أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايده بدر - الصرخة... ق.ق / عايده بدر














المزيد.....

الصرخة... ق.ق / عايده بدر


عايده بدر
باحثة أكاديمية وكاتبة شاعرة وقاصة

(Ayda Badr)


الحوار المتمدن-العدد: 7154 - 2022 / 2 / 6 - 13:37
المحور: الادب والفن
    


تتلفت حولها في ذعر، أصوات لهاثها تكاد تشق السماء وقد تخبر أهلها أن هناك من يختبئ بين تلك الأشجار، وضعت يديها فوق فمها لتسكت أنفاسها لكن يداً أخرى كانت أسبق منها
انتفضت في صرخة مكتومة أغلقت حلقها، واستدارت لترى من عساه يكون بعد أن لمحت إشارة من يده الأخرى أن تصمت، عيناه تظهران من خلف قناع أحكمه بشدة حول رأسه، لكن الظلام لا يدع لها فرصة رؤيتهما جيداً، أشار لها لتمضي معه واقتادتها خطواتها المتعثرة إلى طريق لا تعرف إلى أين سيودي بها، تحدث نفسها في خوف: الخطوة الآن بلا تراجع، ، الجميع الآن خلفها يبحثون عنها، وهذا الغريب أمامها يقتادها إلى مصير أشد ظلاما مما حولها
يسيرا بهدوء وحذر، ومع كل خطوة تدرك أنها بقدر ما تبتعد مسافات عنهم فإنها تقترب بنفس القياس من هذا الغريب، يمسك ذراعها بيده وبطنها الصغير المتكور أمامها يجعل خطواتها البطيئة ذات حمل وثقل عليها وضيق لمن تتبعه ، يده الأخرى تزيح عن عتمة الطريق أغصان أشجار متشابكة، خشنة الملامح يابسة الثمار كأنها لا ترضخ لمن يريد قطافها
تسمع زمجرة صوته فترتعد، يحثها على المضي فالطريق ما يزال طويلا، لكن صوتاً يأتيها من ذاكرتها، يتملكها ويقتنص أذنيها بصورة متكررة، يغطي على كل صوت سواه: تعالي تعالي إلى أين تذهبين ؟ تحاول الهرب، الصراخ، الاستنجاد بأحد، لكن يده تحيطها ، تخرس صوتها وتشل حركة ما تبقى من جسدها…تصرخ ، فينتبه الغريب وينظر لها شزراً ، كأنه يقول اصمتي فهذه الصرخة ستكلفنا الكثير ، تنظر إليه بذعر تود لو تخبره أنها لم تكن تصرخ له هو، بل كانت تصرخ ضد الصوت الذي يملأ ذاكرتها، وضد اليد التي قيدتها وقتها في حركات متتالية لتصبح فريسة لا تملك غير الصراخ، يقولون أن للجدران آذان فما بال جدران المكان الذي احتواها حينها لم تملك أذنين على غير العادة، بل صمْت أذنيها فلم تسمع صرخاتها المتتالية ولم ترى مجرى الأحمر بين ساقيها.
حاولت المضي معه أسرع وعقلها يفكر إلى أين ستذهب مع من لا تعرفه، يجيبها عقلها وهل عرفتِ من ألبسك ثوب العار هذا، وأطفأ أمل أبويكِ فيكِ، العار هي الكلمة الوحيدة التي لم تعد تسمع سواها منذ ذلك الوقت، وما عادت تملك أمام نظرات التساؤل المتدافعة من عيني أبويها غير وجه صامت شاحب وحزين، لا تملك معه إجابة شافية.
انطلقت الآن حين وجدت فرصة في خلو البيت حولها، أو هكذا هي ظنت، لم تكن تعلم أن هناك من سيتبعها من أهل البلدة لغسل شواهد العار ومحوه ، تملكتها ضحكة غابت عن وجهها كثيراً ، ضحكة ساخرة وهي تتذكر من هؤلاء الذين خرجوا خلفها مطالبين بالشرف ؟ هؤلاء من كان يراودونها جيئة وذهابا ؟و يد كل منهم كانت تحاول أن تمتد بالسوء نحوها، لولا أنها كانت تردعهم حينا و ينقذها القدر حينا آخر، تتذكرهم أيكون هذ الماجن العاطل عن العمل من يغوي من حوله من النساء باحثا عن الشرف؟ أو ذلك اللص الذي لا يجد غضاضة أن يسرق جيرانه ليلاً ويجالسهم صباحاً باحثاً هو الآخر عن الشرف؟ أو ذلك الذي يغش في ميزان بضائعه وينخرط بحديث السوء عن بيوت البلدة فيوقع بين هذا وذلك؟ أو أو أيكونوا هؤلاء جميعهم أصبحوا الان باحثين عن الشرف
صمتت ضحكتها بعد أن غيرت الدموع مجراها.. لتهبط عند زاوية فمها فبدأت تمسح ما تبقى في عينيها وعلى وجهها.. وانطلق صوتها أخيرا في محاولة يائسة أن تفك ذراعها من يده المطبقة عليها .. من أنتَ ؟ وإلى أين تأخذني ؟ دعني لن استمر أكثر وأنا لا أعرفك ؟ ماذا تريد مني؟ ألا ترأف لحالي هذا، بدأت الكلمات تقع من فمها وهو لا يتوقف، ويستمر في المضي، مطبقاً يده بعنف فوق يديها حتى وصلا إلى مكان أبعد بين الأحراش المهجورة، هو يعلم أنهما الآن أصبحا بمأمن عن أن يصل إليهما أحداً ممن يتبعهما، تلهث أنفاسها فتتوقف عن المضي أكثر ، تحاول أن تصرخ فيه كفى... ابتعد عني.
يستدير نحوها، يقترب منها، يزيح القناع عن وجهه قليلاً، يجذبها نحوه بعنف فتتسع عيناها، وتتحشرج الكلمات في فمها.. بينما يردد المكان صدى ضحكاته الهستيرية في نشوة: اصرخي....اصرخي أكثر طالما أشجاني صوت صراخك هذا وزاد من متعتي…تصمت للأبد حين تدرك صوته ووحشية عينيه
5 فبرااير 2022



