أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طلال الربيعي - اشتراكية ماركس احتجاج ضد انعدام الحب















المزيد.....

اشتراكية ماركس احتجاج ضد انعدام الحب


طلال الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 5370 - 2016 / 12 / 13 - 07:17
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يعتقد ماركس أن اغتراب العمل في الرأسمالية يمكن التخلص منه بالكامل وفي المقام الأول من خلال إلغاء الملكية الخاصة. ان العمل في إطار الملكية الخاصة يؤدي الى الاغتراب, لأن غايته هي الحصول على اجر العمل وإنتاج القيمة التبادلية. ان عملا بهذه الاهداف هو عمل يتصف بالانانية والقسرية. بإلغاء الملكية الخاصة, يصبح هدف العمل هو تحقيق القيمة الاستعمالية من اجل تلبية الاحتياجات الإنسانية. وان اكتساب العمل طابعا انسانيا يجعله عملا حرا و كذلك تعبيرا عن تحقيق الذات.

يؤكد ماركس أن تقصير يوم العمل هو الشرط الأساسي لتطوير حيز الحرية, ولكنه ليس عنصرا ضروريا لتطوير الفعاليات الحرة او تلك غير المؤدية الى الاغتراب. فهنالك فعاليات يقوم بها الشخص لا تؤدي الى الاغتراب بالرغم من كونها ليست غاية بحد ذاتها.

في كنابه كَروندريزه (Grundrisse) لا يقدم ماركس سردا كاملا للمجتمع الشيوعي فيما يتعلق باغتراب العمل. لكنه يناقش فيه التطور الشامل للفرد وأهمية توفير وقت كاف ضمن عملية الإنتاج لتحقيق هذا الهدف. في مناقشته للممارسات الرأسمالية القاضية بالاستحواذ على كميات متزايدة من العمل الفائض, يؤكد ماركس على ضرورة انهاء هذه العلاقة باتجاه جعل الانتاج المادي قادرا على ان يوفر للشخص فسحة من الوقت من اجل ممارسة نشاطات اخرى. انه يعتقد ان توفير فائض الوقت سيساهم في تحقيق التطور الشامل للفرد, وايضا في اتاحة الفرصة لعموم المجتمع لاكتساب المعرفة في مجال العلوم والفنون الخ, وذلك ليس فقط بفضل توفر وقت الفراغ, ولكن ايضا باتاحة الوسائل الكفيلة لتحقيق هذا الهدف للجميع.

اعتقد ماركس في كَروندريزه ان التطور الشامل يمكن أن يحدث فقط خارج نطاق العمل. في حين ان الغاء تقسيم العمل يمكن ان يقلل بشكل اكيد من ضيق افق العمال إلى حد ما، فمن الواضح أنه لا يمكن أن يضمن التطور الشامل للفرد.

لكون التطور الشامل للفرد غاية في حد ذاتها بالنسبة لماركس، لذا فهو يضع النشاط الهادف الى تحقيق هذا الهدف في مجال "العالم الحقيقي للحرية". هذا لا يعني أن ما يحدث في نطاق الضرورة لا قيمة له بالنسبة للفرد، إلا أنه ليس غاية في حد ذاته. فهو ذو قيمة بقدر ما يتعلق الامر بإنتاج احتياجات الإنسان. فمع ان هذا العمل ليس هدفا بحد ذاته, الا ان ذلك لا يجعله في أي حال اقل اهمية في مجال تحقيق الذات.

يرغب ماركس في كَروندريزه بالحد من (وقت) النشاط الإنتاجي لإفساح المجال للتطور الكامل للفرد. ولكنه بالرغم من هذا يؤكد أن النشاط الإنتاجي في حد ذاته قد يكون نشاطا حرا:
"العمل الحر حقا، كتأليف الموسيقى على سبيل المثال، هو في نفس الوقت عمل جدي جدا ويتطلب أكبر الجهد. والعمل المعني بالإنتاج المادي يمكن أن يتصف بهذه الصفة فقط اذا 1. كان ذا طبيعة اجتماعية, 2. له طابع علمي وفي الوقت نفسه ذو طابع عام, اي ان الجهد البشري يكف في أن يكون قوة طبيعية مُدربة, وان يتخلى عن طبيعيتة البدائية البحتة، ويصبح نشاطا لشخص ذا سيطرة على كل قوى الطبيعة في مجرى عملية الإنتاج."

يناقش ماركس بشكل واضح العمل الذي يقع في نطاق الضرورة, ويمنحه الشروط الكفيلة بجعله عملا "حرا بحق". ويعتقد ماركس أن هذين الشرطين المذكورين سوف يتحققان في المجتمع الشيوعي، وان الانتاج المادي الضروري سيكون نشاطا حرا حقا في هذا المجتمع.

