أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح1














المزيد.....

دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6410 - 2019 / 11 / 16 - 09:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




قد يبدو هذا الطرح سابقا لأوانه ولم تتضح بعد معالم الصورة على الأرض ولم تظهر بوادر ما يعرف بحصاد الثورة واقعا، ولكنه يبقى في دائرة التنظير والتنبؤ اللازم ضمن ما يتراء للقارئ والمراقب لتطورات ومجريات الأحداث، ووقعها وأثرها في مسألة تشكيل وصيرورة الوعي الذي صنعته الأنتفاضة وصنعته الأحداث، ولكن بالتأكيد أن إرهاصات الواقع ونتائجه تتبلور شيئا فشيئا لمن ينظر للحدث ليس من ناحية ما جرى بل بالأثر العميق الذي سيتركه الحدث في ميدان تشكيل الوعي الجديد.
ولكي نقرأ الأمر جيدا وبروح نقدية مجردة علينا الذهاب بعيدا عن الأرض وواقعها الآن بما فيه من حركة، ونعود مع الأسباب والعلل لنتقصى مسألة أهم وسؤال أكبر، لماذا حدث كل هذا الآن؟ وما هي المحركات الحقيقية له بعيدا عن الإنفعالات ونظرية المؤامرة التي يتشدق بها الكثيرون؟، لعلي أكون متطرفا بعض الشيء في نظر من لا يريد أن يفهم الحقيقية من جوانبها المختلفة وبشكل علمي وعملي، حين أقول أن المؤسسة الدينية بكل فروعها وألوانها وتوجهاتها معنية بشكل أو بأخر بالاتهام المباشر لها أنها كانت جزء من إشكالية هذا الواقع، وجزء من عملية الدفع بأتجاه الحفاظ عليه بأي ثمن خاصة بعد تراكم الخطأ وتحوله إلى خطيئة لا تغتفر ولا يمن التستر عليها.
صحيح أيضا أن المؤسسة الدنية كانت في مخيلتها الأولى وبعد إنهيار المنظومة الحاكمة الشمولية التي قمعت وجودها ووفقا لمصالحها كانت تتمنى أن تنشئ عالم أخر مخالف ومختلف لما في البلد من علاقات وأطر ومفاهيم على أعتبارات وقيم ومعايير تمسكت بها طول وجودها التاريخي، أي أنها كانت تحلم بعالم مثالي صاغته عقيدتها وأسست هي رؤيتها على ترجمة لهذه العقيدة على أن تقدمها حلا مثاليا إنسانيا قد يمنحها الريادة والقيادة الأجتماعية طويلا إن لم يكن أبديا، ولكن وللمعضلة التاريخية التي أسست هذه المؤسسة ومزقتها بصراعات كثيرة وتناقضات فكرية شهدها التاريخ وأفشلتها التجربة حين كان دورها القيادي تاريخيا لم ينتج صورة من هذا الحلم، ولم ينجح أي مسعى لها أن تترجم الدين كسلطة أجتماعية على المجتمع قادرة على ضبطه وفق إيقاع مثالي يحترم الإنسان وقدسيته في الوجود.
النوايا الحسنة مهما كانت لا يمكنها وبدون ترجمة حقيقية أن تتحول إلى حل ناجز وجدي وفاعل، ما لم تلاحظ أولا إمكانية التحول إلى واقع، ثم إمكانية أن يكون هذا التحول واقعا قادرا على الأستمرار والتطور، وثالثا أن لا يكون هذا التحول جبري وقهري لا يهتم بالواقع ومتطلباته، وأخيرا أن يكون هذا التحول والحدوث مرنا وقادرا على التكيف حسب قوانين الطبيعة البشرية التي تتميز بالحركية والرغبة في عدم الخضوع لقوالب جامدة، الدين أو المفاهيم المتصلة به من فكر وشريعة وطقوس محكومة بشيء من الثبات النسبي لسببين رئيسين هما:.
• أولا لا يمكن لأحد ومهما أمتلك من قوة وقدسية وفهما للدين أن يغير أسس وكليات المنهج الديني لأنها مرتبطة أساسا بالمشرع الفوقي، وما لم يغير المشرع الأعلى أو يسمح بالتغيير نبقى ويبقى الدين مجرد مجموعة من القواعد الملزمة دون أي قدرة على التغيير، وإلا عد ذلك كفرا وخروجا عن المبادئ الأساسية الجامعة.
• ثانيا حتى لو قدر على أن يخرج من بين طبقة رجال الدين من يحاول أن يحرك ويتحرك بهذه الثوابت نحو مرحلة أكثر تحررا، فلا بد أولا أن يخضع بعمله لنفس المنهج وضوابطه وصوره وخاصة فيما يتعلق بالتفسير والتأويل، هذا غير أن عمليات التحرر النسبي تحتاج للكثير من المقدمات والدراسات وتراكم تجريبي يحتاج لوقت وزمن لا يتناسب مه حركة المجتمع ورغبته بالتوافق مع زمنه هو.
