|
هل هناك ما يعطيه النظام القائم للثائرين ؟
صادق محمد عبدالكريم الدبش
الحوار المتمدن-العدد: 6414 - 2019 / 11 / 20 - 01:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أنا متيقن بأن هذه القوى المتسلطة على رقاب الناس من 2006 م وحتى الساعة ، ليس بإمكانهم أن يقدموا الى الناس أي شيء ، وليس بمقدورهم ولا يرغبون في فعل ذلك ، فقد فشلوا فشلا ذريعا في إدارة ( الدولة والمجتمع! ) والأسباب معروفة للقاصي والداني ، نتيجة جهلهم وفسادهم وطائفيتهم ، ولم يتمكنوا من بناء ركائز لدولة ناجحة تمثل إرادة العراقيين ، وتحقق العدالة والمساواة والأمن ، وهذه ركائز أساسية ومن أولويات ومهمات الدولة ومسؤولياتها تجاه الشعب . النظام وأحزابه الفاسدة وشريحة ( رجال الدين !) الذين تحولوا الى أبواق ووعاض للأحزاب ( الدينية ! ) .. وأصبحوا أكثر فسادا إن صح القول من قادة قوى الإسلام السياسي ، وأخذوا على عاتقهم تسويق نهج وسياسة التظليل والخداع والكذب ، لإقناع الناس بصدق وصواب ما يقوم به الإسلام السياسي الحاكم ، والأكثر قباحة ووقاحة هو ، تصديق قوى الإسلام السياسي لما تسوقه هذه الشريحة من المفترين الدجالين ، متوهمين بأن هؤلاء غير أمينين على ما أوكل إليهم من مهمات الوعظ والإرشاد وتسويق الفضيلة والصدق والأمانة ، كقيم روحية وأخلاقية وكعرف وثقافة تنبع من حقيقة مبادئ الدين الحنيف ، ووقعوا في مستنقع أسن !.. فقد صدقوا أنفسهم !!.. بأن ما يسيرون عليه هو الحق والفضيلة ، وبأنه من وحي الدين وخصاله الحميدة !.. فينطبق عليهم المثل القائل [ اكذب .. اكذب حتى يصدقوك الناس بأنك صادق ، وتعلم يقينا بأنك كاذب دجال !ّ] . بالرغم من كل النوائب والأهوال التي عاشها العراق وشعبه ، وحجم الجرائم التي ارتكبوها بحق الملايين ، لكن النظام وهواة السياسة المتربعين على قيادة هذه الأحزاب والميليشيات المسلحة والعصابات الخارجة عن القانون ، رغم كل ذلك لم يتراجعوا عن غيهم ، ولم يحاولوا ولو لمرة واحدة على مراجعة سياساتهم وتقيمها سلبا واجابا !.. بل العكس من ذلك ، فكانوا كلما يسقطون في جب يقعون بأخر أكثر عمقا وأكثر إيلاما ، ويدفعه شعبنا أثمانا باهظة بالنفس والدم والدموع والبؤس والجوع والمرض والحرمان ، وأوصلوا العراق الى أسوء البلدان من الفساد والتخلف في عالمنا المعاصر . رغم كل ذلك ما زالوا مصرين وبعناد عجيب على عدم الاعتراف بما ارتكبوه وبأن عليهم ترك الساحة السياسية قبل أن يتم إزاحتهم بقوة الشعب وبإرادته ، هذا الشعب الذي تحمل على أيديهم الكثير . رغم ذلك وما ذكرناه وغيره ، ما زالوا يعولون على تطور الانتفاضة الشعبية الباسلة وإمكانية احتوائها كما فعلوا مع الاحتجاجات في الأعوام السابقة !.. اليوم يراقبون وبحذر شديد ، مدى اتساعها وتطورها ، أو تناقص أعداد المنتفضين ، معتبرين عامل الوقت في صالحهم وليس في صالح الشعب الثائر ، باعتبار أن المنتفضين سيصيبهم الوهن والملل ويعودوا الى بيوتهم خالين الوفاض . أضن هذا تفكير ساذج وغبي ويجافي حقيقة ما يعيشه العراق والعراقيين ، بعد انطلاق