أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم سبتي - قصة قصيرة - ما قاله الرقيم














المزيد.....


قصة قصيرة - ما قاله الرقيم


ابراهيم سبتي

الحوار المتمدن-العدد: 1638 - 2006 / 8 / 10 - 10:33
المحور: الادب والفن
    


ماتت المرأة بعد ولادته.. هذا ما قاله الرقيم الطيني الذي عثرت عليه مجموعة التنقيب، وهو مربع كبير الحجم دونت فيه بعض الأحاجي والتعاويذ وحكايات صغيرة متفرقة..
المرأة تموت وتترك الطفل وحده في الإعصار، وحده في الخرائب والأماكن الموحشة المهجورة.. هذا ما قاله الرقيم.. الطفل الذي كان طفلاً يلتحف السماء في البراري والقفار هو نفسه الذي سكن الخرائب والجبال واقتات العوسج والعليق، وهو كجن مخيف، مرعب تكفي نظرة واحدة منه لتحويل أي إنسان إلى دخان يتصاعد إلى السماء ويتلاشى بعد حين، ثم تدوي ضحكته الجوفاء في الفضاء الأخرس.. يختفي نهاراً ويلقي الرعب والهلع في قلوب الناس ليلاً.. هذا ما قاله الرقيم.. يهاجم الرجال ظناً أن أباه أحدهم..
أبوه الذي تركهم هائمين على وجوههم عندما قال لامة مرة.. هذه محنتكم لوحدكم.. فيظل يهاجم كل الرجال ويحيلهم إلى دخان متطاير.. ثم تأتي الجنيات فتفترس الذكور من البشر الذين لم يتحولوا إلى دخان بعد.. لكنه يسأم منظر الدخان وفزع الجنيات، فيذهب وحيداً فوق التلول.. هذا ما قاله الرقيم.. يمشي بعيداً عن البشر.. بعيداً عن الذنوب.. بعيداً عن العيون.. فتظهر امرأة مهيبة يحيط بها رجال مسلحون بالفؤوس.
لكنهم لم يمكثوا أمام بشاعته فهربوا تاركين المرأة وحدها بين أنياب الرعب والرهبة.. يحملها على كتفه ويسير بها نحو واد سحيق فيدخلها حفرة واسعة.. هذا ما قاله الرقيم..
حفرة واسعة جداً.. يومين.. ثلاثة.. أسبوعاً لكنها ترغب مذعورة بالرجوع، فتخيل هو أنها سوف تأتي برجالها لتقتله، وبعد تردد سمح لها شرط العودة ثانية.. جلس منزوياً في ركن بعيد وراح يمعن شراباً حتى منتصف الليل.. في الصباح كانت الحفرة مليئة بالرجال المسلحين بالفؤوس تتوسطهم ذات المرأة.. لم يهربوا هذه المرة.. بل لم يتحولوا إلى دخان..
فربما فقد قدرته على ذلك.. هذا ما قاله الرقيم..
تذكر أمه التي ماتت بين الخرائب وإن لم يرها.. تذكر أباه الذي تركهم للارجعة.. تقدموا منه يلوحون بفؤوسهم، شهر عليهم بشاعته وأنيابه.. لم يهربوا.. صرخ بهم بقوة هزت المكان.. انهالوا عليه بالضرب ثم ربطوه بالحبال وذهبوا.. بعد عدة شهور.. جاؤوا بالمرأة الباكية.. المتألمة.. فلم يجدوا أحداً مربوطاً، بل كانت عظاماً مقرفصة ملفوفة بالحبال..
صرخت المرأة بعنف وهي تلد طفلاً لم يبك قط.. حملوا المرأة النازفة المفزوعة بينما ظل الطفل وحيداً قرب كومة العظام صامتاً..



#ابراهيم_سبتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المُدَوّنة / قصة قصيرة
- الكثرة تغلب القراءة
- المواطن الناصري الابدي
- ايقاع الالم وسحر الكتابة
- الحرية والدموع في رواية ممر الى الضفة الاخرى
- الطائر / قصة قصيرة
- جنون النار/ قصة قصيرة
- اعترافات تاجر اللحوم : رواية المنافي والانكسارات المتلاحقة
- ليل راكض / قصة قصيرة
- برج النعام / قصة قصيرة
- كمال سبتي يؤرخ لاربعينيته
- كل الطرق / قصة قصيرة
- عشر قصص قصيرة جدا
- ارض منزوعة الظلال / قصة قصيرة
- ليلة بكاء الكلب / قصة قصيرة
- امنية موتي / قصة قصيرة
- الاحتفاء بعذابات القصة
- عوني كرومي : مسافر ليل يرحل مبكرا ايضا
- رجل متضفدع / قصة قصيرة
- آخر الغروب / قصة قصيرة


المزيد.....




- مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم سبتي - قصة قصيرة - ما قاله الرقيم