أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - كفاح حسن - حاجي جمال..نموذج نادر للإنسان الطيب














المزيد.....

حاجي جمال..نموذج نادر للإنسان الطيب


كفاح حسن

الحوار المتمدن-العدد: 5394 - 2017 / 1 / 6 - 15:04
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


في مطلع عام 1976 كلفت بالمساهمة في اجتماع طلابي. و حدد مكان الاجتماع في مقر تحرير جريدة الفكر الجديد الواقع بين فروع محلة البتاوين المطلة على شارع السعدون. و عندما دخلت المقر، كان هناك رفيق قصير مملوء الجسم و السيكارة معلقة في فمه. و سألته بخجل و تردد عن الاجتماع الطلابي. فأجابني بلغة فصحى روزخونية تثير الإنتباه بالتوجه إلى الغرفة التي سيعقد فيها الاجتماع. و طيلة وقت الاجتماع الطويل و الممل، كنت اتابع حركات و حديث هذا الرفيق الذي أثار انتباهي منذ أول لحظة. حيث يتسم وجهه بالطيبة و يتحرك بخجل و هدوء بين غرف المقر.
ثم عرفت من رفيقي الصحفي الشهيد غفار كريم..بأن هذا الرجل الذي أثار انتباهي هو الرفيق حاجي جمال من الشيوعيين المعروفين في منطقة أربيل و مخمور. و يعمل في وقتها مصحح في الجريدة خلال النهار. و في الليل يبقى في المقر كحارس. و هو خريج مدرسة الشريعة في اربيل، لهذا يحتفظ بلسان عربي فصيح.
و خلال عملي في جريدة طريق الشعب، تكررت لقاءاتنا و تحياتنا من بعيد لبعيد لأننا كنا نعمل في موقعين مختلفين.و خلال الهجمة الشرسة التي شنها النظام الغابر على اليسار العراقي و قاعدته الواسعة، كلفت انا و حاجي جمال و رفاق آخرين كحرس ليليين في مقر تحرير جريدة طريق الشعب.
و هنا أصبحت لقائاتي به يومية. و كنا عصرا نتمشى في شارع السعدون بين المحلات و دور العرض السينمائي و البغداديات الحلوات. و كان حاجي جمال يهتم بأناقته و يحلق يوميا لحيته مهما كانت الظروف صعبة. و عندما ازداد الخناق على مقرنا كان حاجي جمال يتمتع بمعنويات عالية. و لكنه كان يحزن بشدة إلى حد البكاء عندما يسمع بإعتقال واحدة من رفيقاتنا أو واحد من رفاقنا.. و عندما يجلس مع رفاق أطلق سراحهم ، كان يستمع إليهم بحزن، و تنزل الدموع من عينيه و هم يتحدثون عن التعذيب الذي تعرضوا له.
كنت اسئله عن سبب تفاؤله. وكانت إجابته تسبقها ضحكة تملأ وجهه.. ليقول:
- رفيق ..مادام اكو جبل..احنا وضعنا في الأمان.
و يحدثنا عن تجربته كنصير في جبال كردستان..كانت الحكومة و أجهزتها تلاحقهم .. البارتي و قواته و تنظيماته تطاردهم..الطبيعة قاسية معهم..رغم ذلك عبروا الصعوبات. و كان يوعدنا في حالة تأزم الإمور.. إنه سيأخذنا من شارع السعدون إلى جبال راوندوز..
و في شباط 1979 افترقنا..هو الى الجبال و انا إلى بيروت.و عدت إلى كردستان في صيف 1983. و رحت ابحث عنه. فعلمت آسفا بأنه وقع في الأسر بعد معركة بشت ئاشان الأولى.
و قلقت عليه جدا ، لمعرفتي بحساسيته و مشاعره الصادقة. و فرحت بخبر إطلاق سراحه من الأسر. و جاءنا إلى مقراتنا في بارزان..وكان لقائنا مليئا بالعواطف الصادقة. و جمعنا العمل الحزبي في قاطع أربيل. و آثار إعجابي موقفه الشجاع في الدفاع عن رفاق اعتقلهم الحزب بتهم كاذبة و تعرضهم للتعذيب الشديد و الذي أدى إلى استشهاد أحدهم. لقد دافع عنهم بحماس و اعتبر اعتقالهم و تعذيبهم وصمة عار في جبين مقترفيه.
و في حزيران 1984 انطلقت مفرزة كبيرة للقاطع من بارزان نحو سهل حرير. و كنت انا و حاجي جمال من ضمن أنصارها. و في سفوح جبل سفين. وقعت المفرزة في كمين للعدو. أدى إلى تفتيت المفرزة و استشهاد عدد من أنصارها. و هنا جمعتنا الصدفة انا و حاجي جمال في موقع واحد. و ذكرني بعبارته في بغداد..
- رفيق لاتدير بال ..مادام الجبل في ظهرنا ، فنحن ناجين.
و فعلا نجونا و استمرينا في العمل سوية.لسنوات.
و جاءت الأنفال لتجبر قواتنا على ترك المنطقة و الانسحاب نحو الحدود. و رافق ذلك أزمة انهيار المعسكر الشرقي ( الاشتراكي). و ترك ذلك أثره على تجمعنا الحدودي. حيث بدأت الأفكار المتطرفة القومية تطرح بشكل علني بحجة التجديد و الصراحة. و هنا برز دور حاجي جمال الأممي في الدفاع عن أممية الحزب و اليسار ووحدة العراق. و كان يحارب أفكار التطرف القومي لخطرها على فكر ووحدة الحزب. و كان يردد على أصحاب الأفكار القومية، بأن عليهم ترك الحزب و الالتحاق بالأحزاب القومية المتطرفة.
و افترقنا هناك.. انا إلى الغربة و هو الى العمل الحزبي في كردستان.
و بقي حياته كلها عازبا و متفرغا لعمله الحزبي . و بجهد كبير أقنعه رفاقه بالزواج. و تم يوم زواجه في نفس اليوم . هو و الشهيد محمد الحلاق.
و لكن الحظ العاثر لاحقه في أيامه الأخيرة..ليتوفى في حادث سيارة في طريق أربيل راوندوز..ليفقده أهله و رفاقه و محبيه..
حاجي جمال ..انك لازلت محفورا في القلب رفيقا عزيزا..



