أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حافظ الكندي - ظاهرة الانسان: الكمال في النقص















المزيد.....



ظاهرة الانسان: الكمال في النقص


حافظ الكندي

الحوار المتمدن-العدد: 7063 - 2021 / 10 / 31 - 23:57
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لنبدأ من بداية البدايات اذ وحسب النموذج السائد للعالم فأن الوجود المحسوس يعكس الروح الكلية، ويتميز عنها بكونه محسوسا، مثل كتل الجليد في الماء فهي ليست سوى ماء متصلب.
كذلك الأمر في الكائنات الحية، هي اجسام او اوعية تضم الوعي المطلق او الروح الكلية، وربما كما يسمى علميا الطاقة الكونية. مثلها مثل وعاء مملوء بالماء وموضوعة في قلب الماء. ذلك الماء هو نفسه في داخل وخارج الوعاء، ولا يفصلهما عن بعض سوى جدران الوعاء. بهذا المعنى فأن الوعي المطلق، او الروح الكونية هو جوهر الذات الحقيقية لكل كائن حي، وعلاقة الجزء بالكل هذه جسدها المبدأ الهندوسي بعلاقة آتمان و براهمان، الذي وفقها يتداخل الكائن الحي مع الطبيعة المحيطة به، إذ أن الطبيعة تتخلل الكائن وهو بدوره يتداخل معها مثل خلية في الجسم الحي، كل خلية هي جزء منه رغم أنها منفصلة عنه بجدران، وهي تحمل خصائصه وتتصرف تبعا لطبائعه ومسالكه. هي قطع شكولاتة ملفوفة بالورق. ربما لكل قطعة وزنها وشكلها المختلف، ولكنها جميعا لديها حلاوة وطعم الشوكولاتة الأصلية. بصيغة أخرى: الجزء هو كل مصغر.
شجرة الحياة يتخللها تيار الوعي المطلق او الروح الكلية التي تشكل ماهيتها، وتمنح كل مكون فيها خصائصه البدنية والسلوكية. وهي بأجمعها يتم توارثها من خلال الآلية الجينية. إذا أخذنا مقطعا عرضياً في أحد أغصان تلك الشجرة نرى شكلا دائرياً يحتوي مادة المحيط، او الروح الكلية، الوعي المطلق، ولها نفس خصائصها. وهذه الروح محاطة بخط دائري يمثل جسد ذلك الكائن. وهذا المقطع قد يمثل أي كائن حي في أي حالة من حالات لا متناهية.
توالت اشكال مختلفة على الأرض منذ ان بدأت الحياة منذ ٣٫٥ مليار سنة. كل تطور جديد يضيف دائرة جديدة الى ذلك الغصن. وفي حالة مملكة الحيوان التي تعتبر من احدث تجارب الطبيعة، تشكلت دائرة جديدة أضيفت الى ما قبلها و هي ميزة الإدراك الحيواني وتتجلى في القدره على تلقي المؤثرات الخارجية من خلال أدوات الحس ومعالجته في ذهنه، ومن ثم توليد الاستجابات المطلوبة. منظومة الحس واستجاباتها هذه مدمجة ثابتة ومتوارثة في البناء الجيني للكائن مثل نظام تشغيل الأجهزة الإلكترونية الحديثة.
نظام التشغيل هذا لكل صنف حيواني، غير قابل للتغير والتطوير من قبل الكائن. إضافة إلى ذلك فإن كل فرد من تلك الفصيلة يتداخل الجسد فيه مع الذهن بطريقة تضمن أفعالا وردود أفعال وسلوكيات تجاه المؤثرات ذات طبيعة متشابهة الى حد التطابق. نظام التشغيل هذا هو قدر على الحيوان، لا فكاك منه، أقرب في هذه الحالة الى القانون الطبيعي الذي يتحكم في الموجودات، كقانون الجاذبية مثلا.
كل حيوان سواء كان صغيرا أو متقدما في السن، نشأ في بيت أو في غابة فإن تصرفاته وسلوكه وردود أفعاله تتطابق مع كل الحيوانات المتماثلة معه من نفس الفصيلة، ولهذا فإنك إذا تعاملت مع أي فرد من فصيله معينه فستكون كأنك تعاملت مع الكل: القطة التي في منزلك لا تختلف عن تلك الموجودة في منزلي رغم المسافات الفاصلة بيننا. لذلك فنحن نستطيع الحديث عن هذا الحيوان وتعميم ملامحه بصورة دقيقة.


