أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - المأساة النفسية والجسدية التى تعيشها المرأة المختتنة














المزيد.....

المأساة النفسية والجسدية التى تعيشها المرأة المختتنة


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 6489 - 2020 / 2 / 11 - 08:27
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


عرفت بإحساسى الفطرى، ثم فى كلية الطب، أن المشرط يجب ألا يقطع من الجسم إلا الجزء المريض. أما الأجزاء السليمة، فلماذا نقطعها؟.

فى كلية الطب، لم ندرس شيئًا عن ختان الذكور أو ختان الإناث، لكننا فقط تدربنا على إجراء هذه العمليات فى قسم الجراحة، حينما اشتغلنا أطباء امتياز أو نوابًا فى قصر العينى.

فى الستينيات من القرن الماضى، كنت عضوة فى مجلس نقابة الأطباء، وفى إحدى الجلسات طلبت التدخل لمنع الختان فى مصر، للإناث والذكور. ورُفض الطلب بالأغلبية، وعلى رأسهم وزير الصحة.

قال معظم الأطباء إن ختان الذكور ضرورى للصحة والنظافة والشكل أيضًا. إنها عملية طهارة رقيقة، مجرد تقليم أطراف مثل تقليم الأظافر، ولا تؤثر على وظيفة العضو. وقال بعضهم إنها عادة صحية قديمة جدًا، وبالتالى جاءت فى التوراة، ونحن المسلمين نؤمن بالتوراة والإنجيل والقرآن. هكذا أُغلق الموضوع عن ختان الذكور. وبالنسبة لختان الإناث، رفض الأطباء حتى مجرد النقاش حوله. قال الأطباء إن ختان الأنثى للنظافة والطهارة، وليس له فائدة، بل على العكس إنه ضار لأنه لا يجمح طاقتها الجنسية، وبالتالى قد تنصرف إلى إشباعها على حساب مصلحة الزوج، وفى هذا اعتداء صارخ على الفضيلة والأخلاق القويمة. كتبت عن مآسى الختان، وتعرضت لكل أنواع الهجوم والإدانات والاتهامات.

قالوا إننى ضد الدين وضد الأخلاق وضد الأسرة وضد الهوية، وأدعو إلى الفسق، ويجب التخلص منى، بعد أن أعلنوا تكفيرى. وقال أشهر الدعاة، المدعم من الحكومة، إننى مرتدة وأعمل لحساب الشيطان. وقال إن ختان الأنثى يحفظ كرامة المرأة لأن الرجل لا يحترم ولا يحب المرأة التى تشتهى الجنس وتطلبه، وإنما يحترم ويحب المرأة التى يطلبها حسب قدرته ومزاجه.

اندهشت أن المعنى الحقيقى للكرامة الإنسانية يتم انتهاكه يوميًا، من خلال الزواج المبكر، والازدواجية الأخلاقية، وبيع النساء فى أسواق الزواج الثرى غير المتكافئ، وفى حبس طموح المرأة فى العمل والإبداع وتحقيق الذات داخل جدران المطابخ وغرف النوم، وفى الفن الهابط الذى يسىء إلى صورة المرأة ويدعم عبوديتها ودونيتها، وغير ذلك، ولا أحد يذكر كلمة عن تدمير كرامة المرأة.

مبررات واهية، ضد المنطق، وضد العدالة، بمثل ما هى ضد الصحة وضد الأخلاق، وضد جوهر أى دين. من المعروف طبيًا أن «مخ» الإنسان (الرجل والمرأة) هو العضو الجنسى الأساسى. أى أن «عقل» الإنسان هو الذى يتحكم فى شهوته سواء كان رجلًا أو امرأة. ما علاقة قطع جزء من الجسد بالأخلاق، وإنما استقامة الأخلاق والتهذيب

والفضيلة والأدب والنظافة تأتى من طرق التربية والسلوكيات والإحساس بالمسؤولية ومن القيم الثقافية الدينية.

والختان للإناث أو الذكور ليس من الأديان، فهو عادة من عصور العبودية الطبقية الذكورية، التى سبقت اليهودية، هدفها تعميق التفرقة بين الأسياد والعبيد، وبين الرجال والنساء. والدليل على ذلك أن السعودية لا تمارس ختان الإناث.

وتعيش النساء المختتنات هذه المأساة التى تفتك بصحتهن النفسية، فالمرأة المختتنة تعيش فى إثارة جنسية دائمة دون قدرة على إشباعها عن طريق العلاقة الجنسية. وهذا الإشباع لا يتم إلا عن طريق بلوغ قمة اللذة الجنسية، ومن بعده تعود المرأة إلى حالتها الطبيعية. إن حرمان المرأة من بلوغ اللذة يجعل الإثارة متأججة فى عقلها دون إشباع، مثل نار لا تنطفئ، تظل كالجمرة تحت الرماد، مما يسبب لها العديد من الأمراض، أولها الاكتئاب. إن الختان يسبب للمرأة عاهة مستديمة، قد تتحول أحيانًا إلى رغبة فى الانتقام من المجتمع كله.

