مصطفى خضر
الحوار المتمدن-العدد: 1511 - 2006 / 4 / 5 - 12:27
المحور:
الادب والفن
1-أتأمّل أرضاً…
سأختارُ أن أتَأَمّلَ أرضاً،
يشاركُهَا جَسَدٌ فِعْلَها!
يسمِّي مدائنَها كائنٌ،
ويكاثرُ من بذرةٍ نَسْلَها…
ومهما يكنْ غائباً،
فالكلامُ البسيطُ الذي لم يقلْهُ سواهُ
ينظِّمُ من كلماتٍ نهاراً قويّاً
ستوقظُ صلصالَه حضرةٌ شاملهْ !
وللأرضِ أن تتألّمَ، أو تتكلّمْ…
ويصغي إلى حزنها عالَمٌ،
بعضهُ، كلّهُ، يتقدّمْ!
يحالِفُها جسدٌ؛ كان من قبلُ حيّاً…
وما زالَ حيّا!
وللصوتِ أن يجدَ الآنَ فيهِ فضاءَهْ
يجسِّدُ إيقاعَها.. شكلَها…
يجدِّدُ فيها هواءً… تراباً… غناءً… إضاءَهْ…
*
وللأرض أسلحةٌ عادلهْ!
2-أختارُ أسطورتي…
سأختارُ تاريخَ شعبيَ مأوى ومثوى
وأختارُه واقعاً ودليلا
يدوِّنُ ما أنتجتهُ قُوَى كائنٍ آدميّْ!
وفي حجرٍ ورقيمٍ وآجرّةٍ،
أتعرَّفُ حجراتهِ أو طلولهْ
وأقرأُ ما كانَ يُوحَى إليّْ
*
سأختارُ أسطورتي!
وهيَ ليستْ بديلا…
ومن كائناتٍ رموزُ حياةٍ
وذاكرةٌ من هواءٍ وماءٍ
يتوّجُهَا قمرٌ من إناثٍ وشمسُ طفولهْ…
وللشّرقِ أن يتعرَّفَ أيضاً أصولَهْ
ويعربُه عملٌ أو بطولهْ!
3- أوجزُ سيرةً…
قليلٌ من الوقتِ يكفي
لأشربَ قهوتيَ الباردهْ
وتجذبُني نغمةٌ شاردهْ
ويحتفلُ البيتُ بالمائدهْ…
وأغسلُ كفيَّ من كلِّ إثمِ!
وها هو جسمٌ يشيخُ، وينتظرُ النَّوْمَ…
والرّوحُ ضيّقةٌ، والكوى ضيّقهْ!
*
قليلٌ من الوقتِ يكفي
لأهجرَ أنثى السريرِ القديمْ،
وأخسرَ حُلْمي!
ويكفي لأدخلَ في لعبةٍ سائدهْ!
ويكفي قليلٌ من الوقتِ
كي أوجزَ السيّرةَ المغلقَهْ!
4-كيف أهدمُ بيتاً؟
… وللحلم بيتٌ بسيطٌ!
فكيف سأهدمُ بيتاً؛ إليهِ انتميتْ
ووجهيَ من حجرٍ
يسندُ السَّقْفَ والزّاويهْ
يجعِّدهُ الجَمْرُ في موقدِ الحجرة الخابيهْ
وأيُّ رمادٍ سيطلعُ جسميَ منهُ
إذا ما انتهت جذوةٌ، وانتهيتْ!
وكيف ترتّبُ أحجارَهُ شرفتي العاليهْ؟
وأين ستفرحُ روحي بعودتِهَا الثّانيهْ؟
*
هل الهَدْمُ للنّقصِ أم للكمالِ؟
ويبدأ من لعبٍ أمْ عَمَلْ!
وكيف سيكتملُ الحلمُ في عالمٍ؛
ما اكتملْ!
5- أحاولُ تجربةً…
أحاولُ تجربةً في اللغَهْ
تحرّرُني من معاجمَ ضاقتْ،
ومن نثرٍ مرجعِهَا الواقعيّْ!
ومن مفرداتِ موائدَ شاعتْ
تجاورُ زيّا، وتلغو بزيّْ…
ومن صورٍ طبختْ أصَبِغَهْ
تكيِّفُ حنجرةً مُسْتَعَارَهْ…
ومن لغةٍ خفّةٌ أو شطارهْ!