الانسان: الخروج عن النظام الحيوي
هل نستطيع فعل ذلك بالنسبة للإنسان؟ هل نستطيع ان نأخذ كائنا بشريا ونعتبره ممثلا للنوع ومطابقا في سلوكه لغيره؟ قد تُسكن في نفس البيت مع شريكة حياتك عشرات السنين، إلا أن التعامل معها يبقى أصعب مما هو مع القط الجديد، ومعرفتك بها أقل منه. وهذا ما يجعلك، على سبيل المثال، عاجزا عن التنبؤ بردود فعلها في اللحظة القادمة. والأمر كذلك مع ابنك الذي هو من صلبك وتربى على يديك، فكيف بالآخرين الذين قد لا تتقاطع طرقك معهم.
لغز الانسان
في الكتب العلمية يرد ان الإنسان العاقل هو النوع الوحيد المتبقي من جنس البشراني (الأناسي)، وهو العاقل الوحيد، الذي يمتلك -خلافاً لبقية الحيوانات على الأرض- دماغا عالي التطور، قادر على التفكير المجرد واستخدام اللغة والنطق والتفكير الداخلي الذاتي وإعطاء حلول للمشاكل التي يواجهها. ليس هذا فحسب بل إن الإنسان يمتلك جسماً منتصباً ذا أطراف مفصلية علوية وسفلية يسهل تحريكها وتعمل بالتناسق التام مع الدماغ، وهي خاصية تجعل من الإنسان الكائن الحي الوحيد على البسيطة الذي يستطيع توظيف قدراته العقلية والجسمية واستخدام يديه بمهارة لصناعة أدوات دقيقة وغير الدقيقة التي يحتاجها في حياته اليومية. كما أن له تكوين حنجرة معقدة تعينه على الكلام.
هي لا ريب صفات متميزة ومثيره للإعجاب، ولكن هل تكفي لان تفسر لنا لماذا يقف الانسان بمفرده في عالم وكل ما خلافه في جهة أخرى او عالم آخر، كيف لهذه التغييرات التقنيه مهما كانت نوعيه ان تمنحه هذه القدرة المطلقه على التحكم و السيطره، وكيف أخرجت هذا الجني من القمقم ، و كيف اتاحت هذه القدره على هذه الانشاءات و الخلق و العمل و التخطيط و الابداع و استخدام اليدين و التنسيق مع الدماغ بهذه الكفاءه و الانسيابيه. هذه القدرات تطورت بسرعه و وصلت الى حد اقرب الى سرعة نشوء الكون من العدم..... انه صار ينافس الله في قدرته على التأثير. او كيف أخرجت هذا الجني من القمقم و حولته الى وحش انهى معظم اشكال الحياة على الأرض و اوصلها الى حافة الانقراض.
في رأينا ان الجواب لا يكمن في خصوصية جسم الانسان وصفاته التشريحية ولا بحجم دماغه او قدراته الذهنية، بل يجدر النظر الى حقيقة تتعلق بشخصيته او سلوكياته التي لم تعد منضبطة بقوانين الطبيعة ولا يمكن حصرها او التنبؤ بها مثل غيره من الأحياء. هذه السلوكية العشوائية البست الإنسان لباس الغموض وجعلت منه لغزا مغلقا حتى لنفسه. ويمكن إجمال هذا اللغز في ان الإنسان يدرك إنه كائن ناقص بالنشأة، وان احدى خصائصه هي عدم الكمال. والسؤال هو لماذا هذا النقص؟ ومن أين جاء؟ وهل هو ميزة أم هي مذمة عندما يقول أسلافنا باستحالة الوصول إلى الكمال (حيث هو لله وحده). فما الأمر وكيف نفسره؟
على حد علمنا لم يحاول أحد أن يتساءل ما المقصود بالكمال كخصلة يفتقدها الانسان. ولماذا لا نجد في مجمل تاريخ الفكر البشري حتى تساؤلا من قبيل لمَاذا أن الإنسان ليس بكامل؟ وبأية صورة ولأية أسباب جاءت نواقصه؟
نحاول هنا صياغة مفاتيح معرفية، نعتقد انها قد تساعد في الإجابة على تلك التساؤلات، وعلى إنشاء بيئة فكرية او بحثية تنحو إلى استقراء الطبيعة والتاريخ الطبيعي لتسليط الضوء على الكائن البشري ودوره في الحياة على الأرض وعلاقته بالكائنات الأخرى، وبمحيطه الحي.
الانسان: واحد من تجارب الطبيعة
خصوصية الإنسان تعود إلى أنه ثمرة تجربة جديدة في مختبر الطبيعة هذا. اذ والى ان ظهر الانسان كانت الطبيعة تورث كل مخلوقاتها خصائصها الجسدية والسلوكية كحزمة واحدة بصورة شفره وراثيه يتم نقلها عبر الجينات، وهذه بدورها تتحكم في الفعاليات الحيوية وكذلك السلوكية والأفعال والرد على المدخلات الحسية والتغييرات في المحيط.
كل كائن حي بهذا المعنى يأتي الى العالم كمنتج نهائي ومتكامل وجاهز للعمل والتفاعل مع العالم تسيره تلك الشفرة الوراثية المغروسة فيه مثله مثل أي فرد آخر من نفس النوع. ويمكن رصد هذا النمط السلوكي وإدراكه وضبطه، والتنبؤ به بدقة. الطبع الذي يولد عليه كل فرد في النوع لا يتغير الا بطفره وراثية. هو على العموم لا يستطيع (عدى الأنواع المتطورة وبصورة محدودة جداً) ان يغير في طبعه ذاك بغض النظر عن ظروفه وتجاربه الحياتية وعمره وتعليمه وأماكن عيشه. الأحياء هي منتجات خط انتاجي لها نفس الدوائر الهندسية والهياكل ونفس التصاميم الهندسية. وما يهمنا هنا ان لديها نفس السلوك تجاه المؤثرات الحسية ونفس ردود الأفعال على الأفعال ذاتها. بعبارة حديثة هو يأتي اشبه بآلة او ماكينة محددة المهام وبنظام تشغيل مبرمج سلفاً ومدمج فيه imbedded.
هذا بخلاف الإنسان. فهو تجربة جديدة للطبيعة يتم فيه توليد منظومه سلوكيه جديده تشكل "الوعي الانساني" تسيطر أو تنظم النمط السلوكي للأفراد. نمط التعامل مع المحيط لم يعد متوارثا بالولادة وليس هناك من شفرة تُنقل من الأب إلى الابن، بل يتعين اكتسابه خلال مسيرة الفرد بالاستفادة من تجاربه ومعلوماته واطلاعاته وقراءاته ومشاهداته وغير ذلك والتي يتم حفظها في الذاكرة اثناء حياة الفرد لتنتج في نهاية المطاف نظام تشغيل أو ذكاء اصطناعيا مفصلا حسب كل فرد على حدة.
بعبارة أخرى: كل ما أنتجته الطبيعة من كائنات حية حتى ظهور الانسان كانت منتجات نهائية ومتكاملة وجاهزة للاستعمال، تسيرها الفطرة المغروسة فيها بصوره شفرة متوارثة ومتماثلة بين الأفراد والأجيال، لا تتغير إلا بطفرة وراثية عشوائية. أما بالنسبة للإنسان فإنها أنجبته "أقرب" إلى صفحة بيضاء أو مادة أولية مثل سبيكة معدن، لا بد من تشكيلها كي تكتسب خصائص تمكنها من أداء دورها في تنظيم سلوكيات الفرد وعلاقاته بالمحيط. هذا التشكيل يتطلب كل هذه السنوات لبلوغ الإنسان درجة النضج مقارنة بالفترات القصيرة لغيره من الأحياء.
قلنا هو أقرب الى رقعة بيضاء لأنه لن يولد بدون أي نظام تشغيل. بل سوف يأتي الى العالم ومعه نظام بسيط اولي ومحدود الوظائف، غرضه تنظيم العمليات الحيوية لإبقاء المولود حيا في المراحل الأولى، وربما بنفس الأهمية لتنظيم وإدارة عمليات تشكيل واكتساب الوعي النهائي للكائن. اذ خلال حياة الفرد يقوم نظام التشغيل ذاك بإدارة القدرات الذهنية، او الذكاء بصورته الإنسانية، وبالتداخل مع الذاكرة البشرية فأنه يضيف ويطور برمجيات تهدف إلى إنشاء "فطرة" بشرية تتوسع وتتطور وتتراكم مع مرور السنين وتهدف في النهاية الى ان تقوم بمهام "الفطرة الطبيعية" كما هي لدى غيره من الأحياء.
يمكن القول إنها عملية خلق "ذكاء اصطناعي"، كما نعرفه اليوم، ولكن بصيغه بيولوجية وليست برمجية من قبل الأفراد. حالة الكمال تحصل عندما تنجز هذه العملية وتصل الى نهاياتها.
