|
البوليساريو تنتحر
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6731 - 2020 / 11 / 13 - 23:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ما جرى الى حد اليوم بمعبر الغرغرات لا يعد حربا حقيقية ، وانْ حاولت ابواق الجبهة النفخ في ما حصل ، لتقدم مادة كاذبة الى الصحافة العالمية ، والى الصحراويين الذين يجهلون كل شيء ، لامتصاص غضبهم من القرار 2548 الذي حسم مع خيار الاستفتاء وتقرير المصير ، وركز على الحل التوافقي الذي هو حل الحكم الذاتي .. فما حصل هو مجرد مناوشات لانّ الحرب بمفهومها الاستراتيجي بعيدة كل البعد عن جبهة البوليساريو ، لأنها اكبر منها من جهة ، ومن جهة لتوظيفها في خدمة اجندات الجزائر، باسم الصحراويين المُغرّر بهم في معركة خاسرة من بدايتها .. ان اكبر خطأ سقطت فيه الجبهة ، هو حين انطلى عليه مقلب اتفاق 1991 الذي وقعته عن طيب خاطرها ، ورغم ان الاتفاق احدث ما يسمى ب " هيئة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية " ، " المينورسو " ، فان الهيئة ومنذ انشاءها ، ظلت عاجزة عن القيام بالمهام التي تم احداثها من اجلها ، ومع مرور السنين سيتم افراغ الجبهة من اختصاصاتها الرئيسية ، ولتصبح بقدرة قادر مكلفة فقط بمراقبة وقف اطلاق النار ... انْ تستحلي جبهة البوليساريو الراحة طيلة ثلاثين سنة من توقيع اتفاق 1991 ، وان ترتمي في البروتوكولات الخاوية التي لا تخدم في شيء حل الانفصال ، وكانت في اصلها مقلبا لشل الزخم الذي كان للجبهة قبل 1991 ، والذي نفخت فيه الحرب الباردة ... وبعد مرور ثلاثين سنة من الانتظارية القاتلة لينوب عنها مجلس الامن في تطبيق كل بنود ونصوص اتفاق 1991 ، لهو غباء ما بعده غباء ... فإذا كانت الجبهة بتوقيعها اتفاق 1991 الذي وضع حدا لحرب كانت جارية ولم تكن مناوشات ، ورغم مرور ستة عشر سنة من الحرب التي كادت ان تعطي نتائجها ، وكادت ان تسبب في تغيير النظام في المغرب الذي استمات صابرا ، ومتحملا الموجة التي كانت اكبر منه ، وهو الآن في اوج قوته ، سواء من الناحية العسكرية التي خدمتها ثلاثون سنة من الهدنة ، وان شئنا من حالة اللاّحرب واللاّسلم ، وانقلبت الصورة عكسيا حين أصبحت الدول التي كانت تعترف بالجمهورية الصحراوية التي انشاتها الجزائر في سنة 1976 ، تفتح لها قنصليات بمدينة العيون ، وبمدينة الداخلة ، ووصل عددها سبعة عشر دولة ، وتتجرأ دولة الامارات العربية المتحدة بفتح قنصلية لها كذلك بعاصمة الصحراء ... وانْ ينقلب مجلس الامن الدولي ، حكومة دول الأمم المتحدة ، بالانقلاب على القرار 690 ، وبرمي اتفاق 1991 في المزبلة الأممية ، وليتمالك كل الشجاعة في اصدار القرار المعجزة الشهير 2548 في 30 اكتوبر الفائت ... .. فكيف تعتقد الجبهة انّ ما فشل الرصاص في تحقيقه ، وما عطلته كل قرارات مجلس الامن التي كانت تحمل في طيّاتها استحالة تنظيم الاستفتاء ، ستحققه اليوم البوليساريو بغزوة الگرگرات بأربعين نفر باسم المدنيين وما هم غير بلطجية قطاع طرق لم ينجو من همجيتهم حتى الزفت المعبدة به الطريق ، دون نسيان التحرش بالجيش ، وترديد الكلام النابي ، والسب ، والشتم .. والتهديد بالاجتياح ، وبإشعال الحرب التي هي اكبر منهم ... ان ما جرى بالغرغرات مؤخرا ، سبق ادانته من قبل مجلس الامن في القرار 2414 الصادر سنة 2018 ، وادانه الأمين العام للأمم المتحدة مؤخرا حين دعا الى فتح الطريق للمدنيين وللتجارة ... وهذا ليس له من تفسير غير ان جبهة البوليساريو حين غزت الغرغرات بدعوى غلق المعبر ، تكون قد خرقت اتفاق 1991 ، وتكون بتواجدها هذا ، ضد القانون الدولي ... ان المنطقة العازلة هي منطقة منزوعة السلاح ، ومن ثم فهي تخضع للأمم المتحدة التي تتحمل كل النتائج عمّا يحصل من تطورات تهدد الامن والنظام العام .. فدخول البوليساريو الى المنطقة العازلة هو تصرف ضد مجلس الامن ، وضد الأمم المتحدة ، وضد آلياتها المختلفة .. وبما ان المنطقة العازلة المنزوعة السلاح تسمى كذلك ، فباستثناء التواجد العسكري المحرم لكلا الجانبين ، فان من حق المدنيين من كلا الأطراف ، ان تدخل وتخرج من المعبر من دون حرج ولا مشاكل .. وهذا بمنطوق القانون الدولي الذي ينظم ما يسمى بالمناطق العازلة ... لقد فقدت الجبهة عقلها ، وفقدت اعصابها منذ ان اصدر مجلس الامن القرار 2548 ، الذي قلب المعادلة التي جاء على أساسها اتفاق 1991 ، ف " المينورسو " تم افراغها من مهامها ، خاصة منطوق القرار 690 ، والحلم بالجمهورية الصحراوية اصبح غبارا متناثرا في حضيرة الاتحاد الافريقي وفي العالم .. فكان تصرف البوليساريو شادا ، ودليلا على الارباك والإحباط ، وفقدان الامل الذي تبخر بانتظارية ثلاثين سنة في الثلاجة .. وعندما ارادت الجبهة الخروج من السبات الابدي وليس الشتوي ، وجدت ان الوقت قد فات ... والسؤال الذي نطرح هنا : منذ متى ومعبر الغرغرات مفتوح ويشتغل بطريق عادي... ؟ ولماذا بالضبط اليوم الغراغرات مع العلم ان المعبر مفتوح منذ 2001 ..؟ ان ما قامت به الجبهة اليوم بمعبر الغرغرات ، والهجوم الفاشل على المحبس الذي جابهه الجيش المغربي ببسالة نادرة ، ومفاجئة البوليساريو بالأسلحة الفتاكة التي استعملها الجيش وكبدتهم خسائر لن ينسوها ...هو انتحار لشخص يائس أخلف الموعد مع فرص لن تتأتي له ابدا ، سواء الحالة والوضعية قبل 1991 ، او التفريط في اقتراح الحكم الذاتي الذي اصبح بدوره مستبعدا اليوم لفائدة الجهة المتقدمة الاختصاصات .... الآن معبر الغرغرات اصبح محصنا ، لان وحدات الهندسة العسكريةة بنت وفي ظرف قياسي ، طوقا امنيا عبارة عن جدار طوله عشرة كلومترات ، لضمان تدفق الأشخاص المدنيين والبضائع ، ولإغلاق الثغرة التي كان الانفصاليون يتسللون منها ... والجدار الصخري يصعب اختراقه إضافة الى ملايين الألغام المزروعة خارج الجدار ... وهذه الحقيقة التي استوعبها إبراهيم غالي ، دفعت به الى الاستنجاد بالأمين العام للأمم المتحدة ، وبمجلس الامن لحماية ما سماه ( الشعب الصحراوي ) ، وممثل الجبهة بأوربة وجه نداء من بروكسيل يدعو فيه الى تضامن دولي مع ما اسماه ب ( الشعب الصحراوي ) .. لكن ما يفوت هؤلاء ، انهم يجهلون ان العالم تغير منذ سقوط الاتحاد السوفياتي ، وموت الأيديولوجية ، وزاد في تغييره الذي لم يكن منتظرا الوحش كورونا .... ان الدول العظمى بمجلس الامن ، الدّركة لتاريخ المنطقة ، خاصة اسبانيا وفرنسا ، والولايات المتحدة الامريكية ، لن يسمحوا ابدا بانفصال الحصار عن المغرب ، لانهم مقتنعون بان معنى الانفصال يقابله سقوط النظام الملكي في المغرب ... فهل سيقبل هؤلاء بالتضحية بحليف استراتيجي قدم خدمات خطيرة ابّان الحر بالباردة ، ولا يزال مستعدا لتقديم خدمات اكثر ، لصالح تقوية دولة كانت عدوا ، ولا زالت تعيش بشعارات الحرب الباردة ولو من باب المتاجرة ، للحفاظ على الطابع الخاص لدولة ( الميلون ونصف مليون شهيد ) ... شيء لا يمكن لعقل سليم تقبله .... البوليساريو انتهى ... والجزائر تنتظرها أيام عجاف .. تبقى خاضعة لجميع السيناريوهات الممكنة والغير ممكنة .... انها في فوهة البندقية الغربية والإسرائيلية ...
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الصحراء الغربية
-
من يتحمل مسؤولية ما يجري بالگرگرات ؟
-
الوضع القانوني لمعبر الگرگرات
-
أخطاء جبهة البوليساريو
-
قرار مجلس الامن 2548 حول نزاع الصحراء ، كان صفعة مدوية في وج
...
-
تقييم الوضع في الصحراء .
-
ماذا يختمر بالگرگرات .. ؟
-
نعم انها فعلا حرب يخوضها النظام الجزائري ضد المغرب ..
-
هل تلوح في الافق بوادر عودة الى الحرب في الصحراء ؟
-
آليات السيطرة والعنف في نظام الحكم المطلق
-
من المسؤول عن الوضع العام في الصحراء ؟
-
مملكة الرعب والخوف
-
الفقيه محمد البصري
-
ولا يزال الرئيس الجزائري يهذي في هذيانه
-
المخزن
-
هل جاء تقرير الامين العام للامم المتحدة بجديد لنزاع الصحراء
...
-
المدير العام للمخابرات المدنية المغربية
-
هل فشلت الامم المتحدة في حل نزاع الصحراء الغربية ؟
-
الحرب العراقية الإيرانية
-
الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون
المزيد.....
-
كوبا تندد بإعادة واشنطن تفعيل -سجل القيود- وتصفه بـ-الاستفزا
...
-
من القاهرة.. بيان عربي يرفض تهجير الفلسطينيين ويؤكد ضرورة إع
...
-
إستونيا تحذر واشنطن و-الناتو- من خسارة أوكرانيا مكامن المعاد
...
-
السودان.. عشرات القتلى والجرحى إثر قصف لبعض الأحياء وسوق صاب
...
-
وفاة الرئيس الألماني الأسبق هورست كولر: أول رئيس ألماني دون
...
-
تسليم الرهينتين بيباس وكالديرون للجيش الإسرائيلي
-
الرهينة ياردين بيباس يعانق عائلته بعد 484 يوما في الأسر
-
الجفاف يدق ناقوس الخطر في لبنان. بحيرة القرعون في مشهد مخيف
...
-
الملف الفلسطيني والتهجير على طاولة -السداسية العربية- في الق
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونتسك
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|