الاشتراكية (او الشيوعية)، بالنسبة لماركس، هي المجتمع الذي يخدم احتياجات الانسان. ولكن كثيرا من الناس سوف يتسائلون: اليس هذا بالضبط ما تفعله الرأسمالية الحديثة؟ اليست الشركات الكبرى هي الاكثر حرصا على تلبية احتياجات الانسان؟ اليست الشركات الإعلانية الكبرى هي من يبذل جهودا كبيرة، من خلال استطلاعات "تحليل الدوافع،" لمحاولة معرفة ما يحتاجه الإنسان؟ في الواقع، يمكن للمرء أن يفهم مفهوم الاشتراكية فقط إذا كان يفهم تمييز ماركس بين الاحتياجات الحقيقية والاصطناعية للانسان.

كما يؤكد المحلل النفسي الماركسي اريك فروم, ان احتياجات الانسان الحقيقية متجذرة في طبيعته. وان هذا التمييز بين الاحتياجات الحقيقية والكاذبة لا يمكن تحقيقه إلا على أساس معرفة طبيعة الإنسان واحتياجاته الانسانية الحقيقية المتأصلة في طبيعته. الاحتياجات الحقيقية للانسان هي تلك التي يكون تحقيقها ضروريا لتحقيق جوهره كإنسان. ومن وجهة نظر ذاتية بحتة، لا يمكن أن يكون هناك معيار للتمييز. (في المصطلحات العصرية يمكن للمرء أن يفرق بين احتياجات عقلانية [صحية] واخرى عصابية [مَرَضية]). في كثير من الأحيان يكون الانسان واعيا فقط باحتياجاته الكاذبة, في حين انه يكون لاواعيا بخصوص احتياجاته الحقيقية. مهمة محلل المجتمع هي, على وجه التحديد, إيقاظ الانسان ليصبح على بينة من احتياجاته الزائفة الوهمية وعلى معرفة باحتياجاته الحقيقية. الهدف الرئيسي للاشتراكية، لماركس، هو الاعتراف ب, وتحقيق, الاحتياجات الحقيقية للانسان، الذي سيكون امرا ممكنا فقط عندما يخدم الانتاج الانسان، وعندما يتوقف رأس المال عن خلق احتياجات كاذبة للانسان واستغلاله.

كما يقول فروم, ان مفهوم ماركس للاشتراكية هو صنو للاحتجاج، كما هو الحال في الفلسفة الوجودية، ضد اغتراب الانسان. إذا، كما قال ألدوس هكسلي "تستند اوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية والدولية الراهنة، إلى حد كبير، على فقدان الحب lovelessness المنظم", لذا ان اشتراكية ماركس هي احتجاج ضد فقدان الحب, ضد استغلال الإنسان للإنسان، و ضد تدميره للطبيعة وإهدار مواردنا الطبيعية على حساب الغالبية العظمى من البشر اليوم، وأكثر من ذلك للأجيال القادمة. الانسان غير المُغترب، الذي هو هدف الاشتراكية كما بينا من قبل، هو الانسان الذي لا يهدف الى الهيمنة على الطبيعة، وانما هو الانسان الذي يحقق انسجامه معها. انه الانسان الحي في استجابته تجاه الأشياء، بحيث انه يمنح الأشياء نفسها صفة الحياة.
-------------
مصادر ذات صلة
Karl Marx. Grundrisse
https://www.marxists.org/archive/marx/works/download/Marx_Grundrisse.pdf

Klagge, James C., MARX S REALMS OF FREEDOM AND NECESSITY , Canadian Journal of Philosophy, 16:4 1986:Dec
http://www.phil.vt.edu/JKlagge/Marx.pdf

Erich Fromm 1961
Marx s Concept Of Socialism
https://www.marxists.org/archive/fromm/works/1961/man/ch06.htm

Huxley, A. The Perennial Philosophy, Harper and Brothers, New York, 1944, p. 93




#طلال_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الماركسية والفلسفة (4/4)
- الماركسية والفلسفة (3)
- الماركسية والفلسفة (2)
- الماركسية والفلسفة (1)
- بعد رحيل كاسترو, الطريق الامثل (او الوحيد) لحماية الثورة الك ...
- فشل اليسار النيوليبرالي وتسبيبه بانتخاب ترامب
- جامعة واسط (العراق) واحالة الناس الى قطيع!
- ان تزوير الانتخابات هو تقليد أميريكي
- تضليل فكري يمارسه الحزب الشيوعي العراقي وتشويهه الفظ للماركس ...
- رفع العراقيين دعوى ضد الحكومة الامريكية
- شمعون بيريز -صانع السلام!-: دماء وجثث محترقة!
- -بياتريس لمبكين- شيوعية واكاديمية فريدة الطراز
- معضلة المشروع الثوري: -أيديولوجية الرقيق-!
- الماركسية, نقادها, التحليل النفسي, وامثلة من العراق
- الامبريالية الجديدة وخصائصها
- حزب نيوليبرالي يتَجَلبَبَ بجِلْبَابَ الشيوعية!
- باراك اوباما الوجه -الاسود- للامبراطورية!
- غزو العراق ومنطق ديكارت السقيم
- تقرير تشيلكوت يُثبِت صحة ما قلناه مرارا وتكرارا
- هجمات إرهابية تهز نظام بغداد العميل


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طلال الربيعي - اشتراكية ماركس احتجاج ضد انعدام الحب