غريب في مدينة أليفة 7

علوان حسين

الحوار المتمدن-العدد: 7321 - 2022 / 7 / 26 - 02:24
المحور: الادب والفن
    

ريب في مدينة أليفة 7
أشياء كثيرة تستحق أن تقال عن بغداد وأشياء أخرى ينبغي طمسها أو حذفها من الذاكرة . في بغداد تتقبل كونك حر تستطيع ان تقول ما تشاء في الوقت ذاته تشعر في أن جدران خفية قد تطبق عليك في أية لحظة تبدد لك وهمك بحرية متخيلة . في بغداد ومن حسن الحظ أنا شخص مجهول غريب وأليف شخص لا صفة له ولا يدعي بطولة أو يتقمص دورا فضفاضا لا يناسبه . أيضا انا شخص قادم من خارج المدينة لست منها وأيضا أكون السمكة تسبح في مياهها الضحلة كان بذرة أو نطفة قذفت في رحمها ومن هذا الرحم ولدت لأشهد مولدها وأفولها الذي هو أفول الأحلام وموت الفكرة التي ولدت معنا منذ كلكامش حتى آخر حالم لم يولد بعد . في بغداد إعتدت الصحو قبل ان تصحو الشمس آخذ دوشا صباحيا ينعش حواسي ثم فطوري المعتاد بعدها أكون في حالة تهيؤ لجولة صباحية في شوارع المدينة وأزقتها ودرابينها الضيقة كأني أبحث عن وجه أضعته متفرسا في الوجوه كما تفعل كاميرا موضوعة في مكان خفي لا يشعر به أحد . على أحد الأرصفة شاهدت رجلا جالس القرفصاء ينتحب ماسكا رأسه بين يديه إقتربت منه حييته بلطف :
- خير أخي ان شاء الله خير
- خير من أين يجيء الخير ؟
- ليش يا وجه الخير ؟
- الخير راح مع أهله ، هذا زمن أغبر
- أراك ماسكا رأسك وعيونك محمرة عسى ان لا يكن المصاب جللا ؟
- المصاب جلل وخطير
- يا ساتر ممكن توضح أخي الكريم كلامك أقلقني
- تصور الشرطة هذا الصباح لم تجد أحدا تعتقله أحزر ماذا فعلت ؟
- ماذا فعلت ؟
- أعتقلت هذا الصباح نبيا كليما لله !
- لكنهم قالوا عنه بأنه رجل قد يكون مصاب بلوثة عقلية وأنه يدعي النبوة وليس نبيا
- ما أدرانا أنه ليس نبيا ؟
- لأن الرسول قال لا نبي من بعدي
- ومن كان معه حين قال هذا الكلام ؟
- الذين نقلوا لنا الدين بكتابه وأحاديثه
- رجل في قرية لا نبت فيها ولا زرع قال أنا النبي قبل ألف واربعمائة سنة لم نره ولا تحدثنا معه صدقناه لماذا لا نصدق رجلا يعيش بيننا لعله نبي حقا ؟
- يعني لو كل شخص أوقف الناس في شارع صارخا بهم أيها الناس أصغوا لي اتبعوني واطيعوني انا نبي مرسل من السماء لوجدت الآن الأنبياء ملء المقاهي لكل زقاق ودربونة نبيها الخاص بها الآن قل لي أكل هذه الدموع وهذا النحيب من أجل نبي مزعوم اعتقلته الشرطة ؟
- لا ليس من أجل نبي مزعوم بل بسبب الجدران التي يبنيها الآخرون حولنا ومن أجل حريتي التي أخذت تتناقص .

#علوان_حسين (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات