|
هندسة الذات 10: سيكولوجية الألوان والتواقيع الشخصية
سعاد جبر
الحوار المتمدن-العدد: 1671 - 2006 / 9 / 12 - 02:46
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
تفتح الطبيعة ذراعيها للناظر، وفي جعبتها مساحات أنيقة من جاذبية الألوان التي شكلت مادة للتأمل والتدبر في صفحات الكون المسطرة في الوجود ، وقد تناولتها أي الذكر الحكيم بتجليات ربانية، وانشغلت قريحة الشعراء والأدباء ، في تتبع معانيها في الوجود ، وشكلت الألوان مادة هامة في لغة الاتصال بكافة معانيها في عوالم الحداثة والابتكار ، وهندسة البنيان والحضارة معاً ، ووقعت مؤخراً في اهتمامات الخبراء في عوالم التفكير وتحفيز الدماغ ، فأثيرت موضوعات اللغة البصرية ومفرداتها اللغوية ، وتربع على عرش تلك الموضوعات ابتكارات دي بونو في مجال قبعات التفكير حيث قسمها إلى ستة ألوان ، يتضمن كل لون نمطاً خاصاً في التفكير ؛ فالقبعة البيضاء تحمل معاني الحياد والأرقام والإحصاءات والقبعة الحمراء تختص بالعاطفة والقبعة السوداء تحمل معاني التفكير السلبي ، ومفرداته من التشاؤم وهي في أدبيات لغتنا العامة تشير إلى الموت والحزن ، والقبعة الصفراء تختص بالتفكير الايجابي ، وعبر القران الكريم عن انعكاسات اللون الأصفر في إحداث البهجة والسرور في النفس عندما أشار في سورة البقرة إلى مواصفات البقرة المستلزم ذبحها في القصة المذكورة في السورة بأنها صفراء فاقع لونها تسر الناظرين ، والقبعة الخضراء تشير على التفكير الإبداعي الذي يكسر المألوف ويبلغ مناص الجدة والابتكار ، وتشير القبعة الزرقاء إلى التفكير الموجه حيث تختص القبعة بعملية توجيه النقاش والحوار وتنظيم عملية التفكير وبرمجتها وترتيبها وانبثقت دراسات في عوالم الألوان متنوعة منها الدراسات الأساسية التي قسمت الألوان إلى ألون دافئة هي اللون الأحمر والبرتقالي والأصفر وتشير إلى معاني نشوة الفرح والانطلاق في ظلاله ، وتأجيج الشهوة بكافة إبعادها ، وإثارة النزعات الجسدية للحراك ، والألوان الباردة وهي الأزرق والأخضر والبنفسجي وهي تشير إلى انعكاسات الهدوء والطبيعة المتأملة التي تثير الصفاء وطلاقة التعبير ، وتدور في ظلال تلك اللغة مفردات الألوان المتقابلة فاللون الأزرق متناسق مع البرتقالي ،واللون الاحمرمتناسق مع الأخضر ، و الأصفر متناسق مع البنفسجي . والألوان النصفية مثل البرتقالي المحمر و الأصفر المخضر، ومفردات الألوان الرئيسية وتوظيفها في الحياة ، والألوان الفرعية ومساحات التعاطي معها ، ومفردات التنسيق على عجلة الألوان ، وهذه المفردات ليست موضوعي هنا ، وإنما اذكرها للاستشهاد فحسب وفي الجانب الأخر انبثقت دراسات تبحر في البعد السيكولوجي التحليلي للألوان ، وانعكاساته في الذات الإنسانية ، منها أن اللون الأخضر يشكل مساحة واسعة للتعبير عن مكنونات الذات ، ولذلك ينصح استخدامه من قبل المحبين والأصدقاء ، في تدوين كلماتهم ، لأن هذا اللون يثير قريحة الإلهام والتعبير عند التدوين بالقلم الأخضر أو تسطير الكلمات على صفحات خضراء ، لأن إيحاءات هذا اللون تثير قريحة التعبير وتطلقها