أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - حسام كصاي - نقد معاصر للبيان الشيوعي لكارل ماركس، أنجلز















المزيد.....

نقد معاصر للبيان الشيوعي لكارل ماركس، أنجلز


حسام كصاي

الحوار المتمدن-العدد: 6323 - 2019 / 8 / 17 - 10:17
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


النسخة التي في يدي من البيان الشيوعي هي الأفضل من نوعها على مر رحلتي في قراءة الماركسية، والأجمل، والأنقى، والأهم أنها الأبسط التي امتازت بترجمة دقيقة وممتعة ورائعة قام بترجمتها مؤسسة دار باثفايندر برس في الولايات المتحدة الامريكية عام 2019 بطبعتها الرابعة والمُقدمة بقلم الماركسي الكبير ليون تروتسكي وهذا أول مغريات اقتناء هذه المخطوطة، حيث تروتسكي الكبير يُقدم البيان الشيوعي للكبار ماركس وانجلز الذي صدر في 18مارس 1848 والذي صادف الثورة في برلين وميلانو، كانت الثورة من صنع العمال التي أقامت المتاريس وضحت بحياتها من أجل كل عمال العالم، لكن البرجوازية قطفت ثمار الثورة في فرنسا أما إيطاليا وألمانيا والنمسا فلم يبرحوا إن ساعدوا البرجوازيين مذ البداية ( ) والنسخة الثانية الرديفة هي لترجمة العفيف الأخضر، .
نتيجة لخطر ما سمي بالشيوعية اجتمع الشيوعيين في لندن من مختلف القوميات ووضعوا البيان باللغات: الانكليزية، الفرنسية، الألمانية، الإيطالية، الفلامندية، الدنماركية( ) أعتقد أن واضعي هذا البيان كان على درجة عالية من الخبرة السياسية فائقاً الاقتصادية، لأنهم وجدوا في النظام البرجوازي فكرة قائمة على انقاض المجتمع الاقطاعي وهذا يعني استمرار لكل من: المظالم، الاستغلال، الرق، العبودية، نظام السخرية، باختصار استمرار عبودية الإنسان للإنسان، ولو لاحظنا فترة إعلان البيان تجد أنها مرحلة متقدمة من الفكر السياسي الأوروبي المعاصر منتصف القرن التاسع عشر أي بعد إتمام الأنوار فلسفتها المستوحاه من عصر النهضة، والحداثة قيمها التكنولوجية 
في مقدمة ليون تروتسكي يعتقد بأن اقساماً من الكتاب [البيان] قد شاخت ولم يعدان قادران على الإضافات الجديدة كون البيان أصبح وثيقة تاريخية عظيمة،
...
في بداية القرن الماضي كتب ماكس فيبر عن الأخلاق الرأسمالية ولم يكتب أحداً بنفس العنوان عن الأخلاق الماركسية، دون أن يعني إن الماركسية لم تضع في وجدانها ذلك التصور كفلسفة، أن انفصال العمال عن وسائل الانتاج هو الركيزة الاساسية للرأسمالية، والاشتراكية لن تفصل تلك العلاقة وانما ستعمقها( ).
أخلاق الماركسية تحمل معان إنسانية متجاوزة للنظرة الآنية، للدين، المذهب، التاريخ، الجغرافيا، فهي يهاجم الحروب الصليبية ويكاد يجردها من قدسيتها التي شنت مجازرها وحروبها وسرقاتها للشرق والعالم باسم المسيحية والسيد المسيح، فالحملات الصليبية عنده "بعثات عسكرية استعمارية الى الشرق من قبل إقطاعيين كبار"( ).
يبدأ ماركس بالحديث عن حياة المجتمعات والتطور الحضاري والصراع على الثروة والمال والنفوذ على أنه صراع طبقات، فالتاريخ الاقتصادي والبنية الاجتماعية يشكلان في كل حقبة تاريخية اساس التاريخ السياسي والفكري فكان التاريخ مذاك تاريخ صراع طبقي( ) حيث البرجوازيون الكومانات المتحدرة الأولى من اقنان القرون الوسطى التي اعطتها اكتشاف أمريكا سوق للنشاط( ) فهي ولدت نتاج تاريخ طويل من التطور التي مرت بها حركة النشاط الاقتصادي من ثورة البخار، الماكنة، الإلة، الانتاج الصناعي، وسلسلة من الثورات في نمط الانتاج( ) فانتزعت كل كرامة وقيمة للإنسان فلم يعد الطبيب والمحامي والمعلم إلا أجيراً في خدمتها( ) وهذه هي الرأسمالية اليوم تماماً، بتوحشها، قمعها، هتكها لقيمة الإنسان وتفضيلات المادة على كرامتهِ تجد التراتبية الزمنية من أقنان القرون الوسطى مروراً بالبرجوازية انتهاءً بالرأسمالية المتوحشة، كأعلى مراحل الاستهتار بالكرامة الإنسانية.
فيما يقارب ماركس _ أنجلز بين المجاعة والحرب من جانب والصناعة والتجارة من جانب أخرى ويضعهما في مبادلة الوجه الأخر، والسبب هو اعتقادهما بأن المجتمع نال فائضاً دسماً من التجارة فلم تعد القوى المنتجة تخدم الحضارة ونظام الملكية البرجوازيين( ) هنا ماركس وانجلز فسرّا أسباب أزمة الحضارة الغربية وتفسخها حتى قبل نيتشه، حتى قبل اسوالد اشبنجلر اللذان كانا قد استوحيا جزء من تشخيصاتهما للأمراض الثقافية الأوروبية من ماركس.
يضع ماركس شرط وحيد كمخرج ونهاية وخلاص للحضارة الأوروبية من أزمتها هو أن تبدأ حضارة جديدة تضع عبارة سعادة الانسان بدل رايات ربح رأس المال ( )
الخُلاصة:
كان البيان الشيوعي صدمة في وعي الامة والتاريخ، رسالة إنسانية من أجل إستعادة كرامة الانسان المغتصبة من جو العمل والسوق والتجارة، ونقد الحداثة الرأسمالية اليوم أو ما تسمى بـ "ما بعد الحداثة" التي تعني فشل الحداثة وابتذال قيمها، بل وتعني أيض أنحطاط العقل البشري ورجعيتهِ نتيجة الاخفاق المتواصل لإنتاجه العصري، والقارئ النهم للبيان الشيوعي وللفلسفة السياسية الماركسية والفكر السياسي لكارل ماركس سيكتشف حجم الإهانة التي يتعرض لها الإنسان تحت عنوان التقدم والعمران، لكن المخيب للآمال أن صوت يا عمال العالم اتحدوا لم يلاق صدى واسع ولم يستجيب لهُ إلا نفرٍ قليل، بالتالي أضحت مثاليتهُ الفائقة التي دفعت لينين ليعود إلى حاضنة وفكرة الدولة بدل ذبولها _ ماركس وأنجلز _ من خلال فكرة الحزب السياسي الشيوعي الذي تأمل بهِ منقذاً، ولكنهُ سرعان ما تبدد حلم لينين كما ماركس وانتهى كل شيء تحت قبضة الرأسمالية الحديدية المحكمة على كل مفاصل النشاط التجاري لتؤكد هذه الهيمنة نبوءة ماركس بأن التاريخ كل التاريخ هو عبارة عن صراع طبقي: غرب شرق، شمال جنوب، أغنياء فقراء وهكذا دواليك، والمثال الأعلى هو البرجوازية في مواجهة البروليتاريا، أي الاغنياء النافذين مقابل العمال المسحوقين الكادحين،
الدروس والعبر من البيان الشيوعي
نستخلص الدروس والعبر من البيان الشيوعي التي توصلنا إليها بدراستنا النقدية، هي:_
1_ أن إصلاح المنظومة السياسية والاقتصادية للمجتمعات قاطبة أمر ممكن ووارد ولا تعترضهُ أي مطبة وإنما تنقصه العزيمة والفيلسوف ومبدأ الثورة.
2_ أن الثورة لا تجلب النجاح والتغيير الإيجابي دائماً، ثورة ماركس انتهت إلى رأسمالية وأرتمت في أحضانها كل الشيوعية من تروتسكي ولينين وستالين وحتى الشيوعي الأخير.
3_ اهتمت الماركسية في ضوء البيان الشيوعي والأعمال الماركسية الأخرى بتحرير المجتمع من الدين، والدين من الدولة، والدولة من كل شيء، أي إذابة الدولة بالتحمية النهائية تبعاً لأنجلز.