الآلية التي استحدثتها تجربة الطبيعة هذه لهذا الغرض هي في احلال التأريخ بدل الطبيعة، واحلال التربية الاجتماعية محل الشفرة الغريزية في تشكيل السلوك البشري. حيث يتسلم المولود الجديد موروثه السلوكي من أهله او الأفراد المحيطين به الذين يلجؤون الى التعليم والتدريب والتلقين لنقل مهاراتهم ومعارفهم وخبراتهم له. الأب يطعم الطفل بكل دقة كل جزيئة من معرفته التي جاءت من أبيه، والابن بدوره يتبع خطوات الأب بدون انحراف. المكونات التربوية تلك جهدت لتحديد المسموحات والممنوعات، وهي تتدرج في المستويات ما بين الحدود والقيود مثل مجموعة المقدسات، ثم الممنوعات، بعد ذلك مفاهيم العيب وما هو غير مناسب ثم الحرام والحلال. الحزمة الأخرى هي الوجه الاخر أي المسموحات وتلك التي تشجع عليها المجموعة مثل الشجاعة والايثار والنخوة والاقدام. ومنذ ان يولد الانسان والى ان يصل سن البلوغ فانه يلقن كل الوقت بالملاحم والاساطير والمعتقدات الدينيه واقاصيص الاسلاف من قبل الكهنة والأطباء والسحرة والشيوخ للتيقن من غرس اخلاق وعادات وتقاليد واعراف وأصول تعامل ومحددات سلوك في كل فرد جديد. وبدون عملية التربية بهذا الشكل الدقيق تتوقف سلسلة تشكيل نمط السلوك المناسب لأداء وظائف الفرد في المجتمع البشري. وبعباره أخرى فأن عملية تطوير نظام التشغيل الاصطناعي الجديد تصاب بالتعطل. الطفل الإنساني لا ينشأ صحيحا بدون عملية التربية التي تكسبه نمط السلوك الخاص بالجنس البشري الذي لم تمنحه إياه الطبيعة بصورة غرائز كما لغيره من الاحياء.
فإذا حصل أن افتقد المولود الجديد أي احتكاك بالجماعة البشرية فأنه ينمو جسديا، ولكن سلوكيا سوف يكتسب طبائع وعادات الحيوانات التي تحيط به، ولن يمتلك من الأدوات ما يمكنه من التصرف كانسان ناضج اجتماعيا. "كان مايانجا يأكل في البرية الفاكهة والتوت والجذور، وتعلَّم كل سلوكيات القرود التي تبنته. وعندما عُثر عليه، لم يتمكن من الجلوس أو الوقوف، ولكن كان يستطيع فقط أن يجلس القرفصاء ويقفز. لا يبتسم ولا يتحدث، لكنه كان يطلق الأصوات المُعتادة في الغابة. كان لا يستطيع أن يستجيب بسهولة للبشر، وكان يبتلع الطعام بسرعة كبيرة دون مضغه."
من الطبيعة الى التأريخ: حتمية النقص في الانسان
يعني هذا ان هذه سلسلة انشاء وتطوير برامج التشغيل الفردية هذه سوف تبدأ مجددا من الصفر وبكافة مراحلها مع كل مولود جديد. فإذا حصل لأي سبب انها انقطعت او ضاعت بعض حلقاتها، كأن يموت أحد الآباء مبكراً وقبل ان يسلم كتلة الإرث الاجتماعي الى ابنه، فلن يكون للابن نصيب من اكتساب تلك الكتلة المعرفية متكاملة. مما ينتج عنه منطقيا ان تلك الممارسة هي على الدوام في اتجاه تناقصي، وان الإرث الثقافي الذي ينتقل من الإباء الى الأبناء هو حتما ينحو نحو النقصان مع تقادم الأجيال. وطالما ان الطبيعة لا تمتلك من آليات أخرى للتعويض عن العناصر المفقودة فأن جملة الوعي الشخصي او "الفطرة المستحدثة" هذه لن تعود تمثل جملة "الطبيعة الحقيقية" لذلك الفرد.
كذلك، يمكننا أن نستنتج منطقيا بأن الفطرة الأصلية، أو الطبيعة الحقيقية كانت في أوج حضورها في بداية تلك التجربة، أي عند انسلاخ الإنسان عن الطبيعة، وبعد ذلك بدأت رحلة الانخفاض في خطها البياني.
