|
ماذا سنقدم لمرغريت وفيكتور وفانيسيا
شوقية عروق منصور
الحوار المتمدن-العدد: 5794 - 2018 / 2 / 21 - 22:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ماذا سنقدم لمرغريت وفيكتور وفانيسيا وغيرهم شوقية عروق منصور قد نحسب الذين يتعاطفون مع القضية الفلسطينية بالعواطف والاحاسيس ، قد نحسبهم بالصدق والإنسانية ، لكن أنا احسبها بمدى قدرة الانسان على الوقوف والنظر الى عين الحقيقة ونبذ الكذب والخداع ، بمدى قدرة الانسان على الارتباط بتفكيره وعقيدته وعدم التنازل عن تلك العقيدة مهما كانت المغريات والمناصب وأضواء الاعلام . هذا ما دار في مخيلتي عندما اعلن عن موت " مرغريت تيدارس " تلك المرأة الهولندية المسنة التي كانت آخر كلماتها ، بلغتها العربية المكسرة " بدي أشوف اللاجئين يحتفلوا بالعودة " . " مرغريت تيدارس " امرأة هولندية وقفت الى جانب الشعب الفلسطيني وسجنت في هولندا 14 مرة بحجة " معاداة السامية " ورغم ابتعاد الكثير عنها إلا أنها كانت تقول في جميع المقابلات " أنها هولندية الجنسية فلسطينية الانتماء " حملت صورة الصبية الفلسطينية " عهد التميمي " وأعلنت تضامنها معها ، واستنكرت اعتقالها ، وواجهت وسائل الاعلام الهولندية باتهام إسرائيل للصبية دون وجه حق . توفيت " مرغريت تيدارس " بهدوء عن تسعين عاماً ، أما صورها وهي تحمل العلم الفلسطيني فقد تصدرت خبر موتها ، وهنا كانت أسطوانة الوجود التي تدور ، معلنة عن اللحن النشاز في الموسيقى الراضخة لميكرفون الصهيونية ، لقد رفضت " مرغريت " جميع الاغراءات الصهيونية وبقيت متضامنة مع الشعب الفلسطيني وقضيته ، وهنا نحن نتساءل ماذا قدمنا لها في المقابل ؟ ماذا نمنح هؤلاء مقابل التحدي والوقوف أمام عواصف الصهيونية ؟؟ ونحن نعرف معنى الفنان والانسان الأجنبي عندما يواجه أصابع الصهيونية التي تمتد الى جميع الزوايا ، فهم يملكون خيوط الأعمال والشركات والمال والتوهج الإعلامي يملكون المناصب والقدرة على رفع الفرد إلى أعلى ، وأيضاً القدرة على انزال ذلك الفرد ، ومحاربته وتشويه سمعته ، لذلك ليس كل واحد يجيد الوقوف في عالم الحيتان والذئاب ؟ ليس كل واحد لديه القدرة على دفع كمبيالات التضامن مع الشعب الفلسطيني ! إلا اذا كان هذا الا كان هذا الانسان خارجاً من معطف الرؤيا والفكر والمشاعر الإنسانية ، وقارىء جيد للتاريخ ومعرفة تفاصيله . عشرات الأسماء الفنية والأدبية الغربية ، التي تضامنت مع الشعب الفلسطيني ، ماتت بهدوء دون أن يشعر بها شعبنا في الوقت الذي كان وما زال الأديب و الفنان العربي " يمشي الحيط الحيط وبقول يا رب السترة " ، مع أن بعض الفنانين العرب وخرجوا من حالات اللامبالاة التي عُرفوا بها و اهتموا بالقضية الفلسطينية ، أذكر عند لقائي مع الفنان نور الشريف ، اعترف أن الفلم الذي انتجه عن حياة ومقتل رسام الكركاتير " ناجي العلي " خسر به خسارة فادحة وغرق في الديون ، ولم تعوضه أي جهة عن خسارته ، خاصة الجهات الفلسطينية التي لم تهتم بشراء الفلم وعرضه . أيضاً لا ننسى موقف الفنانة الملتزمة " نادية لطفي " التي عاشت حصار بيروت عام 1982 حيث تواجدت هناك ، وقامت بتصوير حياة الناس والمقاتلين في بيروت الغربية ، وفي احدى الامسيات التي جمعتني معها في بيتها ، أخرجت من خزانتها أكياساً ضخمة تحوي مئات الصور ومئات الأفلام التي بحاجة الى تحميض ، عدا عن عشرات أفلام الفيديو التي سجلت فيها البطولات الفلسطينية واللبنانية والحياة تحت الحصار الذي تجلت فيها المقاومة ، وتمنت يومها أن تجد جهة فلسطينية تتبنى وتهتم بإصدار ذلك في كتاب أو في فلم سينمائي ، ولا نعرف الآن مصير تلك الأفلام والصور؟ الفراغ التضامني الفلسطيني الفني العربي والغربي يصيب الواحد منا بالتساؤل عن دور القيادة الفلسطينية في رفع شأن تلك الأسماء وشكرها بعدة طرق ، وترسيخ تلك الأسماء في الذاكرة ، هل علينا مثلاً نسيان الصحفي الإيطالي " فيكتور اريغوني " الذي شارك في حملة كسر الحصار على غزة ففي عام 2007 استقل أول سفينة وصلت الى ميناء غزة ، كتب يومها ( واحدة من أسعد لحظات حياتي ) وقد وصف الحصار بالجرم والدناءة ، ووقف كدرع بشري لصيادي غزة أمام السواحل ، وقد وصف إسرائيل من أسوأ أنظمة التمييز العنصري على مستوى العالم ، وقبل اختفائه كتب " تهريب الغذاء لغزة عبر الانفاق معركة خفية من أجل البقاء " ، هذا الصحفي لم يلق الاهتمام والشكر ، بل قامت مجموعة سلفية في غزة " مجموعة الصحابي محمد مسلمة " واختطفته ، وقد طالبت القوى الفلسطينية بالأفراج عن معتقلين سلفيين ، لكن في 14 نيسان عام 2011 وجدت جثة " فيكتور اريغوني " في منزل مهجور في غزة . هل ننسى الممثلة الإنجليزية " فانيسيا رديغريف " الفنانة التي التزمت بالقضية الفلسطينية ، وواجهت المظاهرات ضدها عام 1977 حين اشتركت بفلم وثائقي عن القضية الفلسطينية ، وازدادت المظاهرات عندما حصلت فانيسيا على جائزة الاوسكار ، وفي حفلة الاوسكار هاجمت بشجاعة الذين هاجموها وقد قالت عنهم ( حفنة من السفاحين الصهاينة ) ، وبعد ذلك عارضت الحرب على العراق وسارت في المظاهرات ضد إدارة بوش ، ورغم انها محاصرة من قبل الشركات المنتجة وابتعدوا عنها ، إلا انها مازالت تقف الى جانب القضية الفلسطينية. هناك من يقف ويتأمل المشهد الفلسطيني ويندفع في التأييد ، ولكن بعد ذلك يتراجع ويتساءل عن الثمن الذي سيدفعه ، حتى لو أخذ يفلسف الأمور الفنية والسياسية يبقى الهروب هو أفضل الحلول لكي تبقى موجوداً ، كما جرى مع المخرج اليوناني الفرنسي " كوستا غافرس " الذي شغل العالم عام 1983 بفلم " حنه ك " بطولة محمد بكري " والذي تحدث فيه عن معاناة الفلسطينيين وحقهم التاريخي بالأرض ، وشكل الهجوم عليه تراجعاً ، سرعان ما أخرج فلم " صندوق الموسيقى " الذي يحكي عن قضية الهولوكست ، وكان ذلك عام 1989 . تلك الأسماء الغربية المؤيدة للشعب الفلسطيني ليست عابرة في الذاكرة الفلسطينية ، بل هي الأسماء التي واجهت وتحدت وقاتلت ، فهناك من خسر عمله وقاموا بمحاصرته ، وقاموا بإطفاء توهجه اذا كان فناناً ومعروفاً ، لذلك نحن علينا كقيادة فلسطينية وكمسؤولين أن لا نبكي سراً رحيلهم ، ونلتقط لهم الصور وهم يحملون الاعلام الفلسطينية ، من الحماقة أن لا نقدم لمجتمعهم زيارة وفاء ، ونقوم على دعم مشاريع تحمل أسماءهم ، كيف لا نقدم لعائلة الصحفي " فيكتور اريغوني " الذي قتل في غزة الشكر والتوجه الى مدينته لعمل شيئاً يخلده ، نقول لعمره وسنواته وحياته الغصن الذي قصف في عز اخضراره ، شكراً ، لذلك يجب أن تشكر القيادة الفلسطينية عائلة " مرغريت " وتخصص جائزة في هولندا على اسمها ، بذلك يشعر الذين حولها ان الشعب الفلسطيني يملك الوفاء .
#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انحني تقديساً لأم أحمد جرار
-
خمس دقائق تلخص وجع وعد بلفور
-
عهد التميمي ليست فلسطينية
-
أموت في أمك يا تميم
-
الموت وقبعات السحرة
-
شادية وشوقية والجد حسن
-
زمن ياسمين زهران
-
رؤساء برائحة النفتالين
-
تقبيل اليد التي ضربت الخد الأيمن
-
ام كلثوم تصافح المرأة السعودية
-
ابن الحارة الذي أصبح مخرجاً سينمائياً في هوليوود
-
شرشف الشرف المنشور على حبال المجتمع
-
الميدالية المزيفة وانتحار مهند
-
الحديقة في روما والفزع من ياسر عرفات
-
أطفال الكواكب وأطفال المفارق
-
نقسم بشرف الأمة أنك مظلومة ولكن
-
عند البطون تضيع الذهون
-
مغارة 5 حزيران
-
قالت ايفانكا ترامب : نحن لا نزرع الشوك
-
كل يوم هناك نكبة
المزيد.....
-
شاهد ما كشفته صور حطام طائرة ركاب ومروحية في نهر شبه متجمد ب
...
-
حماس تعلن مقتل قائد جناحها العسكري محمد الضيف ونائبه مروان ع
...
-
ترامب: -لا ناجين- من حادث اصطدام طائرة ركاب بمروحية عسكرية ف
...
-
أبو عبيدة يُعلن مقتل محمد الضيف وعدد من القيادات العسكرية لـ
...
-
واشنطن.. لحظة اصطدام طائرة أمريكية بمروحية عسكرية ومقتل 64 ش
...
-
مقابلة الكلب -رامبو- بمصر
-
من قائد -تنظيم إرهابي- إلى رئيس انتقالي.. احتفالات في دمشق ب
...
-
خلال لقاء مع حماس.. إردوغان يأمل في نجاح المرحلتين الثانية و
...
-
-حياتي ليست أقل قيمة-.. غضب في الأرجنتين من خطط ميلي لإلغاء
...
-
مقتل 6 أشخاص بهجوم روسي بمسيرة على بناية سكنية في سومي شمال
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|