علي دريوسي
الحوار المتمدن-العدد: 6217 - 2019 / 5 / 1 - 20:22
المحور:
الادب والفن
ها هو العامل المياوم يوسف في ملابس العمل متوجهاً إلى ورشة الحدادة واللحام وما زال يترنَّح بمشيته بفعل سكرة الأمس.
يرجع عادة من عمله آن يهبط المساء، يصل بيته ليجد الكهرباء ميتة، يلعن الظلام، يسب مدير الكهرباء، يذهب إلى خمّارة رويش، يشرب حتى ينتّشي وينطفئ عطشه رغم أن الفقر قد أهلك عائلته.
يعود إلى الأولاد وأمهم فهيمة، يجلس مهموماً في غرفة المعيشة البسيطة، يداعب ذقنه الطويلة وقطته.
يشتم رئيس الحكومة، تستيقظ الكهرباء من موتها، يبتسم لقدراته السحرية، يشغّل جهاز تلفزيون سيرونكس، تختفي الصورة فجأة ليحل التشويش (الخشّة) المعتاد محلها، يبكي الأطفال، تتضاعف كآبته، يجنّ جنونه.
وأم الأولاد فهيمة تنشر الغسيل على البالكون والريح تلعب بها، تكادر تُطيّرها.
يصيح يوسف بأعلى صوته: فهيمة ... يا فهيمممممة! لكن دون صدى.
يصرخ مرة أخرى بصوت غنائيّ: بهيمة ... يا بهيممممممة!
تسمعه الزوجة، تسأله: ما حالك يا مقصوف الرقبة؟
يضحك عالياً ويجيبها: صحتُ بكِ فهيمة لكنك لم تفهمين، صحتُ بكِ بهيمة سرعان ما سمعت ندائي! هذه هي اللغة الوحيدة التي تفهمينها على ما يبدو.
تلعنه الزوجة وتسأله عمّا يرغب.
يقول لها ساخراً: حتى الصورة في هذا البيت جثة هامدة!
تجيبه: مثلك تماماً.
يتجاهلها قائلاً: حَركي أنتين التلفزيون، وجهيه إلى الغرب، باتجاه ضيعتكم، لأرى وأسمع ما يحكي أهلك للناس هناك عني!
**
وكل عام والعمال الحقيقيين والشرفاء بخير
#علي_دريوسي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