أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بلمزيان - ظواهر اجتماعية أم انفعالات شخصية ؟














المزيد.....

ظواهر اجتماعية أم انفعالات شخصية ؟


محمد بلمزيان

الحوار المتمدن-العدد: 6242 - 2019 / 5 / 27 - 20:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في شهر رمضان تطفو على السطح ظاهر اجتماعية غريبة، ويصير الإنسان خلال هذا الشهر أشبه ما يكون بآلة هادرة ومزمجرة يسير في الشارع وكأنه قنبلة موقوتة، قابلة للإنفجار في أية لحظة، وترى بعضهم يصرخون ويصيحون لأتفه الأشياء، وآخرون يتعاركون ويتابدلون السباب والكلام الساقط كله وعد ووعيد ويلوحون بالأيادي يمينا ويسارا، وقد تتصادف آخرين يتبادلون العنف الكلامي والعبارات المقززة، ورغوة لعاب تسير من أفواههم ككلاب مسعورة ، مستعدة لأفنقضاض على فرائسها في أية لحظة للإلتهام والنهش في أجسادها بكل وحشية، حبا في الإدماء وإلحاق أكبر الأذى وممارسة السادية، رغم أن هذه الظاهرة آيلة الى الضمور مقارنة مع الماضي وأصبحت تنحسر شيئا فشيئا، ما زلت أتذكر والى عهد قريب كيف تتحول مدينة صغيرة بحجم مدينة إمزورن كل زوال من كل يوم الى ساحة للعراك والمشاحنات والشجارات التي لا تكاد تنتهي، وفي زمن ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، تتحول الشوارع برمتها الى ساحات أشبه بأسواق عشوائية مفتوحة ـ تعرض ما طاب من الأكل والمشرب، على الأرصفة والإسفلت وكيفما اتفق، تتكدس السلع والمعروضات من كل لون طرف، فكان المشهد اليومية أشبه بمسرحية مفتوحة، وبتشويق هيتشكوكي يجعل أغلب المارة والمتسوقين وأكثرهم فضوليين منجذبين، يترقبون اندلاع الشجارات التي تنتهي غالبا في مخافر الدرك، كنت بين الفترة والأخرى، وبالرغم من امتعاضي من هذه الظواهر الإجتماعية، التي تعبر عن المستوى الثقافي البسيط، وعن أزمة الشغل الخانقة التي تضرب أطنابها في أوساط الشباب، الشيء الذي يجعل شريحة واسعة منهم عرضة للإنجرار وراء هذه العادات غير الطبيعية، والسلوكات الإنفعالية التي تصدر عن الإنسان، وغياب ثقافة الحوار والتواصل في أبسط أبجدياتها .
وإذا كان أغلب الفئات التي تكون عرضة للتماهي مع هذه الظاهرة هي منحصرة في سنوات الطفولة والمراهقة، فإن بعضها قد لا ينطبق عليها هذا التصنيف وقد تجد بعض الحالات في سن يفوق عقد الخمسين أو الستين، وهو يتعامل بنزفزة بادية وعنفوان ظاهر مع كل المحيطين به، فهذه الظواهر لا تكاد تخطئها العين، وتشنف بها الأسماع، وبعضهم ينادي بأعلى صوته، ما يشبه إشهارا لسلعته المعروضة للبيع، فتستشف بأن نبرات الكلام والعبارات المستعملة لا تعدو إلا أن تكون سبابا مبطنة للمتسوقين والعابرين على حد سواء، وهجاء فاضحا للمتنافسين والعارضين لنفس السلعة، معتبرين بأن معروضاتهم لا توجد مثيلا لها في عرض السوق أو طوله، بما يشبه دعاية إشهارية مفرطة في الغلو المحفوف بالكذب.. فما علاقة الصوم وما ذنب الصيام كركن من أركان الدين الإسلامي الخمسة مع هؤلاء البشر الذين يتحولون الى بؤر للتوتر وبراكين قابلة للإنفجار في وجه الكل؟ إن ظواهر تحتاج الى دراسات اجتماعية ونفسانية لتحليلها، ليس فقط من أجل فهمها بل من أجل التخفيف من وطأتها على المجتمع، وحتى لا أقول محاربتها، لكون هذا المصطلح لا يليق كمقاربة علمية لشأن اجتماعي يدخل ضمن منظومة قيمية وثقافية تراكمت على مدار سنين وعقود كثيرة، إنما الأمر يحتاج الى تغيير جذري في منظومة المراجع التعليمية والمقررات المدرسية، وتنقيتها من الأفكار المشحونة بافكار العنف والكراهين، وإرساء أخرى بديلة قوامها حسن الإستماع والتواصل والحوار، وهذه العملية لا يمكن أن تؤتي أكلها إلا عبر مراحل تاريخية، يتم استبدال الذهنيات المتوترة والمشحونة بعلاقات التشنج ، باستنباء ذهنيات أخرى ملؤها الإنصات الى الرأي الآخر واحترام الثقافة المغايرة والتوجهات المختلفة، والوصول الى قناعة مفادها الإيمان باقتسام الفضاء الإجتماعي والجغرافي بشكل مشترك وجماعي .



#محمد_بلمزيان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نسغ الحياة
- متاهة الأيام
- فن إدارة الحوار بين الممكن والمقلب
- على هامش الإحتفالات باليوم العالمي للمرأة (مساهمة التلميذات ...
- حول التحالفات السياسية الهجينة
- على هامش احتجاجات الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد
- السياقة والتهور = الموت .
- أكل غلتهم وسب ملتهم
- المجتمع المدني بين التباس المفهوم والتوظيف الملغوم 6
- جعجعة بلا طحين عنوان لائق
- المجتمع المدني بين التباس المفهوم والتوظيف الملغوم 5
- المجتمع المدني بين التباس المفهوم والتوظيف الملغوم 4
- روايات كنفاني وسحر الكلمة
- الصراخ ليس هو عين الصواب
- شذرات من ذاكرة التجربة الأولى في الكتابة
- المجتمع المدني بين التباس المفهوم والتوظيف الملغوم 3
- المجتمع المدني بين التباس المفهوم والتوظيف الملغوم (2)
- ما أشبه اليوم بالبارحة (!)
- المجتمع المدني بين التباس المفهوم والتوظيف الملغوم
- انكسار الحركة التلاميذية بإمزورن واستمرار الذاكرة.*


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بلمزيان - ظواهر اجتماعية أم انفعالات شخصية ؟