|
المنتمي في قصيدة -إله الحرب- منصور الريكان
رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 5487 - 2017 / 4 / 10 - 02:42
المحور:
الادب والفن
المنتمي في قصيدة "إله الحرب" منصور الريكان "منصور الريكان" شاعر يتحدث بما اعجز عن التعبير عنه، أجده هو يعبر عنه بطريقة رائعة، وكأن ما يكتبه من شعر هو ما أريد قوله، لهذا أجده أقرب الشعراء إلى قلبي، في قصيدة "إله الحرب" يتحدث عن قذارة الحرب الأهلية، وما تحدثه من تدمير للإنسان وللمكان، فيبدأ قصيدته بالحديث عن المشاعر/الاحساس الذي يضغط عليه كشخص يعيش في أرض وفي مجتمع تحرق أرضه ويقتل بعضه البعض، فهو كمنتمي لا يمكنه أن يعمر مرور الكلام على ما يجري، لهذا نجده بشكل دائم يكون الوطن والإنسان غاية الشاعر. لكي لا يكون الشاعر منحاز إلا للوطن، نجده لا يسيس شعريه، ويكتب لكل المواطنين، بصرف النظر عن ملتهم، فهو يتماثل مع الرسل الذي يرسلون لكل الناس، وتكون دعوته/م دعوة سلام ومحبة، "وعفا الله عما مضى" فهو يريد السلامة ليس لشخصه، بل لنا وللوطن، فرغم الألم الذي يعصر قلبه نجده ـ كالأم الحنونة ـ يحرص على التحدث معنا بروية وبحب، فيحدثنا بلغة المحبة والتسامح ويدعونا للتفكير بمصالحنا وبما يجب أن نكون عليه، لهذا نجده يبدأ قصيدته بالحديث عن مشاعر الألم والندم، وكأنه هو من يقوم بهذه الحرب القذرة، ولسنا نحن، فهي لا يريد أذيتنا، لا يريد أن يجرح مشاعرنا، وهنا يكمن الحب، الانتماء، الحنان عند الشاعر: " نادماً كنت على ما فاتنيْ والبوح يأسرني وسر الليل يأتي حاسراً ظل القمرْ والمرايا قد تشع ثم تزدان ألقْ صور المنبوذ في كل الشوارع تحترقْ راسماً وجه أساي للبنايات التي دمرتها الحرب قومي في حذرْ وأنا الموسوم بالذكرى رماني الغائمون من البشرْ سيّستني الحرب مولانا أنا الموسوم عاداني زماني من دهرْ الليالي أرقتني ثم داسوني الحفاة الهاربونْ من متى أغوي أناشيد الهوى ؟؟"
أن يبدأ فاتحة القصيدة بلفظ "نادما" يشير إلى المضمون/الفكرة التي يريد تقديمها، فهناك شيء غير سوي وخطير يحدث، وعليه/علينا التوقف عنده. من جمالية هذه الفاتحة أن الشاعر لم يتحدث بشكل مباشر ويدخل في موضوع الحرب القذرة، بل نجده يمهد بكلمات تتحدث عن الليل والقمر، وهذا التقديم/التمهيد يهيأ المتلقي لكي يدخل إلى القصيدة بشكل سلس، فكلنا يعلم بأننا مجتمعات ترفض النقد وتحاشاه، كما أن موضوع الحرب يعزف عنه المتلقي لما فيه من ألم وقسوة. ونجد في هذه الفاتحة تجنب الشاعر ابداء أي تهمة أو عتب مباشر لنا نحن المتلقين/القراء، فهو يحدثنا عن مشاعره وكأنه هو من اقدم على فعل الخطيئة وليس نحن، لهذا نجد كافة الأفعال المتعلقة بالحرب جاءت مقرونه بحرف الياء، والذي يشير إلى الشاعر، "نادما ما فاتني، يأسرني، وجه أساي، قومي، رماني، سيستني، عاداني، أرقتني، داسوني" كلها تشير إلى الشاعر، وتجنبنا نحن المتلقين/القراء أي عتب أو تهمة مباشرة، فالشاعر هو الذي يتحمل ويلقي على نفسه بالآئمة. يستمر الشاعر في الحفاظ على مشاعر المتلقي/القارئ من خلال التوجه إلى الله بدعوة للخلاص من أقترفه هو ولسنا نحن من فعل قذر فيقول: " يا إلهي ساعد الناس الذين في الحفرْ أرهقتهم صورة الضد وهاهم قَانِتِينْ ما الذي يحبو العذارى من صليل الضد يا ويح المطرْ فالدموع أرّقتني والحمامات هجرن العش منبوذات من أوج البقاءْ" يبدو