|
عذاب اوريفيوس
سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي
(Saoud Salem)
الحوار المتمدن-العدد: 7327 - 2022 / 8 / 1 - 16:33
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
أركيولوجيا العدم العودة المحزنة لبلاد اليونان ١٦ عذاب اوريفيوس
بعد موت يوريديس، أصبح أورفيوس تعيسا يأكل الحزن قلبه لا عزاء له، واعتزل الناس وذهب ليعيش في البراري بين وحوش وحيوانات الغابة والجبال. وهناك عدة سيناريوهات وقصص حول نهايته المفجعة. بحسب بوسانياس Pausanias، فقد صعقه زيوس نفسه وأرداه قتيلا لأنه كشف أسرارًا إلهية لديانة جديدة وبدأ تلقين طقوسها للبشر. أما سترابون Strabon، فقال بان أورفيوس لقي حتفه في انتفاضة شعبية. أفلاطون من جانبه قال أن الآلهة عاقبته لأنه أراد أن يتظاهر عند وفاة يوريديس بألم لم يشعر به في الحقيقة. أما القصة الأكثر شيوعا فترجع مقتله للنساء من أتباع ديونيسوس أي الباكانت Bacchantes أو الميناد Maenads. فالميناد هن الراقصات والموسيقيات المهووسات بديونيسوس، حيث يمارسن الغناء والرقص شبه عاريات في مواكب ديونيسوس، أما الباكانت فهن النساء التي تقلد الميناد في المواكب الدينية الدونيسية. ويبدو أنه تحت الإحساس بالغيرة وبالإستياء العميق لرؤية أورفيوس يعتزل النساء وما يزال مخلصًا لـزوجته Eurydice فقتلوه ومزقوا جسده وقطعوا أطرافه إربًا. فيما يتعلق بـالنساء اللائي قتلته، يقول البعض أنه عندما كان كل من أفروديت وبيرسيفوني في حالة منافسة حب مع أدونيس، تم تعيين والدة أورفيوس كاليوب قاضية من قبل زيوس لتحكم بينهن، وقررت كاليوب أن تمتلك كل منهن آدونيس نصف العام. ويبدو أن هذا الحكم لم يرق لأفروديت ورفضت هذا القرار، ولذلك لتنتقم من كاليوب، أثارت كل النساء في تراقيا بالرغبة في تملك إبنها أوريفيوس، كل واحدة تسعى إليه لنفسها، حتى مزقوا أطرافه. لكن البعض يؤكد أن هؤلاء النساء تم تحريضهن من قبل ديونيسوس نفسه Dionysos الذي كان غاضبًا من أورفيوس لأنه فضل عليه أبوللون، فحينما غزا ديونيسوس تراقيا Thrace، أهمل أورفيوس تكريمه وعلّم الناس أسرارا مقدسة أخرى تُعرف باسم الأورفية Orphism مما أزعج ديونيسوس فسلمه إلى الميناد في مقدونيا. فانتظرن حتى دخل أزواجهن معبد أبولو، حيث كان أورفيوس يخدم طقوس أبوللون، واستولوا على الأسلحة الموضوعة خارج المعبد، واقتحموا المعبد، وقتلوا أزواجهن ومزقوا أورفيوس إربًا، وأُلقيت رأسه في نهر هيبر l Hèbre المعروف اليوم بإسم ماريتسا Maritsa في تراقيا. عندما ألقيت رأس أورفيوس في النهر استمرت في الغناء "Eurydice ، Eurydice" وهي طافية على مياه النهر، وعندما وصلت إلى البحر حملتها التيارات البحرية حتى جزيرة ليزبوس Lesbos، حيث تم إنشاء ملاذ sanctuaire ومعبد للنبوءة oracle. جمعت ربات أو ملهمات الشعر The Muses أعضاءه ودفنوها عند سفح جبل الأولمب Olympe، في Thessaly حيث تبدو أغاني العصافير أجمل من أي مكان آخر على ما تقول الأسطورة. كان قبره، الذي يتألف من عمود تعلوه جرة صغيرة فيها رماد أعضاءه المتبقية، موضوع أسطورة غريبة ذكرها بوسانياس: وفقًا لنبوءة ديونيسوس، إذا تم الكشف عن رماد أورفيوس في وضح النهار، فإن خنزيرا بريا سيخرب المدينة. وذات يوم كان أحد الرعاة نائما ورأسه على قبر أوريفيوس، وبينما كان