أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - الثقافة والفكر الشمولي














المزيد.....

الثقافة والفكر الشمولي


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1505 - 2006 / 3 / 30 - 09:43
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لايمكن أن تتطور الثقافة الحرة في ظل هيمنة الفكر الشمولي لأنها ثقافة وحيدة الجانب تخدم توجهات محددة وتسعى لفرض نهجها على بقية فئات المجتمع. هكذا ثقافة في الغالب تكون ثقافة غير إنسانية، ثقافة قمع للآراء والأفكار المتعارضة مع نهجها، فالثقافة حين تكون موجهة ومؤطرة بتوجهات محددة لايمكن أن تكون ثقافة إبداع. لأن الإبداع يحتاج لفضاء من الحرية وبدونه، لايمكن أن ينتج كائنات إبداعية حية تسهم مع أقرانها في رفد الحضارة الإنسانية.
يسعى الفكر الشمولي لتجيير الثقافة لخدمة توجهاته المتعارضة مع توجهات المجتمع وبالتالي فإنه يعمل على قسر المبدعين على إنتاج ثقافة تخدم توجهاته، وإلا فإنه لايتوانى عن إلحاق الأذى بالمثقفين ليس فقط بالتهميش والإقصاء والسجن وأنما يتعدى الأذى ليصل إلى تصفيتهم جسدياً.
إن أغلب الإساءات والتصفيات الجسدية التي تعرض لها المثقفون في العالم كانت في الدول الشمولية لأن منظومتها الفكرية لاتؤمن بحقوق الإنسان وتجيز تصفية المتعارضين معها جسدياً خاصة منهم المثقفين لاعتقادها أنهم يمثلون الفكر البرجوازي المتعارض مع نهجها الشمولي الذي يحتكم لقاعدة: (من ليس معنا فهو ضدنا!).
تقول ((ماريا برنيري))"لقد تعودنا منذ نشوء الدول الشمولية الحديثة على وجهة النظر التي تعتبر الفنانين يمكن أن يكونوا أعداء خطرين على الدولة. ولايرجع ذلك للأفكار التي يعبرون عنها حسب، وأنما إلى الشكل الذي يمكن أن يتخذه فنهم، وقد دمرت وصودرت أعمال فنية راقية لأنها اعتبرت تمثل النمط البرجوازي كما تمت تصفية العديد من الكتاب والشعراء والموسيقيين بحجة إنهم مناهضون للثورة أو برجوازيون صغار".
إن الطغيان وحجب الحرية الذي ينتهجه الفكر الشمولي، كان له الأثر السلبي على تطور الثقافة والفنون......في الدول الشمولية. وأصبح المثقفون بين كفي كماشة: أما التصفية الجسدية عند تعارض نهجهم مع نهج الفكر الشمولي، وإما السقوط في براثن الانتهازية والدفاع عن نهج الفكر الشمولي ضد أقرانهم من المثقفين.
لم يفسد الفكر الشمولي الثقافة حسب، بل عمد على إفساد أخلاق المثقفين أنفسهم فبدلاً من أن يمثلوا الأخلاق والقيم العليا في المجتمع أصبحوا يمثلون مظاهر الرياء والنفاق والتزلف من أجل تحقيق مصالحهم الذاتية المتعارضة مع مصالح المجتمع.
يرى ((أحمد أمين))"أنه لايكون أثر الطغيان سلباً على حرية الفكر حسب، وأنما يكون كذلك على أخلاق المفكرين والأدباء والشعراء والفقهاء....فيتجه بهم إلى الرياء والنفاق والتزلف".
لاتعود هزيمة الفكر الشمولي إلى السقوط المريع للدول الشمولية في العالم فقط، وأنما إلى بطلان ادعاءاته بأنه يمثل الفكر الإنساني. لأنه لم ينجب سوى القادة الديكتاتورين الذين أذاقوا شعوبهم المرارة والمهانة والفقر والجوع نتيجة تعصبهم الأعمى لفكرهم الشمولي، المتعارض مع تطلعات شعوبهم المتعطشة للحرية والكرامة.
