|
في غزة
سمير دويكات
الحوار المتمدن-العدد: 5850 - 2018 / 4 / 19 - 16:45
المحور:
الادب والفن
في غزة سمير دويكات 1 في غزة نصبوا خيمة العصيان وافترشوا رحاء الارض وقابلوا طغيان الزمان ومارسوا هوايتهم المعهودة وتلقوا الرصاص عراة الصدور واحرقوا خوف السنين مجابهين حرارة المعارك وحددوا خريطة الدم في اجسادهم واعادوا لوطننا مجد الايام ونبشوا جحور الشرعيات وغنوا قصيدة الحرية ضاربين سيوف روما من جديد سائرون حيث العودة وحيث الجنة وحيث بيوتهم القديمة وشوارعهم التي تركوها غصبا في يوم من ايام الهزيمة لجيوش ليس لها الا صناعة الالبان وخض الحليب وتلميع الاحذية 2 في غزة يديرون المعارك بانامل الاطفال الصغار كما اقرانهم في بيروت جنرالات الار بي جي فالبحر رفيق دروبهم وان سحبت ارضهم فلا احد يسحب البحر او يخفي السماء فهي شاهدة على موتهم او حياتهم او حروبهم هي اخر القلاع الباقية وفي اجسادهم رصاصات دخلت منذ ازمان ولم تخرج الا منتصرة مازحة ملتهبة لا عناق فيها سوى الوداع الاخير 3 في غزة لا تستطيع الصمت ولو صمت العالم فهو المكان بين الجنة والجنة وهو اخر حكايات الزمان المشرد بل المقاتل بل اخر قلاعنا الثورية في مواجهة الاحتلال انها ساعات ويدخلون القصة الجديدة ويكتبون رواية الصحف والكتب المقدسة فغزة رسالة السماء الاقرب وهي سفينة راحلة مغادرة الى مدن فلسطين ليست اقل منها شانا بل هي القلب لفسطين والمدينة التي لم تغب شمسها ابدا هي موج البحر القادم والباقي خلف شطآن عاتية تاتي كل عام من اوروبا والمتوسط لا تعرف البكاء او الجراح فجراحها طعم للحياة وسيفا لمعاركنا الباقية 4 في غزة الحكاية كلها في الة تصوير او ملعب للكرة او اطار مشتعل او غيمة سواء تطير فوق الحصون تعلمهم موعد الرحيل عن فلسطين هي شرارة تلتهب ونار باقية في عتمة نيسان 18 فلا جبال فيها لان غزة الكل ينحني لها فارادها الله ان تكون كما هي منبسطة لتبقى هاماتهم عالية تعانق السماء واجسادهم وان غدرها الرصاص تفوح فوق الارض علوا حتى قبور الشهداء تعلوا الارض وفق البحر 5 في غزة ريشة الرسم تحدد كل المعالم وتروي تاريخ يصعب نسيانه يبقى ذاكرة فوق بشرية تنمو سريعا وتشتعل فيه بلا رماد او بقايا احتراق انها غيمة فوق كل السطوح تطير كما الطيور المهاجرة صحوة في انسان لا ظمور فيها او توهان او سقوط او غياب بل هي الحاضر الاكيد وقت غياب الجميع 6 في غزة نساء حاضرة وليدة جبارة صابرة عنوانها الحضارة والصمود تودع الابناء بلا بكاء او عويل تمسح عنا غبار السنين وتخفي هزيمتنا امام الجيل كاملا صامدة بموازات الاهرام والاثار الفرعونية القديمة فلو بحثنا لوجدنا التشابه التاريخي والحضاري الدقيق بين كل الحضارات واطيافها في غزة 7 في غزة لا يعرفون معنى التراجع او الهزيمة او الخسارة او الغدر او الخيانة انهم اولاد الانتصار والربح بلا ثمن خاسر 8 في غزة الجميع شهيد مع وقف التنفيذ فحتى الهواء شهيد القتل الصهيوني والتراب شهيد والحدود شهيدة والازمان شهيدة والمتع شهيدة والاثار شهيدة فكلها تحرق بقنابل النازيون الجدد فمحتل ارضهم لا يفهم معنى الانسان او الانسانية