أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نزهة أبو غوش - رواية الحائط وتحقيق الذات














المزيد.....

رواية الحائط وتحقيق الذات


نزهة أبو غوش
روائيّ وكاتبة، وناقدة


الحوار المتمدن-العدد: 6402 - 2019 / 11 / 7 - 12:40
المحور: الادب والفن
    


نزهة أبو غوش:
رواية الحائط وتحقيق الذات

في روايتها البكر "الحائط" الصادرة عن دار إلياحور للنّشر والتوزيع في أبوديس-القدس نسجت الكاتبة شهيرة أبو الكرم رواية بطلها الحائط، الّذي استخدمه بطل الرّواية كوسيلة لعمليّة اسقاط همومه وشكواه من ظلم المجتمع القاسي الّذي لا يرحم، بداية من والده الّذي فضّل عليه أخاه؛ وذلك لأنّه كان طفلا معاقا حركيّا.
شخصيّة زياد في الرّواية شخصيّة متطوّرة نمت مع أحداث الرّواية تدريجيّا. استطاعت الكاتبة شهيرة حبك شخصيّته وتطويرها بخيال واقعي رحب ومنطقي.
عملت الكاتبة على إظهار الحالة النّفسيّة لزياد على طول الرّواية. بداية بطفولته التّعيسة، حيث عدم حركة طرفه الأيسر وقدميه. معاناته في أسرته، واستهزاء أخيه الحارث بقدرته الحركيّة، كذلك الأطفال في مثل عمره. ولد في داخل تلك الشّخصيّة التّحدّي المدعوم بتشجيع من والدته فاطمة. التي ساعدته على متابعة التّدريب لأطرافه، رافقته طوال مسيرته الحياتيّة، وهي الوحيدة الّتي فهمته جيّدا، وراعته، وآمنت بقدراته حتّى شفى من اعاقة رجليه ومشى عليهما ودخل المدرسة ونجح حتّى أصبح محاميا تتفاخر به.
لماذا تخلّى الأب عن ولده، وهل هناك صدق في رواية شهيرة؟
أعتقد بأنّ الكاتبة لم تبالغ في روايتها، حيث نرى الكثير من الآباء ينكرون وجود أبنائهم المعاقين في حياتهم، بل ويخجلون منهم؛ لأنّهم لم يحقّقوا لهم رغباتهم وطموحاتهم في الحياة.
الأمّ شيء آخر، تتقبّل ولدها كما هو، تحبّه وترعاه ولا تفقد منه الأمل.
فاطمة هي المرأة المثاليّة في نظر زياد. هي المنقذ، هي الدّاعم، هي من بذرت روح الأمل في نفسه، لم يحبّ أحدا سواها في هذا العالم الرّحب. غيابها سبّب له الكثير من الالم النّفسي فوق نفسيّته المرهقة.
مثابرة الشّخصيّة على الدّراسة والتّطور كان لها دافع قويّ ألا وهو اثبات الذّات. الرّجل المعاق أراد أن يقول لهذا العالم " أنا أقدر رغم اعاقتي، سأنتصر على هذا المجتمع الّذي يهمّشني سأكون مثلكم، بل أهمّ"، فعلا وصلت رسالة الكاتبة واضحة ترمي إِلى عدم اليأس مهما وصل بالإنسان من مصائب وعقبات في حياته.
لم تكن إعاقة زياد الجسديّة هي مشكلته وتعذيبه النّفسي؛ بل إِنّ حبّه الأوّل للشّابة ريم عرّضه لحالات نفسيّة متقلّبة ومذبذبة ومدمّرة في آن واحد. شعر بالكثير من الإهانة حين وصفته بالنصف، أي أنّه ليس انسانا كاملا في نظرها؛ لذلك تركته دون مراعاة لمشاعره.
الحائط وحده من حمل عنه بعض همومه، حتّى أعزّ صديق له شكّ في أمره واتّهمه بخيانته مع المحبوبة الّتي تركته. صارت شخصيّة زياد بعدها شخصيّة عصبيّة على كلّ شيء، لكنّه قرّر أن يبنى لنفسه استراتيجيّة جديدة، أن يكون الرّجل الهادئ، غير المبالي الّذي يرمي خلفه كلّ شيء دون قلق أو اهتمام، وذلك بعكس ما يدور بداخله من نار متأجّجة تكاد تقتله؛ لولا صديقه الحائط الّذي يسمعه بكلّ صمت دون مناقشة، أو مجادلة.
رغم هجر المحبوبة ريم المحامي زياد، ورغم الألم الواقع عليه بسبب إعاقته، لكنّه ظلّ يدافع عن كيانه وكرامته. طوال أحداث الرواية كان يذكّر القارئ بيده اليمنى الفعّالة: حملت بيدي اليمنى، رفعت يدي اليمنى، دفعت بيدي اليمنى...إلخ، هنا ركّز على مصدر القوّة في ذاته، ولم يذكر الجزء المعطوب ممّا يدلّ على تفاؤله وإيمانه بقدراته، حتّى وإن كانت النّصف.
كان زياد صادقا مع نفسه، لم يكذب عليها ولم يخذلها. رفض قبول العرض المغري للزواج من الفتاة صاحبة شركة الأقمشة الّتي دافع عنها بالقضاء؛ لأنه عرف ما يريد من هذه الحياة غير الزّواج. أراد أن يثبت ذاته، أن يقنعها بأنّه الأقوى، بأنّه إنسان يقف بثبات على الأرض لا يحتاج أحدا، حتى أخيه الّذي رحل بعيدا عنه، حتّى المرأة الّتي تمنّاها قلبه؛ رغم النّجاح الكبيير والشّهرة الّتي نالها كمحام ظلّ ينتظر أن يغلق فجوة ما زالت مفتوحة في داخله.
وأتته فرصة اغلاق تلك الفجوة عندما جاءته ريم مقهورة، ترجو أن يطلّقها من زوجها في المحكمة، فعل كما أرادت، لم يشمت بها؛ إِنّما انتقم لنفسه الجريحة عندما عرضت عليه العودة؛ فكان صوته قويّا مدويا صريحا: لا... لا أريدك يا ريم.
في نهاية الرّواية بدا زياد إنسانا سعيدا بأصدقائه، متصالحا مع مجتمعه ومع نفسه.
نستطيع القول بأنّ رواية الحائط للكاتبة شهيرة رواية مباشرة وواضحة غير متشابكة، ولا يكتنفها التّعقيد، وتركيزها على الانسان المعاق في الرّواية يحسب لها.
وأرى بأن الكاتبة ينتظرها مستقبل أدبي ناجح باذن الله.



#نزهة_أبو_غوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خلق الشّخصيّات الإيجابيّة في رواية -ليت-
- الصراع في رواية شبابيك زينب
- ميلاء سعاد المحتسب وعاطفة التّحدّي
- رواية السّيق والقلق
- وميض في الرّماد ومعاناة المغتربين
- الصراع في رواية هذا الرجل لا أعرفه
- أشواك البراري وسيرة التحدي
- -طلال بن أديبة- والاعتماد على الذات
- برج الذّاكرة، للكاتبة الفلسطينيّة، حليمة دوّاس ضعيّف.
- رواية الرقص الوثني والخروج عن المألوف
- الحالات النّفسيّة لشخصيّات عشاق المدينة
- طغيان العاطفة في رواية -قلب مرقع-
- سردية اللفتاوية والجذور
- هواجس نسب حسين والضياع
- الصّراع في رواية -قلبي هناك-
- -حرام نسبي- رواية نسويّة بامتياز
- السخرية في يوميات الحزن الدامي
- الشّاعرة سلمى جبران في ندوة مقدسية
- العاطفة في ديوان دائرة الفقدان للشاعرة سلمى جبران
- الطّائرة الورقيّة والحبكة القصصيّة


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نزهة أبو غوش - رواية الحائط وتحقيق الذات