محمد عراقي
الحوار المتمدن-العدد: 1427 - 2006 / 1 / 11 - 11:03
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أقابل هنا و هناك من يدعون انهم ليبراليون , و اجدهم يتحمسون و يدعون بأن الليبرالية هي اساس التقدم و التحضر و و و ...و لا أخفي أني اسبشر خيرا بهم , فأسألهم عن اهم مفرداتهم الليبرالية و اهم ما يعجبون به في الفكر الليبرالي , و ما إلى ذلك. فيقول أولئك المتلبرلون أن أهم ما يعجبون به في الفكر الليبرالي هو قبول الآخر, و حب الآخر, و تقبيل الآخر, و تفضيل الآخر على نفسك .
أدهش و أتسائل هل هو الخوف من ذاك الآخر !! أم هي أولى نسمات الحرية , أم هو انهم يرفضون هذا الآخر شكليا ربما لتأثرهم بالغرب بعض الشيئ و لكنهم لا يجرؤن على صدام معه فيلجأون الى هذه الحيلة الصبيانية من رفض الآخر شكلا و قبوله سياسيا - على أساس فكر ليبرالي مشوه – و العمل به اجتماعيا
إن قبول الآخر في الفكر الليبرالي قائم أساسا على الحرية الفردية المطلقة , الحرية التي تحاول الوصول للحقيقة و لا تحتكرها . حرية التفكير و الإعتقاد و العمل و غيرهم . و من هذا المنطلق تبدأ المحاولات لايجاد طرق لجعل حياة البشر أفضل . عن طريق محاولات , جميعها محاولات , بطرق تختلف و لكنها محاولات أساسها هو الحرية فالليبرالية تقبل الآخر و لكن على اساس انها تحض على الحرية التي تؤدي بالضرورة لوجود التنوع الذي يسميه المرتعشون قبول الآخر و فقط والليبرالية بطبيعة تحررها ليس لها ان ترفض احدا و لكن
احب أن أوضح كثيرا أن الليبرالية ترفض تماما من يرفضونها , فمن اهم مبادئ الفكر الليبرالي انه لا حرية في منع الحرية , إذا فلنفهم أن الليبرالية ليست ضد احدا و لكن هناك من ضدها و هي ضد من ضدها
و الذين ضدها هم المحافظون الذين يؤمنون أن الله أنزل للبشر شريعة يسيرون عليها ليسعدوا في الدنيا و في الآخرة , و إنه لا داعي أبدا لإعمال العقل في اي شأن حياتي .أو الشيوعيين الذين يرفضون أي حديث عن الحرية الفردية و لا يفكرون إلا في المصلحة الجماعية و ينظرون للفرد الواحد على إنه شيطان لابد من دمجه قهرا في الجماعة ليكون افضل حالا .
هؤلاء يرفضون الحرية , و الحرية ترفضهم . و تحاربهم .
و قد يجد بعض الليبراليين ان الفكر الليبرالي قد يسمح بقبول التيارات الدينية المعتدلة التي لا تحض على كراهية كمبدأ أساسي.
لكني أعتقد أن التيارات الدينية على إعتدالها , تفترض - بطبيعة حالها - انها قامت على اسس جاء بها الله الذي لايخطئ عن طريق انبياء منزهون عن الخطيئة و لا ينطقون عن الهوى , فإن اختلفت افكارها في بعض المسائل العقائدية او الفقهية, فهي تتفق على المبادئ الاولية مثل حاكمية الله و صحة ماجاء في كتبه و صلاحية الشريعة لكل زمان و مكان و أن الصلاح هو في ما أنزل الله و ليس غيره و أننا كيف نرفض المنهج الذي انزله الله لعبيده و نقدس عقولنا الأرضية التافهة ,إن من يعتنقون هذا الفكر لا يؤمنوا بالفشل و لا يقدسوا البحث عن الحقيقة , لان الله لا يفشل والله هو الحقيقة , فإن فشلوا فأسباب الفشل جاهزة ومعدة سلفا و لن تكون المشكلة ابدا في الفكر او المنهج نفسه و قد تشبه الشيوعيين بهم في هذه النقطة .
فإن وجد تيار ديني سياسي يعتقد بانه مجرد محاولة لايجاد حياة افضل للبشر عن طريق الرجوع للفكر الديني, و أن الولاء يكون للشعوب و ليس لالله , و لا ينظر لليبراليين و لا حتى للشيوعيين على أنهم كفار يجب الخلاص منهم لأنهم لا يعملوا بما أنزل الله , و لا يفرق بين الناس على أساس الأديان . فاني على استعداد تام لقبوله , و لكني أعتقد أن قدسية مناهجهم لن تترك لهم الفرصة لا لقبول هذه المبادئ و لا لقبول الخطأ كما أسلفت و لا لقبول الآخر .فلا داعي إطلاقا لاي فكر او منهج بخلاف فكر ومنهج الله , لا داعي للديمقراطية ولنكتفي بالشورى (بين أولي الأمر) , ولا داعي للحرية و لنكتفي بقبول الاخر (إذا دفع الجزية و هو صاغر) , و لا داعي للفن و الابداع و لنكتفي بكتب الله و سنة الانبياء و الترانيم والتراتيل , فهذا منهج الله الذي لا يخطئ , فهل نأتي نحن و ننقضه
فرفضنا للمحافظين الدينيين يأتي من رفضهم لنا في بادئ القول, ثم إدعائنا عليهم بانهم اصحاب فكر عفى عليه الزمن و بطبيعته يفرق بين الناس و يحض على الكراهية و ربما العنف , ناهيك عن إنه يلغي العقل و يقدس الغيبيات . و الفرق بيننا و بينهم أساسا هو في إيماننا بعقولنا و بجنسنا البشري و تميزه .فهم متشبثون و نحن متحررون , هم يفرقون و نحن نرفض الفروق بأي شكل , هم معتقدون و نحن باحثون , هم من يعلموا و نحن من نعمل إن الليبراليين يدعون إلى الحرية لأنها تعتبر الوقود العقلي اللازم لإعمال العقل , و العقل هو ما نظن أنه يلزمنا لتحسين حياتنا , نحن لا نحتاج الله , و لكننا نحتاج التفكير و العمل و الارادة الحرة
#محمد_عراقي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