صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي
(Salah El Din Mohssein)
الحوار المتمدن-العدد: 7297 - 2022 / 7 / 2 - 17:19
المحور:
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
شعب بأكمله الآن يتابع ويفتش عن سبب سقطة نسر ضخم . هوي فجأة من علياء تحليقه ، الي الأرض ، كعصفور صغير يتعلم الطيران ، خذلته أجنحته الصغيرة غير المدربة ، وسقط !
رجل كان يجلس فوق كرسي القضاء ليحكم بين الناس بالعدل ، ويقضي بأحكام علي المخالفين للقوانين والخارجين عليها - جُنح ، وجنايات !
وكان يرفرف في علا القيادية , لنادي القضاة ، ويحلق رياضياً وسط المتنافسين علي رئاسة نادي رياضي هو أحد أهم اثنين من الأندية بالدولة
وفجأة سقط بين يدي العدالة ، ومثل أمامها كمتهم يعترف بارتكاب جريمة بشعة جداً ، هزت ضمير الرأي العام للشعب كله : قتل مع سبق الإصرار والتخطيط ، مع محاولة تضليل العدالة بإخفاء الجريمة ! ، والاعداد للهرب لخارج البلاد للإفلات من يد القانون
الناس يتأملون جريمة الزوجة القتيلة ، من يعتصره الألم ، ومن يلقي باللوم عليها لمخالفتها علي ما اتفقت معه عليه ( أن يبقي الزواج سرياً .. وهي ضاقت من تلك السرية ، وتريد اشهار الزواج للعلن ، بعد ٨ سنوات من السرِّية انها زوجة جناب المستشار . كانت تعرف انه متزوج وله بنات - أسرة - ووافقت علي خطفه من زوجته وبناته كما فعلت نساء كثيرات ومنهن نجمات شهيرات - كل من تزوجتهم كوكب الشرق أم كلثوم , وكل من تزوجتهم الفنانة الكبيرة شادية , كانوا متزوجين ولهم أُسر .. ! - يقول المصريون عن مثل تلك المرأة : خطّافة الرِّجالة .. " أم الرجل فيقولون " حقّه الشرعي " ! )
بعد ٨ سنوات سبقها حب مشتعل وعشق ملتهب ، وصاحب تلك السنوات ، ما لم يمكن إحصائه من القبلات والهماسيات واللمسات ، واللثمات والعضّات , ومداعبات الأعضاء الداخلية والخارجية ، ورضاعة ومص شهد الرضاب ، والذوبان في بعضهما لدرجة تقبيل كل منهما ليدي الآخر . وربما القدمين أيضاً . ففي شريعة العشق كل شيء جميل ، وامتصاص ولحس الأعضاء الجنسية . وتناول أشهر المأكولات والمشروبات وتبادل ألذ الكلمات ... الخ
بعد ذلك الذي حدث طوال ٨ سنوات .. اختلفا ، ثم احتدم الخلاف ، لمشادات ، ووصل لدرجة المناكفات ، ، وبلغ حد الكراهية بعد الحب ! والكفر بالعشق بعد طول إيمان ! وصار كل منهما يفكر في كيفية التخلص أوالانتقام ، أو النجاة ، من الطوفان ، فوق جثة الآخر . فساع بقتلها شر قتلة ، وبإحكام أفلت وإنفك !
وتحول العشق الملتهب الي جريمة قتل .. وداعاً للحب ، وداعاً للقبلات وللأحضان ، وداعا للأنصهار و للذوبان ، باي باي للعشرة الطيبة . تلك أشياء كانت خلف أبواب مغلقة ... نحن الآن أمام جثة مشوهة أمام الطب الشرعي ، في مبردة المشرحة .
المجتمع الآن كل ما يعنيه هو القتلة البشعة للمذيعة علي يد زوجها
والسقطة البشعة للزوج .. سعادة القاضي ، الذي شوه وجه زوجته الحبيبة سابقة ، بعد قتلها للحيلولة دون معرفة هويتها ، لإخفاء الجريمة ، وشوه حياة نفسه ومكانته ، ومكانة القضاء والقضاة .. ولعل زوجة كل قاضي صارت تتحسس رأس زوجها ورأسها .. فقد تكون رأسها مبطوحة وهي لا تدري !
هناك من ينظرون للقضية بمنطق : الحيّ أبقي من الميت . من مات نطلب له الرحمة .. والحيّ نتلمس له الرحمة في الحكم
فخرج بالإنترنت ، من يقوم بتشريح الحياة الشخصية للزوجة القتيلة ، بالاضافة لتشريح جثتها .. ويلقي باللوم عليها .. بأمل حصول القاتل ( زوجها ) علي حكم مخفف
والمجتمع نسي وجود ذبيحة أخري .. امرأة أخري ( وبناتها ) هي ضحية نفس القاتل . انها الزوجة الأصلية أم بناته ..
هي امرأة كانت تعيش في عز. وهدؤ ، واعتزاز بأنها زوجة رجل مهم بالدولة ، ومهم بالمجتمع . قاضي .. يحكم بين الناس .. وفِي كل ليلة تنام سعيدة مطمئنة .. وفجأة صحت علي خبر لم تتصوره . أن زوجها كان متزوجاً من امرأة أخري ! ( أقسي كارثة (شرعية ! ) يمكن أن تسقط فوق رأس امرأة من شرع غير رحيم - وطوال ٨ سنوات مضت ، وان سعادة القاضي ، هو قاتل .. قتل زوجته السرية ..
لم يتطرق أحد لتصور الكارثة التي وقعت فوق رأس تلك المرأة ، لعلها تردد / دي مصيبة وجات لي بدري ، زي الصاروخ في ودانها .