النتائج المنطقية لهذا السيناريو هي ان ليس من فرصة للإنسان ان يصل الى الكمال، حسب مفهومنا أعلاه، كما هو الأمر بالنسبة لكائنات الطبيعة الأخرى. اللهم الا لأفراد تحصل لهم حالات إيحائية تربطهم بالمطلق، او الله، الذي هو التجسيد الاجتماعي للطبيعة.
الحصيلة هي ان نمط سلوك الإنسان وعلاقته بالمحيط انتقلا من كونهما فطرة طبيعية متوارثة، الى كونها فطرة مكتسبة يتم تشكيلها من قبل المجتمع المحيط به. ولكن هل كانت عملية الاستبدال انسيابيه أي انها تتبع خطا بيانياً تصاعديا مثلا؟
المعطيات التاريخية تشير الى ان ذلك الاستبدال كان يحصل بصورة قفزات قد تكون متباعدة زمنياً. في العصور الأولى، مثلا، وعندما كان زخم الطبيعة ما يزال حاضرا وبقوة، فإن شخصية الإنسان تواصلت كامتداد لفطرته الاصلية ذات الامتداد الطبيعي. تجسد هذا في الحدود شديدة الضيق التي وضعها الإنسان لنفسه ليتحرك ضمنها، والتي قيدت إمكانيات العقل البشري عن التمرد عليها، وتجسدت في حزمة لاءات متوارثه شكلت حصار مفرطة الضيق وضعته في حالة ذهنية خاضعة للظروف مفادها "ان وضعت الطبيعة عقبة في طريقي، سأحاول ان ادور حولها، فأن لم ينفع، فسوف أتقبل النتائج. هذا كل شيء".
الحزمة الأولى من اللاءات من قبيل لا تقترب من النار، لا تخرج من محيطك الطبيعي الاصلي، لا تضع أغطية على جسمك، لا تبني مسكنا.... إلخ أخذت بضع ملايين من السنين كي تضعف الى درجة سمحت للإنسان بكسرها. وربما أخذت بضع مئات ألوف السنين لكسرلاءات أخرى من قبيل لا تقتل الحيوانات، لا تقطع الأشجار، لا تحرث الأرض ولا تدجن الحيوانات...إلخ
غير أن هذا المخلوق الذي جاء ثمرة تجربة الحياة الجديدة ويمتلك عقلا وخصائص متميزة عن غيره لن يستمر في نهاية المطاف في الإذعان لقوانين تكبله، ولا بد أن يثبت لنفسه أنه يستطيع كسر تلك القيود وتحقيق ذاتها.
ومنذ ذلك الوقت بدأ بأخذ القياد في الصراع ما بين نشأته كجزء من الطبيعة ومآبين فطرته الجديدة المكتسبة اجتماعيا. وإذا كان الشعار القديم هو "ما يقف في طريقي سوف أدور من حوله"، فإن الشعار الجديد صار: "ما يقف في طريقي سوف أزيله بأية وسيلة كانت وأواصل مسيرتي".
ولإزالة كل عقبة عن طريقه أخذ العقل الإنساني يطرح تساؤلات من قبيل لم لا؟ كوسيلة لمحاكمة وتكسير اللاءات المقدسة المتوارثة التي تعرقل اي تغيير يبتغيه في أنماط سلوكه او تلك التي تقف امام رغبته في التوسع نحو أماكن عيش جديدة او محيطات ببيئية جديده. لمَ لا أدجن النار التي كان يخاف منها آبائي؟ واتنقل عبر الماء بالمراكب التي كان يخشاها أهلي؟ لمَ لا أقتل الحيوانات حتى الكبيرة منها التي كان أهلي يرون أنفسهم أقارب لها؟ لم لا اقطع الأشجار حتى تلك التي كان أبي يحترمها الى حد العبادة؟
مع كل "لا" جديدة تختفي هناك قفزة جديدة يبتعد فيها عن طريقة الحياة الأصلية وتفتح آفاقا لأنماط وأماكن عيش تتوسع فيها دائرة انتشار هذا الكائن. لم تعد المناطق الباردة او الجافة او الكثيفة الاشجار او الكتل المائية تعرقل هجرات النوع البشري وامتداده لأصقاع بعيده.
