|
قراءة في خطاب السيد رئيس الجمهورية
رضا لاغة
الحوار المتمدن-العدد: 6478 - 2020 / 1 / 31 - 16:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في ضوء تعميم الثقافة السياسية والمجتمعية الواعية في أوساط المجتمع التونسي بكل مكوناته وتشكيلاته الاجتماعية وفئاته العمرية وحتى الحزبية ، جاء خطاب السيد رئيس الجمهورية (30 جانفي 2020 على التاسعة ليلا بالقناة الوطنية ) ، في أول ظهور إعلامي رسمي قصد تقديم كشف وتشخيص لما أنجزه خلال مائة يوم ،وانسجاما مع الوعد الذي قطعه أثناء ترشحه لمنصب رئيس جمهورية وبما يتلاءم مع أغراض حملته التفسيرية التي بنيت ضمن لقاءات ثقافية وتوعوية وتثقيفية مع شرائح شبابية. توطئة إن التقيّد بالوعد الذي قطعه السيد رئيس الجمهورية ، يعتبر من الناحية الشكلية تكريسا للوعي بالأخلاقيات الضابطة للعمل السياسي المؤسساتي. وهو من منظورنا يعد مكسبا في حد ذاته باعتباره يندرج ضمن منطق المكاشفة ونشر ثقافة ديمقراطية تلاءم الحالة الانتقالية للتجربة الديمقراطية في تونس. وبناء عليه رأينا أنه من المهم أن نعمل في هذا المقال التفكيكي والتقييمي والنقدي ، خدمة لأغراض المأسسة لمؤسسة رئاسة الجمهورية، أن نفهم طريقة أداء من له رمزية مع شعبه وفق ما وصّفناه في مقالاتنا السابقة بالشرعية المكثّفة.علما وأن خطابنا لن يتحرّك ضمن مساحة التأييد و التزكية المطلقة.فنحن لم نألف على " تدفئة الطبول" أي أننا لن نتبنى سياسة تبريرية في تعاطينا مع خطاب السيد رئيس الجمهورية رغم كونه اكتسب شخصية معنوية تتخطى ذاته الفردية ، وإنما سنعمل على تحديد الأوجه الإيجابية فيما طرحه و ما نراه نقصا يحتاج إلى تطوير وتدارك. على أننا آثرنا إرجاء مسألة النقد في مرحلة لاحقة من المقال. ولأن هذه الشخصية المعنوية تتأثر بالالتزامات التي تعهدت بها ومقتضياتها ، فهي بهذا المعنى مسئولة أمام الشعب ، لا بشيوع دلالة النقد اللاذع للمتربصين والمناوئين ،وإنما وفق قواعد الحكم الرشيد والقدرة على التكيّف مع الظروف والأوضاع المستجدة والتطورات المجتمعية المتتالية. وبالطبع ما دمنا نتحدث عن عقد ، فلا يجوز المساس به بإرادة منفردة ، مزاجية وإنما بإتباع طريقة موضوعية تخرج عن نطاق البروبقندا والديماغوجيا التي نستذكر بعض معالمها من المنظومة القديمة وحنين البعض إلى إعادة إنتاجها. طريقة تحترم أسس الدولة الديمقراطية أي العلاقة التعاقدية بين الحاكم والمواطن (وليس المحكوم) التي تنقلنا من دولة الطبيعة إلى دولة المجتمع السياسي أو الدولة المنظمة. ولأن تحليل خطاب سيادة الرئيس ليس مسألة فنية بقدر ما هي مهمة عسيرة لما تحتاجه من دراسة ومناقشة عميقة لمشروعيته وفق أحكام الدستور النافذة، نحتاج إلى استدعاء فكرة جوهرية بدأ الإساءة في الحديث عنها ، وتتلخص في مبدأ الفصل بين السلطات.