت مرة أخرى المدارس السكولائية، وخاصة الجدل الذي يتم تدريسه في هذه المدارس (السجال الذي يتم خلاله الدفاع عن أطروحة باستخدام المنطق أو القياس). يُظهر ديكارت بالفعل أن القياس المنطقي صوري بحت، وأن أي شخص يستخدمه لا يمكنه الوصول إلى حقيقة ما يستتبطه إلا إذا كان يعرف الإجابة بالفعل، أو الحقيقة المادية لهذه لأخيرةا. بمعنى آخر: القياس المنطقي عقيم.
في القاعدة الثانية عشرة ، يقدم ديكارت الخيال والحواس والذاكرة على أنها قادرة على "إنقاذ" الفهم أثناء البحث عن الحقيقة. ومع ذلك، يجب استخدامها بحذر ، لأنها يمكن أن تكون أيضا مصادر للخطإ: "صحيح أن الفهم وحده لديه القدرة على إدراك الحقيقة؛ ومع ذلك، يجب أن يساعده الخيال والحواس والذاكرة"، على حد تعبير ديكارت.
إنه يفحص الآلية العامة للإحساس، ويأخذ الصورة الأرسطية للشمع الذي تنطبع عليه أشكال الأشياء.
والمثير للدهشة أن ديكارت هنا (وليس في مقدمة محتملة) هو الذي وضع تصميم الكتاب. إنه يفرق بين القضايا البسيطة والأسئلة .
ينقسم هذا التصميم إلى ثلاثة أقسام. يتشكل القسم الأول من القواعد الاثني عشر الأولى، التي رأيناها للتو، تتعلق بقضايا بسيطة، بديهية من تلقاء ذاتها.
ويتكون الجزء الثاني من القواعد الاثنتي عشرة التالية، والتي تتعلق ب"الأسئلة المفهومة"، وإن " يك جوابها غير معروف".
يحتوي هذا الجزء، الأقل فلسفة، على أسئلة لا تظهر إلا في الحساب والهندسة؛ كما أنها ستبدو قليلة الفائدة لأولئك الذين ليسوا على دراية بهذه العلمين. لذلك لن تهمنا هنا.
الجزء الثالث، يأخذ على سبيل الموضوع الأسئلة "المفهومة بشكل غير كامل". لم يكتب عنه ديكارت ولو كلمة واحدة.
لذلك على كل شخص يريد أن يبحث بجدية عن حقيقة الأشياء ألا يقوم باختيار علم معين؛ بل عليه أن يفكر إلا في تطوير النور الطبيعي لعقله، وليس في حل هذه الصعوبة المدرسية أو تلك، ولكن حتى يظهر فهمه بمحض إرادته في كل مناسبة من حياته الاختيار الذي ينبغي القيام به.
يشكل "قواعد توجيه العقل"، المؤلف بين عامي 1628 و1629 ، والذي نُشر بعد وفاته كما قلنا منذ البداية، أول نص فلسفي رئيسي بقلم ديكارت.
من خلال هذه القواعد، يهدف المؤلف إلى توضيح طريقة حل جميع الأسئلة التي يمكن أن تطرح على الإنسان، وإظهار الوحدة الأساسية للفكر، بطريقة تعلن عن "خطاب في المنهج" (1637).
تم تقديم المنهج في هذا الكتاب كترتيب للطبائع، كماتم عرض العمليات الرئيسية للفكر من حدس واستنباط. في نفس الوقت، صاغ ديكارت مشروع الرياضيات الكونية، هذا العلم الذي، باعتباره علمًا شاملا للنظام والقياس، يجب أن يجعل من الممكن حل جميع الأسئلة، وليس فقط تلك التي يمكن حساب حلها رياضياتيا بالمعنى الدقيق للكلمة. هناك العديد من الموضوعات التي تجعل دراسة القواعد تكملة لدراسة الخطاب حول المنهج.
لذلك ينتهي هنا عرضنا لهذا الكتاب، الذي لم يتم نشره إلا بعد وفاة مؤلفه. نص غير مكتمل يعود إلى فترة شباب ديكارت، أعاد صياغته طوال حياته. يمكننا أن نرى فيه أقدم صياغة للمشروع الديكارتي ككل.
#أحمد_رباص (هاشتاغ)
Ahmed_Rabass#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