أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاطمة ناعوت - حكاية بنت اسمها فافي














المزيد.....

حكاية بنت اسمها فافي


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5809 - 2018 / 3 / 8 - 17:31
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


هذا أصعب مقال في الدنيا. لهذا سأكتبُه بالعامية المصرية. ليه صعب؟ لأن الكتابة من داخل الدائرة صعبة. وليه بالعامية؟ لأنه فضفضة لأصدقاء. مفيش قضية غير الكلام عن بنت من مصر. مناسبة المقال إن "المصري اليوم" قررت تخصيص عدد النهارده للاحتفاء بكائن جميل اسمه المرأة، عشان النهارده "اليوم العالمي للمرأة”. الحكاية عن بنت صغيرة شقية و"لمضة" اسمها “فافي". و“لمضة" دي لها حكاية.
وهي طفلة كانت بتسأل مامتها: “ليه الراجل ده أعمى؟ وليه البنت دي مشلولة؟ وليه الست دي بتشحت؟" وكانت الإجابات صادمة: “ربنا عاوز كده!” تسأل تاني: “ليه أنا باشوف والراجل لأ؟ ليه أنا بامشي والبنت لأ؟ ليه عندنا أكل في البيت والست لأ؟ هو ربنا مش عادل يا ماما؟!" وكانت مامتها لما تزهق من كتر الأسئلة تقوللها: “كفاية لماضة بقا!” وهكذا حصلت على لقب عمرها ما فهمت معناه، ولا فهمت هو مدح واللا ذمّ. عشان أحيانا كانت ماماتها تقوله وهي مكشَّرة وزهقانة، وساعات تقوله وهي بتضحك لصاحباتها: “فافي طالعة لمضة أوي وبتسأل كتير هاهاها.” وكانت صاحباتها ترد: “ما شاء الله، بخريها يا سهير. هاهاها.” وفضلت "فافي" محتارة في تعريف هذا المصطلح الغامض حتى لما كبرت. وكبر السؤال معاها: “ليه مفيش عدل في الدنيا؟ ليه البنت الحزينة بتقعد في آخر الفصل تعيط عشان مامتها ماتت ومامتي أنا عايشة؟" ولم تقنعها عبارة: “ربنا عاوز كده!” ربنا جميل ومش بيظلم. بدأت تحلّ المشكلة بطريقتها.
في الطريق للمدرسة تشوف أعمى، تروّح البيت تدخل أوضتها وتغمض عيونها نص ساعة وتمشي تتخبّط في السرير والمكتب والدولاب. تشوف بنت عندها شلل أطفال، تدخل أوضتها وتثني ساقها وتمشي بقدم واحدة لغاية ما تتعب وتقع. كانت متصورة أنها كده بتحقق مبدأ العدل؛ عشان الدنيا تمشي صح.
لما كبرت شوية بدأت تفكر بطريقة تانية. أكيد ربنا خلق عميان عشان يخلينا إحنا عيونهم. وخلق مشلولين عشان نكون إحنا سيقانهم. ربنا بيعلمنا درس الرحمة. كانت ساكنة في شارع فيه جريك وأرمن كبار السن. ترجع من المدرسة ترمي الشنطة لعم عبده البواب وتجري تساعد الستات العواجيز تشيل مشترواتهم وتمشي جنبهم لغاية ما توصّلهم لبيوتهم. وطبعا ترجع البيت تتعاقب من مامتها عشان خايفة عليها. “ازاي تروحي بيوت ناس غريبة؟ مين قالك تعملي كده؟!” فافي تجاوب وهي تبكي: “ربنا امبارح كلمني وقالي أعمل كده.” وكانت فاكرة إن مامتها بتصدق الكذبة دي لما تضحك فجأة وتقول: “ياااادي اللماضة!”
