أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - أنوار الخائن -رواية 1-














المزيد.....

أنوار الخائن -رواية 1-


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 6201 - 2019 / 4 / 15 - 06:36
المحور: الادب والفن
    


أنوار الخائن .....رواية -1-
***********************
هل علي ان أعود الى بلدي ؟ . سؤال طالما ناوشني ، لا بل عذبني سواء كنت بمكان العمل ، أو في الشوارع أجوب تفاصيل حياتي الصغيرة بنهم شديد ، عكس تلك الأيام التي ضاعت هباء في المغرب ، أو في المقهى وأنا أطلب من رشيد أن يصنع لي كأس شاي طنجاوي يشبه كأس مقهى حلفطا ، أو في بيتي ، وأنا بين جدران غرفة النوم .
لكنني حين أتذكر صفعة المخازني لأمي ، وسرقة دكان كنت أستحقه كل الاستحقاق ، أقسم بأغلظ الأيام ان لا اعود . أتمرد على طبيعتي ، وأكره نفسي وشخصي وكل ما يتعلق بي لأني عاجز عن محو ما علق بذاكرتي من نفايات وطن لا يصلح الا للهروب والرحيل .
كثيرا ما قلت لنفسي لا شيئ يستحق ، لا شيئ يماثل اللحظة ، لكن الذاكرة الخبيثة تتدخل بعنف لتذكرني بماض ملوث ، وبعلاقات مرضية مزمنة في أوجاعها وأعطابها ، ذاكرة لا تحتفظ الا بمتلاشيات القمامات . وأتساءل لماذا ؟ . لا أجد في الحقيقة اجابة أو جوابا يشفي غليلي ، فأتحطم من جديد .
حين تغيب الاجابات ، يختفي الطريق . قولة لا أتذكر من قالها ، او أين قرأتها .
اخترت اسبانيا ملجأ لي ، وبالتحديد بالعاصمة مدريد ، وبالتخصيص ببلدية فوين لابرادا ، لشيئ أجهله . اسبانيا بلد الأجداد ، وفوين لابرادا مقام أبناء الحي . لن تحس هنا بغربة ، فاللكنة الطنجية حاضرة ، ووجوه طالما رافقتها وجالستها ببني مكادة تملأ المنطقة .
حين اتصلت باسماعيل اخبره أني قد وصلت منطقة فوين لابراد ، كان رده مشجعا ، قال لي" مرحبا مرحبا ، أين أنت بالتحديد ". اخبرته بمكان وجودي ، وما هي الا دقائق حتى سمعت صوته يناديني " سعيد ، سعيد " ، التفت نحو مصدر الصوت واذا بهم خمسة أصدقاء ، ثلاثة أعرفهم ، وواحد لا اعرفه ، بالاضافة الى اسماعيل . وقبل أن اسأله كيف فعل وجاء بهم جيمعهم دفعة واحدة ، قال لي كنا بالمقهى نلعب البارشي ، حين اتصلت بي . فأخبرتهم ، وبما ان كعبوبو ، وهو اللقب الذي كنا نطلقه على نور الدين ، يملك سيارة ، فقد حملنا جميعا بعد أن اصر الجميع على القدوم .
لا احد قد يتصور مبلغ فرحي وبهجتي بهذا الاستقبال الحافل . لا أحد . والا فان عليه أن يمتلئ بمدى الفراغ الذي كان ينهشني وأنا أغادر طنجة ، وأثناء مخر قارب الموت بنا ظهر البحر . تلك حكاية أخرى طبعا .
ارتمى نحوي وحضنني كأخ صغير ، هنأني على سلامتي ، ثم بدأ الآخرون يمدون يدهم لي لتحيتي وتهنئتي .