وإذا كانت الفكرة من حيث مضمونها القانوني تعني وجود سياج يحول دون التداخل بين السلطات ، أي أن لكل سلطة نظام اختصاصها بحيث يكون نظام الحكم برلماني معدّل ، وبالتالي قيامه على التعاون والتوازن بين السلطات ، فإن المشهد الحالي يقترن بأسلوب روحه تنحو نحو نظام رئاسي. إن هذه الفكرة بدأ يتداولها الإعلاميون ، بل وبعض السياسيون الذين حذّروا من مغبة الاستحواذ على السلطات ؛ متجاهلين حقيقة الإخفاق السياسي الذي تردّوا فيه أثناء تشكيل الحكومة والصدى الواسع والكبير و الأثر البالغ الذي امتزج مع مفهوم " حكومة الرئيس". إن السيد رئيس الجمهورية كفقيه في القانون الدستوري ، تبرّأ صراحة من كل نزوع نحو الاستحواذ المطلق للسلطة . لقد فهم فشل الأحزاب في تشكيل الحكومة ضمن حيز النص الدستوري ، كمؤشر خطير على أزمة الحياة السياسية. فبدل أن تكون الأحزاب أعمدة و أركان رئيسية للحكم الديمقراطي ، انقلبت الفائدة إلى جحيم. من هذا المنطلق ، وضمن روح الدستور ، تقلّد السيد رئيس الجمهورية مهمة ترشيد القرار السياسي وفق منطق إدماجي يقوم على ائتلاف قوى 13 أكتوبر 2019 وليس على توافق مغشوش. وأيّا كان الخلاف حول حكومة الرئيس ، فمن الثابت أن السيد رئيس الجمهورية لم يؤيّد الفكرة واختار شخصية وطنية ، أهم ميزة تتسم بها الاحتكام إلى قوى 13 أكتوبر 2019. هنا تحديدا وجّهت سهام النقد ( رئيس حكومة في شكل وزير أول).وإن كانت لم تحظ بتأييد الفقه لها ، إذ أن السيد الرئيس تصدّى ابتداء للتيار الجارف نحو تأويلات الاستحواذ على السلطات. وبناء عليه فإن المبررات التي قام على أساسها التمهيد المنظّم لانتقاد السيد الرئيس ، قد انتفت باعتباره أعلن عن رأيه من حكومة الرئيس وصاغه صياغة جيدة ، واضحة ودقيقة .فلم يبق إذن سوى باب التحليل والنقد المسئول. لنتكلم الآن وبشكل من التفصيل عن خطاب السيد رئيس الجمهورية وفق ما يلي: ــ إن الحديث عن هتك مبدأ الفصل بين السلطات يتطلّب منّا أن نستحضر أنه لولا إخفاق الأحزاب السياسية في تشكيل الحكومة فما آل الأمر إليه.أي أننا إزاء فعل المنعكس السياسي وليس الإضمار السياسي. ـــ رغم كون الفرصة كانت ولا تزال سانحة للسيد رئيس الجمهورية للركوب على " موجة حكومة الرئيس" كذريعة للاستئثار بكل السلط، فقد فضّل احترام روح الدستور . وفي سبيل احترام هيئات الحكم واختصاصها المحدد ، أحال مرة أخرى للأحزاب مهمة تقرير مصيرها في خدمة الشعب أو أن تسقط من عيون الشعب. بهذا الأسلوب الذي يستند إلى الشرعية الدستورية و الإرادة الشعبية ، نستطيع أن نبوّب رؤية السيد الرئيس وفق المقدمات التالية: ــ المداولة: الفحص والتشاور.و هي مهمة أناطها لمجلس الأمن القومي الذي ينعقد تباعا وكلما استدعت الضرورة .ومهمته فحص المسائل والقضايا الحيوية( مجلس بتاريخ 06 ديسمبر 2019 ،07 جانفي 2020 ) ـــ السلطة الاعتبارية أو ما يسمى بهيبة الدولة: الحرص على تلميع صورة تونس برؤية دبلوماسية تمتلك الشرعية من الداخل وغير خاضعة للابتزاز السياسي الدولي( استقبال رئيسة المنظمة العالمية للأسرة 29 جانفي، استقبال الأمينة العامة للمنظمة الدولية الفرنكفونية في ذات التاريخ، استقبال وزير اوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي 09 جانفي ، استقبال وزير الخارجية التعاون الكنغولي 10 جانفي ، وزير خارجية المملكة السعودية ، وزير الخارجية الإماراتي ، وزير الخارجية الألماني في 23 جانفي وزير خارجية الهند في 22 جانفي ، استقبال بعثة الاتحاد الاوروبي لمراقبة الانتخابات 21 جانفي ....). ـــ حماية المنسوب الثوري : العمل على توطين الصلة مع عائلات الشهداء وجرحى الثورة وإجبار مجتمع الصورة على احترامهم ( تكريم المناضلة الجزائرية السيدة جميلة بوحيرد 22 جانفي ، زيارة عائلة الشهيد طارق الدزيري . ...) من خلال هذه الأبعاد الثلاثة ( وبغض النظر عن قصر الزمان: فترة توليه السلطة) يمكننا أن نصل إلى تعليل فلسفي للنتيجة التي سنتوصل إليها في تقييم خطاب السيد رئيس الجمهورية. وضمانتنا في ذلك موضوعية معتدلة تمارس بشكل مستقل. أولا: قاعدة التخصص الوظيفي لتمرير اللقاء لماذا القناة الوطنية والإذاعة الوطنية حصريا؟ قد يبدأ التفسير الخاطئ للخطاب من توجيه الرأي العام حول مبررات اختيار الإذاعة الوطنية والتلفزة الوطنية. وعدم تشريك إذاعات أخرى خاصة.يفتح المجال هنا على خلفية يقف بمقتضاها السيد الرئيس في طريق واضحة انتهجت الخطاب من خلال مؤسسة عمومية بما يسمح من تعزيز مرن للمرفق العمومي. إن الاختيار يرتد إلى أصل واحد مضمونه رد الاعتبار لكل ما هو عمومي ، وفي سياق تنفّذ فيه أجندات لضرب كل ما هو عمومي. إن الشكلانية هنا لا تباشر بوصفها منفصلة عن جوهر الخطاب وإنما بناء على درجة من المشاركة تذكرنا بإحداثية الفن الكلاسيكي الذي يقوم على التناغم بين الشكل والمضمون.أي أن ما يمنح طراز العمل الفني جماليته هو الشكل والجوهر. لأجل ذلك نحن نعتبر أن الوقوف على الفواصل الشكلية ، يعتبر تمثّلا لنظام الخطاب. إيحاءات الصورة تنطق دون ضجّة .أنظر إلى الواجهة الخلفية لها . ماذا ترى؟ مشهد متحرّك ينشر الهدوء أمام قصر قرطاج و ليس داخله.وهي نبالة نادرة تعبّر عن كون الرجل لا يزال من عامة الشعب و لا حاجة له أن يتخفّى وراء جدران القصر. ولأن الخلفية متحركة ، فقد كان الطريق مصدرا رائعا (ربما عفوية) لاستعارة فكرة التجدد وبالتالي التداول الديمقراطي.وهذا ما أثار لديّ ، كمتخصص في استنطاق الصورة، حماسة لمتابعة الحوار بشغف.وأكاد أجزم أن مصمم الصورة اعتمد قواعد فنية رأيتها كما لو تطلق نيران بندقية لكل من كانت لهم نفثات الإعجاب حدّ الهوس بالقصور. إن طراز الصورة من الناحية التأويلية أشبه برعدة كهربائية لمحبّي الصور النمطية ( قالب ثابت وتراتبي). فشكرا للإذاعة الوطنية المغرمة بالهواء الطلق الذي جلبته الثورة . الإطار الأمامي للصورة يبدو إطارا تناوبيا وتعاقبيا ، لذلك فهو يخلو من المدح الذي يغرق المشهد في قداسة الذات المتحاور معها.