مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 5343 - 2016 / 11 / 14 - 14:36
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
الخلفية الأناركية للأممية الأولى
العمال الذين أسسوا الأممية الأولى عام 1864 فعلوا ذلك انطلاقا من مبادرتهم الخاصة , من دون توجيه إيديولوجي من أي فريق سياسي . رغم أنهم قد طلبوا فيما بعد من ماركس كتابة البيان الأول و النظام الداخلي الذي أسس للأممية , لكنه دعي لحضور الاجتماع الأول في سبتمبر أيلول 1864 رسميا قبل انعقاده بساعات فقط . كما قال بينويت مالون ( 1841 – 893 ) فيما بعد , لم يوجد آباء مؤسسون للأممية , لقد "نشأت فقط من الضرورات الاجتماعية لعصرنا و من المعاناة المتفاقمة للطبقة العاملة" . سبق تأسيس الأممية الأولى سنوات من العمل . في منتصف خمسينيات القرن التاسع عشر سافر وفد من العمال الفرنسيين إلى انكلترا ليجتمع مع العمال الانكليز و المنفيين الأوروبيين هناك بغرض إقامة "رابطة عالمية للعمال" . كان المندوبون الفرنسيون من أنصار برودون و كانوا في الواقع يريدون تأسيس شبكة فوق قومية من تعاونيات العمال الإنتاجية و الاستهلاكية التي افترضوا أنها ستحل في نهاية المطاف مكان النظام الاقتصادي الرأسمالي . رفضوا الرأسمالية كنظام "يحصل فيه على الثروة من لا يعمل شيئا بينما يحصل منتجو تلك الثروات على الفقر المدقع" . لذلك كانوا يطالبون "بتحرير العمال من طغيان أسيادهم" . رغم "انتخاب لجنة تنفيذية" "قررت أن تصدر نداءا إلى النقابات" , لكن تلك المحاولات لم تتكلل بالنجاح . في انكلترا كانت توجد بالفعل "لجنة عالمية" تضم مندوبين انكليز و فرنسيين و ألمان و بولنديين و إيطاليين و إسبان . رغم أن هدفها الرئيسي كان الدفاع عن قضية الديمقراطية في أوروبا , لكن أحد أعضائها , ارنست جونز ( 1819 – 1869 ) عبر عن رأيه بكل وضوح أن تلك اللجنة يجب ألا تكون فقط "حربا شعواء على الأرستقراطية . لسنا هنا لنسقط استبدادا فقط لكي ينتصر استبداد آخر . إننا ضد استبداد رأس المال أيضا" . كان جونز ميثاقيا * قديما كان قد سجن من قبل لتحريضه العمال , و انضم فيما بعد إلى الأممية , لكنه ركز اهتمامه فيما بعد على حق الاقتراع العام لكل الذكور في انكلترا . بعد اجتماع أبريل نيسان 1856 مع المندوبين الفرنسيين بهدف إقامة رابطة عالمية للعمال , أصدرت اللجنة العالمية بيانا "إلى كل الشعوب" , أعلنت فيه أن "الملكية لا توجد فقط في الحكومة , بل أيضا في المصنع , و الملكية ( الخاصة ) , و العائلة , و الدين , و الاقتصاد , و السلوك , في دم الشعوب . لذلك يجب أن نسقطها في كل مكان , إن المشكلة الاجتماعية هي نفسها لكل الشعوب , في كل مكان , لإحلال العمل لخلق الثروة كأصل و ضمان و حق للمجتمع" . لذلك دعت اللجنة إلى إقامة "اتحاد أو جمعية أممية" "للجمعيات الاشتراكية و الثورية الوطنية" لتنسيق دعايتها و "الإعداد لانتصار الثورة القادمة" . ظهرت عدة فروع لهذا الاتحاد أو الجمعية الأممية , كانت تمثل بلدانا مختلفة بما في ذلك فروع في الولايات المتحدة الأمريكية حيث أصبح جوزيف ديكاجيه ** عضوا في إحداها . كان أكثر أعضاء هذه الجمعية راديكالية هم اللاجئون الفرنسيون في لندن و الولايات المتحدة الأمريكية , حيث كان كثير منهم , بمن فيهم ديكاجيه نفسه , أناركيين . في مقالاته في جريدة ليبرتي حدد ديكاجيه موقفه هؤلاء : أنهم يعتقدون أنه يمكن للعمال أن يتحرروا فقط إذا تبنوا برنامجا اشتراكيا ثوريا يميزهم ( يفصلهم ) بكل وضوح عن الجمهوريين البرجوازيين الذين خانوهم في يونيو حزيران 1848 . بتأثير هؤلاء الأناركيين الفرنسيين أخذت تلك الجمعية تقترب من مواقف الأناركيين , مصدرة نداءا "إلى الجمهوريين , الديمقراطيين , و