أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - الدخول إلى قلب المدينة ح 9














المزيد.....

الدخول إلى قلب المدينة ح 9


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5399 - 2017 / 1 / 11 - 01:57
المحور: الادب والفن
    


اليوم الثالث كان يوما حرا لي خرجت لوحدي أبحث عن أشياء لا تهم غيري أشياء قد لا تستهوي المجموعة التي أنا عضوا فيها، كان أفكار كثيرة تدور في رأسي وأفكار مسبقة وأفكار صاغتها ثقافة النقل والرواية والأعلام، ركبت التكسي من بداية شارع الهرم متوجها إلى أقرب منطقة ذات طابع شعبي يغلب عليها الأختلاط بين مصر القديمة وبين حاضر مصر، في وسط شارع الهرم هناك شارع فرعي يربط بينه وبين شارع الملك فيصل، كان هذا المكان مناسبا ومثاليا لما كنت أبحث عنه، فهو يجمع المتناقضات منطقة سكنية تجارية يجمع في تفراعاتها خليط من طبقة وسطى ومتعلمة وزبائن ورواد وتجار مفرد وبضاعات متعددة، أخترت مقهى على ناصية الشارع اتأمل وجوه المارة وأقرأ حكايات.
نعم هو هذا مجتمع مصر اليوم بمدنيته بتنوعه برؤيته للحياة، فتيات في زي يخلط بين الشكل الديني وبين متطلبات الحداثة وأخريات ما زال الثوب المصري القديم بجماليته الفطرية يبقى صامدا ليظهر أصالة أمة، في هذا الحال هناك ما يمكن أن نسميه وجه أخر لفتيات مصر التي تريد أن تستمع بكل ما منحها الزمن من حرية في أن ترتدي ما يناسبها وإن كان هذا لا يعني تخليها عن هوية مصر الثقافية ولكن طبيعة الحياة المتطورة تمنح الحق الوجودي في العيش وفق الرغبة التي لا تسيء للأخر، الشباب لا يخرجون عن هذا النمط التفكيري ولكن الغالبية منهم قد أنحاز للحداثة المتحررة من الخضوع للتقليد والتاريخية في إرتداء الأزياء، مصر المتنوعة لا يضرها أن يكون فيها الصعيدي بملابسه التقليدي أو السلفي المتدين الذي يرى في النموذج البدوي أو الأفغاني تعبيرا عن رؤيته الثقافية للباس العام.
لا يمكن أن تقرأ مجتمع من خلال عناوين سطحية أو من خلال أستقراء الظواهر فقط، المجتمع الإنساني ليس ظاهرة فقط، بل هو شبكة متواصلة من العلاقات الروحية والعملية والسلوكية والفكرية جميعها مرتبط بمفهوم يمسى النسق الحضاري للمجتمع، هذا النسق لا يدرك في ماهيته ولا تعرف قوانينه إلا بالمعاشرة والتواصل والتفاعل، خاصة مع مجتمعات تراكمية أصيلة تختزن الكثير جدا من القيم والأفكار والروحيات لأنها تملك عمقين بعيدين، عمق وجودي تكويني وموضوعي وعمق بشري ذاتي يلهم الفرد خصوصية متفردة عن الغير، كان النزول للشارع والأختلاط بالناس ومحاولة الخضوع لمنطق المجتمع هو الطريق الأسلم للفحص والأستقراء العملي وأستنباط ما يمكن لي أن أعبر به عن فكرتي الجديدة عن مصر أم الدنيا.