وهي صفة حوارية نادرة ( في العالم العربي)تعبّر عن تماثل بين المحاور والمتحاور، بل إن مجازية الصورة الجريئة تنكشف من خلال تمزيق المسافة بين المتحاورين ( تؤمهم نفس الطاولة)، خلافا لما اعتدنا رؤيته ( فاصل الفضاء عبر حاجز تنعدم فيه الطاولة أو تكون حصريا محتكرة للمحاور). وهو تلميح سيطرت فيه طبيعة منفتحة تظهر الرجل لدى المشاهد بتواضع و باعتباره أحد أبناء هذا الشعب. وجه الرئيس كان دقيقا ، هادئا ، ذكيان كيّسا و تطفو منه ملامح الصدق والبساطة والاعتدال والثقة(ليس هناك حركات متشنجة لليد ، نبرة الصوت غير حادة)، غياب الغطرسة و عدم مقاطعة الصحفي أثناء طرح السؤال. ( رغم كون الأسئلة تجزيئية وهذا يقلل من حرفية المحاورين). عموما إن الذين يملكون القدرة على تجريد الصورة بوضوح مستطيل إطارها الواسع سيلاحظون غياب البروتوكول الذهبي الذي يدخل عادة في اللقاءات مع الرؤساء في شكل " أبّهة موكبية"، بل إن شخصية الرجل كانت وقورة متزينة ببساطة ابن الشعب. فماذا قال ابن الشعب؟ لنبدأ من جديد. الإطلالة الأولى أثناء التوقيع في السجّل الشرفي للتلفزة التونسية قال الأستاذ قيس سعيد ما يلي: "رغم تغيير المشهد الإعلامي ستبقى التلفزة الوطنية منارة عمومية". يهمّنا هنا أن نقف على خصائص الاختيار. فهو ينبني على تقدير شخصي متجاوب مع قناعة حماية المرفق العمومي من الاندثار. وعندما يكون المرفق العمومي خيارا في نظر الحاكم ، يسري مباشرة في الأذهان هفوة التفريط في المؤسسات العمومية كخيارات سابقة لتكون القضية مراجعة السياسات و الغايات البعيدة بالتذكير بفضائل المرفق العمومي كصرح شعبي. من هنا فإن المحلل الموضوعي لن يتردد في الجزم بعقلانية اختيار منصة البثّ.وإذا كان موقف الرئيس مبني على أنه لن يسمح بأيّ عبث يطال المرفق العمومي ، فقد كان ردّه بالتوازي بارعا في مستهلّ حديثه حين بادره المحاور:" شكرا على الإيفاء بالوعدّ . فكانت الإجابة الفورية والتي وردت موجزة ورجّحت الميزان:العهد هو العهد.ثم أردف بالذكر الحكيم:" وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا" ( سورة الإسراء ، جزء من الآية 34) ( خطأ في التلفّظ: العهد بالكسر وليس العهد بالفتح) هنا يأتي السؤال: متى أقمنا حكما سياسيا ينبني على الوفاء بالعهود في تونس وعالمنا العربي الإسلامي؟ إن هذه المرجعية القيمية تنفتح على عصر المصالحة بين الحاكم والمواطن.أي أن السيد الرئيس ينتظم في سلك خدمة الدولة بمنطق قيمي وليس بما هو معتاد في بركة حقل التنافس السياسي القائم على الخديعة والدهاء والمخاتلة والقتل والتشريد. إن هذه الخلفية مهمة تنكشف منها لا فقط طينة الرجل ، وإنما بصمة قطيعة في حقل المأسسة االسياسية للحكام العرب. تبويب اللقاء 1 ــ القضية الفلسطينية لم يكن شعار فلسطين شعارا شعبويا بل يحيل على موقف مبدئي لا يتأثر بالأمزجة الانتخابية." فلسطين ليست ضيعة تسقط بالتقادم"و لن نتراجع عن موقفنا من الكيان الصهيوني. وبلاغ وزارة الخارجية حول صفقة القرن ، لا يرق إلى تحديات اللحظة، لذلك : أنا هنا أصحح: فلسطين هي فلسطين. لا تصلح هنا عبارات المواربة وفيض التعليقات يظل واضحا, تشكّل توجه سياسي مزعزع للخطاب الرسمي العربي.تحوّل يحدث لصالح فلسطين ولكنه أيضا انسجاما مع أحد شعارات ثورة 17 ديسمبر: الشعب يريد تحرير فلسطين. 