تحديات واستجابات
عند بلوغ تلك المرحلة أصبحت العلاقة بين الانسان والطبيعة أكثر تناحرية لذلك كان عليه أن يبذل جهدا أكبر كي ينجو في البيئات الصعبة الجديدة. وهذا يعني بالضرورة استخدام الأداة البشرية المتفردة، التي هي القابلية على التفكير والتخطيط والإبداع لإيجاد مخارج وحلول. ولهذا أصبحت القدرات العقلية للإنسان تدور وتتسارع بمعدلات تماثل متوالية هندسية. وبفضل هذه التحولات أصبح الانسان، وعلى عكس الأنواع الأخرى التي تضعف وقد تفنى عند تغير بيئاتها الحيوية، أكثر جبروتا وقدرة. فالتحديات التي تفرضها هذه التغيرات تؤدي إلى تنشيط المعالجة الفكرية لديه وتهيئته للانتقال إلى مستوى جديد في تطوره.
ومثل كرة ثلج تتدحرج من منحدر كان العقل البشري ينمو بسرعة قياسية مما يفسر تناقص الزمن الفاصل ما بين القفزات التطورية. فبينما كان الأمر يأخذ ملايين السنين في البداية، أخذ العداد بالتناقص الى مئات الألوف من السنوات. وعندما وصلنا إلى إنجازات مثل اللغة والزراعة وتدجين الحيوان وبناء المدن صارت إنجازات كهذه تتطلب بضع مئات من السنوات بينما في العصر الصناعي الرقمي ربما تكفي بضعة أيام بين القفزة والأخرى.
كل فرد في فلكه يسبح
المكونات التي تشكل وعي الانسان صارت تتميز بالتنوع والتعقيد والتداخل فيما بينها، فهي تبدأ من التركيب الجيني كأساس، غير أن المعلومات والتربية والبيت والشارع والتجارب والقراءات والمشاهدات.. إلخ تتداخل فيها إلى حد أن المنتوج النهائي أي الفرد المشخص يستحيل أن يشبه غيره. بات لكل انسان "شخصيته" المستقلة، المتفردة، والمتميزة عن غيرها. وربما نستطيع ان نعتبر بأن بروز ميزة الشخصية كميزه خاصه للإنسان هي التجلي الاوضح لاختلاف الأنسان عن غيره من الاحياء. ليس من شخصيه تشبه غيرها. كل فرد له شخصيته المستقلة. الفوارق تسببها أولا نظام التشغيل الاولي، ثم تأتي المؤثرات الأخرى التي تتفاعل بصوره تشابكيه ومعقده وعنقوديه لتنتج تغييرات متزايدة في ملامح وخصائص كل شخصيه تميزها وتبعدها عن غيرها. وكان ازدادت السنين والتجارب والأفكار والتعرض للمؤثرات..............كلما ازداد التباعد.
هذه الفوارق تتزايد مع مضي الوقت ومع التقدم الحضاري والابتعاد عن مسيرة الابن الذي يتبع خطوات أبيه. وكذلك كلما ازدادت دوامة التفكير واستخدام الذكاء والتعمق الحضاري والعلمي والتكنولوجي والعيش المديني ...الخ
فاذا كان الإنسان في علم الأحياء يُصنَّف على انه من مملكة الحيوانات، شعبة الحبليات، شعيبة الفقاريات، طائفة الثدييات، تفرع المشيميات، رتبة الرئيسيات، عائلة الأناسي، فصيلة الأنسانيات، جنس الانسان، نوع الانسان العاقل، فان هذا التصنيف ينطلق من التشريح الجسدي والقدرة على التزاوج والانجاب، ليس على الجانب السلوكي، وهو لا يصنف الفرد بصفته يمتلك "نفس" تميزه عن الافراد الذين ينتمون لنفس النوع ويتشارك معهم بنفس الصفات البيولوجية. التصنيف البيولوجي لا يضع " نفس" الانسان بعين الاعتبار على انها ليست هي ذاتها بين انسان واخر. وأطروحة النوع بتعريفها الحالي ليست صادقه في وصفها لأفراد المجموعة البشرية.
هناك حاجه الى اعادة نظر في حقل الدراسات الإنسانية ان لا نتوقف عند النوع لتعريف الانسان وان نضيف موضوعة "النفس" كمعيار إضافي او رتبه جديده لتمييز البشر بعضهم عن بعض. وفي هذه الحالة فأن كل مولود جديد هو "نفس" جديده. ولدينا الان 6 بليون "نفس" تنتمي لنوع "الانسان العاقل".

