أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طلال الربيعي - ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (2)















المزيد.....


ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (2)


طلال الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 5394 - 2017 / 1 / 6 - 08:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يقول وايتهيد في كتابه Science and the Modern World (العلم والعالم الحديث) ان "صراع العقائد ليس بكارثة، بل هو فرصة" (1).

ولكن مع هذا, فالكثير فد يشعرون بالاستغراب ويتسائلون ما الذي يجمع ماركس ووايتهيد؟ ما الذي يمكن كسبه من هذا الجمع الغريب بين الاثنين؟ ما الذي يحفز أي شخص على خوض مغامرة الربط بين ميتافيزيقيا الصيرورة لوايتهيد ونقد ماركس للرأسمالية؟

للاجابة على هذه التساؤلات تقول Pomeroy ان رحيل ماركس ترك الكثير من الامور التي لم يتم الاشارة اليها او معالجتها بشكل مستفيض او متطور, مما سبب ذعرا كبير واحتدام النقاش بين الماركسيين وارتكابهم الأخطاء الفظيعة, ولذلك فان نقد الرأسمالية بحاجة إلى أن يستند على ديالكتيكية ميتافيزيقية مناسبة. فماركس لا يمكن أن يفهم "الاقتصادي" من جانب واحد وبشكل معزول داخل نمط الإنتاج الرأسمالي, وليس كتعبير تاريخي للطريقة التي تنتج فيها حياة الإنسان نفسها. ولذلك يجب ايضا أن تكون هنالك أهمية وجودية ontological للاقتصاد بدلا من كونه فقط مجرد نتيجة عرضية. وهذا يقتضي التعبير عن الإنتاج الاقتصادي بشكل مباشر بكونه إنتاج وجودي. ولكن هذا التعبير سوف يتطلب اساسا وجوديا/ميتافيزيقيا الذي يُمكن من خلاله فهم الاقتصاد وعلم الوجود بشكل متزامن, أو على الأقل بمصاحبة بعضهما البعض. هذا الأساس يمكن العثور عليه في فلسفة الصيرورة لوايتهيد (2).

ولكن ما هي فلسفة الصيرورة وما المقصود بها حسب وايتهيد؟

يشرح استاذ الفلسفة في جامعة Graceland في Lamoni, Iowa في الولايات المتحدة, Mesle, معنى فلسفة الصيرورة ويقدم استعراضا شيقا ومبسطا لها (3). تشكل فلسفة الصيرورة الأساس للدراسات في العديد من مجالات الفلسفة المعاصرة، واللاهوت، والنظرية السياسية، النظرية التربوية، والحوار بين العلم والدين. وهي مستمدة من فلسفة ألفرد نورث وايتهيد،، الذي يضع الأساس لدمج او ربط علوم ومجالات معرفية مع بعضها البعض, مثل البيولوجيا التطورية، والفيزياء، وفلسفة العقل واللاهوت, والأخلاق البيئية، والتعددية الدينية، والتعليم، والاقتصاد، ومجالات وعلوم اخرى.

يحلل Mesle العناصر المكونة لكتابات وايتهيد المعقدة، ويوفر مقدمة شيقة ودقيقة إلى الرؤية التي تكمن وراء الكثير من فلسفة الصيرورة. بقيامه بذلك، يشير Mesle الى ان فلسفة الصيرورة تتخطى الى ما هو أبعد بكثير, وعلى حد سواء, المادية الاختزالية (مثل اختزال العقل الى الدماغ او اختزال النطرية الماركسية الى اقتصاد سياسي ) وتتعدى حبائل الثنائية الديكارتية (اي فصل رائد العلم الحديث رينيه ديكارت بين الجسم والعقل (4), مما ادى الى مشاكل هائلة وعميقة في مجالات الفلسفة والعلوم والطب وغيرها). تعتبر فلسفة الصيرورة الواقع كعملية علائقية التي تنبثق فيها العقول من الاجسام, والتي تشكل فيها الحرية والإبداع اساس الصيرورة، والتي فيها ايضا يكون الإقناع العلائقي أكثر اساسية من الإكراه الوحيد الجانب للسلطة.

