|
غسان كنفاني ووديع حداد وبرنامج قناة الجزيرة بين إعادة الذاكرة والإخفاق بالتحري والتحقيق
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 5593 - 2017 / 7 / 27 - 04:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
غسان كنفاني ووديع حداد وبرنامج قناة الجزيرة بين إعادة الذاكرة والإخفاق بالتحري والتحقيق .
مروان صباح / بشكل فاضح غابت المهنية عن برنامج الجزيرة ، الخاص بإغتيال غسان كنفاني ، لأن ، من تابع الفيلم الوثائقي ، يجد أن القواعد البدائية ، غائبة عن العمل ، وهي ساطعة وتفقأ غيابها الأعين ، فقد اعتمد الباحث ، على مادة شائعة بين العامة ، لا تحمل جديد ولا أسرار ، كذلك تماماً ، من الجانب الأخر ، الأشخاص الذين تحدثوا عن ملف الاغتيال ، بعيدون كل البعد عن ملف وديع حداد ، لأن ، اغتيال كنفاني ، لم يؤخذ بدوافع كتاباته ، أبداً ، بل ، الموساد قرار قتل غسان ، لأنه ، كان المتحدث الرسمي لوديع حداد ، وقد اغتالت إسرائيل غسان عام 1972 م في بيروت واغتالت حداد في بغداد عام 1978 م ، إي هناك ستة سنوات ، وبعد اغتيال غسان وقبول الجبهة الشعبية بالنقاط العشرة ، أخذ وديع حداد ، قرار الفصل عن جورج حبش ، وفي هذه السنوات ، عمل حداد مع ياسر عرفات والمخابرات العراقية ، كانوا الجهتان اللتين توفر له التمول والمكان .
كان الأولى لقناة الجزيرة ، وهنا أتكلم مهنياً ، أن تبحث عن رجال وديع حداد ، على سبيل المثال ، غازي إسماعيل أبو عرب ، مواليد مدينة طبرية ، أحد عناصر وديع حداد ، ومسؤول عن خلية الولايات المتحدة الأمريكية ، التى أرسلها حداد من أجل دراسة قيادة الطائرات ، ومن ثم تمكنت المجموعة من دخول إسرائيل ، كانت مكلّفة ، بإختراق مطار بنغوريون ، من أجل خطف طائرات لشركة عال ، لكن ، اغتيل حداد ، كشف ملف المجموعة ، وايضاً ، هناك الكثير من هذه الشخصيات التى كانت تعمل مع حداد ، هي ، منتشرة في مختلف أنحاء العالم ، وهنا ، أرجح أن ، علاقة الأديب غسان بالطبيب وديع ، أعقد من أن يفسرها أو يتحدث عنها ، من هم خارج النص ، أي خارج دائرة حداد ، لهذا ، اغتيال غسان والذي ترتب عليه لاحقاً ، طلاق وديع مِنْ الجبهة الشعبية ، أسست لأغتيل وديع ، وتصفية شعاره ، وراء العدو في كل مكان .
التقى الرجلان عند نقطة الذكاء . بالطبع ، قبل العمل الوطني ، وُصفَ ذكائهم ، بالمتطرف ، غسان ، كان مبدع في وقت كانت المنطقة العربية تعج بالمبدعين ، فوظف أقصى ما لديه حتى التطرّف ، من أجل تفكيك وفضح الرواية الصهيونية في العالم ، تماماً ، وديع ، ابن مدينة صفد ، المتفوق منذ الصغر بمادة الرياضيّات ، المنتمي لجمعية العروة الوثقى والدارس الطب في ألمانيا ، أسس العمل الخارجي في الجبهة الشعبية ووضع شعار ، وراء العدو في كل مكان ، ذاع صيت حداد ، بعد خطف طائرة تابعة للخطوط الجوية ( عال ) عام 1968 م ، المحصلة ، لم يكن وديع متحزب لحزب أو جبهة ، بقدر أن الرجل كان يسير وراء شعاره ، فعندما كان يستشعر ، بأن الحزب أو الفصيل ، يبتعد عن الهدف أو البوصلة ، على الفور ، كان ينتقل من أجل الاستمرار لتحقيق هدفه ، لهذا ، قد صنفه الموساد بالرجل الأخطر ، وجاء في كتاب حساب مفتوح ، للمؤلف الإسرائيلي ، هارون كلاين ، أن الموساد تعتبر وديع حداد قنبلة موقوتة ، وطالما هو ، على قيد الحياة ، فأن هذا الدماغ لن يتوقف عن التخطيط للعملية المقبلة .
في الحقيقة ، خلافاً لما تناوله البرنامج الوثائقي ، عن تأسيس كنفاني للعلاقات مع منظمات عالمية أو حتى المتضامنين الأجانب ، الأصح ، أن وديع حداد ، هو من وضع الأسس لهذه العلاقات ، وفتح الباب أمام جميع الفصائل لاحقاً ، وتكللت هذه العلاقة ، عندما اسند مهمة ، للجيش الأحمر الياباني بعملية مطار بنغوريون ، تل ابيب عام 1972 ، وشخصياً ككاتب ، اعتمد في مراجعاتي البحثية على الرواية الإسرائيلية ، وهنا ، قد يتسأل المرء ، لماذا ، ليس لأنها الأصدق أو لأنها الأقدر في التقيم ، بل ، لأنها تُعبر عن الوجع والألم ، فوديع من أكثر الشخصيات التى مرت على دولة إسرائيل ، أحدث لها اوجاع ، ورفض بشكل قاطع الاعتراف بالأسس التى وضعتها حرب أكتوبر 1973 م ، .