الشرارة الأولى ، في الأول من أُكتوبر المجيد ، ولم يدركوا حقيقة أن العودة الى ما قبل الأول من أكتوبر غير ممكن أبدا ، ومرة أخرى يقعون في خطأ التقدير في رهانهم الخاسر ، وعدم النظر الى الواقع بنظرة متبصرة حكيمة !.. لا شك بأنهم ليس لديهم ما يعطوه للناس ، وهذه حقيقة أكدتها السنوات الماضية !.. اليوم بعد أن اتضحت الحقيقة أمامهم ولكن متأخرين ، فإنهم يبحثون عن وسيلة للخلاص من الذي عليه اليوم ، ولكن ليس برؤية الفريق الواحد . المصالح الأنانية الضيقة جمعتهم في بداية مشوارهم ، بالرغم من كونهم غير متجانسين فكريا وسياسيا وطبقيا وكما ذكرنا بأن مصالحهم الأنانية قد جمعتهم !... ونفس الشيء سيفرقهم لاختلاف المصالح والرؤى والانحدار الطبقي الذي خلقه الواقع الجديد ، وهو جانب مهم علينا أن لا نغفله ، أو لم يكن في الحسبان !.. الكثير من رموزهم من السياسيين أو رجال الدين ، يعيدون حساباتهم وفق التطورات العاصفة التي يعيشها العراق اليوم . وأول ما تستهدف تلك التطورات ، تستهدف رموز النظام ، وعلى وجه الخصوص الخط الأول والثاني والثالث ، وقادة الميليشيات والفصائل المسلحة ، هؤلاء اليوم يحاولون ترتيب أوضاعهم ، استعداد لتطورات ما بعد انحسار فرص بقائهم على رأس السلطة ، فيفكرون في أكثر من وسيلة للخلاص !.. حسب اعتقادي !.. منهم من يغادر مبكرا الساحة السياسية نهائيا ، ليجد له مستقرا أمنا ، والبعض الأخر يحاول أن ينسحب الى الخطوط الخلفية !.. وما تبقى منهم يحاول أن يتشبث بالبقاء والمراوغة والخداع ، والاختباء وراء يافطات وشعارات فضفاضة ،وإعلانه الرغبة في نهج ( التجديد والإصلاح وركوب الموجة ! ) ، وربما هؤلاء بسبب شبهات فسادهم أقل فضاضة وغلو من الحيتان الكبيرة ، وقد ينجح هؤلاء في تحقيق أهداف أنية قصيرة المدى ولفترة محدودة ، ومن ثم يغادرون أو يتم اقصائهم تماما من قبل النظام الجديد !.. ما زالت الثورة تمر بمنعطفات ومتغيرات عاصفة وغير واضحة المعالم ، وربما لا تساعد تلك الانعطافات ولأسباب كثيرة ، في تحقيق الأهداف التي قامت من أجلها .. أقول ربما ، أو لنقل بأنها ستصل لمنتصف الطريق على أقل تقدير !.. وفي تلك المرحلة من حياة الانتفاضة ، ستبدأ بالمراوحة أو هكذا أعتقد ، ليأتي من يقطف ثمارها ويتربع على عرش الثورة . وهذه المسيرة تتم في عملية طويلة نسبيا ، حتى تتمكن القوى الجديدة التي ستنضج وتتمكن من أخذ مواقعها في الدولة والمجتمع ، التي ستظهر على الساحة من خلال عملية طبيعية في التطور الاجتماعي والسياسي والاقتصادي المرتقب . هنا ستبدأ هذه القوى الصاعدة التي ولدت من رحم الثورة ، الى التأسيس لدولة المواطنة ، وقيام دولة ديمقراطية علمانية على الطريقة الغربية أو الأمريكية !.. ولكن المفروغ منه والمؤكد ، بأن قوى الإسلام السياسي والمتحالفين معه سيغادرون السلطة بإرادتهم وطوعا !.. أو سيغادرون مكرهين ( مجبر أخاك لا بطل !) وهذا لا يعني بأن العملية ستكون من دون ألام ومن دون ثمن ، ومن المؤكد بأنها ستغادر هذه القوى تحت ضربات الانتفاضة ، وينتهي والى الأبد حكم وهيمنة قوى