المعرفة والوعي

وديع بكيطة
كاتب وباحث
(Bekkita Ouadie)

الحوار المتمدن-العدد: 7151 - 2022 / 2 / 1 - 15:38
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

يرتبط الوعي في ذاكرتنا الجماعية باليقظة، وهو ضد الغيبوبة أو النوم، فنحن الآن واعون، أنت، أنا، الحيوانات، ربما جميع الثدييات، باستثناء النباتات والبكتيريا التي لا تملك وعيا وأجهزة الكمبيوتر والنجوم والصخور وما إلى ذلك.
في العقود الماضية، اهتمت أغلب الدراسات بطبيعة الوعي، حتى أن بعضهم قد وصل إلى درجة اليأس في فهم طبيعته. لماذا الوعي مهم؟ لأنه أساس كل ما هو مهم، بدونه، لن توجد لذة أو ألم، خير أو شر، جمال أو قبح، حب أو كراهية؛ في عالم بدون واعي، لن يكون هناك شيء مهم. تبقى "المشكلة الصعبة" للوعي: في كيف ينشأ العقل الذاتي من المادة العمياء. كما توجد "مشكلة سهلة" تكمن في الدور الذي يلعبه الوعي في اقتصاد معالجة المعلومات في العقل.
إن الوعي يواجهنا بغموض، إنه لا يتناسب بسهولة مع مفهومنا العلمي للعالم. إنه نتيجة لتلك النورونات التي بالدماغ، لكن كيف يمكن لهذه الأحداث الكهروكيميائية الموضوعية أن تؤدي إلى تجارب نوعية لا توصف، مثل شم رائحة وردة، أو وخز أو نشر البهجة؟ عندما يصل نظام مادي إلى درجة معينة من التعقيد، هل هو "يشبه شيء ما" ليُكون نظاما؟
قام كل من توماس ناجل وديفيد تشالمرز بتبني النزعة "الروحانية الشاملة"، والتي تؤمن بأن كل شيء مادي، مهما كان صغيرا له عنصر من الوعي الفردي، حتى نصل إلى المستوى الذري. واعتقد عالم الفيزياء روجر بنروز أن نوعا من السحر الكمي قد يكون وراء الوعي. وأقرَ عالم الكمبيوتر دوغلاس هوفستاتر في كتابه "كودل، إيشر، باخ Gödel, Escher, Bach" بأن الوعي ينشأ عندما يصبح الدماغ معقدا بما يكفي لتشكيل "حلقات غريبة" ذات مرجعية ذاتية، وهي صيغة عصبية توازي صيغة كودل Gödel سيئة السمعة، التي تقول: "أنا لست قابلا للإثبات".
وقد حاول عالِما الأعصاب فرانسيس كريك Francis Crick وجيرالد إيدلمان Gerald Edelman فهم الوعي كظاهرة بيولوجية، باستخدام تقنيات تصوير الدماغ وتجارب أخرى، وبحثوا عن البصمات العصبية للفكر الواعي داخل المادة الرمادية الاسفنجية في الدماغ، وقد أنتج كل منهما كتابا يحدد موقفه من الوعي.
يمثل كتاب "الشعور والمعرفة: صناعة العقول الواعية Feelinf & Knowing: Making Minds Conscious" لأنطونيو داماسيو Antonio Damasio إضافة نوعية لهذا النقاش وهو خلاصة لما كتبه سلفا: "خطأ ديكارت" (1994). "الذات والذهن" (2010). وهو يعتقد أن الشعور يمكن أن يسد الهوة المفاهيمية بين الجسد المادي والعقل الواعي.

#وديع_بكيطة (هاشتاغ)       Bekkita_Ouadie#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات