أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد مهاجر - هلال امدرمان وهلال بورتسودان














المزيد.....


هلال امدرمان وهلال بورتسودان


محمد مهاجر

الحوار المتمدن-العدد: 6802 - 2021 / 1 / 29 - 09:12
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


-
ان الدارس لاستخدام السودانيين لوسائل التواصل الاجتماعى قد يتوصل الى استنتاجات منها التفاوت الواضح بين جيل الالفية والاجيال السابقة, فالجيل الجديد يهتم بالحصول على المعلومة اكثر من اهتمامه بطريقة معالجتها. والملاحظة الثانية ان السودانى يضع مسالة إقامة علاقات اسفيرية مع الجنس الاخر في مرتبة اعلا في سلم اهتماماته. وقد تعزى النتيجة الأولى الى تدنى مستوى التعليم خلال العقود الثلاثة من حكم الدكتاتور المخلوع عمر البشير, لكن تحليل الظواهر الثقافية تكون فائدته اكبر لو نظرنا اليه بمنظور شامل بعيدا عن الانتقائية.

تشتمل الثقافة على المبادئ والقيم والمثل والمعتقدات والعادات والطقوس والاعراف وانماط العيش والميول وغيرها. ولدراسة مظهر من مظاهر الثقافة فاننا نحتاج الى ننظر اليه من خلال علاقتها بالمظاهر الأخرى وكذلك من خلال اجراء مقارنات بالثقافات الأخرى. واذا سال السودانى اخد زملاء العمل او اخد جيرانه في بلاد الغربة عن انطباعه العام عن الفرد السودانى فان اول ما يتبادر الى ذهنه هو عادة تناول السودانيين للوجبات في شكل جماعات لا افراد. وهى عادة حميدة لكنها تكاد تكون حصرا على الشعب السودانى وحده. إضافة الى ذلك فان السودانيين, وخاصة النساء, يتميزون بتذهيب نادر. هذه إيجابيات, فهل هنالك سلبيات في بعض جوانب الثقافة السودانية؟

ان تناول الوجبات في اطار جماعى قد يفسر في اطار الكرم او التكاتف او التألف بين الناس, لكن يمكن ان ينظر اليه في اطار التوجه الجماعى العام والذى يقمع الرغبات الفردية لصالح الجماعة. ونحن نجد ان المجتمع منتظم في شكل أقاليم وطوائف وقبائل وعشائر واسر ممتدة. كذلك نجد ان الانتماء لهذ الكيانات هو انتماء موروث. والانكى من ذلك ان الخروج من احد هذه القوالب بالغ الصعوبة ومكلف. وقد تكون التكلفة باهظة الثمن اذا صنف سلوك الخارجين على انه اغتراف للعار او إهانة لقيم الجماعة. وعلى الرغم من قدم الأحزاب فان تاثيرها هو الأضعف ويزداد ضعف التاثير كلما تمسك الحزب بمبادئ التفكير النقدى والتحرر والدعوة الى التجديد.

ان الحرص على التجانس الاجتماعى جعل الناس ينظرون الى التعليم باعتباره وسيلة لحشو رؤوس التلاميذ بالمعلومات دون الاهتمام بتمليكهم منجها يساعدهم على البحث العلمى والتحليل واستخدام المنطق. ولان لغة التعليم لا تعبأ كثيرا بتطبيق الأسلوب العلمى والنقدى فاننا نجد ان الخطاب السودانى تسوده العبارات الفضفاضة او المقتضبة او حمالة الاوجه, والتى ترسل الى المخاطب وفى ذهن المرسل ان حديثه مفهوم للجميع.