كانهم لم يخلقوا من الطين ولم يشربوا الماء ابدا كانهم حجارة من اصنام كانت تعبد في مكة قبل ان ياتيها النبي الكريم هم فعلا حجارة لعينة زرعها الرومان هنا وجاء نبوخذ نصر ونقلها وعادت بافعال الطبيعة من جديد ستزول يوما من جديد وتشرد في اصقاع الارض بلا ماوى او بيوت او وطن لهم فهم غبار كوني سام متبخر بلا قيم او اجناس تخلوا من دمائهم طهارة الرب وجينات الحنان ليس فيهم سوى بذر خبيث وشجرة خبيثة ليس لها سوى القلع او الدثور 9 في غزة المعركة اشبه بمعارك ابن زياد حرقوا كل مراكبهم فالبحر من خلفهم والعدو امامهم بصدورهم العارية يجابهون حركة الارض ونسائم الكون واشرار الجحور بايديهم العارية واجسادهم العالية بعيونهم يقاتلون روما القديمة ويتحدون السيف القديم والرصاص القادم من مخازن امريكا الشريرة ليس الا انهم حد للحق وراية كل الانبياء بلا استثناء وحملة لمعاني الانسان ذو الطبع الخلوق الذي لا يعرف الا خيار هو الانتصار 10 في غزة يغتسلون قبل الشهادة ويصومون قبل رمضان ويتنفسون ريح الجذور فدمهم ساكن لربوع الارض كل بقعة فيها لها اسم شهيد ولها طوقا من رياحين الجنة ثمارها شهية الاكل وساحاتها ليست غريبة الاطوار بل مدارس لاطفال الثورة العرفاتية القديمة والقسام ابن الارض بلا حدود او حواجز بمنطق الشعوب الحرة تدق حجارة الارض كي تبقى مبنى له عمود واحد الى السماء باقيا متجذرة كاشجار النخيل الى حدود الارض الاولى في غزة كل شىء مباح الا ان تاتيهم غازيا قاتلا محتلا لارضهم وشمسهم وحياتهم سالبا لمياههم لنوم ليل اطفالهم فاسدا متكبرا معتديا على كينونة بقائهم الازلي والابدي في ارض هي كل شىء لهم
#سمير_دويكات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ان كان الحب سر البلاء
-
ريحٌ انت يا حبيبتي
-
لا تعجبوا فحبيبتي صَنعت مني قنديل
-
بلاوي الناس
-
الامن القومي العربي من بوابة فلسطين
-
شيطنة
-
ردي يا صواريخ الشام
-
يا دمشق
-
خض حروبك
-
تهنا
-
اتحفتنا غزة
-
متخلف
-
دود الخل منه وفيه
-
حبك يا اميرة الكون
-
انتِ زماني
-
يا أيها الحب امتزج بالحسنى
-
مسيرات العودة حق مشروع في القانون الدولي
-
أيها العابثون ضاق بنا حال العيش
-
هل بقي شىء في الدنيا يرضينا؟
-
يا شعبي ألبسوك الدم اجمل رداء
المزيد.....
-
أسلوب الحكيم.. دراسة في بلاغة القدماء والمحدثين
-
الممثل السعودي إبراهيم الحجاج بمسلسل -يوميات رجل عانس- في رم
...
-
التشدد في ليبيا.. قمع موسيقى الراب والمهرجانات والرقص!
-
التلاعب بالرأي العام - مسرحية ترامبية كلاسيكية
-
بيت المدى يؤبن شيخ المخرجين السينمائيين العراقيين محمد شكري
...
-
مصر.. الحكم بحبس مخرج شهير شهرين
-
مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي بتهم -الاعتداء والسب-
-
مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي شهرين لهذا السبب
-
الكويت توزع جوائز الدولة وتحتفي باختيارها عاصمة للثقافة العر
...
-
حتى المواطنون يفشلون فيها.. اختبارات اللغة الفرنسية تهدد 60
...
المزيد.....
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
المزيد.....
|