وبالتالي يمكن القول, وباختصار بالغ, ان فلسفة وايتهيد تقدم اطروحات مناقضة, مثلا, لاحتلال العراق في عام 2003, لان اي احتلال هو بداهة نقيض اعتماد الإقناع العلائقي كبديل للاكراه الوحيد الجانب للسلطة. وتكمّل فلسفة وايتهيد بذلك النظرية الماركسية التي ترفض الاحتلال لكونها ترفض كل انواع التسلط والعبودية, وخصوصا اذا كان الاحتلال قد نفذته دول معادية للشيوعية وحقوق الانسان.

وتدعو فلسفة الصيرورة الى الانتباه الى, وتجنب, الخطأ المنطقي, الذي يرتكبه العديد من الناس. وهذا الخطأ يسمى Nominalization, والذي يعني, ببعض التبسيط, تحويل الفعل, كدلالة على الصيرورة, لغويا الى اسم. وقد عالجت في مكان آخر امثلة على ارتكاب هذا الخطأ المنطقي الذي يرتكبه المرضى او الاشخاص في مجال الطب الجنسي والعلاج النفسي للعلاقات الحميمية, فقد ذكرت (5):
"اننا نتكلم عن الجنس او الجندر عادة كأسماء لأشياء كالمنضدة او الكرسي. وهذه عملية خاطئة منطقيا وتدعى Nominalization اي تحويل الافعال والصيرورات الحية الى اشياء جامدة. اي انها تميت ما هو حي او تحيله الى شئ. وهذا يحدث مثلا عند استخدام الجنس, وكأنه سلعة, مع عاملات الجنس. لذلك لربما يكون الامر مبررا عندما نتسائل: هل ان ممارسة الجنس مع عاملات الجنس تنتمي الى غريزة الحياة او غريزة الموت. اعتقد ان الاجابة على هذا السؤال لربما ممكنة ولكنها ستكون مفصلة وغير مطلقة لتضمنها العديد من الاستثناءات.
نفس الخطأ يرتكبه الاشخاص عندما يتكلمون, لاعتبارات لغوية ونفسية, عن الزواج, مثلا, كأسم, بدلا من كونه فعلا وصيرورة تتطلب العمل الخلاق دوما لبعث الحياة فيه. وهذا ينطبق بشكل اكبر على مجتمعاتنا عندما يتم تعارف الزوج على الزوجة بعد الزواج, مما يزيد كثيرا من احتمال معاملة الزواج بحد ذاته بفتشية تفقده الحياة."

وغالبا ما يستخدم ال Nominalization عند مناقشة مجموعة معقدة من الإجراءات او المفاهيم. بعض الأمثلة الشائعة تبرز عند الحديث عن معتقدات وقيم مثل الاحترام والشرف والفخر. هذه القيم تعني أشياء مختلفة لكل واحد منا، ونحن نمارسها بشكل مختلف في حياتنا. وال Nominalization هي وسيلة تمكننا من الرجوع إليها دون الحاجة الى الخوض في التفاصيل حول كيفية ممارسة كل منا لهذه القيم. ويمكننا التعرف بكل سهولة على ارتكاب السياسيين لهذا الخطأ المنطقي للتضليل او من أجل التواصل مع عدد كبير من الناس دون الحاجة إلى مناقشة التفاصيل, كما في حالة الكلام, مثلا, بشكل عمومي وفضفاض, عن العدالة الاجتماعية, كمخرج من التزامات نظرية وتبعات عملية, علما ان هذا المصطلح لا يكتسب مفهوما علائقيا, حسب فلسفة الصيروة لوايتهيد او ديالكتيك ماركس, او طابعا علميا, بدون تعريف المصطلح وفق مُحددات تسمى عادة operational criteria, اي اعطاء تعريف عملياتي او صيروري, كي يطبق على جمع البيانات، ويعطي تعريفا مفصلا وواضحا للقياسات. والحاجة إلى التعاريف العملياتية أساسية عند جمع جميع أنواع البيانات. وهي مهمة بصفة خاصة عندما يتم اتخاذ قرار حول ما إذا كان الاجراء صحيحا أو غير صحيح (6). فمثلا, الحديث عن العدالة الاجتماعية يكون خاليا من اي معنى اذا كان الحديث لا يتضمن مقاييسا معتمدة علميا ونسبا مئوية لمعالجة اموركالفقر او البطالة او تقليل الفوارق الطبقية- مثلا تخفيض نسبة الفقر بنسبة 20% خلال اربعة سنوات-. ولذا يستخدم مصطلح العدالة الاجتماعية عموما كمفهوم فضفاض ومضَلِل لإدامة الرأسمالية (7).
يتبع
---------
المصادر
1. 1926 ,Science and the Modern World
by Alfred North Whitehead
p. 186
The Free Press
2. Marx and Whitehead: Process, Dialectics, and the Critique of Capitalism, by Pomeroy, Anne Fairchild SUNY Press, 2004
3. Process-Relational Philosophy: An Introduction to Alfred North Whitehead
by C. Robert Mesle
https://www.amazon.com/Process-Relational-Philosophy-Introduction-Alfred-Whitehead/dp/1599471329
4. جدلية العقل (الفكر) والدماغ-الجسم (المادة)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=468331
5. الجنس/الجندر: جسم وطب ما بعد الحداثة
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=363300
6. Operational definition
http://www.pqsystems.com/qualityadvisor/DataCollectionTools/operational_definition.php
7. العدالة الاجتماعية- مفهوم مضَلِل لإدامة الرأسمالية
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=512498