لنا أن الشاعر هو الجاني، لهذا نجده يطلب التخلص مما اقترفت يداه من جرم، فيصور ما أحدثه من خراب وخطيئة، فيتحدث عن الناس بصورة عامة، دون أن يخصص فئة بعينها، فكل من تأذى من الحرب يجعله ضمن صيغة الخطاب، فيستخدم تعبير "الناس، العذارى، الحمامات" كلها تشير إلى الحياة السوية المفترض أن تكون. بعد هذا المقدمة السلسة يأخذ الشاعر في تقديمنا أكثر من فعل الحرب وأهوالها، فيقول: " وأنا دوزنت حبي إنتشاءْ كم بقى مني ويا بوح الرمادْ قد طوانا في البلادْ هذه الحرب وكم ملعونة تنشر الغيل على كل العبادْ غائص في الوحل لا أنوي اللقاءْ بصميم العشق مأسوراً معادْ هذه الحرب وكم ملعونة أحرقت كل يباسي والخضارْ ورموني في أتون الجدب مأسوفاً وظلي لم يقمْ قلت لَمْ ،،،،،،،،،،،،،،،" نجده يتحدث عن الحرب وليس عمن احدثها/يقوم بها، لكن صورتها البشعة ترسخ في ذهن المتلقي/القارئ، وهذا ما سيدفعه لتجنبها والتراجع عن المشاركة فيها، ونجد كافة التعابير التي يستخدمها تخدم فكرة عدم الخوض في الحرب الأهلية، "كم بقى مني، الرماد، تنشر الغيل، عائص في الوحل، أحرقت كل يباسي والخضار، رموني في أتون الجدب" كل هذا المشاهد تشير إلى قذارة الحرب وإلى ما أحدثته من خراب فينا وفي الوطن. يعظم الشاعر الحرب فيجعل لها إله خاص يفتعلها/يشعلها/يحدثها، لكي يجنبنا أي عتب مباشر فيصب جام غضبه عليها: " وتكلمت عن الحاضر صوتي لم يصلْ يا إله الحرب قل لي ما العملْ يا إله الحرب ما مليت من قتل البراءة في المُللْ قل أعوذ وتملّاني الشللْ يا إله الحرب إذوي لست آسف منفعلْ لبقايا من حياة زكمتنا الحرب عشنا في العللْ وطني هيكل نادى في رفاتي يمتثلْ صاغنا الساسة نحبو لندامى آلهات تقتتلْ وأنا عشت بحالي رافضاً غش الوصلْ يا إله الحرب غادِرنا ودعنا نحضن التأريخ والعشق إلى كل الأهلْ" من أخلاقية الشاعر أنه يرفض أن يكيل أي شتيمة أو حتى معاتبة لنا، فهذه ليست من شيمه، لهذا نجده يختلق إله ليس للعبادة، بل لنسب التهم والخطيئة له، فهو السبب وراء ما يحصل، وليس نحن، لهذا نجده يخاطبه معاتبا "ما مليت من قتل، إذوى لست آسف" كلها أسئلة تشير إلى رفض الحرب، لهذا نجده يختم هذه الأسئلة بقول: غادرنا". من يتابع ما يقدمه "منصور الريكان" من شعر يجد فيه الأمل، رغم قسوة الواقع، فهو شاعر صاحب رسالة، لا يكتفي بوصف الواقع أو الحديث عنه، بل يعمل على تغيره والبحث عن مخارج للأزمة، فدائما تكون خاتمة قصيدته تحمل الفرح والأمل في الحياة: " وطني أنت الأصلْ مهما عاثوك وغالوا تتعافى أيها الوطني تبقى ألبطلْ لم تساومهم وبالعز افتخاراً تأتي بالعزة تحيى في الأملْ يا إله الحرب نحن قد كفرنا بِالَّذِين رسموا الدين لقتل الأبرياءْ يا إله الحرب داءْ ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،" خاتمة تحملنا إلى المستقبل، وتبث في روح جديدة، لنستمر في البقاء والحياة الفاعلية. القصيدة منشورة على الحوار المتمدن على هذا الرابط http://www.ahewar.org/m.asp?i=489 نادماً كنت على ما فاتنيْ والبوح يأسرني وسر الليل يأتي حاسراً ظل القمرْ والمرايا قد تشع ثم تزدان ألقْ صور المنبوذ في كل الشوارع تحترقْ راسماً وجه أساي للبنايات التي دمرتها الحرب قومي في حذرْ وأنا الموسوم بالذكرى رماني الغائمون من البشرْ سيّستني الحرب مولانا أنا الموسوم عاداني زماني من دهرْ الليالي أرقتني ثم داسوني الحفاة الهاربونْ من متى أغوي أناشيد الهوى ؟؟ يا إلهي ساعد الناس الذين في الحفرْ أرهقتهم صورة الضد وهاهم قَانِتِينْ ما الذي يحبو العذارى من صليل الضد يا ويح المطرْ فالدموع أرّقتني والحمامات هجرن العش منبوذات من أوج البقاءْ وأنا دوزنت حبي إنتشاءْ كم بقى مني ويا بوح الرمادْ قد طوانا في البلادْ هذه الحرب وكم ملعونة تنشر الغيل على كل العبادْ غائص في الوحل لا أنوي اللقاءْ بصميم العشق مأسوراً معادْ هذه الحرب وكم ملعونة أحرقت كل يباسي والخضارْ ورموني في أتون الجدب مأسوفاً وظلي لم يقمْ قلت لَمْ ،،،،،،،،،،،،،،، وتكلمت عن الحاضر صوتي لم يصلْ يا إله الحرب قل لي ما العملْ يا إله الحرب ما مليت من قتل البراءة في المُللْ قل أعوذ وتملّاني الشللْ يا إله الحرب إذوي لست آسف منفعلْ لبقايا من حياة زكمتنا الحرب عشنا في العللْ وطني هيكل نادى في رفاتي يمتثلْ صاغنا الساسة نحبو لندامى آلهات تقتتلْ وأنا عشت بحالي رافضاً غش الوصلْ يا إله الحرب غادِرنا ودعنا نحضن التأريخ والعشق إلى كل الأهلْ وإليهم أمتثلْ ،،،،،،،،، وطني أنت الأصلْ مهما عاثوك وغالوا تتعافى أيها الوطني تبقى ألبطلْ لم تساومهم وبالعز افتخاراً تأتي بالعزة تحيى في الأملْ يا إله الحرب نحن قد كفرنا بِالَّذِين رسموا الدين لقتل الأبرياءْ يا إله الحرب داءْ ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العدوان الامريكي
-
أثر المكان في ديوان -الجبال التي أحبت ظلي- يونس عطاري
-
الرمز في قصة -الرجل ذو العين الواحدة- مشهور البطران
-
أنا والأم مشهور البطران
-
وقفة مع اللقاءات الثقافية في دار الفاروق
-
أثر الأم في قصيدة -أمي- علي بيطار
-
السيرة النبوية في قصيدة -نور النبوة- محمود ضميدي
-
-هذي دمشق- الملتقى الثقافي العربي
-
تعدد الأصوات في قصيدة -فراش- عصام الديك
-
لاستعجال في ديوان -همسات على هامش الوطن- مهند ذويب
-
بساطة السرد في مجموعة -1986- سعود قبيلات
-
الفاتحة القاسية في قصيدة -محاكاة لعينة- سامح أبو هنود
-
اللغة الدينية في قصيدة -وقضى أرباب الدولة- مفلح أسعد
-
الأنثى والحرب في رواية -لغة الماء- عفاف خلف
-
صوت المرأة في قصيدة -بين الفؤاد- هالة إدريس
-
الأدوات العادية والتألق في قصيدة -هذه الكأس- عبود الجابري
-
المغالاة والتطرف في قصيدة -مقام الحرف- أحمد مولاي جلول
-
التجديد في رواية -المأدبة الحمراء- محمد هاني أبو زياد
-
التفكير
-
وقفة مع كتاب شهرزاد ما زالت تروي- فراس حج محمد
المزيد.....
-
ليلى علوي تخطف الأضواء بالرقص والغناء في حفل نانسي بالقاهرة
...
-
-شرفة آدم-.. حسين جلعاد يصدر تأملاته في الوجود والأدب
-
أسلوب الحكيم.. دراسة في بلاغة القدماء والمحدثين
-
الممثل السعودي إبراهيم الحجاج بمسلسل -يوميات رجل عانس- في رم
...
-
التشدد في ليبيا.. قمع موسيقى الراب والمهرجانات والرقص!
-
التلاعب بالرأي العام - مسرحية ترامبية كلاسيكية
-
بيت المدى يؤبن شيخ المخرجين السينمائيين العراقيين محمد شكري
...
-
مصر.. الحكم بحبس مخرج شهير شهرين
-
مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي بتهم -الاعتداء والسب-
-
مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي شهرين لهذا السبب
المزيد.....
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
المزيد.....
|