يحلم، بدأ يغني تراتيل وقصائد الشاعر، جاء العمال الموجودون في الحقول المجاورة على الفور يركضون بأعداد كبيرة وتجمعوا حول القبر في زحام شديد لسماع غناء الراعي النائم وأدى أن أحدهم تسبب في إسقاط الجرة وكسرها ونثر رماد الشاعر. وفي نفس المساء تسببت عاصفة عنيفة في سقوط أمطار غزيرة أدت إلى فيضان نهر سيس Sys مما أدى إلى تدمير المدينة ومعالمها الرئيسية. وهكذا تحققت النبوءة وخرب الخنزير المدينة لأن إسم النهر سيس يعني الخنزير. وهناك أسطورة أخرى بخصوص رأس أورفيوس، فبعد مهاجمته من قبل ثعبان ليمنوس Lemnos، والذي حوله أبولو على الفور إلى حجر، تم نقله إلى كهف في أنتيسا، مكرسًا لعبادة ديونيسوس. هناك، بدأت رأس أوروفيوس بإعطاء النبوءات ليلًا ونهارًا لدرجة أن الناس هجروا نبوئات أبوللون في دلفي وفي أغلب المعابد المخصصة لهذا الغرض، مما دفع أبوللو ذات يوم للمجيء لرؤية رأس أورفيوس ويصرخ فيه قائلا: "توقف عن التدخل في عملي!" ومنذ ذلك اليوم عم الصمت في المعبد وتوقف أوروفيوس عن التنبؤ بمصير البشر.. أما بخصوص قيثارة أوريفيوس التي حملتها المياه بدورها إلى جزيرة الشعر Lesbos، حيث تم نقلها تم إيداعها في معبد أبوللو، كان لمسها محرما ويعتبر تدنيسًا للمقدسات. وتقول الأساطير بأن إبن طاغية المدينة اراد ان يجرب مواهبه الموسيقية ويعزف على القيثارة المقدسة، مما أدى إلى تجمع العديد من الكلاب التي أجتذبتها أنغام القيثارة السحرية والتهمته الكلاب في نهاية الأمر. وتقول الأسطورة أيضا بأن ربات الشعر طلبن من زيوس أن يرفع القيثارة للسماء تكريما للشعر والموسيقى، وبالتالي خلق زيوس ما يعرف اليوم بكوكبة القيثارة constellation de la lyre وهي كوكبة صغيرة تقع في نصف الكرة السماوية الشمالي.
يتبع
#سعود_سالم (هاشتاغ)
Saoud_Salem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أورفيوس والنزول إلى الجحيم
-
عروس البحر
-
عودة الدين
-
إنبعاث الأسطورة
-
أناكسيمين وبداية العقل العلمي
-
ورع الذئاب الإلهية
-
أناكسيماندر وتحرر العقل
-
وخلقنا من الماء كل شيء حي ؟
-
طاليس وإختراع الفلسفة
-
الخوف من الخوف
-
ماهي الفلسفة ؟
-
هزيود، الشاعر النبي
-
في البداية، كان الشعر
-
ليعم الصمت
-
مقابلة صحفية مع الله - الحلقة الأخيرة
-
مقابلة صحفية مع الله - الحلقة الثانيةَ عَشْرَةَ
-
مقابلة صحفية مع الله - الحلقة الحاديةَ عَشْرَةَ
-
عن السماء وفلسفة الكون
-
مقابلة صحفية مع الله - الحلقة العاشرة
-
درع آشيل
المزيد.....
-
بشخصيتين.. دنيا سمير غانم -عايشة الدور- في رمضان
-
لماذا لم يُبعد السجين الأردني في إسرائيل عمّار الحويطات إلى
...
-
سوريا: تنصيب الشرع -الجولاني- رئيساً للمرحلة الانتقالية وحل
...
-
تعيين أحمد الشرع رئيسا لسوريا في المرحلة الانتقالية
-
تركيا تعلن مقتل 3 من مواطنيها بغارة إسرائيلية على الحدود الل
...
-
إعلام مصري يبرز -لاءات- السيسي الحاسمة على مقترح ترامب
-
إيطاليا تواجه اتهامات بالتنصل من التزاماتها الدولية بعد الإف
...
-
الرئيس الألماني يحذر من ارتداد بلاده إلى -عصر مظلم-
-
الدفاع الروسية: إسقاط 4 مسيرات أوكرانية فوق القرم وبيلغورود
...
-
كينيدي جونيور: أنا داعم للسلامة والتقارير الإعلامية حول اللق
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|