الشيء المحير الذي لا أكاد أن أبرره مع فترة الغلاء التي يعيشها الشعب المصري والظروف الأمنية التي تقلق المواطن العادي قبل المسئول، أجد أن المصري المواطن أكثر قدرة على التحدي وأكثر قدرة على مقاومة الضغوط، البعض يسخر بمراره لكنه يسخر أنتقاما من الشعارات أو أستخفافا بقول يسمعه أو كلام يصله من الحكومة، الأخر يأخذ منحى أخر فيستغرق في اللا مبالاة من الأوضاع ويرفع شعار (إلى كاتبه ربك كله حلو)، يقولون هذه إتكالية وعجز وأنا أقول أنها القوة الساحرة التي جعلت أبن الفراعنة يبقى على مر الدهور صامد أما المصائب، عامل المقهى الذي مازحته وعرف من خلال كلامي أني عراقي أستغرق معي في الحديث والترحيب وكأنه يريد أن يوصل رسالة أننا أخوة قبل الحكام وسنبقى أخوة لأننا من رحم واحد.
قضيت النهار كاملا بين المقهى والمطعم الشعبي الذي جمع بين جمالية الديكور ومحلية الطبخ المصري المميز، كان الكابتن حسن الذي يشرف على خدمة الزبائن بشوشا مرحا عرف من خلال كلامي أنني عراقي سألني عن كركوك وعن بغداد وعن المربعة وشارع الرشيد، سألني عن السمك المسكوف وأبو نؤاس وعن سوق الغزل، كان عراقيا في كل شيء حتى أنه متألم جدا أنه لم يحضى بشرف الزواج من عراقية، يقول أن لديه شعور خفي أن أحد أجداده كان عراقيا أو أحدى جداته، يتذكر كل جميل عاشه في العراق، حتى أنه كان في أيام عاشوراء ينزل خصيصا من كركوك ليقضي أياما في كربلاء ويمتنع من شرب الخمر طيلة شهر محرم لأنه يتذكر فيه كل المكارم، هذا الوفاء الحقيقي للعراق لا تجده عن الساسة ولا أهل السلطة الذين تحكمهم المصالح المحركة بدل المشاعر النقية، كان يوما مصريا سجلت الكثير من الملاحظات فيه عن عمق أم الدنيا عن شعب شارك بكل جد في بناء صرح الحضارة الإنسانية ويحارب اليوم في لقمة عيشه لأجل أن لا يعود كما كان عبر التأريخ واحدا من أعمدة الوجود.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدخول الى قلب المدينة ح8
- الدخول الى قلب المدينة ح7
- الدخول الى قلب المدينة ح6
- الدخول إلى قلب المدينة ح5
- الدخول إلى قلب المدينة ح4
- الدخول إلى قلب المدينة ح3
- الدخول إلى قلب المدينة ح2
- الدخول إلى قلب المدينة ح1
- أزمة الهوية الدينية ... الألحاد والتكفير
- رسالة من الفرات إلى النيل النبيل
- الخوف والتردد في نقد التابو (المحرم المقدس) ودوره في تحرير ا ...
- حوار صامت 33 الأخير
- حوار صامت 32
- بين الحرية السياسية وحقوق الإنسان نقتل مرتين
- صوت الصمت العالي
- حوار صامت 31
- حوار صامت 30
- حوار صامت 29
- حوار 28
- حوار صامت 27


المزيد.....




- -ألكسو-تكرم رموز الثقافة العربية لسنة 2025على هامش معرض الرب ...
- مترجمة ميلوني تعتذر عن -موقف محرج- داخل البيت الأبيض
- مازال الفيلم في نجاح مستمر .. إيرادات صادمة لفيلم سامح حسين ...
- نورا.. فنانة توثق المحن وتلهم الأمل والصمود للفلسطينيين
- فيليبي فرانسيسكو.. برازيلي سحرته اللغة العربية فأصبح أستاذا ...
- بمَ تسمي الدول نفسها؟ قصص وحكايات وراء أسماء البلدان بلغاتها ...
- عن عمر ناهز 64 عاما.. الموت يغيب الفنان المصري سليمان عيد
- صحفي إيطالي يربك -المترجمة- ويحرج ميلوني أمام ترامب
- رجل ميت.. آخر ظهور سينمائي لـ -سليمان عيد-
- صورة شقيق الرئيس السوري ووزير الثقافة بضيافة شخصية بارزة في ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - الدخول إلى قلب المدينة ح 9