|
المعوجة الضعيفة المحاصرة بالشرف والفضيلة
منى نوال حلمى
الحوار المتمدن-العدد: 7254 - 2022 / 5 / 20 - 13:57
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
المعوجة الضعيفة المحاصرة باسم الشرف والفضيلة
----------------------------------------- " المرأة " فى ثقافتنا العربية الاسلامية ، وفى الموروثات التى ندرسها ، ونقرأها ، وفى مقررات التعليم ، وفى اسلوب تربية الأسرة الأبوية ، وفى مفاهيم الشرف ، وبنود قوانين الأحوال الشخصية ، والمواد الاعلامية ، واللغة الذكورية التى نتحدث ونكتب بها ، وفى المعانى التى ترددها الأغانى ، وغالبية الأعمال الدرامية فى الاذاعة والتليفزيون والسينما ، هى " كائن " غير مستقل بذاته ، ليس حرا بالفطرة ، ليس كاملا فى العقل والتمييز والأهلية ، دوافعه شيطانية ، انتقامه بشع وكيده مرعب .. " مخلوق " بطبيعته نجس ، مصافحته تنقض الوضوء . اسم المرأة عار ، لا تعطيه لبناتها وأولادها ، جسم المرأة من أوله لآخره عورة ، حركتها ، مشبوهة ، محرضة على الشهوات والغرائز . وجودها أصلا عبء ، فضيحة ، يجب بمجرد البلوغ ( أو ربما قبله ) أن يتم سترها ، وقبل الستر يجب الختان . والمثل يقول : " يا جايبة البنات يا شايلة الهم للممات " . وظائف المرأة التى تعطيها شرعية للبقاء ، هى طاعة الرجل دون نقاش ، خاصة فى امتاع شهوات الرجل البدائية الحسية ، الطعام والنكاح وولادة الذرية . وهى لا تستحق الا ذلك ، لأنها مخلوقة من ضلع أعوج . والنتيجة أن المعلوم من الدين ومن الثقافة ومن الفضيلة بالضرورة ، هو أن" الوصاية " على النساء " واجبة " ، وأن " امتلاك المرأة " مقدس لا نقاش فيه . ألا نسمع مقولات : " مراتى وأنا حر فيها " .. " أختى أنا اللى أحكمها " .. " الست بتاعتى " . وغيرها من مقولات الاستعباد المقنن ، والتبعية المقدسة . والتناقضات الواضحة ، فى هذه الموروثات البدوية الصحراوية ، هى كيف تكون المرأة ، "الكائن الأضعف " ، ورغم ذلك فهى " القادرة " بمجرد اظهار خصلات من شِعرها ، وان كانت طفلة ، أن " تعفرت " غرائز وشهوات الرجال ( الكائن الأقوى ) ، تنسيهم تعاليم دينهم ، وتدفعهم بسهولة متجاهلين معصية الله وغضبه . وأستحضر هنا مقولة نزار قبانى : " ينعتون الأنثى بالمخلوق المعوج وهم على اعوجاج خصرها يتقاتلون ". كيف تكون المرأة " الكائن الأضعف " ، الشيطانى ، المدنس ، المشبوه ، ثم نعهد لها بالمسئولية عن " شرف الذكور " ، و " عرض الذكور " ، سواء قبل الزواج ، من الأب والأخ والعم والخال ، أو بعد الزواج من الزوج ، والذين يتباهون بالقتل والذبح ، لاستعادة شرفهم ؟؟. حتى القانون يعطى حكما مخففا ، للزوج الذى قتل زوجته الزانية على فراش الزوجة ، هى وعشيقها ، لأن " شرفه " الموجود " حصريا " فى جسد زوجته ، تمرمط فى الطين ، و" عرضه " مدفوع الأجر ، المهر والشبكة والعفش ، قد استهزئ به ، على سريره الشرعى . أهذه عدالة قانونية ؟؟. كيف يخفف الحكم على جريمة قتل ؟؟؟. وكيف تكون المرأة المشكوكة فى شهادتها أمام المحاكم ، وحسن تمييزها للأمور ، تعطى أذنيها دون مقاومة ، لتحريض ابليس على الرذيلة ( المحصورة فقط فى النصف السفل من جسدها ) ، هى " المسئولة " عن تربية الأطفال ، وتحديد نوعية رجال ونساء الدولة فى المستقبل ؟؟. المهمة التى لا نتوقف عن تمجيدها ، وتقديسها ، ومن أجلها تترك المرأة تعليمها الرفيع وعملها المرموق ، اذا تعلمت وعملت ؟؟. كيف يكون الرجل هو الأقوى ، عقليا ، ونفسيا ، مكتمل الأهلية ، يحسن التمييز ، قادرر على ضبط انفعالاته ، وهو " يرمى