#طلال_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (1)
- ملاحظات اولية بخصوص نداء الحزب الشيوعي العراقي
- هل ل(قيادة) الحزب الشيوعي العراقي مشكلة مع مشاعر الحب والقلق ...
- العلم يكشف كذبة اخرى للادارة الامريكية
- الشيوعيون والتعاطف وتحسس مشاعر الآخرين
- اشتراكية ماركس احتجاج ضد انعدام الحب
- الماركسية والفلسفة (4/4)
- الماركسية والفلسفة (3)
- الماركسية والفلسفة (2)
- الماركسية والفلسفة (1)
- بعد رحيل كاسترو, الطريق الامثل (او الوحيد) لحماية الثورة الك ...
- فشل اليسار النيوليبرالي وتسبيبه بانتخاب ترامب
- جامعة واسط (العراق) واحالة الناس الى قطيع!
- ان تزوير الانتخابات هو تقليد أميريكي
- تضليل فكري يمارسه الحزب الشيوعي العراقي وتشويهه الفظ للماركس ...
- رفع العراقيين دعوى ضد الحكومة الامريكية
- شمعون بيريز -صانع السلام!-: دماء وجثث محترقة!
- -بياتريس لمبكين- شيوعية واكاديمية فريدة الطراز
- معضلة المشروع الثوري: -أيديولوجية الرقيق-!
- الماركسية, نقادها, التحليل النفسي, وامثلة من العراق


المزيد.....




- مع شروق الشمس فوق واشنطن.. شاهد لحظة ظهور حطام طائرة في نهر ...
- بعد التأجيل.. إسرائيل تبدأ بإطلاق سراح فلسطينيين من سجونها
- مقتل سلوان موميكا الذي أحرق القرآن في السويد، ماذا نعرف عنه؟ ...
- مقتل سلوان موميكا الذي أحرق نسخاً من القرآن في السويد
- إعادة بناء غزة ـ سعي مصر لجني مكاسب.. ما ثمن ذلك عند ترامب؟ ...
- مسؤول مصري يكشف سبب التأخر في إخراج المصابين في غزة عبر معبر ...
- السويد تقدم لأوكرانيا أكبر حزمة مساعدات عسكرية منذ 2022
- دولة أوروبية تواجه 72 ساعة من الظلام بسبب الخروج من نظام الط ...
- هيئة الاتصالات الروسية تعلن التصدي لنحو 11 ألف هجوم إلكتروني ...
- الجنود الفرنسيون يغادرون آخر قاعدة لهم في تشاد


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طلال الربيعي - ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (2)