|
جدل في تونس حول حقوق المرأة
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 5613 - 2017 / 8 / 18 - 19:51
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
كان الرئيس السبسي واضحاً ودقيقاً وعلمياً وصارماً حين أشار من غير إستخفاف ، إلى ضرورة ووجوب التساوي في الحقوق بين الرجل والمرأة ، وقد شدني في كلامه هذه الروح وهذا الإيمان الذي يأتي من أجل تصحيح قواعد الفهم وقواعد التطبيق ، التي يتم من خلالها إصدار القوانين ، الرئيس السبسي أنطلق في ذلك من القرآن نفسه الذي ساوى بين الرجل والمرأة في الحقوق كما في الواجبات ، أنطلق في صلاح فكر الله للتعاطي مع المرأة بعيداً عن هيمنة الذكر وهيمنة القبيلة وهيمنة الدين التراثي ، ذلك لأن الله الذي أفهمه قال : ( هو الذي خلقكم من نفس واحدة ) ومفهوم واحدة ليس مفهوماً عددياً إنما هو مفهوم جنس ، وبالتالي فصيغة الواحدة وما يترتب عليها من أحكام وقوانين كذلك واحدة ، وليس في الأمر من تراخي أو إبخاس لهذا الطرف على حساب الطرف الآخر .
وفي النفس الواحدة لا تبدو الإرادة غير ذلك ولا الحاجة ولا الرغبة ولا العلاقة مع الأشياء المباحة ، ففي الزواج لم أقرأ نصاً إلهياً يقول يحق للذكر ما لا يحق للمرأة ، وكما إن صيغة المفاعلة هي صيغة إشتراك كذلك صيغة الفعل ، بدليل القول التالي : ( يا بني آدم ) التي وردت في صيغة الإستغراق العمومي والتي لا تعني الذكر دون الأنثى ولا العكس ، وحول حق المرأة في الإختيار والعيش والعمل ليس هناك ثمة فارق يؤوسسه الله ، بل هناك ثمة تسوية قال بها الله ( فلهن مثل الذي عليهن ) وعلى هذا ليس الذكر صاحب قرار في الأمر والنهي الحياتي ، طالما إن صيغة الأمر الإلهي في الوجوب والنهي تشمل الأثنين معاً .
وحتى تلك النصوص التي فهم منها السيوطي وغيره معنى التفاوت ، فقد دحضت لغة العرب هذا المعنى وردت الحق إلى أصحابه معترفة بالتساوي ، فهاكم أقرؤا معي هذا النص : [ وللذكر مثل حظ الأنثيين ] ولم أجد في لغة العرب مايدل على أن ذلك يعني : - إن حصت الذكر هي ضعف حصة المرأة - بل الذي عليه لغة العرب إن مفهوم الحظ هو القيمة أو الحصة وبالتالي تكون - حصت الذكر تساوي حصة أنثيين أي مثل حصتهما لا يفترق عن حصت كل واحدة - بدليل إن القاعدة تقول : - فإن كانت واحدة فلها النصف - هذه هي القاعدة وهذا هو الحق ، أعني إن الأصل هو للمرأة وليس للرجل ، ولكن العقلية العربية وبحكم طبيعتها السادية أستغلت الطبيعة النفسية لدى المرأة لتنتزع منها حقها بل وتجعلها في رتبتة متأخرة ، ثم تلى ذلك بعض رواة الأخبار أو من الذين أستُغلوا فجعلوا من المرأة شيئاً قبيحاً يساوي بعض الحيوانات البهيمية ، حتى قال قائلهم - تفسد الصلاة ثلاثاً الكلب والحمار والمرأة - ، وقد عُممت هذه الثقافة السادية لكي تستبيح الثقافة القرآنية وتستبدلها أي تأخذ محلها ، فصارت المرأة - ناقصة عقل ودين وإيمان - ثم يأتي التبرير أخيب من التأليف .
وحكاية النقصان هذه متعلقها الله مما يوحي ويكأن الله هو من جعلها ناقصة ، ثم يرتب على هذا النقصان شؤون الحياة والحقوق والعمل والشهادة ، مع إن القضية في النص لا تعدو كونها عبارة عن معنى إحترازي يكون للذكر كما يكون للمرأة في حال حدوثه ، أعني الكلام في [ قضية الشهادة ] ، وبحسب ما أفهمه من لغة العرب إن المراد من لفظة - أن تظل أحدهما تذكر الأخرى - دليل على الطبيعة الإجتماعية التي كانت تحكم المرأة بحيث تجردها من حقها في أن تكون حاضرة في الحياة كما الرجل ، القصة لا تتعلق بالنص بقدر ما يتعلق الأمر بطبيعة الفاعل الذي كان .
ولهذا نحن كما الرئيس السبسي ندعوا إلى تصحيح ونبذ التفسير التاريخي للقرآن ، مؤمنين بأن الله خاطبنا نحن ولم يخاطب التاريخ فينا ، خاطبنا في اللحظة والتو قاطعاً الطريق عن المراحل التاريخية ، بإعتبارها تتعلق بإجيال وجماعات ولت وأندثرت - لذلك عليها ما كسبت ولها ما أكتسبت - ساداً الطريق على المزايدت في التاريخ ، بمعنى أن يكون حاكماً علينا معطلاً فينا قوى الإبداع والإنتاج والإجتهاد ، وفي هذه المناسبة أدعوا لتحرير النص القرآني من سلطة التاريخ التي تمثله الآن المدارس العتيقة مثل الأزهر وبعض الحوزات المتخلفه وبعض الجهلة من رجال دين ومعممين ، ودعوتنا تنطلق من إيماننا بأن التقدم والتطور الذي يريده الله لن يكون ممكناً مع الإتكاء على الماضي وحكايات التاريخ ، وإذا كان الله صريحاً في مسألة العقوبات كذلك هو أكثر صراحة في مسألة الحقوق والواجبات لم يميز ولم يرفع من درجة على حساب الأخرى ، ولو كان فعل لما عُد عادلاً التي هي الصفة الأهم التي يتصف بها ، ..
نعم الرئيس التونسي هو أبن منظومة إجتماعية وثقافية آمنت بما يقول ، ولهذا أتاحت له الكلام في خطوط كانت تعد من الممنوع ، لكنها خطوة أنا واثق إنها ستشجع أخرين في عالمنا العربي والإسلامي أن تحتذي حذو هذا الرئيس ، وتؤوسس لما هو خير وصالح ، إذ يكفي ما أصاب المرأة من ضيم وتبكيت وهدر للحقوق ، والإعتراف بالحق فضيلة كما يقول المثل المشهور ، ومن أجل هذا نؤيد الطرح والفكرة والرآي والقانون الذي دعا له الرئيس شادين على يديه ومباركين له ، على أمل أن يستمع الجميع - فالحق أحق أن يُتبع - ..
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما بعد الموصل
-
بمناسبة عيد الفطر
-
داعش في طهر ان
-
مشروعية الإغتيال السياسي
-
لسنة 2017
-
حثالات تُثير الفتن
-
قانون الحشد الشعبي
-
بدعة صيام عاشوراء
-
تصحيح الإعتقاد في معنى ثورة الإمام الحسين
-
لماذا لا ينجح العراقيون ببناء دولتهم ؟
-
تجذير مشروعية عمل الحشد الشعبي
-
غضب فاشل في تركيا
-
ما بعد العيد
-
بيان صادر عن الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي بمناسبة الإن
...
-
تحرير الفلوجة
-
قبح الله إسلامكم
-
رسالة مفتوحة للأخ رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي
-
أوهام المصطلحات
-
بين إسلام مكة وإسلام المدينة
-
سلاماً شهداء الناصرية
المزيد.....
-
طريقة التسجيل في منحة المرأة الماكثة للحصول على 800 دينار شه
...
-
هل أنصف القرآن المرأة وظلمها رجال الدين؟
-
-لا تفقدوني-.. لحظة إنقاذ امرأة تبلغ 100 عام من حرائق الغابا
...
-
في مصر: الحكم على الفنانة منى فاروق بالسجن 3 سنوات
-
الداخلية: الأدلة أثبتت براءة الضابط المتهم باغتصاب فتاة قاصر
...
-
-لا تحرروني، سأتولى الأمر بنفسي-، عرض غنائي مسرحي يروي معانا
...
-
بمناسبة شهر رمضان 2025.. حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في
...
-
دراسة تزعم.. الانفصال العاطفي يضر بالرجال أكثر من النساء
-
بيان مشترك: مخاوف من غياب “عدالة الإبلاغ” في جرائم العنف ضد
...
-
الداخلية: الأدلة أثبتت براءة الضابط المتهم باغتصاب فتاة قاصر
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|