*
… وما الشّعرُ غيرُ بيانٍ سويّْ
يحاولُ رؤيا، ويجلو عبارهْ
ويحملُ مشروعَهُ الدنيويّْ!
6-أكتفي بالشَّهادَةْ!
هُوَ العَصْرُ أم عَالَمٌ
يتصدَّعُ فيه الخِطَابْ
وتنمو احتمالاتهُ،
والرّوايةُ لم تكتشفْ راويهْ
ومن جملٍ ومقاطعَ كان حجابْ…
ومن كلِّ معنى معانٍ،
يكاثرُهَا المَتْنُ والحاشيهْ!
ولستُ سوى شاهدٍ
يكتفي بالشّهادهْ!
فأيّةُ فوضى اهتدت لنظامٍ،
ومن نُظُمٍ كانتِ الهاويهْ!
وأيُّ خطابٍ سيسندُهِ عدمٌ؛
ثمّ يعلنُ أنّ الولادةَ قادمةٌ،
والجنونُ عِيَادَهْ!
7-أتأمّلُ أَيْضاً…
أحاولُ أن أتأمَّلَ بيتاً صغيراً كبيرا…
وأن أتخيَّلَ مستقبلاً عادلاً،
يختلفْ!
ولا بدَّ أن نتأمَّل، أو نتخيَّلَ، أو نتصوَّرْ!
ولا بدَّ في لحظةٍ أن نقولَ الذي لا يُقالُ،
وأن نعترفْ!
*
أنا… أنتَ… نحنُ…
انتهينا أخيراً
إلى حكمةٍ يُتوقَّعُ منها اختيارٌ
يغايرُ كلَّ اختباراتِنا،
ويؤهِّلُ أفضيةً للحوارْ…
ومن حكمةٍ خُدْعةٌ أم بَراءهْ!
*
أحاولُ أن أسألَ الآنَ:
هل فسدَ البيتُ، والبيتُ أكْثَرْ!.
تضاعفُ وَفْرَتهُ أمّهاتُ
وتنضجُ في شمسهِ كائناتُ
وتعلو بخطواتِهِ شرفاتٌ مُضَاءَهْ
وكيف فسْدنَا… أنا… أنتَ… نحنُ…
وما زال يكبرْ!
*
… وماذا سنختارُ؟
والوقتُ لم نمتلكْهُ،
ولم يبقَ منه سوى الانتظارْ!
وكيف سنرشدُ، أو نتغيَّرْ؟
***
حركةٌ أُخْرى
ألم تكن الأرضُ دوماً هي الأرضَ
تُلْقَحُ، تحملُ، تولدُ…
تُنْتِجُ… تُنْتَجْ…
بذورٌ تنبِّهُها،
وعناصرُ تْرشِدُ فيها الحياةَ إلى حيواتْ…
وينبوعُهَا ابتكرتَه إناثٌ،
تضاعفُ من ثمرٍ ثمراتْ!
*
وهل كانتِ الأرضُ ضيّقةً
كي تقيمَ سلالاتُهَا في مدافنْ!
وأبهاؤُهَا اكتشفتْ حيواناً حديثاً
تؤهّلهُ كي يكونَ وريثاً،
يروِّجُ مشروعَها الأبديَّ…
فماذا يُروَّجْ
*
وهل كانتِ الأرضُ إلاّ شعوباً؟
وللشَّعْبِ ذاكرةٌ، والرموزُ أماكِنْ!
تحالُفَها كائناتٌ حقيقيّةٌ تتوالدُ
تشقى وتفرحٌ… تسعى وتخسرُ…
تغفو وتصحو… تصلِّي وتَلْهَجْ…
*
وأيّةُ سكنى يحاولُ شعبي على الأرضِ؟
ماذا يعاني؟ وهل سيكونُ؟
متى يتغيّرُ من داخلٍ؟
كيف يبني قُواهُ؟
وتكبرُ… تَنْضَجْ!
وأيّةُ مملكةِ سوف يخرجُ منها؟
وأيّةُ جمهرةٍ قد تُتَّوجْ!
#مصطفى_خضر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