2 ــ فريق العمل بالديوان الرئاسي ـــ التأكيد على حصول أخطاء اتصالية ( بضرب من التخفيف، كنت أتمنى أن يكون أكثر جرأة في إقرار ذلك). ـــ التأكيد على أن المعيار المعتمد في اختيار رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية هو الكفاءة الإدارية بمعزل عن الخلفية البحثية. ( لا أود أن يتحول المركز إلى مدرسة). 3 ــ الملف الليبي لا ريب في أن المسألة معقدة بسبب تباين المواقف بين أطراف النزاع ، لذلك نحن نميل إلى توخّي دبلوماسية شعبية تكرس تسوية ليبية /ليبية. ومن هذا المنطلق فهو يرى أن للقبائل الليبية دور نشط وهم لإحراز ذلك( تداعي إيجابي في الداخل الليبي: مجالس المصالحة الليبية ورابطة شباب القبائل...). 4 ــ زيارة أردوغان: مصلحة تونس تظل في المقام الأول وقرارنا ينبع من الإرادة التونسية 5 ــ العلاقة مع الأحزاب وريس الحكومة المكلف و تصريف الأعمال: ــ نراهن على استمرارية الدولة و لا نتفق في كل المواقف مع السيد رئيس حكمومة تصريف الأعمال( مع الوقوف على تنصيص فقهي قانوني لكلمة تصريف الأعمال التي ظلت مبهمة دستوريا). ـــ لا أبحث عن مواجهة مع الأحزاب وعلى كل طرف أن يتحمل مسؤوليته في احترام كلي للدستور. وإن تعثرت المفاوضات فلا مهرب ، حرصا على استمرارية الدولة من نفاذ الدستور والذهاب إلى انتخابات سابقة لأوانها. 6 ــ الشباب: ماذا أنجزتم من وعودكم الانتخابية لمصلحة الشباب؟ السيد الرئيس يجيب:"لم أقدم وعودا و لكني أعمل بصمت للبحث عن تمويلات: ــ سأبني مدينة صحية ترتقي بالوضع الصحي بالقيروان والتصاميم تكاد تكون جاهزة. ــ أبحث عن إمكانية اقتناء مروحيات للحماية المدنية من أين ستحصلون على التمويلات؟ السيد الرئيس: الجهات المانحة موجودة شريطة أن تكون تحت رقابة رئاسة الجمهورية. 7 ــ لن نعمل على تأسيس حزب و المفاهيم الحزبية القديمة حول التنظم الحزبي أضحت" كدواء فاقد للصلاحية". ــ لا زلت على العهد مع الشباب ولا ينبغي أن يساورهم ظن بانقطاع صلتي بهم. 8ــ ملف الاغتيالات و الفساد: ــ هناك من يحيك المؤامرات و هناك من لا يحب الخير لتونس و يحوّل الأزمات إلى أدوات للحكم.و لكن " الموت لا يخيفني بل تخيفني الحياة دون كرامة". ــ يجب أن يبقى ملف الاغتيالات بعيدا عن الحسابات السياسية و نراهن على قضاء مستقل. 9 ــ حكومة وحدة وطنية أليست هي الأفضل ؟ أنا ضد الإقصاء و لكن الوحدة تقوم على برامج. ولست المسئول عما يحدث من تجاذب في المفاوضات حول تشكيل الحكومة لأن هناك أطراف غيرت مواقفها. 10 ـ العنف والجريمة: اتخذنا إجراءات استثنائية واستقبلنا السيد وزير الداخلية ووزير القضاء العدلي و الأمن مستتب. 11 ــ ملف شهداء وجرحى الثورة: على الدولة أن تنصف أبناءها و سأوضح ذلك في مبادرة حين تأتي اللحظة المناسبة. 12 ــ لماذا تعطلت الزيارة إلى الجزائر؟ في البدء كانت هي من تستعد للانتخابات فلم أجد الفرصة المواتية لزيارة الشقيقة الكبرى الجزائر و بعد ذلك بدأت مشاورات تشكيل الحكومة . وهو التزام منعني من القيام بهذه الزيارة. والحمد لله وفقنا في ضبط تاريخ لاحق ، لأن ما يجمعنا بالشقيقة الجزائر لا حصر له ولا يعد. 13 ــ الخطط الشاغرة في وزارة الخارجية سيقع تسديدها ببطاقة اعتماد في إبانها ووفق معايير شفافة وواضحة . التقييم والنقد إن المفتاح الأساسي لفهم رؤية السيد الرئيس ضمن المدة المنقضية تتلخص في ثلاثة مفاهيم: العزم ، الصدق ، الوفاء لتونس.