عاطف الدرابسة
الحوار المتمدن-العدد: 6461 - 2020 / 1 / 10 - 09:07
المحور:
الادب والفن
قلتُ لها :
لن أنفخَ في الأقمارِ التي تعاني من الخسوفِ ، ولن أنفخَ في العقولِ التي تعاني من السُّكونِ ، لن أبعثَ الحياةَ في الأجسادِ الميِّتةِ ، لن أضخَّ الدَّمَ إلى الأطرافِ المتجمِّدةِ .
أرجوكِ ، لا تنظري إلى قدميَّ ، منذ أوَّلِ حرفٍ مُزيَّفٍ في تاريخِنا ، أضربت قدمايَ عن المسيرِ .
أُولئكَ الذين كانوا يقتاتونَ من لحومِنا ، ويتدفؤونَ في غضبِ الشِّتاءِ على عظامِنا ، هاهم يُطلِقونَ على أحلامِنا الرَّصاصَ ، بعقلٍ باردٍ ، وأيادٍ لا تعرفُ أن ترتجفَ في الصَّقيعِ .
أعرفُ يا حبيبةُ كلَّ أنواعِ الطُّغيانِ ، وأعرفُ كلَّ الوجوهِ التي تحتجبُ وراءَ الفضيلةِ ، خجلاً من الإثمِ ، وأعرفُ كلَّ العواطفِ العاطلةِ عن الحُبِّ ، وأعرفُ كلَّ أشكالِ البكاءِ المُنافقِ ، وأعلمُ أسرارَ اللُّعبةِ : كيف تبدأُ ، وكيف تنتهي ، وأعرفُ حقيقةَ أنفسِنا ، حين نبدو على الأرضِ ، كأنَّنا بشرٌ .
أنا يا حبيبةُ داخلَ الصُّورةِ ، وداخلَ المشهدِ وأنا في أولِّ الرِّواية ، وفي آخر الرِّوايةِ ، هناك على خشبةِ المسرحِ ، يجلسُ الزَّمانُ ، مرَّةً يرتدي وجهَ الثَّعلبِ ، ومرَّةً يرتدي وجهَ الغزالِ ، ومرَّةً يحملُ وردةً حمراءَ ، ومرَّةً يحملُ خنجراً مسموماً .
هناك على خشبةِ المسرحِ أمامَ الجمهورِ ، يظهرُ الزَّمانُ ، بهيئةِ إنسانٍ ، ينصبُ في الظَّلامِ فخَّاً لسنابلِ القمحِ ، وللأزهارِ ، وفي وضحِ النَّهارِ ، أراهُ يُعانِقُ صبيَّةً بعمرِ الهلالِ ، وفي آخرِ المسرحيَّةِ ، يصرخُ : أنا الذي قتلَ الشَّيطانَ .
د.عاطف الدرابسة
#عاطف_الدرابسة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