#كفاح_حسن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ذكرى وضاح
- ما بعد تحرير الموصل
- في ذكرى بطلة كربلاء
- المعركة المصيرية في الحانة الشامية
- لماذا أحرقت الكرادة
- من ذاكرة الأيام .. حاجي بختيار
- وجوه لاتنسى
- ليلة ليست كبقية الليالي..
- اعتداء مرفوض على شروق العبايجي
- شكر..و توضيح
- تأريخ نضالي حافل..لابد له أن يستمر
- الشهيد شالاو..ذكريات برائحة الدم و الأرض
- و الله عيب!
- كفكفي دموعك يا تكريت
- حديث هاديء وسط سعير النيران
- إنطباعات
- الشيخ القزويني يشعل نيران الحرب الأهلية
- دروس و عبر
- الداخل و الخارج..و مهرجان الأنصار!
- رفاق خالدين في معركة مصيرية


المزيد.....




- المغرب.. محكمة تبرئ -طبيب الفقراء- من التهمة الثقيلة
- بوتين معجب بجهود ماسك في استكشاف كوكب المريخ ويقارنه برائد ا ...
- مساواة “السما?” (SMAG) و”السمي?” (SMIG) لا تزال حبراً على ور ...
- الدعارة [في معجم النسوية النقدي [*]
- نضال مستمر من أجل تحقيق التغيير المنشود
- مسيرة احتجاجية باتجاه منزل نتنياهو للمطالبة بوقف الحرب وعودة ...
- اعادة الاسلاميين الى جحورهم هو الرد على اغتيال الشيوعيين وال ...
- نصب تذكاري في كاراكاس تخليدا لانتصار الجيش الأحمر السوفييتي ...
- رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، يسائل ...
- إضراب عاملات وعمال شركة “سينماتيكس” (SINMATEX) للخياطة في بر ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - كفاح حسن - حاجي جمال..نموذج نادر للإنسان الطيب