|
ذهب الاستعمار البلجيكي وبقيت سن باتريس لومومبا
تأييد الدبعي
الحوار المتمدن-العدد: 7288 - 2022 / 6 / 23 - 16:06
المحور:
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
لا تذهبوا.. ابقوا معي.. كونوا أوفياء لكلمتكم ... ألم نعد لومومبا بالبقاء معه حتى النصر والحرية؟! لماذا تتلاشون واحدا تلو الآخر؟! قالت له شعرة بصوت أشبه بصوت محكوم بالإعدام طلب منه كلمة أخيرة قبل أن تفصل المقصلة جسده عن هذه الحياة: نحن أوفياء ولم نترك لومومبا، لكن لومومبا الآن في ذمة الحرية التي طالما حلم وحلمنا معه بها ولأجلها.. ونحن معه إليها لذاهبون. قالت ذلك وهي تنظر للأسيد الذي كان يأكل كل ما في طريقه مثل بركان غاضب.. ظلت السن تنظر إلى جسد لومومبا يتلاشى خلية تلو الأخرى.. وكل واحدة تصرخ وهي تنتظر دورها: نحن معك يا لومومبا! لقد انتصرنا على الجلاد! وها نحن ذاهبون معك إلى الحرية... اتحدت الصرخات كأنها قسم كان لومومبا يردده كل صباح، عله يصبح نشيد الانتصار ذات يوم. صارت السن تصرخ معهم، نحن معك يا لومومبا.. عاشت الكونغو .. يسقط الاستعمار.. وظلت تصرخ وتصرخ حتى خفتت كل الأصوات حولها.. ظنت أنها انتقلت لعالم الحرية حيث لا استعمار ولا تمييز عنصري.. لكن اكتشفت أنها كانت عصية على الأسيد، لقد تلاشى كل شيء إلا هي... يا إلهي لم بقيت وحيدة بين يدي القتلة؟! ها أنا أنظرهم كل يوم، وهم يضحكون معتقدين أنني الجزء الوحيد المتبقي من لومومبا؟ وأنا أضحك عليهم وأقول له في حريته.. سأعود إلى الكونغو ذات يوم.. سأعود يا لومومبا فأنا أناك التي تأبى الاستسلام.. أنا أنت التي قالت سأحارب الاستعمار حتى ما بعد الموت. وهم يعتقدون أنك ميت، وأنا منك أحاربهم. صرخت اليوم السن الذهبية بأعلى صوتها .. يا لومومبا ... يا أصدقائي خلايا جسد لومومبا يا كل شعرة في جسد لوموبا.. يا جيفارا.. يا عبد القادر الجزائري... يا زويا ... يا عمر المختار... يا جرامشي... يا هو تشي منه...يا فهد عطية ... يا روزا لوكسمبرغ... يا كل مناضلي العالم ... ها أنا اليوم سأعود للكونغو ... ها أنا اليوم سن مناضل بقيت بعد المذبحة تنتصر على الجلاد. وتبقى لتعود لوطن عاش و قُتل من أجله لومومبا. قتله الاستعمار ظانا أن النضال من أجل الحرية سوف يموت.. وهو لا يعرف أن النضال من أجل الحرية والعيش بكرامة لا يموت أبدا... 17في يناير 1961 اغتالت بلجيكا عبر مجموعة من المرتزقة المناضل الكونغولي باتريس لومومبا رميا بالرصاص، والذي كان في حينه رئيسا لوزراء البلاد، بعد أن ألقى خطابا ناريا تحدث فيه عن العبودية التي فرضتها بلجيكا على الشعب الكونغولي وعن خيرات الكونغو التي نُهبت طوال عقود من الاستعمار، وإمعانا في الوحشية، قام القتلة بإذابة جثة لومومبا بالأسيد، واحتفظ أحد القتلة وهو شرطي بلجيكي بسن ذهبية ظلت شاهدة على المذبحة، وبعد 61 سنة ، استعادت الكونغو السن الذهبية لومومبا.... ما أكبر هذه السن وما أعظمها... وما أصغر الاستعمار. ما أكثر المناضلين الذين قضوا على يد الاستعمار القديم والحديث، الداخلي والخارجي، منهم لم يُعرَف مصيره، ومنهم من حُرق وسُحل وقُطع إربا، ومنهم شهداء فلسطين، الذين حاربوا نسخة أكثر وحشية ودموية من الاستعمار الغربي، وإلى اليوم لا زال الاحتلال يحتجز جثامينهم