لا أحد من الاعلاميين الذين ذهبوا وأجروا مقابلات مع أهل المذيعة القتيلة ، لينقل للرأي العام ، وقع الفجيعة علي قلب الأم ، والأخت ، والجدة ، والصديقة ... ذهب لينقل وقع الكارثة علي قلب الزوجة الأصلية للقاضي ، التي كان حريصاً علي ألا تعلم بأمر زواجه من أخري غيرها ، هي وبناتها ، وماذا قال لها الناس !
ربما لعلمهم أن فجيعتها أكبر من أن يحتملوا مواجهتها ! وأكبر من تكون لديها قدرة علي الكلام. ! انها قتيلة أخري ، بلا دماء ودون دفن ، انها قتيلة وجثتها حيّة
فأغلب الناس سيتعاطفوا مع أهل القتيلة ويواسوهم ..لكن من الذين سيتعاطفوا مع زوجة القاتل - المصدومة ، المكلومة في قلبها ، والمكلومة لأجل بناتها وسمعتهن .ماذا قالت لجيرانها ، ولأهلها ولصديقاتها . وهل منهم من استطاع مفاتحتها في المأساة !؟ أم انها تري الكلام في الوجوه والعيون .. فقط .. وهل خرجت بناتها من البيت كالعادة !؟ وكيف واجهن الناس بعار والدهن ، سعادة القاضي ذو اليدين الملطختين بالدماء ؟؟ لم تعد زوجته أم بناته هي الهانم حرم سعادة القاضي ، بل زوجة القاتل الجاني الفاجر ! . ان فجيعتها ومصيبة بناتها ، لعلها تفوق بكثير مصيبة أهل القتيلة الضحية
أي إنسان قد يتحول الي قاتل ! في لحظة غضب طائش ، في نوبة عناد هستيري ، في لحظة إهانة لا تحتمل وجهت له من إنسان ما .. وما إكثر ما يحدث ذلك لأي إنسان .. من موظف أو مدير ديكتاتور ، أو زوج طاغي ، أو زوجة شريرة وماكفة ، أو جار ، أو زميل ، من نفس تلك النوعية من الناس. أو اثر مشادة - رزقه بها الله , من رزقه الواسع ! - لا كانت علي البال ولا علي الخاطر .. مع بائع , علي مبلغ زهيد جداً ! , أو مع سائق تاكسي أو بائع جرائد . فتحولت لجريمة قتل !
لن أنسي وقتما كنت شابا في أول العشرينيات من. عمري ، ذهبت لإحدي الوزات التي تقرر توظيفي بها ، طالعت كشوف التوزيع علي الإدارات ، وذهبت أكثر من مرة ولَم أَجِد اسمي . قلت أسأل الموظف المسؤول ، أشاروا لي الي مكتبه . ألقيت عليه التحية وسألته ففوجئت به يرد بعجرفة بيروقراطية فظيعة ، شعرت معها بإراقة آدميتي !
هو أطول وأعرض وأقوي مني ، لكن للآن لا أدري كيف نزل كفي علي وجهه !! ( ولا أدري لماذا عاملني هكذا واضطرني لأفعل ما فعلت ! فلا سابق معرفة لنا ولا رآني أو رأيته من قبل ! )
وأعتقد في انه لو كان في جيبي مسدس وقت ذاك لأفرغت رصاصته في رأسه , ثأراً لكرامتي ، ومن المهانة التي وجهها لي .. وكنت سأتحول الي قاتل !
لو ركزنا علي حماقات كل قتيل ، وترحمنا عليه ، وخففنا من ذنب كل قاتل وبررنا له ما فعله ، بأمل تخفيف العقوبة ( والحي ابقي من الميت - كما يقول المثل الشعبوي ).. ولو تجاوزنا عن ضرورة أن يتحكم كل إنسان في انفعالاته ، وبالحكمة يضبط قراراته وتصرفاته .. فكيف ستكون الحياة ، سوي أن تشيع فيها المجازر والمذابح ! .
الطالب المتفوق ذابح زميلته بفناء الجامعة بالمنصورة - في وضح النهار - ، والقاضي المرموق ( القيادي ) الذي قتل وشوه وجه زوجته السرية ، ودفن جثتها ، وحاول مغادرة البلاد
يوجد أرفع منهما قدرا ، وليسوا فوق المستوي البشري . بل يمكن لقدِّيس أو فيلسوف أو عالم جليل رفع رأس بلاده بمخترعاته أو أبحاثه ، أو بطل حربي ، أبلي أحسن بلاء في سبيل نصرة بلاده ، يمكن أن يرتكب جريمة من أي نوع ..
والقانون هو الحقوق التي يجب المحافظة عليها ، أمام القانون لا شفاعة لتفوق دراسي ، أو لمنصب ، أو لعبقرية علمية أو سياسية او فكرية ، ولا شفاعة لبطولة رياضية أو حربية
القاتل يجب أن توقع عليه ، درجة العقوبة التي يستحقها . لحماية الحق العام ، من أن يستخف الكثيرون بقتل غيرهم . ويستسهلون القتل .
أتذكر واحد كان يدعي بطلا قوميا في الحرب وأسموه صاحب الضربة الأولي في معركة نصر.. و بعدما حكم البلاد , ضرب وطنه وشعبه ، علي عينه وعلي مؤخرته ، وفضربه في قلبه ، وأشاع الفساد .. فهل تشفع له بطولة الضربة العسكرية الأولي ..!؟
قد يقول البعض : من كان منكم بلا خطيئة .. الخ
حسنا ،،، يعني كلنا خطاة ويجب غفران خطايا كل الخطأة ... ؟
لا بأس ، و دعوا القانون يرتكب خطايا معاقبة الخطاة .. ولنغفر للقانون أيضا خطاياه ..
======
#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)
Salah_El_Din_Mohssein#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.