كثيرا ما يطلب احدنا دراسة جدوى لمشروع فينصح بان يترك الامر ويستشير من هم في دائرته الضيقة او الواسعة, وحين يفعل تاتى الاستشارة على شكل حكاية عامة ليس بها ارقام ولا خطط ولا برامج. هذا السلوك ناتج عن القناعة بان المشروع الذى جربه سودانى سينجح مع سودانى اخر لأننا قوم متشابهون. ولهذا نجد ان التجارب الناجحة تستنسخ, فنجد هلال امدرمان وهلال بورتسودان ومريخ امدرمان ومريخ نيالا واهلى الخرطوم واهلى مدنى واخلاص مدنى واخلاص عطبرة واخلاص تندلتى وهكذا. وفى حالة كرة القدم فان خسارة الفرق من استخدام اسمها قد لا يكلفها الكثير في ظل القوانين القائمة, لكن في حالة الشركات فان التقليد الاعمى يؤدى الى اغراق السوق ويؤدى الى افلاس الكثير من الشركات.

في مجال السياسة تنجح التحالفات اثناء فترة المعارضة وتفشل حين تكون التنظيمات المعارضة هي الماسكة بزمام السلطة, والسبب هو عدم اهتمام هذه التنظيم بمناقشة التفاصيل. والتفاصيل الصغيرة هي التي تميز البرنامج الجيد والبرنامج الملئ بالثغرات. لقد كتبت الكثير من البرامج التي تضمنت مفاهيم مثل الدولة المدنية وإدارة التعليم والإصلاح التربوى والاشتراكية والعدالة الاجتماعية والحرية والسلام وغيرها, لكن الذى حدث هو ان كل من هذه المفاهيم اصبح مثار جدل, واحيانا مدعاة للنزاع والتكفير. والسبب هو ان كثير من الناس يعتقدون ان العقول السودانية تتشابه وهى بالتالى متفقة حول تلك المفاهيم.

لا توجد ثقافة سيئة مطلقا او جيدة مطلقا لكن هنالك الجيد والردئ في كل ثقافة. وفى هذه الالفية التي تطورت فيها التكنولوجيا والعلم ووسائل التواصل حرى بنا ان ناخذ افضل ما انتجته البشرية من قيم مادية وفكرية تاركين الخبيث. ولا يضيرنا ان نعيد النظر في بعض الذى ساهم في عدم تطور بلادنا اقتصاديا وثقافيا وتعليميا وتقنيا. ان الشعور بالوحدة الهشة المبنية على التواطؤ مع القيم البالية لا يفيد.



#محمد_مهاجر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الامعة والاحمق
- العقل ام العاطفة
- ما هي الضمانات؟
- نريدها مدنية صرفة
- حول صراع السلطة في السودان
- الصراع السياسى المتحضر
- مصل الكرونا نعمة ام نقمة؟
- الارادة الحرة
- خيار العلمانية في السودان
- المهام العاجلة للثورة السودانية
- جوانب من ممارسات الراسمالية الطفيلية في السودان
- اهانة اعلامية ام اهانة لدولة القانون
- دور المغتربين السودانيين في التنمية
- عقبات في طريق الثورة السودانية
- قلت اصطبر
- الثورة السودانية وتحقيق العدالة
- لماذا طالت الحرب فى السودان
- تراتيل الروح المنعمة
- هل هو تفاوض من اجل السلطة ام السلام
- حول النظام الطائفى فى السودان


المزيد.....




- -9 آلاف مجزرة وأكثر من 60 ألف قتيل- في غزة.. أرقام مرعبة يكش ...
- الرئيس الكولومبي يصعّد انتقاداته لسياسات الهجرة الأمريكية وي ...
- الجيش الإسرائيلي يفجر 23 مبنى سكنيا في مخيم جنين
- كيف نطق الإنسان؟ أهم الفرضيات حول أصل لغة البشر
- ملك الأردن يلتقي ترامب بواشنطن في 11 فبراير
- نائبة أيرلندية: إسرائيل دولة فصل عنصري والعالم بدأ يدرك ذلك ...
- دفعة ثانية من الجرحى والمرضى تغادر قطاع غزة عبر معبر رفح
- عاجل | رئيس بنما: قناة بنما ستبقى تحت إدارتنا ولم أشعر خلال ...
- نيويورك تايمز: الحياة في غوما لا ماء ولا غذاء وكثير من عدم ا ...
- مكتب الإعلام الحكومي: غزة تحولت إلى منطقة منكوبة


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد مهاجر - هلال امدرمان وهلال بورتسودان