مهمة الإنسان "المقدسة"
ميزة الإنسان هي في امتلاكه ذكاء مرنا، غير محدود، غير مقيد...يقود الى انفصام مرن، غير محدود، وغير مقيد بكل ما يحيطه، ويمنحه "أنا" او "ذات" مرنة، غير محدودة، وغير مقيدة، تريد التوسع لتملأ الكون بنفسها وتزيح كل شيء غيرها. وقد رأينا ان "ذكاء" الإنسان هو جذر التطورات التي فصلته عن الطبيعة، وهو كذلك أصل علة اللاكمال او النقص لديه. يتبع هذا ان الإنسان كلما ازداد ذكاء ازداد لا كمالاً، او ازداد نقصاً، وفي نفس الوقت ازداد "انسانيةً". أي كلما ابتعد عن الطبيعة ازداد "انسنةً".
الطبيعة هي الكمال وهي مقياس الكمال. عناصرها ومكوناتها تتميز جميعها بالكمال طالما هي تنتمي إلى الطبيعة ولا تتخارج عنها أو تتمرد عليها. ولكننا في نفس الوقت نطرح موضوعة ان الإنسان ليس كاملا: أي أحجية هذه، و كيف لنا ان نحلها؟
الحل لهذا التناقض في نظرنا هو الإنسان "كامل" ولكن فقط لأداء المهمة التي خلق من اجلها والتي تتطلب كائنا ناقصاً. وتلك المهمة هي في إنهاء تجربة الحياة على الأرض بشكلها الحالي. ما حصل عبر التاريخ الحديث على الاقل من اتجاه واع مع سبق إصرار وتصميم من قبل اغلب المجموعات البشرية على استغلال قدراتها لتخريب الطبيعة و البيئة حتى ولو أدت في نهاية المطاف الى إبادة النوع البشري نفسه وهو ما يحصل الآن، هي دلائل وشواهد على هذه الموضوعة. وربما لن نستطيع، حتى لو شئنا، ان نوقف هذا المسار. غير ان رؤية مثل هذه سوف ترينا حكمة وكمال الخالق؟ في كل ما يحصل في العالم.
الرحلة
رغم ان كل منظومه معتقديه أنشأها الإنسان، دينيه او أسطورية او فلسفيه او سياسية، كان منطلقها ووعدها ان تحل الإشكالات التي نتجت عن عدم الكمال الإنساني، غير ان الملاحظ ان أي منها لم يواجه تلك الأحجية بصوره مباشره او حتى ان يصوغ أسئلة اوليه بسيطة من قبيل لماذا تخلق الطبيعة (او الله) المتسمة بالكمال كائنا غير كامل؟!
لأعجب إذا عرفنا ان تلك الأنظمة المعتقديه هي نتاج الإنسان نفسه، واتخذته نقطة انطلاق او مركز لبوصلتها القياسية. أي انها وبعد الانفصام الكبير انتقلت الى جانب الإنسان بالكامل، وأصبحت تنظر للأشياء من وجهة نظره البحتة. وهي تشير الى واقع جديد قوامه المنجزات البشرية ويتميز الى حد التناقض مع ذلك القائم على الوجود الطبيعي.
هذه الجزيرة كانت مسكونة بأنواع من الأحياء التي تحكمها بوصله واحده وتتبع قانون واحد، ثم جاء الانفصام الكبير، واكتسب أحد فيها تلك الأحياء مزايا جديده مكنته ان يعمل ويصنع مركبا يأخذه بعيداً. أخذ نوح ما يشاء من الأحياء وغادر تلك الجزيرة مبشراً بعالم الإنسان. اقلع في بحر عاصف، في مركب محدود الإمكانيات، وبدون بوصله هاديه. لم يكن لأحد أمل في الوصول لأي مرفأ، وليس للمركب سوى ان يواصل الابحار الى ان يغرق او يفنى. واثناء تلك الرحلة ابتدع المسافرون مؤسسات تنظيميه وإدارية وتعليميه للسكان، وكذلك منظومة قيم وأعراف وعادات وتقاليد تعبر عن حاجات ومصالح سيد المركب ة، أي الإنسان. معظم الركاب لم يعودوا يتذكروا كيف كانت الحياة على اليابسة، وماهية الروابط الطبيعية مع الكائنات الأخرى التي تشاركهم الرحلة. المركب أمسى هو الحقيقة الوحيدة بالنسبة لهم. لم يكن من شيء قبله، ولا شيء بخلافه ولا خارجه.
قد يأتي البعض شعور غامض بالانفصام، بالحنين الى واقع آخر طواه النسيان ويصعب وضع اليد عليه او تلمس ملامحه.