للنقطتين أعلاه نجد أن المؤسسة الدينية مهما كانت وفي أي مجتمع تتخلف دوما عن حركة المجتمع والإنسان معا، ولذلك نجد أن خسائرها التاريخية تكون في غالب الأحيان خسائر قاسية ومؤلمة بحكم موقعها ونفوذها الأجتماعي، وكلما كان التغيير فيها بطيئا وثقيلا كانت الخسارة أعظم وأشد وهذا ما شهدناه مثلا أبان الثورة الفرنسية عندما صد الثوار بالمقولة المشهورة ("اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس")، وهذا ما حدث وأسس لمرحلة تاريخية أخرى شهدت إنزواء حقيقي وخراب دور المؤسسة الدينية التقليدية في فرنسا، والسبب ليس فقط في تحالفها مع السلطة ولكن لعدم قدرتها على التحرر من مقولاتها وقواعدها المؤسسة أولا.
لذا حينما نقرأ المشهد العراقي بكل تفاصيله وجزئياته نلاحظ أن هذا التباطؤ والتثاقل خلا فكرة التخادم الدائم بين السلطة وقواها السياسية والمؤسسة الدينية، سيشكل أو شكل حتما مؤشرا ينمو ويتزايد يوميا على أن الجماهير التي ساندت وأمنت بهذه المؤسسة تتخلى تدريجيا عن تلك المساندة، وتفقد تلك الحرارة المعهودة والدفء بالعلاقة بين الطرفين، للحد الذي وصل فيه أن توجه سهام النقد والأنتقاد وحتى الرفض لها من قبل قطاع واسع ومتسلح بفشل التجربة الحلم الذي كانت توعد به أتباعها وتبشر بعصر العدالة والحرية والمساواة التي كانت العنوان الأبرز في خطابها بعد تغير الواقع عام 2003.
من هنا نفسر هذا التحول الغير مسبوق والخشية الكامنة من وراءه في كل خطابات المرجعيات الدينية والتخلي التدريجي عن العلائق السياسية التي ربطت أو أرتبطت بها مصيريا وعقائديا، السنية منها والشيعية وحتى بعض المرجعيات المذهبية من ديانات أخرى نشهد تفاوت وتراخي في العلاقة التقليدية مع أتباعها والمؤمنين بها، هذه المقدمات والملاحظات ليست أفتراضية ولا هي من وحي خيال الكاتب، بقدر ما تؤشر إلى أتجاه في الوعي الفردي والجماعي الذي يتبلور مع الأيام بأنتظار ساعة الحسم النهائية، والتي ستشكل بداية مرحلة فكرية وسياسية وأجتماعية مختلفة بكل شيء، بقوانينها وروابطها وعلاقاتها وحتى بالقوى المتحكمة فيها.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسؤولية القانونية والدستورية لرئيس مجلس الوزراء في الدستور ...
- في نقد الدستور العراقي (مواد دستورية معطلة)
- ملاحظات على قراءة الدستور العراقي
- تفصيلات الدستور والنصوص (تعديلات واقتراحات لسد النقص) ج2
- تفصيلات الدستور والنصوص (تعديلات واقتراحات لسد النقص) ج1
- بيان الحراك الشعبي العراقي ومجموعات من تنظيمات ناشطي ساحة ال ...
- تفصيلات الدستور والنصوص (فن الصياغة)
- لماذا تشرين؟
- أزمة العقلية الحاكمة في العراق ومستقبل الحراك الشعبي.
- أساسيات الدستور العراقي ثالثا _الصيغة الأتحادية
- أساسيات الدستور العراقي ثانيا _التعددية الديمقراطية
- أساسيات الدستور العراقي
- خارطة الطريق التي اعدها الحراك الشعبي في العراق
- لماذا الحاجة ملحة لتعديل الدستور العراقي؟
- في العراق ... أزمة حكم أم أزمة حكام؟.
- استراتيجية التك تك في مواجهة السلطة الفاسدة.
- قراءة في تطورات ما بعد الاول من تشرين الاول في العراق
- المسؤولية القانونية والدستورية لرئيس مجلس الوزراء في الدستور ...
- بيان من التجمع المدني الديمقراطي للتغيير والأصلاح...
- لماذا يتظاهر شباب الشيعة ضد المنظومة الشيعية الحاكمة في العر ...


المزيد.....




- خوف وبكاء.. شاهد لحظات رعب عاشها طلاب يحتمون أثناء وقوع إطلا ...
- مكتب نتنياهو يعلق على تقرير -إدارة ترامب منعت إسرائيل من الا ...
- مراسلنا: مقتل 34 فلسطينيا بغارات إسرائيلية منذ فجر اليوم بغز ...
- -قيل لي إنه لا ينبغي أن أكون أماً لأنني كفيفة-
- حرب أوكرانيا- واشنطن -ستتخلى- عن -دور الوساطة- في حال عدم إح ...
- لافروف: روسيا مستعدة للمساعدة في المفاوضات بين الولايات المت ...
- الكرملين: مدة اتفاق حظر الهجمات على منشآت الطاقة انتهت ولا ت ...
- زيلينسكي يوقع قانون تمديد الأحكام العرفية والتعبئة العامة
- بكين وواشنطن.. حرب تجارية عالمية
- أحزاب جزائرية تؤيد موقف السلطات من باريس


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح1