أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فريد العليبي - تونس : في عيدها الجمهورية تفقد رئيسها.














المزيد.....

تونس : في عيدها الجمهورية تفقد رئيسها.


فريد العليبي

الحوار المتمدن-العدد: 6303 - 2019 / 7 / 27 - 15:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



توفي الباجي قائد السبسي بعد أن عاش حياته السياسية كاملة بحلوها ومرها ، ومات والجمهورية التي كان من بناتها تحتفل بذكرى تأسيسها ، فيما بدا تزامنا غنيا برمزيته ، وقد برز دوره خاصة خلال مرحلة ما بعد زين العابدين بن علي. وتلك الجمهورية تترنح وتغرق في أزماتها ، مؤسسا حزبا بدا كأنما تطلق من خلاله الجمهورية صرخة استغاثتها : نداء تونس ، محاولا احداث التوازن مع الحركة الإسلامية المتوثبة للسيطرة على الحكم واستبدال الجمهورية بخلافة دينية . وقدم نفسه باعتباره ضامن استمرارية الدولة، وتلك الجمهورية بالذات ، فقد كان مهوسا بذلك مستندا الى البورقيبية بكاريزما زعيمها وارثه السياسي .
وهو أول رئيس جمهورية تونسي تباغته الوفاة وهو في طور عهدته ، وربما حلم أن يكرم خلال موته باعتباره رئيس تلك الجمهورية بجنازة رئاسية تليق بمقامه ، وبرحيله يوم أمس يكون حلمه قد تحقق .
وحتى عندما فاجأه المرض فيما أصطلح عليه في حينه بالوعكة الحادة ، سرعان ما عاد الى المشهد السياسي مخاطبا أنصاره كأنما لطمأنتهم أن الجمهورية لم تمت ثم استقبل بعدها وزير الدفاع ، ربما في إشارة الى أن المؤسسة العسكرية لن تخذل الجمهورية ، فهى حاميتها ، وكان ذلك آخرعهد للتونسيين به ، قبل أن يأتي خبر وفاته، الذي كان مفاجئا للجميع رغم المرض المعلن عنه ، فموته الكاذب سابقا جعل القبول بموته الحقيقي صعبا ، والمفارقة أن الموت الأول كان مناسبة لكشف أطماع الإسلام السياسي وحلفائه ، ومن ثمة فشل الانقلاب الدستوري الذي خططوا له ، وعندما جاء الموت الثاني كان الأمر مختلفا فقد أضحى الطامعون أكثر حذرا في الاقدام على مغامراتهم فالباجي قدم لتلك الجمهورية خدماته في حياته وموته أيضا .
كان السبسي شيخا ، ولكنه كان يتصرف كما لو كان شابا ، حتى أن فكرة الترشح لولاية ثانية راودته ، قبل أن تتلاشى ، وخاض معاركه بحيوية لافتة مرددا دوما أن الاعمار بيد الله ، وأنه طالما ظل على قيد الحياة فانه سوف يمارس السياسة فهو لم يغب عن سياسات الجمهورية بمراحلها المختلفة ، فالسياسة حاضرة في موته وحياته ، ولم يغب عنه تأمل تلك المراحل واستخلاص دروسها عندما ألف كتابه : "الحبيب بورقيبة، البذرة الصالحة والزؤام ".
حرص السبسي على القول أنه أول رئيس منتخب ديمقراطيا في تميز على بورقيبة نفسه ، وأنه ليس تكرارا للزعيم ، وانما له اضافته . وفيه وجد " حزب الدستور " استمراريته ، ولكن في ثوب جديد .ورغم أن خطابه السياسي ما بعد بن على تم تطعيمه بمفردات الانتفاضة التونسية ، فإنه ظل محافظا على البذرة الدستورية واستثمار رموزها حتى أنه أعاد تماثيل بورقيبة الى أماكنها السابقة في عدد من المدن ومنها العاصمة .
لم يكن الباجي متحمسا لما سمي الجمهورية الثانية ، و قلما ردد تلك العبارة وهو الذي لم يجد حرجا في القول أنه لم يساهم في الثورة التونسية فالجمهورية لديه واحدة ، فقد ولدت مع بورقيبة في نسختها الوطنية ، ومعه كان تتويجها الديمقراطي وعندما تحدث خليفته محمد الناصر لأول مرة وهو على رأسها قال : إن الدولة ستستمر ، وهو يعني استمرار تلك الجمهورية عينها .
ربما كان بإمكان الباجي فعل أكثر مما فعل لصالح تلك الجمهورية ، فقد تذمر دوما من صلاحياته الرئاسية المقيدة ،ورغب في تعديل الدستور ليكون النظام السياسي رئاسيا ولكن عوائق كثيرة واجهته .
يترك اليوم الباجي جمهوريته وهي في وضع مضطرب على مختلف الأصعدة أبرز ما فيه الإرهاب التكفيري المخيم في الجبال، وأطماع الإسلام السياسي والانهيار الاقتصادي والاجتماعي ، والتوترات العربية والإقليمية ، مما يجعل مستقبلها على المحك . واذا كان قد نجح في ضمان ديموتها فإن السؤال هو ما اذا كانت قادرة من بعده على الصمود في وجه العواصف التي تهب عليها من كل جانب ، أم انها تعاني حشرجة الموت ولن تلبث أن تسلم روحها فتكون قد ماتت بموته .



#فريد_العليبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تونس : تصدعات حركة النهضة .
- الديمقراطية التونسية.
- عرس نقابي .
- خميس أسود في تونس .
- الاستقطاب والانتخاب.
- وفاة مرسي في تونس .
- مذبحة الديمقراطية .
- الدين والمال .
- مأزق الجبهة الشعبية وآفاق اليسار .
- ‏- إسرائيل - والانتخابات التونسية.‏
- استطلاعات الرأي بين العلم والسياسة . ‏
- الأزمة الليبية واستراتيجيا السلطة التونسية .‏
- حول السودان والجزائر .
- تونس والكارثة المنتظرة.‏
- نفاق الفلاسفة !! برنار هنري ليفي بين مظاهرات السترات الصفراء ...
- الجبهة الشعبية التونسية في مواجهة مصيرها .‏ ‏ ‏
- تونس التي تستيقظ .‏
- تونس : حزب الرئيس القادم .‏
- السياسة ... خساسة ! ‏
- صراع على صالح بن يوسف في تونس


المزيد.....




- بايدن: أنا صهيوني وفعلت للفلسطينيين أكثر من أي شخص آخر
- الحوثيون يعلنون مسؤوليتهم عن مهاجمة سفينتين قبالة سواحل اليم ...
- إطلاق نار في مسقط يؤدي لمقتل أربعة أشخاص وإصابة آخرين
- قد تسكن البيت الأبيض إذا فاز ترامب.. من هي أوشا فانس؟
- أمريكا.. مديرة -الخدمة السرية- تكشف عن رد فعلها عندما علمت ب ...
- سلطنة عمان: قتلى ومصابون في إطلاق نار قرب مسجد.. والشرطة تصد ...
- الشرطة العمانية: مقتل 4 أشخاص وإصابة آخرين في إطلاق نار قرب ...
- أربعة قتلى بإطلاق نار في محيط مسجد بسلطنة عمان
- الشرطة العمانية: قتلى ومصابون في إطلاق نارفي مسقط
- الجيش الأميركي: الحوثيون شنوا هجمات متعددة على ناقلتي نفط


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فريد العليبي - تونس : في عيدها الجمهورية تفقد رئيسها.