أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - أيديولوجيا السقوط














المزيد.....

أيديولوجيا السقوط


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 5998 - 2018 / 9 / 18 - 16:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في دائرة الشرق الأوسط اجتمعت فيروسات الأفكار المعادية للحياة، ووحشية الحكام الطغاة، وانحطاط الشعوب ورداءة ‏نوعية البشر. ولأن الحكام هم أبناء شعوبهم وثقافة بيئتهم، فإننا نكون أمام عاملين فقط: ثقافة وطبيعة الشعوب.‏
قد يبدو في العبارة السابقة قدر كبير من التجاسر، والافتراض دون دليل، خارج نطاق ما تعودنا جميعاً افتراضه من ‏بديهيات ومسلمات. لكننا سنحاول في السطور القادمة قدر الممكن الذي يتسع له مجرد مقال، أن نوضح ما قد يبرر ‏ولو جزئياً الذهاب لما ذهبنا إليه.‏
بالنسبة لبطش الحكام، فهو في حقيقته بطش ظاهري، يتركز على هدف واحد هو البقاء على كرسي الحكم. وفي سبيل ‏ذلك الهدف الأوحد يبحث عن أفضل وأسهل الطرق لتحقيقه، وهذه يدله عليها الشعب ذاته.‏
هل يبدو هذا القول غريباً؟. . ربما.‏
لكن بالتأكيد أسهل طريقة لحكم الأحرار هي نظم الديموقراطية والحرية. وأسهل طريقة لحكم العبيد بطباعهم وعاداتهم ‏وتقاليدهم الاجتماعية هي البطش والاستبداد. ولن ندخل هنا في تفنيد وتقييم نظرية "المستبد العادل". لأن كاتب هذه ‏السطور يتعاطف قلبياً وفكرياً أيضاً، مع من لا يرون لمنطقة الشرق الأوسط الأوسط أملاً سواها.‏
عملية تغيير الشعوب وثقافتها المتوطنة ليست بذلك العمل السهل الذي نسميه تنويراً. فالإنسان لا يتبنى ثقافة وفق ‏أسس عقلانية محضة. كما أن الأمر لا يرجع دوماً وكلياً للجهل، كما تعودنا أن ننسبه بثقة مبالغ فيها.‏
عبثاً تحاول إقناع الدود الزاحف في الوحل بروعة التحليق في الفضاء. بل وقد يعد من الظلم أن تحرم الخنازير من ‏متعة التمرغ في الوحل. فدوجما وأيديولوجيات العداء والكراهية، أقرب وأكثر ثباتاً في قلوب البشر عموماً، لتوافقها مع ‏نوازعهم البدائية الوحشية. ويحتاج الأمر‎ ‎لارتقاء الإنسان بنفسه إلى جهد ووعي، تعجز كثير من الشعوب عنه، لدواع ‏سيكولوجية وبيولوجية، وليس فقط دواع عقلية محضة.‏
هناك شعوب لا تعرف سوى حرية السقوط. وهذا ما شهدناه جميعاً فيما سارعنا بتسميته الربيع العربي، حيث سارعت ‏الشعوب هرباً من استبداد الحكم البوليسي، للارتماء في حضن استبداد أشد وأنكى، وهو استبداد رجال الدين، بكل ما ‏يجهزونه لشعوبهم من أغلال، تمتد حتى غرف نومهم ومخادعهم.‏
الشعوب المتخلفة هي التي مازالت تعيش على نفايات الماضي. وليست تلك التي تفتقد لعمارات شاهقة وأجهزة منزلية ‏حديثة. لدينا بالمنطقة تلك الكيانات الصغيرة على الخليج، والتي نشهد نهضتها المعمارية وثراءها المادي، لكنها ‏استعانت لتحقيق ذلك بحظر الاقتراب من الأساس الفكري لشعوبها، سواء كان الاقتراب سلباً أم إيجاباً. نعم قد يكون هذا ‏أفضل الممكن. لكنه لا يعد تحضراً وحداثة بالفعل، وقدرة على الإنتاج، وليس فقط الاستهلاك لحضارة منتجة بواسطة ‏شعوب أخرى. ‏
قيم وثوابت ومقدسات الأمة هي الصخور الأزلية الجديرة بالبحث والتدقيق والمراجعة. فهل يكفي اهتمام من نسميهم ‏مثقفين بالأمر، ليتولوا عملية تنوير العامة، بنقل الفكر الغربي الحديث، واستزراعه في بلادهم؟
جماهير جميع الشعوب معنية ظاهريا بالسعي لكسب عيشها، لكنها خلال ذلك تنتج صفوة تعبر عن نوازعها. . من ‏تنتجهم شعوبنا كما نرى هنا وهناك صفوة مأفونة، مضروبة بكافة أيديولوجيات العنف والكراهية، لهذا فهي عاجزة. لكن ‏عجزها هذا لا يرجع لأخطاء تكتيكية أو استراتيجية ترتكبها أثناء عملية استنارتها الذاتية أولاً، ثم تنوير مجتمعاتها ثانياً. ‏الصفوة كالحكام، كلاهما ابن بيئته ومن إنتاجها. كذلك كان رواد التنوير في أوروبا، أبناء مجتمعاتهم، معبرين عن ‏إرهاصات الحداثة في ضمير شعوبهم. صفوتنا أيضاً كذلك، حتى من يرتدي منهم أزياء الحداثة والعلمانية، إما هو ابن ‏بار ببيئته، يعكس تخلفها وموقفها المعادي للعالم الحر. وإما مارق متغرب، اعتنق فكراً وسيكولوجية نمط الفكر والحياة ‏الغربية. وهو الطريق الملوكي للفشل، إذا ما حاول استزراع أشجار وشجيرات هذه الحداثة الغريبة المستوردة في تربة ‏غير صالحة، بل ومعادية لها.‏
إزاء هذه الحالة ودفاعاً عن الشعوب، التي تعدها أدبياتنا السياسية صنماً، لا يجوز لنا أن ننسب له إلا كل ما هو جليل ‏وعظيم، ناهيك عن أدبيات المظلومية، وكيل الاتهامات لكل ما حوله من أطراف وعوامل، قد نستسهل الذهاب بالإدانة ‏للنصوص التراثية المقدسة، باعتبارها المسؤولة عن توطين وتأبيد ثقافة مفارقة للعصر وقيمه. قد يكون هذا صحيحاً ‏بصورة جزئية، مع الأخذ في الاعتبار أن‎ ‎النصوص غير العلمية أي الأدبية والإنسانية، لا يوجد لها عادة معنى أو ‏معان محددة بصرامة كما قد يدعي كاتبها. بل تحتوي في الأغلب على العديد من المعاني، نجدها متناثرة بقصدية أو ‏بدونها في السياق. الكم في هذه النصوص يحدد الكيف. فالتوجه العام الذي نخلص إليه من النص، تحدده المعاني ‏الأكثر تكراراً فيه. الحقيقة أن مشكلة النصوص التراثية ذاتها تأتي في الدرجة الثانية. في الدرجة الأولى نجد قدر تمسك ‏الناس التطبيقي بها عامة، وما تختار منها لتتمسك به خاصة. فالإنسان عادة لا يهتم إلا بما يروق له، ويتفق مع ميوله ‏أو مصالحه. . فلا تقل قال الكتاب، لكن قل هذا ما يستهويني‎.‎
أميل للتركيز إذن على الإنسان ونوعيته ومسؤوليته عن ذاته ومصيره، بالطبع مع عدم إنكار أو تهميش سائر العوامل ‏المصاحبة، التي تدفع الإنسان لسلوكه، وتوجه معه خياراته.‏