إن ادعاءات الفكر الشمولي بالعلمية يتناقض تماماً مع نهجهم على الصعيد العملي الذي جعل من الفكر أداة للتعصب والقمع للمخالفين، في حين أن الفكر بحد ذاته أداة للتحرر وينبذ التعصب ويتطلب فضاءاً من الحرية ليتطور.
عموماً أن النظريات السياسية-الاجتماعية ما هي إلا تصورات نظرية جامدة، لايمكن قياس صدقها مع الواقع العملي لأن عناصره متغيرة باختلاف الزمان والمكان...فالنظريات التي ثبت صدقها في واقع اجتماعي ما وفي فترة زمنية ما، ثبت فشلها في واقع اجتماعي أخر وبفترات زمنية مماثلة أو مخالفة. وهذا يتعارض مع النهج العلمي ذاته الذي يمتحن صدق الفكرة على الصعيد العملي في مناخات وظروف وأمكنة وأزمنة، لتحقق من صدقها على صعيد الواقع قبل أن يتم تعميمها.
تعتقد ((ماريا برنيري))"أن الماركسيين على الرغم من ادعائهم بالعلمية على نقيض الاشتراكين النيوتوبيين فإن تجاربهم الاجتماعية الفعلية كانت تنتهي من الناحية العملية إلى التعصب والتفكير بذهنية متحجرة كلياً مما أدى إلى تفشي النزعات التسلطية لديهم التي أتسمت بها اليوتوبيات الكلاسيكية".
لايمكن للثقافة أن تتطور وتنمو في ظل الفكر الشمولي لأنه فكر متعصب لفئة اجتماعية محددة، تعمل على فرض نهجها على الفئات الاجتماعية الأخرى. سعياً لتجيير إمكانياتها الثقافية والعلمية لخدمة مصالحها الذاتية، وتجيز استخدام العنف والاضطهاد والقتل ضد المعارضين لنهجها خاصة المثقفين منهم.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منظومات الوعي بين الماضي والحاضر
- التوظيف والاستخدام لمكونات اللغة
- اللغة والفكر
- دور اللغة في التواصل الحضاري
- المهام والسلطات الثقافية في المجتمع
- مساهمة الثقافة في الإرث الحضاري للأمة
- صراع الأجيال في الوسط الثقافي
- نضوب الإبداع عند المبدع
- العمل الإبداعي وآلياته
- الكاتب والمجتمع
- الإبداع والفن في الأدب
- الأديب والموقف الإنساني
- الأسلوب الأدبي
- مهام الأدب
- ماهية الأدب
- آليات الإبداع عند الكاتب
- مواصفات الكاتب الجيد
- مهام الكاتب
- ماهية الكتابة
- نفسية الشعراء


المزيد.....




- بارقة أمل حول العالم.. هل ستنجو السلاحف البحرية من الانقراض؟ ...
- -رونين-.. جرذ عملاق يُحطم الرقم القياسي لموسوعة -غينيس- في إ ...
- -لا نعرف إلى أين نحيل الحالات المرضية الصعبة-، طبيبة من غزة ...
- انقلاب حافلة تقل فريق كرة قدم للأطفال في كازاخستان
- ضبط شخص دهس رجل أمن عمدا في الكويت
- وزير خارجية مصر يسلم رئيس تونس رسالة من السيسي ويستعرضان تحر ...
- إعلام عبري: عدد الإسرائيليين الموقعين على عرائض تدعو لوقف ال ...
- قنابل أوروبية في السودان: طريق المرتزقة من الإمارات إلى السو ...
- ترامب يهدد بالتخلي عن جهود السلام لإنهاء الحرب في أوكرانيا إ ...
- وثائق اغتيال روبرت كينيدي تشمل ملاحظات الفلسطيني سرحان سرحان ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - الثقافة والفكر الشمولي