|
هل تسحب موريتانية اعترافها بالجمهورية الصحراوية ؟
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6749 - 2020 / 12 / 1 - 22:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
السؤال الذي نطرحه على الاخوة الموريتانيين . هل موريتانية حقا دولة محايدة في نزاع الصحراء الغربية كما تروج في خطاباتها الرسمية ، ام انها تعتبر طرفا منحازا لطرف على حساب طرف آخر ، رغم ان قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ سنة 1960 ، وقرارات مجلس الامن منذ سنة 1975 ، لا تعترف بالجمهورية الصحراوية ، ومن جهة فالصحراويون ومنذ اندلاع الصراع والى الآن ، لم يقرروا مصيرهم بأيديهم ، ولم يستفتوا على شيء للتعبير عن ارادتهم التي لا تزال تنتظر تنظيم الاستفتاء ، الذي نفض مجلس الامن ، والجمعية العامة يديْهما عنه .. ان اعتراف موريتانية بالجمهورية الصحراوية في سنة 1979 ، هو اعتراف بجمهورية انشأها الهواري بومدين ، ومعمر القدافي ، لفرضها كأمر واقع ، لإرباك الوضع ، وتعقيده بما يحول دون اطمئنان المغرب عن أراضيه بعد استرجاعها تنفيذا لقرار الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في 16 أكتوبر 1975 ، حين اقر بوجود علاقة بيعة مع بعض القبائل الصحراوية ، وحين اقر بوجود معاملات قانونية بين القبائل الصحراوية المبايعة ، وبين السلاطين العلويين . ان الجمهورية الصحراوية التي اعترفت بها الجمهورية الموريتانية ، هي جمهورية من نتاج الحرب الباردة ، وليست من نتاج تعبير حر بعد استفتاء الصحراويين الذين لا يزالوا مرتبكين بين الجمهورية القائمة ، وبين المطالبة بالاستفتاء وتقرير المصير ، لإنشاء جمهورية ثانية ، عوض الجمهورية الأولى التي انشاتها جزائر الهواري بومدين ، وليبيا معمر القدافي .. وكان على الجمهورية الصحراوية التي نزلت من فوق على رؤوس الصحراويين ومن دون استفتاء ، ان تذهب مع الريح التي ذهبت بالحرب الباردة بعد سقوط الاتحاد السوفياتي السابق ، وسقوط جدار برلين ، وافول أنظمة برجوازية الدولة الصغيرة في اوربة الشرقية ، التي حكمت باسم شيوعية لم يكن منها غير الاسم . فكيف والحال هذا ، والقادة الموريتانيين يحقون ويدركون هذه الحقيقية ، ان يستمروا يعترفون بجمهورية ليست من انتاج استفتاء ، ولا قرر بشأنها الصحراويون مصيرهم ، والحال ان القادة الموريتانيين يقولون انهم يلتزمون الحياد في نزاع الصحراء ... فهل الموقف الموريتاني هو حقا موقف محايد وغير منحاز ، ام ان الاعتراف بالجمهورية الصحراوية ، ومن دون استفتاء هو موقف مناصر للجزائر ، على حساب المغرب ؟ بل الاخطرانّ في الاعتراف الموريتاني بالجمهورية الصحراوية ، يعني عدم الاعتراف بمغربية الصحراء ، ومن جهة انّ هذا الاعتراف الذي لم يكن سببه استفتاء ، يعتبر وبطريقة غير عادية الوجود المغربي بالصحراء ، بمثالة احتلال ، مع العلم ان أي موقف من النزاع يجب ان يأخذ بعين الاعتبار القرارات التي اتخذتها الجمعية العامة ، والقرارات التي اتخذها مجلس الامن ، رغم ان هذا الأخير فضل في قراراه الأخير 2548 الابتعاد عن الطوباوية ، واختار البرغماتية التي سطرها في الحل السياسي التوافقي ، والمقبول من جميع اطراف النزاع ... فهل الحل السياسي التوافقي يعني تبني حل الانفصال ، او يعني الاعتراف بالجمهورية الصحراوية المتعارض انشائها مع القانون الدولي ، او يعني حل الحكم الذاتي الذي هو نفسه تقرير مصير ، سيمكن الصحراويين من الاستفراد بالشأن العام ، باستثناء الخارجية والدفاع ... فلو كان القرار 2548 فيه ما يفيد اية إشارة او دعوة الى الانفصال ، فمَنْ منع مجلس الامن كحومة للشعوب ، من ان تنصص صراحة على حل الانفصال ، ومنْ منعه من النطق والافصاح عن وجود جمهورية صحراوية ، رغم انها لم تنشأ بواسطة الاستفتاء ، ولا قرر الصحراويون بشأنها مصيرهم ... فإذا كان ملف النزاع المفتعل بيد مجلس الامن ، الذي نص على حل لا غالب ولا مغلوب ، حين اصدر قراراه الشهير 2548 الذي يركز على الحل السياسي التوافقي ... لا يعترف بالجمهورية الصحراوية التي سماها في سبعينات القرن الماضي مناصريها بجمهورية المنفى ، فما هو التبرير او المستند القانوني الذي ركزت عليه الجمهورية الموريتانية ، اعترافها بالجمهورية الصحراوية ضدا على قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ القرار 1514 في سنة 1960 ، وضدا على قرارات مجلس الامن منذ سنة 1975 ؟ اللهم الانحياز المكشوف لطرف على حساب طرف آخر ، وهذا يجعل الجمهورية الموريتانية تتناقض مع الشرعية الدولية التي لا تعترف بشيء اسمه الجمهورية الصحراوية ، لان من انشأها ليس القرارات الأممية ، ولا سلطة مجلس الامن ، ولا الأمم المتحدة ، بل ان من انشأها في سنة 1976 هي جزائر الهواري بومدين ، وليبيا معمر القذافي ... والسؤال : الم يحن الوقت بعد لكي تصحح الجمهورية الموريتانية خطأ تاريخيا ارتكبته قيادة سابقة ، بسبب تخندقها الى جانب الجزائر ، عوض تخندقها الى جانب الشرعية الدولية التي تتعامل مع البوليساريو كجبهة ، وليس كجمهورية مفروضة من فوق ، لفرض امر واقع بدّده مرور الزمن ، وبدّدته التحولات التي عرفها العالم منذ نهاية الحرب الباردة ... الاطروحة الجزائرية تآكلت ، مع انهيار الاتحاد السوفياتي ، والوضع الدولي بصدد تصحيح أخطاء الحرب الباردة ، مفضلين التاريخ والجغرافية ، والقرارات الأممية ، والبراغماتية ، عوض الدوغماتيكية ، ومستشرقين السلم الدولي المهدد بالإرهاب وبالجماعات المتطرفة .. وانّ ما جرى بمعبر الغرغرات الذي باركه المجتمع الدولي ، من الأمم المتحدة ، الى الولايات المتحدة الامريكية ، وروسيا الاتحادية ، وجمهورية الصين الشعبية ، وكوريا الجنوبية ، وحتى الشمالية ، واليابان ، وحتى ايران ، والاتحاد الأوربي ... لخ ، باستثناء الجزائر المريضة ، وجنوب افريقيا ... ، هي رسائل واضحة وليست مشفرة ، باستحالة قيام جمهورية بالجنوب المغربي ، تفصل بينه ، وبين الجمهورية الموريتانية الشقيقة .. ان قضية الصحراء الغربية المغربية في طريقها الى الحسم النهائي ، والجزء الثلث الذي اوكله المغرب الى الأمم المتحدة كمنطقة عازلة ، التي تعتبرها البوليساريو بالمناطق المحررة ، في طريقه الى الالتحاق بالأرض الام ... وما يجري اليوم بالولايات المتحدة الامريكية بعد نجاح الرئيس " بايْدنْ " ، سيبارك التصحيح للخلل الذي عجز مجلس الامن عن تصحيحه ، وهو الثلث المكون للمنطقة العازلة . لقد ضم الرئيس " بايدن " الى مكتبه فريقا ، كلهم من مناصري الحل المغربي لقضية الصحراء ، وكلهم ضد صنيعة الجزائر / ليبيا الجمهورية الصحراوية . ان كل المؤشرات تفيد باحتمال ان يتم منح " أنتوني بليكن " منصب كاتب دولة في الشؤون الخارجية ، وهذا صديق للرباط مثل " هيلاري كلنتون " التي يجمعها به وبالمغرب علاقات متينة ..وهذا يبدد أي محاولة لشغل " سوزان راييس " المتعاطفة مع البوليساريو هذا المنصب ..كما تشير كل المؤشرات على منح منصب سفير أمريكا بالأمم المتحدة الى " ليندا توماس غريتفيلد " ، وهذه لها علاقة قديمة مع دبلوماسية المغرب ، توصف بالجيدة .. فيما كرسي مستشار الامن القومي للرئيس الأمريكي سيكون من نصيب " جيك سوليفان " ، ومعروف عن هذا الرجل الهدوء ، والرزانة ، والوسطية ، بخلاف " جون بلتون " المتهور الذي ابعده الرئيس دونلد ترامب لتطرفه ..