|
عود على بدء : نحن والخط الثالث
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 7366 - 2022 / 9 / 9 - 22:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يجري تداول عبارة – الخط الثالث – على أكثر من صعيد ، وفي أكثر من مناسبة ، ومقام ، وعلى سبيل المثال عدما يتنافس حزبان رئيسيان في الدول المستقلة للفوز بالسلطة ، تظهر قوى او أحزاب أو تيارات سياسية وتحاول خرق الاستقطاب الثنائي ، وتطرح نفسها بديلا كخط ثالث ، وفي بلدان أخرى عندما تشتد الازمة بين اهل النظام السياسي الطائفي ، وتعلى وتيرة المواجهات ، تنبري منظمات قوى المجتمع المدني كقوة وطنية مستقلة محايدة كطرف ثالث غير طائفي لاصلاح النظام ، وحل الازمة ، وفي حالات أخرى لدى استمرارية الصراع العنفي والسياسي ، والثقافي بين نظام دكتاتوري مستبد ، وبين المعارضة من دون حسم او التوصل الى حلول ، تنمو قوى جديدة لم تتورط في اعمال العنف ، او الفساد ، او الاجرام بحق المجتمع ، وتطرح مشروعها الانقاذي كقوة ثالثة بمعزل عن الطرفين . " الخط الثالث " في الحالة الكردية السورية في الأنماط التي اشرنا اليها أعلاه كأمثلة ، تتعلق بدول مستقلة ذات سيادة ، وبأنظمة سياسية ، وحكومات تجري فيها اللعبة الديموقراطية حول تداول السلطة ، أو يتم فيها خاصة في بلدان الشرق الأوسط استخدام الدين ، والمذهب ، والطائفة ، والقومية لأغراض حزبية ، ومنافع فئوية ، وبالاخير لاستحواز السلطة باي ثمن ، ثم تظهر فيها الخيارات ( الثالثة ) كبديل مطروح محتمل لتحكم بدلا عنها . من الملفت ان هناك في ساحتنا من يقلد بصورة خاطئة تلك الأنماط من دون تمييز بين ظروف المكان ، والزمان ، وطبيعة المرحلة التاريخية ، فنحن بالحالة الكردية السورية الخاصة لسنا في مرحلة الصراع على السلطة في كيان كردي مستقل ، حتى نزاحم أحزابا حاكمة ، او ننخرط في معارضة ضد نظام قومي كردي قائم كخط ثالث ، ثم نتخذ مسارا وسطيا محايدا بين حزبين او طرفين متنافسين . نحن مكون قومي من السكان الأصليين نعيش ضمن الدولة السورية الحديثة منذ نحو قرن ، وتجاهلنا هذا الكيان في الدستور والقوانين ، والحقوق ، نشأت حركتنا القومية ، والوطنية منذ عشرينات القرن الماضي كحاجة موضوعية للتعبير عن هويتنا وارادتنا وتمثيل طموحاتنا ، بعد تخلي كل التيارات السياسية في الحركة الوطنية السورية القومية العربية ، واليسارية ، والإسلامية عن الدفاع عن وجودنا ، وحقوقنا ، وخلو برامجها من القضية الكردية ، وقد قامت تعبيرات الحركة الكردية السياسية ، والثقافية خلال اكثر من مائة عام بتبني طموحات واهداف شعبنا ، وقدمت التضحيات الجسيمة ، واصابت واخطأت ، وحققت خطوات خاصة بمجال الحفاظ على الوجود القومي ، واخفقت في تحقيق اهداف أخرى ، ولكنها ظلت الأداة النضالية الوحيدة بكل علاتها ومازالت على درب النضال مع كل التطورات ، والتبدلات في المراحل ، والبرامج ، والافراد ، ومع كل الملاحظات ، والمآخذ . وهكذا فان حركتنا الكردية السياسية قوية كانت ام ضعيفة ، موحدة كانت ام مفككة ، سليمة كانت ام مأزومة ، تبقى هي الاطار الوحيد لمجالنا الحيوي ، وسلاحنا الأوحد في نضالنا الراهن ، والمستقبلي ، ومتنفسنا ، ومصدر الهامنا على درب التغيير ، من دونها لن تكون لنا قائمة ، ولا دور ، وبدونها لن نحقق خطوة واحدة تجاه نيل الحقوق ، وتحقيق الإنجازات ، وحل القضية الكردية سلميا وديموقراطيا ، والمشاركة في الواجبات الوطنية ضد الاستبداد ، ومن اجل الديموقراطية ، والتغيير . هذه الحركة تنوء الان تحت اثقال عجز وهزائم الأحزاب الكردية لدى طرفي الاستقطاب ، تصدعت ، وانقسمت ، تحت ضربات أصحاب المصالح الحزبوية الضيقة ، وانشطرت ، وارتمت بين احضان المانحين الخارجيين الذين صادروا استقلاليتها ، ويستخدمونها لخدمة اجنداتهم ، وعلينا انقاذها ليس باستخدام نفس أساليب المسؤولين المتنفذين في تلك الأحزاب ، بل بالطرق المدنية الديموقراطية وبكل شفافية ، ومن يقوم بهذه المهمة النبيلة هم من صلب شعبنا ، ومن شاباتنا وشبابنا ، ووطنيينا المستقلين ، وفي الحالة هذه سموا المنقذين ماشئتم : خط ثالث او اول او ثاني لايهم وهم بالحقيقة خط غالبية الوطنيين الكرد السوريين ، ولايبحثون لا عن سلطة ، او جاه ، او حكم ، او معارضة ، انهم يبحثون عن سبيل توفير شروط عقد المؤتمر الكردي السوري الجامع ، الذي سيقرر المشروع الكردي للسلام القومي ، والوطني ، وسينتخب من يمثل الشعب الكردي ، بل ان تحقيق ذلك بات مدخلا لابد منه لحق تقرير المصير . مسألة إعادة بناء الحركة الكردية السورية لم تعد تتحمل التأجيل فتزداد تعقيدا كلما طال امدها ، حيث التراجعات تصيب بنيتها التحتية يوما بعد يوم بفعل مخاطر العبث في بنية الفكر القومي التي جلبها الوافدون معهم من كهوف قنديل ، وانحرافات المسؤولين المتنفذين في أحزاب – الانكسي – عن الخط الديموقراطي المستقل ، وعمليات تسخيف الوعي ، واسكات الأصوات الحرة ، وشراء الذمم في الظروف الاقتصادية الصعبة ، الجاري على قدم وساق . اذا كان بنات وأبناء جيلنا الشاب ، وسائر الوطنيين المستقلين ، ليس بمقدورهم الان حل القضايا المعيشية ، والاجتماعية ، ومواجهة الانحرافات الفكرية ، والنهوض بالثقافة القومية الثورية الديموقراطية ، وتحقيق مشاريع التنمية ، وبناء المشافي ، والمدارس والجامعات ، وتنشيط حركة المجتمع المدني ، وإيجاد حل للقضية الكردية ، فان باستطاعتهم توفير السبل لتحقيق ذلك مستقبلا ، واولها سبيل إعادة بناء وتوحيد الحركة الكردية ، وقد يطول الطريق او يقصر الا ان ذلك هو المخرج الوحيد . من اجل تحقيق مانصبو اليه لابد لنا من العمل على جبهتين : الأولى – إيجاد طريقة عملية غير مكلفة للتواصل الافتراضي المباشر ( وهي متوفرة بفضل تقديمات التكنولوجيا ومواقع التواصل ) ، وتبادل الآراء ، والتشاور حول الحاضر والمستقبل ، والتعاون عبر الحوار لصياغة المشروع السياسي النظري الذي لابد منه من اجل الاتقان في الخطوات العملية ، او قراءة واجراء تعديلات على مشاريع جاهزة ، وصولا الى إقرار مايجمع ، وماهو مشترك وأساسي ومفيد ، في مرحلة الاعداد والتحضير ، والثانية – تحقيق الحد الأدنى من تنظيم الطاقات العلمية ، والفكرية ، والثقافية ، والإعلامية ، والابداعية ، ليس على طريقة التنظيمات الحزبية ،بل باشكال شفافة راقية ولامركزية ، وجماعية .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العراق رهينة الشيعية السياسية
-
كانت الفرحة اكبر لو شملت الوحدة كل أطياف كردستان ايران
-
أعيدوا بناء حركتكم قبل فوات الأوان
-
من تزييف التاريخ الى تزوير الوقائع
-
التفاعل بين الثقافي والسياسي في تطور الفكر القومي الكردي
-
السورييون لن يتحملوا المزيد من المفاجآت
-
عود على بدء : التوازن بين القومي والوطني
-
الحدث الذي أعاد تعريف وتجديد الحركة الكردية السورية
-
تأملات في دروس التجربة التونسية
-
الخيار الشعبي هو الحل للازمة
-
الشرق الأوسط هدفا لاسياد - القمتين -
-
دفاعا عن الحقيقة
-
- قمم - تؤسس لنظام دولي جديد
-
إشكاليات التمثيل الحزبي
-
حوارات وطنية
-
وهل يجب وبالضرورة ان تكون البدائل حزبية ؟
-
- حق تقرير المصير -: ذلك المبدأ الذي لايعلى عليه
-
- الناتو - - - ب ك ك - - كرد سوريا
-
حروب - المجال الحيوي العنصري - روسيا بوتين مثالا
-
سياسة النأي بالنفس كرديا
المزيد.....
-
وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
-
مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي
...
-
ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
-
-تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3
...
-
ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
-
السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
-
واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
-
انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
-
العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل
...
-
300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|