الإسلام السياسي الشيعي والسني ، وسيتلقى ضربات قاسية بما في ذلك الفكر الداعشي والأصولية الدينية ، فقد أنجزت هذه القوى ما عليها من مهمات في تخريب البلاد وقتل العباد !!.. ولم يعد لديها ما تسوقه من فلسفة ونهج وممارسة ، والتي أمست ميتة ولا تلامس عقول الناس ولا تمثل مصالح من كان محسوب على ملاكهم . لا شك بأن انتفاضة الشعب الجبارة قد صنعت واقع ثوريا عظيما ومنيرا لكل الساعين للغد السعيد ، وحققت منجزات جبارة ، وستخلق نقلة نوعية في حياة شعبنا ، وسيمتد تأثيرها بعيدا في منطقتنا وفي الشرق الأوسط . وستكون هذه الثورة مدار بحث ودراسة وتقييم . المجد للشهداء الكرام الأبطال ، شهداء أُكتوبر المجيد ، شهداء الشعب والوطن . المجد والعزة والفخر بشباب الانتفاضة وشيبها وكل من شارك وساعد وساهم على صنع انتصاراتها . المجد كل المجد لصبايا العراق ونسائه من مختلف الأعمار ، لقد كان دور المرأة العراقية مشرف وعظيما ، يفخر به كل إنسان غيور يحب وطنه وشعبه . عاش العراق وشعبه العظيم وقواه التقدمية والديمقراطية ، التي ساهمت ودعمت وشاركت الانتفاضة الباسلة صمودها واصرارها على تحقيق النصر المؤزر ، هذه القوى المناضلة ، وسعيها لبناء عراق مزدهر رخي سعيد .
#صادق_محمد_عبدالكريم_الدبش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اغتيال الناشط المدني عدنان رستم .
-
ثلاث شروط أساسية لإعادة بناء دولة المواطنة .
-
إلى أين يسير النظام السياسي في العراق ؟
-
قائد عمليات البصرة يقول !..
-
الرئيس يأمر .. !..
-
ممثل الأمين العام للأمم المتحدة .
-
هل هناك في المشهد بقية ؟..
-
رسالة عبر الأثير ..
-
إن كنت تعلم ما تريد فدعك مني !..
-
السيدة ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة .
-
رسالة الى نور مروان !..
-
نداء للوقوف مع شعبنا في ثورته .
-
يسعد أيامك يا عراق صباح الثورة .
-
من قتل الناشطين والناشطات في العراق ؟
-
دعوة للملايين لتخرج لسوح التحرير .
-
لننتصر لحزبنا الشيوعي العراقي .
-
ستنتصر إرادة الجماهير في الخامس والعشرين من أُكتوبر المجيد .
-
لتتوحد قوى شعبنا لبناء عراق جديد .
-
قوى اليسار وتأثيرها في صمع التغيير
-
المحلل والباحث والمراقب أبو رغيف !..
المزيد.....
-
رأسه يحمل ألوان -الكوفية- الفلسطينية.. الحوثيون ينشرون فيديو
...
-
مقتل 4 أشخاص في حرائق غابات اجتاحت مناطق سكنية في لوغانسك
-
الدفاعات الروسية تسقط 16 مسيرة أوكرانية غربي البلاد
-
واشنطن تعاقب شركة تنتج برمجيات تجسسية يديرها ضابط إسرائيلي س
...
-
طبق طائر يناور في أحد الأنهار الفيتنامية.. ما القصة؟ (فيديو)
...
-
طريق رسائل السنوار .. كيف تخرج وتصل إلى المتلقي؟
-
الاتحاد الأوروبي يعلن إجلاء ناقلة نفط أحرقها الحوثيون في الب
...
-
كيف قنصت مصر أغلى طائرة تملكها إسرائيل؟
-
الأردن يؤكد استلامه جثمان المواطن ماهر الجازي
-
السنوار يقول إن حماس مستعدة لخوض -معركة استنزاف طويلة- ضد إس
...
المزيد.....
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
المزيد.....
|