ان " جيك سوليفان " المعروف برجل التوازنات الكبرى ، هو أيضا من المقربين من نادي الملكيات العربية .. اذن مع هذه التعيينات المهمة ، ومع التحول الذي يعتمد في السياسة الدولية البراغماتية ، وينبذ الدوغماتيكية ، ومع القرار 2548 الأخير لمجلس الامن ، والسيطرة على الغرغرات ، والشروع في التخطيط لتصحيح الوضع بالنسبة للمنطقة العازلة ، ونظرا للجزائر المريضة التي أصبحت تعرف بالرجل المريض بالمنطقة ، حيث غياب الرئيس تبون ، وكل التقارير تفيد بعجزه على طريقة بوتفليقة ، ونظرا لتدني أسعار الغاز والبترول ، واستفحال الازمة الاقتصادية والاجتماعية ، وهناك اخبار شبه مؤكدة تفيد بتعرض قائد الجيش سعيد شنقريحة بعارض صحي ، وتم نقله على وجه السرعة الى مستشفيات سويسرة ، مع تكتم الجيش عن نوع المرض الذي يعاني منه قائد الجيش ، ومع التحول الذي حصل في الاتحاد الافريقي حيث فتحت ثمانية عشر دولة قنصليات لها بالعيون وبالداخلة ، وحيث اعتراف أكثرية الدول العربية بمغربية الصحراء ، إضافة الى الموقف المتزن لرئيس تونس السابق السيد منصف المرزوقي ..... يكون المغرب قد بسط سلطته طولا وعرضا على الصحراء ، وفرض ايقاعا سياسيا من الصعب على الجزائر المريضة ان تجاريه ، سيما وان وضعها وفي غياب الرئيس يبقى غامضا ومبهما .. وحتى لا نحرج الاخوة الموريتانيين ، ندعوهم فقط الى اعتماد الحياد ، وتجنب الانحياز ... والحياد وعدم الانحياز ، لا يعني الاعتراف بمغربية الصحراء ، كما لا يعني الاعتراف بالجمهورية الصحراوية ، لكن يعني الموقف الوسط ، في انتظار ان يفصل مجلس الامن في المشكل بشكل نهائي ... ان سحب اعتراف موريتانية بالجمهورية الصحراوية ، وعدم اعترافها بمغربية الصحراء ، في انتظار قرار الختم لمجلس الامن ، يبقى هو الحياد الحقيقي ... فهل آن الأوان للجمهورية الموريتانية بتصحيح خطأ حصل بسبب الانفعال ، وليس بسبب القناعة والاقتناع ؟
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوساطة الموريتانية
-
- اللجنة التأسيسية المعارضة للنظام الملكي بامريكا -
-
تقنين اساليب القمع السياسي والايديولوجي لاضفاء مشروعية جبرية
...
-
حزب النهج الديمقراطي وقضية الصحراء -- بيان الكتابة الوطنية -
...
-
بيان وزارة الخارجية الجزائرية
-
البوليساريو تنتحر
-
الصحراء الغربية
-
من يتحمل مسؤولية ما يجري بالگرگرات ؟
-
الوضع القانوني لمعبر الگرگرات
-
أخطاء جبهة البوليساريو
-
قرار مجلس الامن 2548 حول نزاع الصحراء ، كان صفعة مدوية في وج
...
-
تقييم الوضع في الصحراء .
-
ماذا يختمر بالگرگرات .. ؟
-
نعم انها فعلا حرب يخوضها النظام الجزائري ضد المغرب ..
-
هل تلوح في الافق بوادر عودة الى الحرب في الصحراء ؟
-
آليات السيطرة والعنف في نظام الحكم المطلق
-
من المسؤول عن الوضع العام في الصحراء ؟
-
مملكة الرعب والخوف
-
الفقيه محمد البصري
-
ولا يزال الرئيس الجزائري يهذي في هذيانه
المزيد.....
-
بعد تحرره من السجون الإسرائيلية زكريا الزبيدي يوجه رسالة إلى
...
-
أحمد الشرع رئيساً انتقاليا لسوريا...ما التغييرات الجذرية الت
...
-
المغرب: أمواج عاتية تضرب السواحل الأطلسية وتتسبب في خسائر ما
...
-
الشرع يتعهد بتشكيل حكومة انتقالية شاملة تعبر عن تنوع سوريا
-
ترامب: الاتصالات مع قادة روسيا والصين تسير بشكل جيد
-
رئيس بنما: لن نتفاوض مع واشنطن حول ملكية القناة
-
ظاهرة طبيعية مريبة.. نهر يغلي في قلب الأمازون -يسلق ضحاياه أ
...
-
لافروف: الغرب لم يحترم أبدا مبدأ المساواة السيادية بين الدول
...
-
الشرع للسوريين: نصبت رئيسا بعد مشاورات قانونية مكثفة
-
مشاهد لاغتيال نائب قائد هيئة أركان -القسام- مروان عيسى
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|