لو نظر رجل فى عين إحدى المومسات حين يعاشرها لأدرك أنها تُكِنّ له المقت والكراهية والقرف والرغبة فى الانتقام، بل لو نظر هذا الرجل إلى عين زوجته أثناء الجنس، فقد يرى النظرة نفسها، فالمرأة المختتنة تكره الجنس لأنه يسبب لها الألم وليس اللذة، ومنذ تأثرت بالمقولة: «تلدين فى أسى والألم ويكون اشتياقك لزوجك وهو يسود عليك».

أذكر منذ ثلاثين عامًا، حينما أصدرت كتابى «المرأة والجنس» وقلت هذا الكلام، اهتز المجتمع المصرى كأنما خدشت حياءه، واضطر وزير الصحة إلى فصلى من منصبى، وإغلاق مجلة الصحة، التى أترأس تحريرها، وكذلك جمعية الثقافة الصحية التى أنشأتها، وكانت كلمة «ختان الأنثى» من المحظورات، وكلمة «البظر» من الكلمات النابية.

الآن، أصبحت هذه الكلمات على كل لسان، بعد أن تجلت مآسى الختان، ومنها، غير الصدمة النفسية، الموت على يد طبيب جاهل جشع، أو على يد داية أحضرها الأهل، الذين لا تهمهم المخاطرة بحياة الابنة الطفلة. فى الماضى كانت الحوادث موجودة، ولكن يتم دفنها، مثل الطفلة، فى السر والكتمان.

وإننى على اليقين نفسه من أن مطالبتى بمنع ختان الذكور- الذى ثبت أنه يُفقد العضو الذكرى قدرته الطبيعية ضد التلوث، هذا غير الصدمة النفسية- ستمر بالطريق نفسه.

النكران، ثم الهجوم، ثم أخيرًا، يُمنع. إنها حركة الحياة فى تجدُّد دائم، ومنطق التقدم، الذى يفرض نفسه على الجميع.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنكر الداعية فعلته معى ووصفنى بقلة الأدب والفساد
- مارتن لوثر كينج وحلم سقوط التفرقة العنصرية
- شهريار ذو السُلطة المطلقة ينام كالأطفال على حكايات شهرزاد
- لا ينطقون مع النَّفَس الأخير إلا كلمة «أمى»
- الرغبة فى عبادة وتقديس السلطة الفردية.. مرض مزمن عالمى ومحلى
- أحاسيس دنسة تسللت إلى جسدها غير الطاهر
- الكاتب الكبير والكاتب الحر
- كيف تتحقق ديمقراطية المجتمع فى ظل ديكتاتورية الأسرة؟
- قانون واحد للأسرة المصرية
- أعطونا كتاب الله وأخذوا أرضنا وأموالنا
- من يكون الهومو ديوس؟
- مع صديقة العمر فى هدوء الليل
- حينما تتلاشى المسافة بين «البيت الأبيض» وغرفة نومى فى شبرا
- حين تكون القراءة النقدية إبداعًا
- فتاة الليل تقتحم عالم الكتابة
- أنوثة الفلاحة في الحقل.. وأنوثة الطبيبة في المدينة
- الكاتبة ورئيسة الحكومة
- حملة شعبية ضد التجارة بالطب
- وتبقى البؤرة الفاسدة المتوارثة دون مساس
- مأساة المفكرة المبدعة في عالم ديني ذكوري


المزيد.....




- بقائي: قتل الاطفال بغزة جريمة حرب وجريمة ضد الانسانية وابادة ...
- شهاداتٌ من رحم الألم: مجازر الساحل السوري تهزّ الوجدان الإنس ...
- خطوات منحة المرأة الماكثة في البيت 2025 الجزائر
- أمين عام رابطة العالم الإسلامي: -تعليم المرأة حق مشروع- والك ...
- مصر.. اكتشاف مقبرة جديدة لأمير فرعوني من الأسرة الخامسة (صور ...
- نقابة أطباء السودان: مقتل أكثر من 230 طبيبا واغتصاب 9 طبيبات ...
- قواعد اللباس..لماذا لا تحصل النساء على جيوب في ثيابهن بقدر ا ...
- نضال المرأة تفتتح غدا أعمال مؤتمرها العام الرابع مؤتمر الشهي ...
- شاب يهاجم امرأة بسكين أمام متجر في ألمانيا ويصيب شابا حاول ا ...
- فرصتك للدعم بدأت.. خطوات التقديم في منحة المرأة الماكثة بالب ...


المزيد.....

- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - المأساة النفسية والجسدية التى تعيشها المرأة المختتنة