أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود نزال - صفد وعين اذار














المزيد.....


صفد وعين اذار


محمود نزال

الحوار المتمدن-العدد: 1696 - 2006 / 10 / 7 - 09:51
المحور: الادب والفن
    


على غير عادة العادة، ازهر الربيع مبكرا جدا ذلك العام، وانتشرت ازهار الاقحوان ومزارع الحنون الاحمر العشوائية التي تميز سفوح الجليل، ومن البعيد لاحت السفوح المزركشة وكأنها تتزين للعرس الذي طال انتظاره.
هل سقطت في حبه؟ هي لا تعرف ولا تجرؤعلى التفكير بذلك، فمنذ اجتمعت الآلهة وقررت قطع العلاقة مع البشر قبل سنين، لم يحدث ان تجرأ احد على الحديث عن هذا الموضوع ابدا. لكن صفد لا تستطيع انكار حبها اطلاقا... للحظة حلمت لو كان بامكانها ان تتقدم منه لتقدم له باقة الحنون التي جمعتها، لكنها تراجعت، وسارت خلفه وهو يتمايل بين الازهار حاملا فأسه في طريقه الى حقله الصغير. كان آذار في اوج قوته وكانت الارض تتراقص تحت قدميه وهو يداعب التراب بفأسه الطرية وكأنه يفتح الطريق امام الازهار لتشمخ اكثر واكثر. وهناك، في ظل زيتونة قديمة قدم الزمن، جلست بشغف ترقبه و... وتحلم.
شيء ما كان يدور في خلدها وهي تحدق فيه، وللمرة الاولى تجرأت ان تتمنى بهمس لو انها لم تكن ابنة ايل، ام الآلهة المتجبرة، فربما كان تمردها سيغدو عاديا، لكنها الوريثة الوحيدة لعرش امها ومحط انظار الجميع، فمنهم من يريدها لجمالها، ومنهم من يريدها للتركة التي تنتظرها، واي تركة اعظم من الوهية الارض؟؟
كانت محور حديث الجميع ولكنها لم تكن يوما جزء منه، فمنذ سنين، ها هي كل يوم تتسلل الى الارض، لتراقب حبيبها المنشود، تشعر بالنشوة وهي تراقبه من البعيد والحلم الجميل يدغدغ جسدها الطري بنشوة لا تنتهي.
وفي لحظة لا يمكن ادراكها، وجدت نفسها تلقي بجسدها بين ذراعيه، وتهمس في اذنه وصدره بتلك الكلمة التي حبستها لسنين طويلة...
اما آذار فتراجع مندهشا وخائفا قبل ان القت عليه صفد سكينة غريبة اعادت له توازنه، واشعرته بنشوة دافئة طردت برد الصباح الربيعي من عظامه. فجلسا بين الاشجار وقررا، قررا الحياة معا على الارض هنا، تعاهدا ان يعيشا معا، وتنازلت صفد عن عرش الارض الذي ينتظرها مقابل حب حقيقي ملأ قلبها الناعم ومقابل كوخ صغير يجمعها بمن اختارت.
واشتعلت السماء، كان الجميع في صمت مطبق في مجلس الآلهة، ينتظر ان تهدأ ايل لتصرح بقرارها، وتصدر حكمها، واي حكم ينتظر صفد المتمردة غير الموت، واي موت اعظم من موت الآلهة؟؟؟
ولكنها لا زالت هادئة، تحدق حولها بهدوء غريب، وربما كانت تتهرب من التصريح بما يدور في داخلها، وارتجت الجدران حين نادت الحراس بصوتها الدي لا نهاية له فارعدت السماء وقطب حاجبيها لتجتاح المكان غمامة سوداء تغطي المدى من البعيد الى البعيد، واشعت عيناها ببريق يضيء الفراغ ويصل الارض بالسماء في شعاع مخيف...
وآذار هناك، يركض ويده بيد صفد تحت زخات المطر، ويلهوان بفرح جنوني كأن ليس هناك من شيء غير حبهما...
وفجأة ظهرت ايل محاطة بحراسها، فاهتزت الارض ودمعت عينا صفد وهي تحدق في وجه امها الذي تفتقده منذ امد، واجتاحها حنين غريب لتلك الايام حين كانت تلقي رأسها في حضن والدتها لتهرب من كل شيء واي شيء، لكن صنمية نظرات ايل منعتها، فتراجعت لتتكئ على كتف آذار الذي لا زال جامدا في مكانه لا يقوى على الحركة، وحين رفع الحراس سيوفهم، فر آذار من المكان هاربا، فاشارت ايل الى حراسها ان يتراجعوا، واحتضنت ابنتها وطارت بها الى السماء وآذار لا زال يركض محاولا الابتعاد... وعادت ايل حين ارتفع عويله ووصل الى السماء لتجده جالسا يبكي، فانفجر غضبها واقسمت ان تنتقم منه وان تجعله يبكي طوال الزمن، ولا زال...
فمنذ زمن يجهله الجميع، لا زالت عين الماء التي يطلق عليها عين الولهان، تتدفق وكأن ليس لها نهاية وماؤها يروي كافة قرى منطقة الجليل ومزارعه الخضراء. ويعتبر السكان في المنطقة تدفق هذا النبع من الفتحتين المحفورتين في الصخور، هو لحظة اكتمال موسم المطر ولا تصل النبعة الى هذا المستوى الا مع بداية آذار... ولهذا يطلق الكثيرون على هذه النبعة اسم عين آذار....



#محمود_نزال (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- وصف مصر: كنز نابليون العلمي الذي كشف أسرار الفراعنة
- سوريا.. انتفاضة طلابية و-جلسة سرية- في المعهد العالي للفنون ...
- العراق.. نقابة الفنانين تتخذ عدة إجراءات ضد فنانة شهيرة بينه ...
- إعلان القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2025 ...
- بينالي الفنون الإسلامية : مخطوطات نادرة في منتدى المدار
- ذكريات عمّان على الجدران.. أكثر من ألف -آرمة- تؤرخ نشأة مجتم ...
- سباق سيارات بين صخور العلا بالسعودية؟ فنانة تتخيل كيف سيبدو ...
- معرض 1-54 في مراكش: منصة عالمية للفنانين الأفارقة
- الكويتية نجمة إدريس تفوز بجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربي ...
- -نيويورك تايمز-: تغير موقف الولايات المتحدة تجاه أوروبا يشبه ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود نزال - صفد وعين اذار