ولكن المشكل فيما طرحه ، رغم اقتناعنا بأنه ظفر بتأييد شعبي حقيقي مرة أخرى ضمن هذه الإطلالة( أكثر من مليون متابع بين التلفزة والإذاعة والافتراضي)؛ إلا أننا وفق قراءة تفكيكية لسوسيولوجية الخطاب يفترض أن نجد: 1 ـــ علاقة متبادلة ودائمة بين السيد الرئيس والأحزاب. وهو أمر طبيعي ضمن نظام برلماني معدل. السؤال هنا: كيف؟ فالأحزاب شبهها بالدواء الفاقد للصلاحية ، ومن لديه نصيب منه يتلفه. هذا المنطق. هل نحن في وارد الأحوال لكي نفرط في الحياة السياسية الحزبية بوصفها جزء من بنية المجتمع المدني؟ ــ موقف يحتاج الى ترشيد و مزيد من التدبر ( نصيحة) 2 ــ تجاوزا للصفة التي تجذّر تباينا بين حدي السلطة التنفيذية. لأن الحديث عن أطراف تحيك المؤامرات كمطية للحكم يفتح الباب على حقيقة مفادها أن مؤسسة الرئاسة هي جزء سليم من جسم مريض هو الدولة. وحيال ذلك ، وبمقتضى الموقف السلبي من الأحزاب وإن كنت أنا نفسي مستقل، فكيف ستتراكب العلاقة مع أجهزة الدولة؟ الثقة أم الريبة؟ تهمّنا ظواهر التحول الديمقراطي التي تعطي مؤشرات مطمئنة من مؤسسة الرئاسة بدل تكريس مناخ التآمر الذي يمكن أن يكون مدخلا لانتشار وثنيات جديدة: أنا مع الرئيس . وأنت؟ أنا مع الأحزاب. في حين أننا كلنا نركب نفس سفينة الوطن.وفي نجاتها ينجو الجميع وفي غرقها لا قدّر الله يهلك الجميع.الحل إذن هو الفرز على قاعدة شعارات الثورة و نظافة اليد و حب الوطن. ــ لمسنا ضربا من التوحّد السياسي في خطاب السيد رئيس الجمهورية ، وهي طريقة تنحو على تقديم نفسها أنها الأصلح والأرجح. وهو ما يسقطنا في دائرية التحديد. بدل أن نتحاور و نتشارك نتمترس خلف نزاع تقليدي مضمونه: ليعمل الرئيس على الوجه الأكمل ولنغير نظام الحكم من نظام برلماني إلى رئاسي. أو بالنسبة للأحزاب ، حرصا على برلمانية النظام لنعد إلى توافقات مغشوشة للحيلولة دون أي تغيير. تقع هنا مرة أخرى علامة استفهام:أليست هذه المشاكلة هي ما يؤدي إلى تفكيك مقدرات الدولة. أليس العنوان الصحيح: محاسبة الفساد والعابثين و الضرب بيد من حديد لكل من يستبيح خيرات الوطن بملفات ومؤيدات والتحفظ على الحديث الإعلامي العمومي الذي يربك المواطن أكثر مما يطمئنه. 3 ــ تناول مسألة تمويل الصرح الصحي بشكل معكوس. فعوض إقرار غياب الثقة في أجهزة الحكومة و بالتالي أن تكون الأموال تحت رقابة مؤسسة الرئاسة ، لم لا نقيم جهد هيئة مكافحة الفساد . لم وجدت أصلا ؟ كيف نهرّب الأموال وهي نزر قليل ( هبات) ونترك العابثين يتلاعبون بميزانية دولة برمتها. اعذرني سيدي الرئيس ، صحيح أنت حامل لرسالة رفيعة ولكن دورك هو خلق مناخ امتثالي في كل أجهزة الدولة . ومن هذا المنطلق أنت مسئول في اختيار السيد لياس الفخفاخ. ويجب أن يضع في أعلى قمة أولوياته تنقية الإدارة من الفاسدين و تمكين الأمناء أمثالك وهم كثر( فئة الشباب ليس خزانا انتخابيا بل هم كفاءات عالية تموت موتا بطيئا) ليسيروا. هنا تتأكد علاقتك مع وطن حملت أمانته و شباب وهبك شرعية رمزية مرموقة و إدارة رشيدة لا تسند فيها المناصب بالولاء والمحسوبية. عملكم سيدي الرئيس لا يقوم على توسيع الشقة مع الأحزاب وإنما أن ترد بصدقك و عزكم الأحزاب إلى المربع الوطني. وهنا سيدي الرئيس وفي صلب محور الوطنية ، لم أستسغ معيار انكارك للإقصاء الذي استبطنته في خطابك. نعم الثورة أقصت المنظومة القديمة ولا مجال لعودتها ، لأنك قلت لنا التاريخ لا يتقهقر أبدا إلى الوراء و إنما يتقدم إلى الأمام. في الأخير نحن نعتبر إطلالة السيد الرئيس مدوّنة استدلالية معقلنة حول صورة الحاكم الجديد الذي يليق بشعب أبيّ كالشعب التونسي. ولكننا وللسبب ذاته سوف لن نتأخر عن نقدك لأنك تنتمي إلى رمزية نحبها بعيدا عن ولاء الطقوس الرسمي. عاشت تونس بمجد أبنائها د ــ رضا لاغة
#رضا_لاغة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محاولة في اكتشاف المسارب الأنثروبولوجية للرعب الميثولوجي
-
الرّعب الميثولوجي
-
المشروع الوطني في تونس والسيادة الجديدة
-
الانتخابات في تونس وسفينة المصالح بين جاذبية المشروع الوطني
...
-
ثقافة بدئيّة نحو فهم حركة الشعب و المشروع الوطني
-
الخيار الثوري و أزمة المسار الإصلاحي في تونس
-
تونس والوجه الآخر للديمقراطية
-
ملاحظات تمهيدية : تونس بين رهان التحديث ومأزق الهوية
-
عن بعض خصائص الأزمة في مفهوم الدولة الأمة كهوية وطنية
-
ملامح أزمة الدولة الأمة في الفكر القومي العربي
-
مفهوم الدولة الأمة في الفكر القومي العربي
-
مأزق الدولة الأمة ومعالم التمييز بين الهويات
-
الفكر القومي بين رهان الدمقرطة و التكيّف الانقلابي القسري
-
التخطيط الاستراتيجي العربي: مهمّة تحتجب خلف مصالح الدول
-
المرجع الهووي و رنين ملاعق التطبيع
-
التفجير الإرهابي بشارع حبيب بورقيبة: رسالة مشفّرة تحتاج إلى
...
-
المشروع الوطني لحركة الشعب و نظرية الثورة العربية
-
المشروع الوطني لحركة الشعب: جدلية التفاعل بين الديمقراطية و
...
-
حركة الشعب : الناصرية في تونس و أسس المشروع الوطني
-
دقائق متكاسلة
المزيد.....
-
-لا يتبع قوانين السجن ويحاول التلاعب بالشهود-.. إليكم ما نعر
...
-
نظام روما: حين سعى العالم لمحكمة دولية تُحاسب مجرمي الحروب
-
لأول مرة منذ 13 عامًا.. قبرص تحقق قفزة تاريخية في التصنيف ا
...
-
أمطار غزيرة تضرب شمال كاليفورنيا مسببة فيضانات وانزلاقات أرض
...
-
عملية مركّبة للقسام في رفح والاحتلال ينذر بإخلاء مناطق بحي ا
...
-
إيكونوميست: هذه تداعيات تبدل أحوال الدعم السريع في السودان
-
حزب إنصاف يستعد لمظاهرات بإسلام آباد والحكومة تغلق الطرق
-
من هو الحاخام الذي اختفى في الإمارات.. وحقائق عن -حباد-
-
بيان للجيش الإسرائيلي بعد اللقطات التي نشرتها حماس
-
اختتام أعمال المنتدى الخامس للسلام والأمن في دهوك
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|