الطبيعة تأبى الا ان تتم نورها ولو كره الكافرون
المشروع الروحي والاديان المتفرعة عنه هي الوجه الحديث لممارسات الكهنة والحكماء والاطباء في المجتمعات السابقة للعصر الزراعي. هؤلاء أدركوا بكل وضوح خصائص الجنس البشري وتمايزه عن المحيط الطبيعي وقدراته غير المحدودة على استعباد مكونات المحيط وتسخيرها لخدمته وما سوف ينتج عن ذلك من تخريب للحياة. ادراكهم هذا مبني على يقين من ان الوجود واحد وان المركب واحد وان كافة المخلوقات هي اجزاء من سلاسل الحياة وان اي اختلال في عمل بعضها سوف يخرب السلسلة كلها. وعملوا من ثم على تقييد ممارسات الانسان على التغيير والتأثير بشتى انواع المحرمات القيود السلوكية التي ساعدت على حفظ الارض لألوف السنين بعد نشوء الانسان العاقل.
العصر الزراعي والدول القوية المرافقة له قضت على تلك الجماعات وأحلت المجتمعات الزراعية بدلها. نشأت دول او مدن دول ذات قوى عسكريه وقمعيه قضت على ما قبلها من جماعات وحولت الافراد الى فلاحين وحرفيين اي عبيد العمل واقامت ومؤسسات اقتصاديه واداريه وتعليميه حلت محل الكاهن والمعلم.
الفصام صار كاملا والدول الحديثة صارت هي عوالم الانسان المحصنة والمغلقة أقرب الى سفن الفضاء الني ابحرت في الكون ولم تعد تعرف طريق العودة، او مثل قاطرة خرجت عن سكتها ولا يبدو من سبيل لإعادتها اليها. أصبح الكائن البشري لا يرى سوى المؤسسة البشرية من حوله. اما والطبيعة لم تعد موجودة سوى في الحدائق التي انشأها الناس وسوى في حدائق الحيوانات.
في هذا القلاع البشرية المحصنة والمغتربة، كان يبرز كل فتره واخرى افراد يتمتعوا بالرؤية التي تتيح لهم إدراك الحقيقة والاختلال الذي اصاب الوجود الارضي بنشاط الانسان وموقعه. وهم الذين أدركوا الصلة ما بين روح الانسان والروح الكونية والانفصام الحادث بينهما. الاباء الروحانيون للبشرية والذين يمثلهم الانبياء والقديسين والحكماء الذين انشأوا البنى الدينية والروحانية والفلسفية مثل لاو تزو، بوذا، ومحمد مثلوا صحوة الطبيعة الحقيقية للإنسان في ذاته.
الروح الكونية الحية والتي سميت الطاو اوالطريق في الفلسفة الصينية تؤكد وجود قانون كوني واحد وقوه واحده تسير الوجود وان كل الموجودات تخضع له واي خروج عنه يؤدي الى اختلال وبطلان التوازن. ولأغراض عمليه تتناسب مع الواقع الجديد أطلقوا عليها في الاديان التوحيدية اسم الإله. تعاليم الرسل اخذت صيغا مؤسساتية وصارت اديانا. غير ان جوهر رسالاتها هو ذاته أي لجم قدرات الانسان الاغترابيه من خلال تعاليمها، واعادة الانسان الى حوانيته. والسبيل لذلك على الصعيد العملي هو أدراك ان التفكير البشري الجزئي هو ميزه الانسان الفريدة وهي التي أخرجته من الجنة.
الحركات الروحانية القائمة حاليا مثل اليوغا، والبوذية والصوفية هي في الجوهر النور المطلق او الرباني الذي يخترق ضلالات عالم الانسان وحجبه كي يتم ذلك النور ويؤكد ان الله او الطبيعة غالبة على امرها..
ولكن كان يحصل ان هذه الاديان كانت تختطف من أصلها الروحاني وتصبح رهينه للمؤسسة البشرية المتسيده على المحيط ولذا صارت تلك البنى الدينيه بشكل عام تقر بتفوق الانسان، نقائص الاحياء الاخرى، واحقيته في استغلالها، وفي تشكيل المحيط تبعا لرغباته.



#حافظ_الكندي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات ...
- علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
- ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
- مصادر مثالية للبروتين النباتي
- هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل ...
- الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
- سوريا وغاز قطر
- الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع ...
- مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو ...
- مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حافظ الكندي - ظاهرة الانسان: الكمال في النقص