أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هبة فارس - سلة القمامة العضوية














المزيد.....

سلة القمامة العضوية


هبة فارس

الحوار المتمدن-العدد: 6496 - 2020 / 2 / 21 - 20:59
المحور: الادب والفن
    


سلة القمامة العضوية.
اعتادت الزوجة الشابة على تصنيف قمامة منزلها الجديد في سلتين. الأولى للقمامة الصلبة والثانية للعضوية. وبطبيعة الحال تعد السلة الخاصة بالقمامة العضوية هي السلة الأكثر والأسرع اتساخاً. فهي تحتاج الى غسلها وتركها في الشمس لمدة ساعة على الأقل حتى يتم تجفيفها ومن ثم تعقيمها. فكانت بمجرد تسليم قمامة بيتها لجامع القمامة تعود فتغسل تلك السلة ثم تخرجها الى الشرفة لمدة لا تقل عن الساعة حتى تجف تماماً ويتم تطهيرها. أما الأخرى الخاصة بالمواد الصلبة فكانت غالباً ما تكون نظيفة وتكتفي بتغيير حافظتها البلاستيكية فقط بعد تسليم ما بها من قمامة لجامعها.
تزوجت تلك الزوجة من شاب مناسب تقدم لها حين تولدت لديه رغبة في تكوين أسرة مع فتاة جميلة ومتعلمة ومن أسرة عريقة. فأختارها ووافق ذلك الاختيار هوى في نفس اسرتها _ التي توسمت فيه زوجاً صالحاً لابنتهم الشابة.
بعد اقترانها به وجدته كباقي أقرانه لا يميزه شيء واضح. شاب نمطي عادي جداً تتقمصه روح الأفضلية ولا تدري لماذا؟ يثور لأتفه الأسباب على الرغم من أن ما يثور من أجله غالباً لا يستدعي سوى جلسة نقاشية هادئة. لكنه لم يكن بقادر على فعل ذلك. فهو يملك منطقاً في النقاش لا يقنع نملة صغيرة بأن تبتعد عن مصادر الخطر وهي تحمل قطعة طعام تزن ضعفي وزنها. لذلك فكان غالباً ما يركن للصراخ والثورة.
طالما حذرته من كراهيتها للصوت المرتفع. لكنه كان كمن يتعمد إيذائها بذاك التبويق المستمر. اعجزتها الحيلة في جعله يغير ذاك الأسلوب لأسلوب أرقى.
اليوم هو اجازتهم الأسبوعية. عند طرق جامع القمامة لباب شقتهم لاستلام القمامة كما هي عادته. ناولته الحافظتين البلاستيكيتين بعد اخراجهما من سلالهما. وأسرعت لغسل سلة القمامة العضوية واخرجها للشرفة حتى تجف.
وعادت إلى مطبخها لتعد طعام الإفطار لها ولزوجها الذي لم تستطع ايقاظه إلا بشق الأنفس. قام ليتحمم ومن ثم يخرج من حمامه ليجد فطوره معداً كما اعتاد في يوم عطلته الأسبوعية. كانت الزوجة تعد الطعام وتلقي ببقايا الإعداد في حافظة بلاستيكية وضعتها على رخامة المطبخ عوضاً عن السلة التي لا تزال مبتلة في الشرفة. عنما أنهى الزوج حمامه دخل لزوجته المطبخ للتأكد من جاهزية الفطور. أخبرته بأن أمامه دقائق معدودة ليجد طعامه على منضدة الطعام. فهم بالخروج ليسبق للمنضدة لولا أن لمح تلك الحافظة البلاستيكية الموضعة على الرخامة وبها المخلفات الباقية من اعداد الفطور. وبدأ في ممارسة هوايته المحببة بالصراخ في وجه زوجته لتقصيرها الرهيب في عدم رمي القمامة بمكانها الطبيعي في السلة المخصصة لذلك وبالتالي تشويه وتوسيخ المطبخ ببقايا الطعام المزعجة. حاولت الزوجة جاهدة افهامه أن هذا وضع مؤقت حتى تجف سلة البقايا العضوية. فتبرر له لما فعلت ذلك لكنه استمر صارخاً لا يسمع لها. فتركته لصراخه وبدأت في وضع الطعام على مائدة الطعام. بعد قليل ذهب وتناول افطاره وجلست هي معه صامتة ساخطة كارهة له ولطريقته في علاج الأمور. بعد الانتهاء من تناول طعامهم. قامت للملمة الأطباق الفارغة وأدوات المائدة. ودخلت مطبخها وهي في غاية الحنق عليه. ليس لديها رغبة في تكملة اليوم معه في بيت واحد. ترغب في الخروج واستنشاق الهواء المنعش. إلا أنها تعلم جيداً أنه لن يوافق على خروجها وسيبدأ في صراخه المعتاد كما يفعل لأتفه الأسباب. كتمت غيظها داخلها وهي تفكر كيف تتخطى حالتها تلك. وما الوسيلة لكبح جماح ذلك الثور الهائج دائم الصراخ. فكرت في ايذائه جسدياً وهي تنظر إلى السكين الحامية التي تقطع بها اللحوم. لكنها تعلم أن هذا مستحيل وسيسبب المزيد من المشاكل والضوضاء. وهي لا رغبة لديها إلا للهدوء. كانت تفرغ الأطباق من بقايا الطعام في الحافظة المخصصة لها مؤقتا لحين جفاف سلتهم. وغارقة في التفكير بكيفية وقف هذا المزعج الكريه عن افعاله تلك. حين دخل عليها لسؤالها لماذا تأخرت في اعداد الشاي له؟ وعندها لمح تلك الحافظة البلاستيكية مرة أخرى أعاد كرة الصراخ مرة أخرى. وهي تحاول تهدئته لكنه يزيد كلما حاولت هي امتصاص ثورته. وفي خلال محاولتها لإفهامه حقيقة الأمر كادت تصاب باليأس من سماعه صوتها بسبب ارتفاع صوته الجنوني بالمقارنة بصوتها الخفيض الرقيق. بدأ صوتها هي الأخرى في الارتفاع تدريجياً خطوة خطوة. حتى وصل لدرجة صوته وبدأ بالفعل يصبح مسموعاً. وبدأ الزوج في الانتباه لما تقوله زوجته بفعل ارتفاع صوتها. وشعر للحظات أنها سوف تقنعه بحجتها. فأسرع لرفع مستوى صوته أكثر وفي المقابل قامت هي بفعل الشيء نفسه وبدا صراخها كنفير بوق حاد الصوت. فتعجب لقدرتها الغريبة على رفع صوتها والتي لم يكن يعلم امتلاكها له. فشرع في السكوت ولاحظت هي ذلك. فأعجبها ما توصلت له بفعل صراخها. ولما سكن هو زادت هي في الصراخ في هيستيريا مخيفة أرعبته منها. فبدأ في تهدئتها ومحاولة امتصاص ثورتها. وهي غير مصدقة لما يحدث. فطيلة سنواتها الخمس معه وهي تفعل ما يفعله هو الآن وفشلت في اسكاته دائماً. وعند ادراكها لكونه حريص تماماً على اسكاتها. تمادت في رفع الصوت. وهو يبالغ في محاولة تهدئتها ثم وضع يده على فيها حتى تسكت. فزادت ولكن ليس في الصراخ فقط. بل في الركل بيديها وأقدامها في حركات عشوائية أصابته بالألم في مواطن عدة من جسده عند اصطدامها به. فلم يجد اختيار آخر لتهدئتها إلا حملها لغرفة نومهما واغلاق الباب جيداً حتى لا يتسرب صراخها خارج حدود جدران المنزل. لكنها استمرت. وحين ترجاها أن تهدأ بدأت في خفض صوتها وتقليل حركاتها شيئاً فشيء ثم طلبت منه أن ان يخرج خارج غرفتها حتى تهدأ وبالفعل استجاب.
بعد تلك المعركة الاكتشاف علمت الزوجة ما هي الطريقة المثلى التي ستواجه بها حياتها المستقبلية بكل هدوء أعصاب وراحة بال دون ان تتكبد أكثر من بحة بسيطة في صوتها ستزول بعد احتسائها لكوب أو اثنين من الينسون الساخن.

