|
فيديل كاسترو بين التمجيد والانتقاد!
رزاق عبود
الحوار المتمدن-العدد: 5356 - 2016 / 11 / 29 - 22:42
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
رحل قائد الثورة الكوبية، زعيم جزيرة الحرية، فاتح هافانا، قائد اليخت غرانما، قائد حرب العصابات الكوبية، بطل جبال السيرا مايسترا، منهي عهد باتيستا، قاهر الامبريالية، مذل الرؤساء الامريكان، ناشر الثورة الاشتراكية العالمية، عدو الرأسمالية اللدود، الزعيم الكاريزماتي، القائد الثوري والبراجماتي، ايقونة الثوار، الخطيب اللامع، رجل المبادئ. الكثير من الالقاب، التي يستحقها، والمتوارثة من زمن الرومانسية الثورية، التي الهمتنا(ورطتنا احيانا) الى تجارب "الكفاح المسلح" في كثير من مناطق العالم. تركنا دراستنا، ودعنا اهلنا، تخلينا عن اطفالنا، غادرنا اوطاننا لنلتحق باي ثورة ضد الاستعمار والامبريالية، ومن اجل الحرية، او الاشتراكية. في فلسطين، وارتريا، وظفار، وموزمبيق، والصحراء الغربية، والكونغو، وانغولا، وشمال العراق، واهواره، وغيرها، وغيرها، وكل منا كان يحمل في جيبه صور كاسترو، وتشي جيفارا، ويتصفح كتب حرب العصابات، والثورة العالمية من تشي جيفارا، وماو، وريجيس دوبريه، واشعار لوركا، وقصة فونشيك: تحت اعواد المشانق. "ديكتاتورية" البروليتاريا كانت هدفنا، الذي نضحي بارواحنا من اجله، رغم اننا نرفع "راية الحرية". اسمينا ابنائنا، وبناتنا، بل حتى بعض المدن، والقرى باسماء فيدل، وجيفارا، وكوبا، وهافانا. وسقط جدار برلين، وسقطت معه كثير من الاوهام، وقرأنا عن، وسمعنا بحقائق لم نسمعها من قبل، او بالادق لم يراد لنا، ان نعرف عنها شيئا، والمبررات دائما جاهزة. سقطت صورة المثل، الرمز، النجمة الهادية، عندما قلد كاسترو ببزته العسكرية، وسيجاره الكوبي، ولحيته الثورية جلاد الشيوعيين في العراق صدام حسين وسام خوزيه مارتيه، اول الشيوعيين في كوبا، فاهتزت القيم، والاعتبارات، وحتى النظريات. يقال، ان كاسترو بذاك الوسام انقذ رأس اكثر من "زعيم" شيوعي عراقي منهم عزيز محمد، وعامر عبدالله( لست متأكدا من دقة ذلك القول)! وانتقل الالاف منا قبل، وبعد سقوط التجربة الستالينية الى دول تمارس الديمقراطية، وتداول السلطة، وتحترم حقوق الانسان وحرياته العامة، رغم النفاق الكبير، والفارق الطبقي الفظيع. لكننا، كنا، ولا زال الكثير منا يبرر غياب الديمقراطية، والانتخابات الحرة المباشرة في بلدان نتشارك معها ايديولجيا، ونرى كل سيئاتها حسنات، ونختلف مع الدول التي احتضتنا، ووفرت لنا الحرية المطلقة لنشتمها في عقر دارها. رغم كل هذا، وذاك فان جزيرة "الحرية" بقيت صامدة بوجه غزوات الامبريالية، ومؤامراتها الخبيثة، وحروبها العدوانية المتعددة الاشكال، واطول حصار اقتصادي بالتاريخ. ونجا الرئيس كاسترو من مئات محاولات الاغتيال التي خططت لها المخابرات المركزية الامريكية. وصمد، وتحدى 11 رئيسا امريكيا (حسني مبارك عاصر6 رؤساء) لكن هناك فرق بين التحدي، والخضوع. المعلومات متوفرة، والافكار ليست جديدة، لكني مع هذا اعتقد باننا يجب ان ننصف الرجل، ونتفهم (لانقبل) جلوسه على الكرسي 57 عاما بلا انتخابات، ولا استفتاءات. انجازات الثورة الكوبية لمواطنيها كبيرة جدا خاصة للاجيال، التي عاشت تحت ظل ديكتاتورية باتيستا، وغطرسة الشركات الامريكية. ولكننا كلنا قلنا لمضطهدينا، لجلادينا، لحكامنا: "ليس بالخبز وحده يحيا الانسان"! واعتقد انه من حق الشعب الكوبي، ان يقول ذلك ايضا. لكن الحقيقة يجب ان تقال ايضا فكاسترو لم يعد يصدر الثورات، ولم يعد يدعم حروب العصابات بالسلاح. ليس لعدم قدرته، ولكن لأن الظروف تغيرت في امريكا اللاتنينة، والعالم، وعاد بالامكان انتصار "الثورة الاشتراكية" عبر لعبة الانتخابات. بشرط ان تحافظ على السلطة، على الحكم، ليس بالقوة، بل باعادة انتخابك عبر صناديق الاقتراع. لهذا لم يفرض كاسترو على رفاقه في امريكا اللاتنينة طريقة نضالهم، بل احترم التغيرات في بلادهم، ونشوء ظروف جديدة. ليته احترم الظروف الجديدة في بلده ايضا. وليس مثل حالنا في الشرق، والغرب حيث فرضت علينا الديكتاتورية السوفيتية (الروسية) حتى انظمة احزابنا الداخلية. ليس على الشيوعيين فقط، بل حتى على الاحزاب اليسارية الاخرى، او ما سمي بالديمقراطية الثورية، التي لم يبق منها غير هياكلها، وسقطت مثلما سقط الاتحاد السوفياتي "العظيم". كوبا، في الظروف الجديدة تطرح كمثل للانجازات التي تحققت للجماهير الشعبية ويفوز المرشح اليساري في امريكا اللاتينية بهذه الوعود، وتلك المكتسبات. لكنه لا يتخلى عن مبادئ التعددية، وتداول السلطة. كوبا كاسترو ساعدت حتى حكومات يمينية مثل البيرو، واخيرا كولوممبيا في تحقيق السلام بعد حرب اهلية مدمرة دامت ما يقارب الستين سنة. تجارب البرازيل، وفنزويلا، وبوليفيا، ونيكاراغوا، لم تطلب من كوبا بالمقابل تغيير اسلوب حكمها، كما لم تفرض كوبا عليها التشبه باسلوب حكمها. احترام متبادل. علينا ان نفهم الاسباب النفسية، والفكرية، والامنية لطريقة حكم كاسترو بعد 643 محاولة اغتيال، وعدة محاولات غزو، وتخلى الاتحاد السوفيتي عنه مرتين ثم سقوط الاتحاد السوفيتي، وبقاء القطب الواحد. ما يحسب له(حسب علمي) انه لايوجد تمثال واحد لستالين في كوبا. ربما لانه صار شيوعيا في زمن خروتشوف الذي ادان الستالينية. وبقي كاسترو ايضا زعيما شعبيا، بسيطا، نزيها، مثقفا. وحسب قراءاتي، فان معارضيه في الداخل لا يتهموه، الا بانه رئيس غير منتخب، وهذا صحيح. وهنا المعضلة، التي لا افهمها، واعتقد يشاركني في ذلك الكثيرون. لماذا لم/لا تجرى انتخابات حرة ديمقراطية في كوبا؟ فاما ان الانجازات التي يتحثون، ونتحدث عنا وهمية، ولاقيمة لها بدون حرية. او ان الشعبية (الجماهيرية) المزعومة مقتصره على انصاره فقط. وهذه نرجسية خطرة، وديماغوجية رهيبة من قبل الرفيق كاسترو. شافيز اعيد انتخابه ثلاث مرات في فنزويلا، كما اعيد انتخاب رئيس بوليفيا، بسبب انجازاتهما للجماهير الشعبية. ام ان الجمود العقائدي، لم يتح لكاسترو فهم تغيرات العصر، ولم يفهم، او لم يرد، ان يفهم ان "ديكتاتورية البروليتارية" مرحلة(ضرورة تاريخية) وليست قدرا تاريخيا مؤبدا. سنبقى نذكر فيدل كاسترو بطلا ثوريا تاريخيا عنيدا لكنه لم يصل الى مستوى ثورية، ونزاهة، وصدق، وتجرد، وتضحية تشي جيفارا برومانسيته الثورية الملهمة بعكس شخصية كاسترو المثيرة للجدل. اعتقد ان المخرج الامريكي اليساري النزعة اوليفر ستون اعطى صورة متوازنة في فيلمه الوثائقي (الكوماندور) عن الزعيم الكوبي الراحل. اتمنى ان يشاهد حلقاته كل من يحترم كاسترو، فلقد كان موضوعيا، وذكيا في تقديم صورة كاسترو للعالم كله! رغم كل ملاحظاتنا، فان جزمة كاسترو تشرف كل التيجان التي تحكم بلداننا! وعذرا لمن يختلف معي! رزاق عبود 28/11/2016
#رزاق_عبود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اردوغان(هتلرخان) على طريق صدام المحتوم!
-
اياد علاوي يعود لمزاولة مهام قندرته!
-
اطفال المزابل في بلاد الاسلاميين الثرية!
-
ليس دفاعا عن وزير النقل كاظم فنجان الحمامي ولكن...!
-
أهلي
-
اضغاث الماضي العراقي!
-
احبتنا الاكراد: لاتنخدعوا بالشعارات القومية!
-
ابو كفاح
-
مناشير الشعر..... الى زهير الدجيلي!
-
ايام مظفر النواب
-
متى يثور الشعب في المملكة الوهابية الصهيونية؟!
-
العراق، والمرجعية، وثورة الاصلاح في خطر!
-
اسئلة الى ..... المنطقة الجوفاء، وسفلة البرلمان (العراقي)!
-
العنصرية لاحقت الفيلية حتى في السويد!
-
الوحدة الاندماجية الفورية بين سوريا والعراق (23)
-
الوحدة الاندماجية الفورية: الحل الامثل للقضاء على داعش وحل ا
...
-
طغاة السعودية، وامارات الخليج اسفل ....!
-
الشعب يريد حكومة تكنوقراط مهنية، لا حكومة فساد طائفية!
-
نداء الى ثوار التحرير وكل العراق الاحبة!
-
من -الربيع العربي- الى الصيف العراقي، لنسقط حكومات الفساد وا
...
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|