فيما يسميه مقابر الأرقام. وأستذكر اليوم كلمات للشاعر العراقي عبد السلام البكر الذي قال: يأبى ولاؤك أن تضمك حفرة فأنت لأولى أن تضم الأنهرا بغداد قلبك ما تبقت بقعة إلا لثمت ترابها متعفرا ثم انثنت ذرات جسمك صعدا لتضم أرض الرافدين وأكثرا تبدو كلمات الشاعر وكأنها رثاء لكل مناضل في العالم، قُتل غيلة وظلما على يد مُحتل أجنبي، أو طاغية، وبعد القتل قتل من نوع آخر، إما احتجاز للجسد، أو حرق أو تشويه أو إذابة. يعتقد الطغاة والمحتلون أن قتل المناضلين انتصار، وهو بحكم الحقيقة انهزام، لأن المناضل فكرة، والفكرة لا يمكن أن تقتل أو تُحاصر. ولم يخف يوم مناضل حقيقي الموت أو ما سيجري لجسده الفاني بعد الموت، فقد قالتها العظيمة أسماء بنت أبي بكر لابنها عبد الله بن الزبير، عندما بث لأمه خشيته من أن يٌمَثل أتباع اليزيد بن معاوية بجسده بعد قتله :" يا بني ما يضر سلخ الشاة بعد ذبحها؟ فامض على بصيرتك واستعن بالله". ومضى بشجاعة مقبل غير مدبر حتى لاقى مصيره المحتوم مقتولا مصلوبا. اسمح لي يا عبد السلام البكر أن أتصرف بقصيدتك اليوم، وأقول من وحي قصة نضال لومومبا التي عادت بعد 61 عاما لتؤكد أن النضال باق والاحتلال والظلم إلى زوال. يأبى ولاؤك أن تضمك حفرة فأنت لأولى أن تضم الأنهرا كينشاسا قلبك ما تبقت بقعة إلا لثمت ترابها متعفرا ثم ارتقت ذرات جسمك صُعدا لتضم أرض الكونغو وأكثرا
#تأييد_الدبعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قدر أم مسؤولية؟
-
ماذا بعد رفح؟
-
درس من التاريخ لغزة وللمستقبل
-
بين القرارات بقانون والقانون .. حكاية طويلة
-
ذهب الاستعمار البلجيكي وبقيت سن باتريس لومومبا
المزيد.....
-
كيف يستعد الجنود من المتحولين جنسيًا لمواجهة ترامب بإعادة تش
...
-
الصين تحتفل ببداية عام الأفعى وسط طقوس تقليدية وأجواء احتفال
...
-
توجيه إسرائيلي لمعلمي التاريخ بشأن حرب أكتوبر مع مصر
-
الجزائر تسلم الرباط 29 شابا مغربيا كانوا محتجزين لديها
-
تنصيب أحمد الشرع رئيسا انتقاليا لسـوريا
-
منتقدا الاحتياطي الفيدرالي ورئيسه.. ترامب يطلق العنان لمبادر
...
-
أمريكا.. السجن 11 عاما للسيناتور السابق مينينديز جراء إدانته
...
-
الرئيس السوري أحمد الشرع يطلب من روسيا تسليم الأسد
-
إصابة 24 شخصا بغارتين إسرائيليتين على النبطية.. -لم يستطيعوا
...
-
إعلام: المراحل المقبلة من وقف إطلاق النار في غزة تواجه عقبات
...
المزيد.....
-
علاقة السيد - التابع مع الغرب
/ مازن كم الماز
-
روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي
...
/ أشرف إبراهيم زيدان
-
روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس
...
/ أشرف إبراهيم زيدان
-
انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي
/ فاروق الصيّاحي
-
بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح
/ محمد علي مقلد
-
حرب التحرير في البانيا
/ محمد شيخو
-
التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء
/ خالد الكزولي
-
عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر
/ أحمد القصير
-
الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي
/ معز الراجحي
-
البلشفية وقضايا الثورة الصينية
/ ستالين
المزيد.....
|