في الحقيقة كنت خائفا في البداية أن يتنكر لي اسماعيل ، فتلك الحكايا التي كانوا يملأون بها أذني وأنا لاأزال في بني مكادة ، كانت تنتشر كحقيقة لا يرتفع اليها الشك . ولا أدري كيف سرت بيننا كحقيقة . ومفادها أن لا أحد سيستقبلك ببلد المهجر ، وأن الجميع سيتنكر لك . لكنني الان أعيش عكس هذه الشائعة .
حين نزلنا من السيارة ، عاد بنا اسماعيل الى نفس المقهى ، وكم كانت دهشتي حين خرج كوكبة من ابناء بني مكادة من المقهى يسلمون علي . الكل يهتف " على سلامتك أخي سعيد " .
كل تعب السفر وخوف هول البحر ، واهتزازات المركب ، وهلع الحراكة انطفأ في لحظة واحدة . شيئ رهيب أن تسافر على متن قارب الموت ، نعم هو فعلا قارب الموت ، فأنت تجتاز تجربة الموت بطريقة حية ومعاشة . فلو حدث حادث ، فلن ينقذك من عمق المتوسط شيئ . شهيد ؟؟ ربما !!!!!!
يقع المقهى في شارع اليونان ، قرب مكتب البريد للمنطقة . أحسست بفسحة كبيرة ، وكأنني أتمدد ، أتسع ، رائحة الهواء لم أعتدها ، كان الجو أشبه بفرح طفولي يغمرني . ولولا وجوه الاسبان والاسبانيات الكثيرة لما أحسست حقا أنني باسبانيا . في تلك اللحظة بالذات اتذكر أني نسيت كل اوجاعي التي حملتها معي في شيئ يسمى الذاكرة . لولا هذه الذاكرة لكان الانسان أسعد مما هو عليه .
حفني كثير من الناس من كل جانب ، لم أكن أتصور أنهم يستقبلون الوافد الجديد بكل هذه الحفاوة . وجوه أعرفها حق المعرفة وأخرى أراها لأول مرة . أحدهم وضع امامي كأس شاي ، لم أعرفه ، الاسبان يتابعون الحادث بانتباه شديد ، وأنا وسطهم كعريس ، لكني فقدت عروسي للأسف . ورغم ذلك فاني لن أترك الذاكرة الوسخة تعكر صفو اللحظة .
احتفلت معهم ، وكانت سعادتي لا مثيل لها . وللوقت عدالته وحكمه ، فماهي الا ساعة أو أكثر بقليل حتى بدأت الجمهرة تنقص ، ولم يبق بجانبي الا اسماعيل وكعبوبو ورضوان . لكن ظهور عمر كان المفاجأة الكبرى . أسرع نحوي بجسده الضخم ، انتفخ هذا الشاب كثيرا . تغير شكله الجسدي بشكل مشوه . حضنني بقوة ، وأقسم أنني لن اذهب الى أي مكان غير سكنه . لكن مع اصرار اسماعيل الذي استقبلني أولا وبتلك الحفاوة فضلت الذهاب مع اسماعيل . لكن عمر ألح علي مقامي معه . فوافقت بابتسامة أشسع من محيطات الأرض .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القضاء أول درجات الارتقاء
- اضحك ، انهم يكرهونك
- البابا في وظيفته السياسية
- الشمكار
- نظرة في بطلان تعاقد الأساتذة
- جاسيندا
- طوبوغرافية الثورة الجزائرية
- صفقة مع السراب
- جراحة عن بعد ، هل تصدق ؟؟
- ايران تربك حسابات الولايات المتحدة الأمريكية بالمنطقة
- هل تنجح الانتفاضة في الجزائر ؟
- قضية الخاشقجي بين الاعلام والاستخبارات
- روسيا تلوي عنق اسرائيل
- انهيار الديبلوماسية المغربية
- قضية توفيق بوعشرين والتوظيف السياسي
- لا أمل ...
- صناعة الشرق الأوسط من جديد
- بين اللورد بايتس ووزراء كلينكس
- هل يمكن أن أخالف السيد حسن نصر الله ؟؟
- لو كنت مثلي


المزيد.....




- علاء مبارك يهاجم ممارسات فنانين مصريين
- وزير الثقافة التركي: يجب تحويل غوبكلي تبه الأثرية إلى علامة ...
- فيلم -استنساخ-.. غياب المنطق والهلع من الذكاء الاصطناعي
- بردية إدوين سميث.. الجراحة بعين العقل في مصر القديمة
- اليمن يسترد قطعة أثرية عمرها أكثر من ألفي عام
- -قره غوز.. الخروج من الظل-.. افتتاح معرض دمى المسرح التركي ف ...
- لقطات -مؤلمة- من داخل منزل جين هاكمان وزوجته وتفاصيل مثيرة ح ...
- من السعودية إلى غزة.. قصة ’فنانة غزية’ تروي معاناة شعبها بري ...
- سفير روسيا في واشنطن: الثقافة يجب أن تصبح جسرا بين الدول
- شطب سلاف فواخرجي من نقابة الفنانين السوريين -لإنكارها الجرائ ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - أنوار الخائن -رواية 1-