أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى نوح مجذاب - الفَيلسوفة الرّاقِصة














المزيد.....


الفَيلسوفة الرّاقِصة


يحيى نوح مجذاب

الحوار المتمدن-العدد: 6104 - 2019 / 1 / 4 - 23:31
المحور: الادب والفن
    


الفَيلسوفة الرّاقِصة

الطّاقةُ الكامنةُ في الأعماق تتوهّج... تَتَفجّر، وعندما تنفلت من عِقالها لن يوقفها شيء، أو تَكبت جماحها قوّة.
ممتلئةٌ جسداً، متوقدة فكراً، مشتعلة طموحاً.
إنها امرأة طريّة، غضَّة، ربيعية العُمر. في سُمرتها شحوب اختزلَ وجع العالم المُتَوغِّل في التاريخ قِدماً.
شعرٌ دُكنتهُ أحلكُ من هزيعِ اللّيل، لم يألفْ أسنان المشط فتهادى حراً ومالَ حيث تميل الريح.
وجهٌ لم تمسّهُ مساحيق التجميل التي تلطخها نساء العصر على صفحات الوجوه كلبخات الحمّى.
ثاقبةُ العينين تفيض ذكاءً، وألماً تَحملهُ مناكبها الغجرية. كشميرية الهندام، غجرية الوشم.
حادَثَها أكثر من مرة عبر ما تيسر له من تطبيقات عجّت بها الحواسيب الضالّة من واتساپ، وماسنجر، وسناپ-چات، وإيمو، تلك التي أغرقت أجيالاً كاملة من عهد اليفاعة حتى ما قبل الكهولة بعوالم افتراضية أفقدتها دفء المشاعر المنبعثة من الأنفاس القريبة.
غنّت له (هذا الحلو كاتلني ياعمة) بصوتها الذي اخترق جبال الأطلس وسهوب السافانا وامتد الى طوروس وكوران. لم تره حقيقةً -فيزيائي الجسد يعكس دواخله بأنفاسه الدافئة، لكنها عاشت معه من وراء حُجُبٍ دقائقَ وسويعات كلّما اخترقت بموجات السماء جدران حاسوبه ودخلت إليه في خلواته المتباعدة. كانت تسبر صواوين الآذان بتونات صوتها المتَعرِّج المبحوح، ثم تهبط إليه بصورها الملوّنة كشِهاب نجمٍ ساطع.
رآها صوراً منبعثة من الشاشات، وهو يتابعها عبر صفحاته الهوجاء فقد كانت مغرمة بفيكات التصوير ولقطات المواسم والفصول المتعاقبة.
كتبت شعراً.. كتبت نثراً .. كتبت في كل الاجناس مناصرة للمرأة مرة، ومناهضة لتمادي الذكورة الطاغية، قلمها أجرأ من بنات العم سام فقد كشفت المُخبّأ والمستور. تحدثت عن معاناة الشعوب التي أذاب هوياتها سلطان العسكر، وجبروت القوة الضاربة. بشرٌ يبحثون عن عنتريات ضالة حتى في أعلى درجات رُقيّ الأمم في الحضارة الزائفة. كانت تريد أن تبحث عن نفسها الضائعة وتصنع شيئاً جديداً، بصمةً تكتب لها الخلود الآني بمعاييرها الدنيوية، فساحت في سواد القارة، ونزلت في أرض القوقاز، أكلت مع المغول والتتار ودبكت مع البطاريق فوق صقيع أوقيانوسيا، ونامت في خانات العثمانيين، وجلست بمجالس الرومي والتبريزي، لكنها لم تتقن قواعد العشق الأربعين فضلَّت سواد الطريق.
وأخيراً عندما لم يبقَ في جُعبتها شيء تفعله شدَّت على وسْطها منديلٌ أزرق ورقصت بحرقة السنين الضائعة، وتمايلت على نغمات البزق والسنطور وهزّت الوسط والأرداف الطرية.. قالت من اجل عينيك يا أرضي الواسعة الكبيرة سأترك الجسد يلهو ويلعب ويحرق قلوب العاشقين، وتمايلت وصفق لها المتربعين على سجاجيد تبريزوالمتكئين على الأرائك الوثيرة، جسداً يعج بالأنوثة وروحاً تستعر بالرغبة وعقلاً ينشد الحقائق الغائبة، فالذين تسللت أكفهم إلى بؤر أجسادهم أدركوا كم هي مُتعِبةٌ تلك الأحاجي التي تطلقها هذه المرأة التي امتزجت فيها إبداعات الفن وحُمى الجسد وسَورة العقل في هذه البقعة اللامتناهية في الصغر من أرض البشر.



#يحيى_نوح_مجذاب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متاهة الوجود
- أنثيات البحر
- بائع الكروت
- الأخرق
- هرطقات في مفهوم الوجود
- سيلُ العَرِم
- الهجرة نحو العالم الآخر
- بلاط الضوء
- بوّابة القيامة
- سماواتُ الغَسَق
- القيامة الآتية
- السرداب
- صفحة القمر
- غيبة في المجهول
- تهجد مؤمن أضاع ميقاته
- صفحة الجسد
- جبروتُ القدرة العظيمة
- فقاعة صابون
- فوضى الأفكار
- فاروق مصطفى، فهد عنتر الدوخي، وعامر صادق في ملتقى (دورت يول)


المزيد.....




- وصف مصر: كنز نابليون العلمي الذي كشف أسرار الفراعنة
- سوريا.. انتفاضة طلابية و-جلسة سرية- في المعهد العالي للفنون ...
- العراق.. نقابة الفنانين تتخذ عدة إجراءات ضد فنانة شهيرة بينه ...
- إعلان القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2025 ...
- بينالي الفنون الإسلامية : مخطوطات نادرة في منتدى المدار
- ذكريات عمّان على الجدران.. أكثر من ألف -آرمة- تؤرخ نشأة مجتم ...
- سباق سيارات بين صخور العلا بالسعودية؟ فنانة تتخيل كيف سيبدو ...
- معرض 1-54 في مراكش: منصة عالمية للفنانين الأفارقة
- الكويتية نجمة إدريس تفوز بجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربي ...
- -نيويورك تايمز-: تغير موقف الولايات المتحدة تجاه أوروبا يشبه ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى نوح مجذاب - الفَيلسوفة الرّاقِصة