بالطبع ، بعد حرب أكتوبر وقبول م ت ف ، بالعملية السلمية ، تحول وديع وأمثاله عبء على منظماتهم ، فوظفت إسرائيل قدراتها الاستخباراتية من أجل تصفيته ، واعتبرت أن تصفية وديع ، بالتصفية الوقائية ، وقد استخدمت إسرائيل في اغتياله ، مادة بيولوجية ، كانت هي الأولى من نوعها ، دست السم في الشكولاته ، عام 1978 م التى نقلها رجل عراقي ، كان ذات منصب كبير ، وأصبح لاحقاً ابنه ، بعد احتلال العراق ، وزيراً ، فأدت بقتله ، من المفارقات التى يصعب هضمها ، وبعد سنوات ، أعادت الجبهة الشعبية لوديع مكانته واعتبرته رمز من رموز المقاومة الفلسطينية ، وهذا الاعتبار الإستدراكي ، يذكرنا ببيت لمحمود درويش ، عندما قال ، يحبونني ميتاً ليقولوا: لقد كان منّا ، وكان لنا. لكن ، يبقى الفارق شاسع ، بين من اختلف مع وديع ، ولاحقاً ، حاول إعادة له الاعتبار ، ومن آمن ، بأن الطريق الوحيد للوصول للهدف ، هو ، التحرير أو الشهادة ، فالرجل قُتل بحبة شكولاته ممزوجة ، بمادة بيولوجية ، أما خصومه ، هناك من مات منهم ، بحبة فياجرا .
من الأجدر لقناة الجزيرة ، أو على وجه الخصوص ، من هو مكلف بإنتاج مثل هذه الأفلام ، أن ينتبه إلى الفارق بين التقرير والتحري / البحثي ، لأن ، الإقتراب من هذه المربعات الأمنية ، تحتاج إلى مهنية عالية وقدرة على اختراق هذه المربعات ، فالتقرير ، أقرب إلى الثرثرة ، صار كذا وصنع كذا ، يحتاج بالتأكيد إلى لغة صحيحة وصوّت ، لكنه، يبقى ظاهرة صوتية ، تتلاش مع انتهاء الفيلم ، وهذا ، من الممكن ، أن يقوم به أي إنسان كسول ، لديه الأسس البَسيطة للغة ، أما التحري ، يعني البحث عن الحقيقة أو الإقتراب منها ، وهذا ، يحتاج إلى مهارة وحياد وقدرة ، من أجل الوصول إلى ملفات ، هي ، داخل أشخاص ، أحياناً ، يجهلون ما لديهم من معلومات ، وآخرون تآخوا مع الصمت ، لكن ، لديهم صناديق ممتلئة من المعلومات ، وأخيراً ، عندما نُطلق على اغتيال غسان ، بالجريمة السياسية ، نجرد الرجل من اختياره ، فغسان كان يعي جيداً ، أن الكلمة ترتبط بالفعل والعمل ، وهكذا ، كان يحب أن يكون ، الكاتب والمقاتل حتى أخر نقطة حبر ودم . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البداوة العربية تتفوق على المدنية الإسلامية
-
هل البكاء أمام سُوَر البُراق / استبدل البراق إلى مبكى / أما
...
-
بين العَلَمُ والشارب فقد العربي ذاته .
-
تحالف المفكر وراعي البقر، والتحكم بشعوب العالم
-
القوة الفكرية مقابل النارية
-
نصيحة من كاتب عربي إلى الملك محمد السادس
-
الدولة الفلسطينية بين التجميد والتحجيم
-
الضحية والنجاة
-
لماذا إبراهيم دون الآخرين .
-
مروان صباح / ابو محمود الصباح ، صلاح خلف ، محمود درويش ، ابو
...
-
الهتيف والسحيج والعريف
-
حذف الأصل لصالح الصدى .
-
هي والمرآة
-
مراجعة سياسات الاخوان المسلمين في مصر
-
بين الأدنى والأعظم ، حروب يقودها الإنسان ضد الحقيقة والمعرفة
-
التعليم والغذاء
-
إدارة ترامب منذ اللحظة الأولى تكشف عن كسلها الذهني .
-
أشباه مانديلا وجيفارا
-
الشيخ كشك وعادل إمام
-
مقارنة بين مغنيات الماضي والحاضر
المزيد.....
-
ماذا فعلت الصين لمعرفة ما إذا كانت أمريكا تراقب -تجسسها-؟ شا
...
-
السعودية.. الأمن العام يعلن القبض على مواطن ويمنيين في الريا
...
-
-صدمة عميقة-.. شاهد ما قاله نتنياهو بعد العثور على جثة الحاخ
...
-
بعد مقتل إسرائيلي بالدولة.. أنور قرقاش: الإمارات ستبقى دار ا
...
-
مصر.. تحرك رسمي ضد صفحات المسؤولين والمشاهير المزيفة بمواقع
...
-
إيران: سنجري محادثات نووية وإقليمية مع فرنسا وألمانيا وبريطا
...
-
مصر.. السيسي يؤكد فتح صفحة جديدة بعد شطب 716 شخصا من قوائم ا
...
-
من هم الغرباء في أعمال منال الضويان في بينالي فينيسيا ؟
-
غارة إسرائيلية على بلدة شمسطار تحصد أرواح 17 لبنانيا بينهم أ
...
-
طهران تعلن إجراء محادثات نووية مع فرنسا وألمانيا وبريطانيا
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|