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كارثة مقدسة
- سويعات مع ثقافة التخلف
- قبطيات أرثوذكسية
- رؤية علمانية للرهبنة المصرية
- الصلب والقيامة في الأناجيل الأربعة
- العراق والشام واليوم التالي
- خيار التعامل مع قطر
- في مخاضة تيران وصنافير
- عودة القذافي
- القدرات الحضارية للعقل والشخصية
- البحث عن السبب
- الأمل غير المنظور
- مصر والمصير
- عندما يرأس أمريكا سمسار سلاح
- رؤية حالكة السواد
- تلك الليبرالية اللعينة
- مصر لن تموت
- رزكار عقراوي وأنا
- معاً لدوام التخلف
- ماذا تريد النخبة من سيادة الرئيس؟


المزيد.....




- رئيسة الاتحاد الأوروبي تحذر ترامب من فرض رسوم جمركية على أور ...
- وسط توترات سياسية... الدانمارك تشتري مئات الصواريخ الفرنسية ...
- لافروف: سلمنا واشنطن قائمة بخروق كييف
- الجيش الإسرائيلي يواصل انتهاك اتفاق الهدنة مع لبنان
- ترامب يبحث مع السيسي -الحلول الممكنة- في غزة ويشيد بـ-التقدم ...
- بعد قرارها بحق لوبان... القاضية الفرنسية تحت حراسة مشددة إثر ...
- زلزال ميانمار المدمر: تضاؤل الآمال في العثور على مزيد من الن ...
- ماذا وراء التهدئة الدبلوماسية بين باريس والجزائر؟
- -حماس- تدين مقتل أحد عناصر الشرطة في دير البلح وتشدد على أهم ...
- زيلينسكي يؤكد استلام أوكرانيا 6 أنظمة دفاع جوي من ليتوانيا


المزيد.....

- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - أيديولوجيا السقوط