يمين الطلاق " فى لحظة غضب أهوج، لأن زوجته تأخرت فى تحضير الغذاء ، أو جريت لرؤية أمها المريضة قبل أن تموت ، أو ليس لها مزاج للنكاح ، أو نسيت تأخذ اذنا من سيدها الزوج وخرجت لشراء أكياس قمامة مثلا ، أو عارضته لتكمل الابنة المتفوقة تعليمها ، أو اكتشفت تحرشاته ، وخيانته ، وتعاطيه للممنوعات ، ونكاحاته فى بيت دعارة ، وفلوسه غير القانونية . بكل بساطة ، المرأة تخوض حربا شاملة ، منذ الميلاد وحتى الموت ، تمنعها أن تكون " انسانة " ، تملك نفسها ، وليست فى " عهدة ذكر " ، أو " على ذمة زوج " ، أو " فى كنف مِحرم " ، أو " وراء ضل راجل " . وأغلب الفقهاء الذين يقدسهم المسلمون والمسلمات ، رسخوا لهذه الحرب ، وخططوا لها معاركها ، وأسلحتها المتجددة . حرب شرسة متنمرة ، تأبى الا أن ينتصر " الذكور " ، لأنهم " خلفاء الله فى الأرض " ، حراس الفضيلة والشرف الذكورى الذى لا ينتفض الا بسبب الجنس ، حتى لو أحاطته مظاهر عدم الشرف ، من كل اتجاه . كيف المرأة هى " الأضعف " ، ولكنها فعليا ، فى العرف والثقافة والموروثات الدينية ، هى " المحاصرة " بجميع الأسلحة ، " المملوكة " من جميع ذكور العائلة ، وذكور الجيران ، وذكور الحى ؟؟. لو كانت المرأة ضعيفة ، كما يقولون ، فانها لا تحتاج الى كل هذا الكم من الأغلال والقيود ، والفرض والاجبار ، واتجمع الحشود الغاضبة ، لتبقى تحت السيطرة . هكذا يقول المنطق السوى . فنحن لا نحاصر الضعفاء ، بل فقط الأقوياء . أعتقد أن هناك خوفا هائلا من الرجال ، اذا تركوا المرأة حرة ، تملك نفسها ، وجسمها ، وقراراتها ، واختياراتها ، وعقيدتها ، وأخلاقها ، وتحدد مصيرها من الألف حتى الياء، كما يفعل الرجال . -----------------------------------------------------------------------
#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
داخل كل بيت مغلق هناك - صّياد - و - فريسة -
-
أنا ...... قصيدة
-
الاحتفال الحقيقى المثمر بالعمل .. سبب الوجود وأصل الحياة
-
لن يأتى ..... قصيدة
-
الكحك والفسيخ ... قصيدة
-
شاعر يكتب قصائده بدمه وحزنه وعشقه للبحر
-
مجد الكتابة
-
الأعياد بعد أمى - نوال - .... قصيدة
-
القبر الضائع ...... ست قصائد
-
الأحلام لا تتزوج قصة قصيرة
-
رمضان والدولة المدنية
-
الثامن من أبريل ... قصيدة
-
رسالة أخيرة الى - حبيبتى - .. قصة قصيرة
-
- مارس - شهر المرأة والفيروس المتحور
-
- اليها - الصعبة ... الخطرة
-
- نزار - كتابة ممتعة تنقض الوضوء
-
ماما .. فطيرة الدرة هتبرد .... قصيدة
-
ستجدنى كما تركتنى .... أربع قصائد
-
جدتى - زينب - و - أنريكو ماسياس - ... قصيدتان
-
الأم المثالية هى منْ تتحمل الأب غير المثالى
المزيد.....
-
هل أنصف القرآن المرأة وظلمها رجال الدين؟
-
-لا تفقدوني-.. لحظة إنقاذ امرأة تبلغ 100 عام من حرائق الغابا
...
-
في مصر: الحكم على الفنانة منى فاروق بالسجن 3 سنوات
-
الداخلية: الأدلة أثبتت براءة الضابط المتهم باغتصاب فتاة قاصر
...
-
-لا تحرروني، سأتولى الأمر بنفسي-، عرض غنائي مسرحي يروي معانا
...
-
بمناسبة شهر رمضان 2025.. حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في
...
-
دراسة تزعم.. الانفصال العاطفي يضر بالرجال أكثر من النساء
-
بيان مشترك: مخاوف من غياب “عدالة الإبلاغ” في جرائم العنف ضد
...
-
الداخلية: الأدلة أثبتت براءة الضابط المتهم باغتصاب فتاة قاصر
...
-
على أنقاض البيئة.. إسرائيل توسع مستوطناتها على حساب الغطاء ا
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|