ووصلت "فافي" لقرار نهائي. “أكيد ربنا عادل. وأكيد عنده حكمة في توزيع المنح. ومش بإيدينا نفهم الحكمة دي ولا نغيرها. لكن بإيدي وبإيد كل الناس على الأقل إننا نمنع الظلم اللي بنظلمه إحنا لبعض.” تقف في الشباك تشوف أطفال أشقيا رابطين كلب من رقبته بحبل وبيعذبوه. تنزل من ورا مامتها وتصرخ فيهم: “كان ممكن جدا ربنا يخلقكوا كلاب ويخلقه هو إنسان. تحبوا إنه يعذبكوا؟ صدفة جميلة خلتنا بشر، يبقى إزاي نعذب اللي نفس الصدفة مخلتوش إنسان؟" وكان الأطفال يضحكوا ويسخروا منها، ويرفضوا يحرروا الكلب؛ إلا لما ياخدوا مصروفها. وأصبح ده قانون. جزء من مصروفها اليومي رايح للعيال السخفاء اللي بيعذبوا الكلاب والقطط.
وكبرت فافي وقضية "العدل" شاغلة كل تفكيرها. تشعر بالخجل من كل إنسان ماشي على الأرض وهي راكبة عربية. تشعر بتأنيب الضمير كل ما تشوف حد مريض وهي سليمة. تشعر بالكسوف وتبص في الأرض كل ما تشوف حد كفيف ماشي بعصاية. ولما تتكاسل عن مساعدة حد فقير أو مريض، أو لما تتغاضى عن نُصرة مظلوم أو رد غيبة غائب، كانت تتعرض لمحنة تعذيب المرآة. وابتكرت نظرية طفولية اسمها: "عقاب المرايا". هاحكيلكم عنها في مقال قادم. بس بالفصحى بقا عشان تعبت أوي في كتابة المقال ده بالعامية. ياااااه! العامية صعبة قوي يا عم أبنودي، ويا عم حجاب، ويا عم بيرم، ويا عم حدّاد. أنحني أمام عظمتكم. كل سنة وكل نساء العالم جميلات.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لو كانت -شيرين- إماراتية!
- وشوشات فبراير 18
- فاروق حسني … الفنانُ الذي يعرفه العالم
- حين عانقتُ (جميلة بوحَيرد)…أخبرتني الرصاصةُ
- عصا -راجح داوود- … في موريتانيا
- أبونا سمعان … العدلُ معقودٌ بناصية بلادي وجيشه
- الشمعةُ التي في قلوبكم
- بهيج إسماعيل … الروايةُ بنكهة الشِّعر والجنون
- صَهٍ … الجيشُ المصريُّ يتكلم!
- سأقولُ يومًا لأطفالي إنني زُرتُ العراق
- كتابي الفِضيّ: (نهم يصنعون الحياة)
- لماذا يُحاكَم الشيخ محمد عبد الله نصر؟
- صالون فاطمة ناعوت الشهري السبت القادم 27 يناير
- عن الإمارات سألوني .... فقلتُ (إنهم يصنعون الحياة)
- -البدلةُ الزرقاءُ وسامٌ- … قالتِ الجميلةُ
- قلقاسٌ على مائدة قبطية
- لأننا نستحقُّ الموسيقارة الجميلة!
- غدًا أُغرِّد مع عصافير شُرفتي
- معجزةُ إبراهيم أصلان
- الجيشُ العراقيُّ يُكملُ النوتةَ الموسيقية


المزيد.....




- وفاة صاحبة أعلى منصب تولته امرأة في أجهزة مخابرات إسرائيل
- الحساسية الغذائية لدى الاطفال في ازدياد
- قراءة نسوية في مشروع القانون الموحد لمناهضة العنف ضد النساء ...
- الإجهاض في سيراليون: جريمة أم حق؟
- فرصة العمر لكل سيدة .. رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة ف ...
- كرنفال المرأة الأول في نينوى: فعالية لتعزيز الوعي المجتمعي ب ...
- إنقاذ امرأة حامل من تحت أنقاض مبنى دمره قصف إسرائيلي في جبال ...
- من دبي إلى أسواق بريطانيا والعالم: كيف أطلق شغف امرأة حامل م ...
- ما هو الأفضل لصحتك.. الزواج أم الحيوانات الأليفة؟ بحث جديد ي ...
- بتطبيق المواعدة -تندر-.. قد تبدو هذه الفتاة جذابة للعزاب ولك ...


المزيد.....

- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاطمة ناعوت - حكاية بنت اسمها فافي