القاهرة في 20/2/2020م



#هبة_فارس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سحر الشرق
- الأشباح المقدسة
- والعمر يسافر أيضا
- مرفأ الجحيم
- حينما نقرر اقتحام الطريق
- الحضارة المصرية والعربية
- ملائكة اللعن
- الملابس المبعثرة
- افروديت حياة


المزيد.....




- -الزمن الهش- للإيطالية دوناتيلا دي بيتريانتونيو تفوز بأرفع ا ...
- مترجمون يثمنون دور جائزة الشيخ حمد للترجمة في حوار الثقافات ...
- الكاتبة والناشرة التركية بَرن موط: الشباب العربي كنز كبير، و ...
- -أهلا بالعالم-.. هكذا تفاعل فنانون مع فوز السعودية باستضافة ...
- الفنان المصري نبيل الحلفاوي يتعرض لوعكة صحية طارئة
- “من سينقذ بالا من بويينا” مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 174 مترج ...
- المملكة العربية السعودية ترفع الستار عن مجمع استوديوهات للإ ...
- بيرزيت.. إزاحة الستار عن جداريات فلسطينية تحاكي التاريخ والف ...
- عندما تصوّر السينما الفلسطينية من أجل البقاء
- إسرائيل والشتات وغزة: مهرجان -يش!- السينمائي يبرز ملامح وأبع ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هبة فارس - سلة القمامة العضوية