الاشتراكيين في أوروبا" في ديسمبر كانون الأول 1858 . قالت فيه أنه من وجهة نظرها "لا يوجد فرق بين الملكية المطلقة و الجمهورية البرجوازية : حيثما توجد طبقات و فئات صاحبة امتيازات يوجد هناك عبودية و استبداد" . انتقدت الجمعية الثوري الإيطالي جيوسيبي ماتزيني ( 1805 – 1872 ) بسبب دعوته العمال لدعم الجمهوريين البرجوازيين الذين يريدون استبدال أنظمة أوروبا الملكية بأنظمة "أوليغاركية" ( حكم أقلية ) ستستمر "بسرقة ما ينتجه العمال منهم" . كانوا متشككين في الثلاثي الجمهوري "الحرية , المساواة , الإخاء" طالما "بقيت طبقة اجتماعية مكرهة على بيع قوة عملها" , و "طالما بقي هناك سيد و الآخرون عبيد له" . في النهاية انفجرت الخلافات داخل الجمعية بين الأناركيين و الجمهوريين و كل الساعين إلى منظمة مركزية . أقنع الأناركيون بقية أعضاء الجمعية باستبدال "المجلس المركزي" ب"سكرتاريا" تلعب دور مكتب اتصال ( مراسلات ) بين فروعها المختلفة . كان للنساء نفس حقوق الرجال داخل الجمعية , و هو موقف طالما دافع عنه ديكاجيه و رفاقه . كان هدف الجمعية الجديدة ( الأناركية ) هو "نشر مبادئ الثورة الاجتماعية" , الذي يعني "النفي المطلق لكل الامتيازات , النفي المطلق لكل سلطة , و تحرر البروليتاريا" . كان يجب استبدال الأشكال الحالية للحكومة ب"إدارة يعينها الناس , تخضع لسيطرتهم , و يمكن استدعاء أعضائها و استبدالهم في أي وقت" . أعضاء الجمعية الأممية الذين فضلوا تنظيما أكثر مركزية أعادوا تشكيل اللجنة المركزية تحت نفس القواعد القديمة ( المركزية ) للجمعية . لكن كلا من الجمعيات الأناركية و ذات التوجه المركزي اختفت بعد عودة الكثير من اللاجئين الفرنسيين إلى بلادهم عندما صدر العفو عنهم في أغسطس آب 1859 . مع "بداية الستينيات اختفت كل من اللجنة الأممية و الجمعية العالمية من المشهد السياسي" . أسس الأناركيون الفرنسيون الذين لم يعودوا فورا إلى فرنسا "نادي النقاش الحر" في لندن . كان ديكاجيه ينشر تقاريرا عن اجتماعاتهم في جريدته الليبرتي حتى عاد هو نفسه إلى فرنسا في عام 1861 . لم يكتفوا في اجتماعاتهم بإدانة الجمهوريين البرجوازيين بل أيضا الاشتراكيين الدولتيين مثل لويس بلانك الذي كان يدعو دون جدوى إلى القيام بإصلاحات من خلال مؤسسات الحكومة . تبنى النادي موقفا اشتراكيا ثوريا , بقي "مقتنعا أن كل ما هو شرير في المجتمع المدني ( الحالي ) ليس إلا نتيجة مدمرة للسلطة القائمة" . كانوا ينهون اجتماعاتهم بصيحات "تحيا الأناركية !" . عدد من "الأعضاء السابقين في الجمعية العالمية" انضم فيما بعد إلى جمعية العمال العالمية . كان بينهم ألفرد تالاندييه ( 1822 – 1890 ) , أحد دعاة إقامة تعاونيات للمنتجين , التي اعتبرها مثل برودون من قبل و باكونين بعد ذلك , "وسيلة لاستبدال التنظيم السياسي للمجتمع بالتنظيم الصناعي للعمل , الذي سينتهي أخيرا إلى القضاء على الدولة القومية" . كان تالاندييه قد أصبح في وقت ما عضوا أيضا في "الأخوية الثورية" لباكونين الذي كان قد كتب لها برنامجا أناركيا في عام 1866 .
الميثاقية : حركة عمالية جماهيرية ظهرت في بريطانيا في النصف الأول من القرن التاسع عشر , أخذت اسمها من ميثاق الشعب عام 1808 الذي طالب بحق التصويت لكل رجل يبلغ 21 عاما و بالتصويت السري و بانتخابات برلمانية سنوية
** جوزيف ديكاجيه ( 1821 – 1864 ) أناركي شيوعي فرنسي , أول من استخدم كلمة تحرري لوصف الأفكار الأناركية , انتقد برودون لمواقفه الأبوية البطريركية من المرأة و دعمه لاقتصاد السوق ...
نقلا عن
https://robertgraham.wordpress.com/2014/09/21/the-first-international-the-anarchist-background/
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