4_ افتقر ماركس وانجلز ببيانهما إلى الواقعية مثل هوبز وميكافيللي، والنتيجة فشلت إصلاحاتهما وجهودهما من التحقق على أرض الواقع،
5_ ليس البيان الشيوعي موفق في كامل نصه فهو ليس انجيلاً كي يتقدس، والعيوب جمة في فحواه ومحتواه، أقلها أنه كان بيان لإلغاء الدولة رغم انها شر لا بد منه، فليس هناك اشر من لا دولة باعتقادنا.
6_ رفض الشيوعية للدولة محقة وصائبة ولكن ما هو البديل؟، هل هناك متحّد اجتماعي أخر يعوض الدولة كما تتبجح الأناركية، لا أظن ذلك وهذا هو أحد مناقب البيان الشيوعي الذي أصبح "بيان الفوضوية".
7_ النقطة الأساس والاهم التي أحق بها البيان الشيوعي وكارل ماركس تحديداً هي إرجاع كل شيء للمال والعامل الاقتصادي، والامر لا ينطبق على المسيحية أو اليهودية وحدهما، بل على الإسلام اليوم أكثر انطباقاً وتماهياً، حتى الفروض الدينية الأساس في الإسلام تخضع لمنطق العامل الاقتصادي، والجنة حتى الجنة مرتبطة أحياناً بالثروة والمال تماماً حيث يستطيع الغني أن يجهز غازياً، يمول إرهاب أو جهاد، يفتتح مشاريع خيرية، يساعد الناس على فعل الخير، يبني مساجد، مستشفيات، مدارس كصدقات جارية، أن يُفطر صائماً، يكسو محتاجاً، أن يحج ويعتمر، وهذه لا يمكن للفقير القيام بها إطلاقاً.
الخاتمة
يعد كتاب "البيان الشيوعي" واحد من أبرز الكتب ليس في تاريخ الفكر السياسي والاجتماعي الماركسي، بل في عموم الفكر السياسي الذي وضع اللبنات الرصينة لمشروع ماركسي عظيم _ رغم المثالية الفائقة _ لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاوز البيان الشيوعي لرد الصاع البرجوازي الذي شل يد العمال واستبدلها بالماكنات وتسريح المجتمع وتحولهُ إلى "عالة" اجتماعية وفائض بشري نجح في ترسيب طبقة البروليتاريا العظيمة التي استغلها ماركس وفشل في ارتقائها إلى النهاية.
برغم أن الماركسية هي إيديولوجيا ثورية إلا أنها تبقى منهجياً وتحليلياً الأقوى في تشخيص الإخفاقات ومضامين الخلل الاجتماعي والثقافي الذي تعاني منه الحضارات العالمية، حيث العامل الاقتصادي الأهم في كل متحد ومحور وفاصلة تاريخية.



#حسام_كصاي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التدّاول العنفي للسلطة: خيار اسلامي!
- الإمام الشهيد حسن البنا: داعية الإسلام السياسي المعاصر
- راشد الغنوشي: أنموذج إسّلام سيّاسي مُعتدل
- الإمام جمال الدين الإفغاني: رائد الإسلام السياسي
- العلمانية خيارنا الوحيد
- الإمام محمد عبدة: مُنظر حركات الإصلاح الديني
- العُرُوبة وَالإسّلام: تَحْولات الدَوُلة وَالمُجْتَمْع
- التَحْول الدّيمُْقراطي: وِلادة ميّته
- الحركات الإسلامية: المصالح والمشالح
- إنْتكاسّة الدّيمُقراطيَّة في العرَاق
- التداول العنفي للسلطة: خيار إسلامي!
- دولة شيوخ المودرن
- لماذا نكتب عن الطائفية
- الدَوُلة العَرَبَية المُعَاصْرة: ثَقرَّطْة ام مَدنَّنة
- عرب النيران الصديقة


المزيد.....




- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...
- -استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله- ...
- -التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن ...
- مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - حسام كصاي - نقد معاصر للبيان الشيوعي لكارل ماركس، أنجلز