من عقالها ، وربما مساحات الطبيعة التي تكتسي باللون الأخضر يشكل تفسير منطقيا لذلك ، وهناك انعكاسات نارية لألوان خاصة مثل البرتقالي إذ يحدث إثارة نحو الرغبة في تناول الطعام ، ولذلك فأن استخدامه من قبل المطاعم يثير شهية رواد المطعم ويؤجج رغبته في تناول الطعام والإقبال عليه مستشعراً لذة الطعام بين يديه ،ويسهم اللون الأبيض في إحداث حالة خاصة من النقاء والإحساس الملائكي وذلك دونته أقلام الشعراء ولغتنا العامة في التعاطي اللوني مع الفرح ، ويندرج في تلك المنظومة السيكولوجية ألوان الطيف القز حي عندما تجتمع في مساحة واحدة وهناك انعكاسات سيكولوجية في مجال الجاذبية المغناطيسية للشخصية يحدثها اللون البنفسجي في افتح درجاته واللون الفيروزي واللون الأرجواني وهناك مسألة سيكولوجية تثيرها حالة التقاء الألوان في طيف واحد او تماثلها بجانب بعض ، وانعكاسات ذلك في التأمل والتدبر ، وعبر عن ذلك القرآن الكريم بالإشارة إلى جمال الطبيعة والخلق من خلال التعبير عنها بمختلف ألوانه ، أي منظومة ألوان مختلفة للماهية الواحدة ، وانعكاس ذلك جماليا في رؤية العين وتدبر القلب ، وهناك المفارقة بين اعتبار اللون إحساس وهذا ما ارججه ، ولذلك هو ماهية سيكولوجية تتجرد عن المادة ، وتنعكس في جماليات ومشاعر معينة ، بحسب اللون وتماهيات الألوان معاً ، في حين يعتبره الرسام ومهندسي الديكور مادة لونية ، تحمل لونا ما، عند التعاطي معه في الوان اللوحة وهندسة البينان، وهنا تبرز المفارقة في نتاج كل منهما بعد ذلك ، إذ تؤول المادة اللونية فيما تقدمه قريحتهم الفنية والهندسية إلى احساس؛ بقدر درجة الالهام وتأجج التدفق الشعوري الذي ينبثق عنه الأبداع تباعاً ويعزز اعتباره إحساساً ماينبعث في مشاعرنا من سيكولوجية خاصة للألوان في الفصول الأربعة وتكاتفنا على ألوان معينة معها ، وانطلاق الألوان الباردة لتتألق في الربيع ، وتأصل الألوان الرئيسية في فصل الشتاء وهكذا دواليك وفي مجال التواقيع الشخصية وسيكولوجيتها ، فقد انطلقت الدراسات إلى عدم التعاطي مع الخط في إطاره المادي ، بشكل مجرد عن سيكولوجية الذات ومكنوناتها ، ومضت الدراسات إلى التأكيد على انعكاسات الخط في عوالم الشخصية وإبعادها ، وليس موضوعي هنا حول الخطوط وانعكاساتها ، إنما هو في الموضوع الأكثر خطورة وجرأة وهو ماهية التواقيع الشخصية والانفعالات ، وقد انبثقت نتائجي له من خلال دراسة الانفعالات وخريطتها في الذوات الإنسانية ، واستخلصت منها انعكاسات تلك الانفعالات على التواقيع الشخصية ، ومساراتها بحسب الحالة الانفعالية ، وتحديد مساحة تلك الحالة الانفعالية سواء في الفرح أو الحزن واثر ذلك على مساحات ذلك التوقيع الشخصي للفرد ومن هنا يعد الخط احد انعكاسات الشخصية وأنماطها ، وليس هذا بغريب ، لأن الصورة الأكثر قربا ومنطقية هي الفن التشكيلي ولغة التعبير من خلالها وعكسها أنماط الشخصية ومساحات الإسقاطات فيها وقد ومارست الرؤية النقدية السيكولوجية في هذا المجال في أكثر من منحى وبالأخص في ضوء المدرسة الفرنسية ( التعبيرية ) في الفن التشكيلي ، و تتشكل رؤيتي للخطوط وعكسها لإسقاطات الشخصية من خلال لغة الجسد واعتبارها حالة انكشاف سافرة لما يعترك في النفس من مشاعر وأفكار ومكنونات ، يكشفها الجسد في لغة حراك أعضائه بشكل عفوي ، وهنا أجدها الصورة الأكثر قرباً ومصداقية في تحليل أنماط الشخصية من خلال نتائج شخصية قمت بتنفيذها في مختبرات عمل متعددة ودراسة لحالات تجريبية في هذا الصدد ، في مجال التواقيع الشخصية وتحليل أنماط الشخصية من خلال التوقيع الفوري للشخص ، وتحديد مسارات الانفعالات ، وقد أسفرت دراساتي في هذا الصدد إلى نتائج مذهلة وتمتعت بمصداقية عالية ، وليس هذا غريبا على الإطلاق لأن هناك مجالات عدة لكشف إسقاطات الشخصية اما عبر الأدب أو المنامات أو لغة الجسد أو الفن التشكيلي أو الصور الفوتوغرافية أو الخطوط وهنا وهنا أؤكد على مساحة مهمة منها هي التواقيع الشخصية لأنها بحسب دراساتي تشكل انعكاس للذات في إسقاطاتها عند عفويتها ونأيها عن التقليد وبالأخص في مجال حدة الانفعالات أو ما يعتليه من هدوء في مكنوناتها احيك بالحب صديقي القارئ والقاك عليه في مقالة مستجدة وطبيعة اجمل
#سعاد_جبر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سيكولوجية الحب في ثقافات الشعوب
-
محمود نجاد بين السيكولوجيا والسياسة
-
مستقبل النهوض المدني في المجتمع العراقي
-
رؤية سيكولوجية في ثلاثية ( رايس ، ليفني ، معوض ) السياسية
-
رؤية سيكولوجية في الجندي الصهيوني والمقاوم اللبناني
-
استراتيجيات النصر ( السيكولوجية ) في الحروب
-
منظومة التناقضات في الحرب على لبنان
-
مقولات سيكولوجية في ضوء مجزرة قانا / مقاربات نقدية
-
كونداليزا رايس بين نص السياسة ونص (انهم يقتلون الأطفال) مقار
...
-
هندسة الذات (9) : سيكولوجية الحرب الدائرة على لبنان
-
متطلبات الإدارة الإبداعية للحركة العمالية في العالم العربي
-
ثنائية ( العشق ، الرفض ) للمجتمع في المشهد الأدبي
-
ذاتية الكاتب والنص الأدبي
-
هندسة الذات8: الذات والتغيير
-
الأنسنة بين الواقع والطموح القصصي
-
هندسة الذات (7) : الأرشاد العقلاني الأنفعالي
-
ماهية استلاب الأنا في نص كوابيس
-
انعكاسات ثلاثية ( الإبداع ، الإعلام ، الواقع ) على المشهد ال
...
-
ندوة الإعلام والعولمة
-
هندسة الذات (6) الوعي بالذات
المزيد.....
-
جوائز غرامي الـ67.. قائمة بأبرز الفائزين
-
الشرع يغادر المملكة العربية السعودية.. ماذا دار في حديثه مع
...
-
تصعيد عسكري في جنين ومجموع القتلى بغزة يصل 61 ألفا ونتنياهو
...
-
مهرجان -بامبلونادا ريمنسي- يحاكي سباق الثيران الإسباني في لي
...
-
إجلاء أطفال مرضى من غزة بعد إعادة فتح معبر رفح
-
مذيعة سورية تجهش بالبكاء وتناشد الشرع المساعدة في الكشف عن م
...
-
القوات الروسية تواصل تقدمها وتكبّد قوات كييف خسائر فادحة
-
قادة الاتحاد الأوروبي يجتمعون مع ستارمر وروته لبحث تحديات ال
...
-
بيسكوف: الرئيس الأوكراني المنتهية ولايته فلاديمير زيلينسكي
...
-
السعودية.. تنفيذ حكم القتل تعزيرا في مواطن بتهمة -تهريب المخ
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|