#عايده_بدر (هاشتاغ)       Ayda_Badr#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في نص -ثمن القمة- للمبدع القدير جمال عمران/ عايده بدر
- قراءة في نص -أرزاق- للمبدع القدير عدي بلال / عايده بدر
- النزوح و استمرار الحياة مخيم إيسيان Esyan Camp نموذجا- تحديث
- قراءة في نص -الموتى- للمبدع بوبكر قليل / عايده بدر
- قراءة في نص -المقامر- ق ق ج ... للمبدع جمال عمران / عايده بد ...
- قراءة في نص -الرجل الذي قال لها يوماً: أحبك- ق ق ج ... للمبد ...
- قراءة في نص القضية ق ق ج ... للمبدعة فاتي الزروالي / عايده ب ...
- قراءة في النص السردي -بيت الدم للمبدع خالد أبو طماعه / عايده ...
- وقفة في ذكرى الأربعين لوفاة الباحث الايزيدي بير خدر سليمان
- في ساحة العشاق ... هناااك! / عايده بدر
- منذ البدء أنتِ المطر ...!/ عايده بدر
- منذ البدء أنتِ المطر
- قراءة المبدعة القديرة جهاد بدران في نص-هذا الليل- / عايده بد ...
- قراءة في نص -انشقاق أخير- للمبدع ابراهيم شحده / عايده بدر
- قراءة في نص -سقوط- للمبدعة فاطمة الزهراء العلوي / عايده بدر
- قراءة في نص -سقوط- ق ق ج للمبدعة فاطمة الزهراء العلوي / عايد ...
- ما بعد الثانية عشر تحليقاً ...!
- قراءة المبدع ياسر أبو سويلم الحرزني لنص -يالغريب- ...! / عاي ...
- قراءة في نص .. أنياب الشمس ... للمبدعة أحلام المصري / عايده ...
- قراءة في نص -أنياب الشمس- للمبدعة أحلام المصري / عايده بدر


المزيد.....




- بمَ تسمي الدول نفسها؟ قصص وحكايات وراء أسماء البلدان بلغاتها ...
- عن عمر ناهز 64 عاما.. الموت يغيب الفنان المصري سليمان عيد
- صحفي إيطالي يربك -المترجمة- ويحرج ميلوني أمام ترامب
- رجل ميت.. آخر ظهور سينمائي لـ -سليمان عيد-
- صورة شقيق الرئيس السوري ووزير الثقافة بضيافة شخصية بارزة في ...
- ألوان وأصوات ونكهات.. رحلة ساحرة إلى قلب الثقافة العربية في ...
- تحدث عنها كيسنجر وكارتر في مذكراتهما.. لوحة هزت حافظ الأسد و ...
- السرد الاصطناعي يهدد مستقبل البشر الرواة في قطاع الكتب الصوت ...
- “تشكيليات فصول أصيلة 2024” معرض في أصيلة ضمن الدورة الربيعية ...
- -مسألة وقت-.. فيلم وثائقي عن سعي إيدي فيدر للمساعدة بعلاج مر ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايده بدر - الصرخة... ق.ق / عايده بدر