جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)
الحوار المتمدن-العدد: 6515 - 2020 / 3 / 16 - 18:44
المحور:
الادب والفن
خرج الشعب الإيطالي في روما وفي كل المدن على الشرفات … في سكون الليل يضلهم صمت مهيب … مجروحون جرحاً ادماهم ، ومتأهبون يملأهم الأمل والتحدي لمواجهة القادم من الغيب ، وهم يغنون ويرقصون ويضربون بالطناجر ، ويغني من يستطيع ، ويطلق من يمتلك صوتا اوبراليا عريقا في فضاء روما الشاسع … ليمسحوا بإرادتهم وحبهم للحياة أي ظل للخوف والضجر الذي بدء يزحف إلى مجالهم الحيوي ، وتتلوى بعض الشابات رقصا … كما تتلوى الافعى على أنغام الحاوي … ! مستسلمين للذت الأمل بالمستقبل … !
أستطيع ان اطلق عليها رقصة الوجع والألم التي يعاني منه الايطاليون هذه الأيام … ولا شئ كالهم يمتص السعادة ورحيقها الشهي … !
من يمكن ان يتخيل يوما ان تخلو روما وغيرها من المدن الإيطالية الجميلة المزدحمة باهلها والسائحين ، وكأنها مدن اشباح يتمدد فيها الفراغ والخوف والأسى … !
ومن يمكن ان يتخيل يوماً ان تخلوا جداول البندقية الخالدة ومدينتها الجميلة عروس البحر وحلم الخيال ومهد الجمال … المدينه الرومانسية النبيلة الساحرة المعاني … من الجندول الذي يتهادى ببطء وهدوء وسلام وهو يحمل العشاق من الغيد … سمار الليالي من ارجاء الدنيا ؟
ولكن الغناء كالبكاء ، والرقص المذبوح لم يكن الا وروما تحترق ليس على يد نيرون هذه المرة ، وإنما على يد من هو العن واكثر جنونا وفتكا وعربدةً من نيرون !
روما روما ! أيْ روما العزيزة
ما كنتِ ، وما كانت هيئتك ؟
والناس تتلوى هناك … من وحش مجنون يفتك بهم ويشعل ناره في كل احشائهم ثم يدلق الخمر في فيه مستمتعا مهللا جذلا ، ويغني كما يغني اهل روما ، ولكن بنشوة وجنون نيرون لا من اجل طرد شبح الخوف والرعب والضجر … !
وهكذا : روما روما روما ....
, أرض روما هي أرض النزاع والحب .
وتبقى الكلمة الخالدة التي قالها بروتس قبل انتحاره :
رومــــا !
وسيبقى الشعب الإيطالي الطيب بصموده يغني للحياة وعشقها ، وسيصفو الجو حتماً ويتفشى الدفء والنقاء ثانيةً … حتى يلفظ نيرون الثاني آخر انفاسه ليلحق بالأول ملعونا … وينتصر حب الحياة على لعنة الموت ، ويبقى التشبث بالحياة العزيزة وحبها واجب أصيل ، ويصدح صوت الحب الرافع بالإنسان إلى ذروة عالية في فضاء الكون ليطرد كل ما هو شر ، ويعم الخير ارجاء روما واهلها ليضئ الأمل في القلوب … كل القلوب … في كل العالم ، وليخسأ الخوف والموت والظلام واشباحهم إلى الأبد !
#جلال_الاسدي (هاشتاغ)
Jalal_Al_asady#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